الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاعلام الحربي

عبد الحسين العطواني

2015 / 6 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


الإعلام الحربي
الإعلام بشكل عام هو العملية التي يتم من خلالها إيصال الفكرة , أو الرسالة من المرسل إلى المتلقي بواسطة الوسائل المتاحة كالسينما , والصحف , والراديو, والتلفزيون, وأخيرا الانترنت وتشعباته المتعددة التي توجت بتقنيات التواصل الاجتماعي , كقنوات فاعلة وجديدة الأسلوب في التدفق ألمعلوماتي خارج مؤسسات النظام الرسمي الذي كان يسيطر بشكل تام على تدفق المعلومات .
فلو تأملنا المشهد الإعلامي في العراق بعد سقوط النظام , وهذا العدد الهائل من الصحف , والقنوات الفضائية ,التي تعكس حالة الانفجار العشوائية تبدو كظاهرة صحية وطبيعية كنتيجة منطقية لاستبداد النظام السابق وممارساته المقيدة لحرية الرأي والنشر والتعبير , فانفجرت مشاعرهم وأفكارهم كرد فعل لهذا الاستبداد الإعلامي , والثقافي , والسياسي السائد آنذاك , على الرغم عما نتج عن هذا الانفجار من فساد إعلامي يقوم على عنصر التمويل , وشراء الذمم للقضايا والأحداث المثيرة , في عصر لم تستطع الحكومة من التشويش عليها , أو منع المواطنين من متابعتها , لذلك نلاحظ أن في الأزمات التي تحصل في أي بلد يتعرض للغزو أو للاحتلال والسيطرة على مقدراته , بأشكال وآليات مختلفة يشكل فيه الإعلام المضاد امرأ خطيرا على حساب ثقافة البلد وتراثه, كما حل في العراق في ظل الاحتلال الذي جاء ملتحفا بلحاف الديمقراطية ليفضي إلى هيمنة الفساد والتبعية.
فجوهر الإعلام هو التحقيق الصحفي وحب الاستطلاع الذي دائما ما يهدف إلى كشف وإبراز الحقائق , في عصر التطور التقني بوسائل الإعلام , وتطور أدوات الرقابة والتحكم الذي ساعد على نقل الإحداث بشكل مباشر من أماكن وقوعها بالصوت والصورة عبر الأقمار الصناعية , مقترنا بالخبرة والتجربة, وتنوع المستخدمين , أدى في النهاية إلى نشوء كوادر إعلامية جديدة وواعدة تشق طريقها وسط كم هائل من فوضى وإسفاف إعلامي غير منضبط .
فعملية رصد الحدث, وتحويله إلى خبر, وصياغته , وتحريره , ونقله عبر الأثير في ظروف الحروب والمواجهة يحتاج إلى دقة عالية من المهنية والممارسة , وسط منافسة بين وسائل الإعلام المقروءة , والمسموعة وما تشكله هذه المنافسة من صراع على المشاهدين, والتي غالبا ما تدور على سرعة نشر الخبر , والسبق الصحفي لجذب الجمهور .
إن الصحفي الذي لا يمتلك الحس الوطني نحو ميوله على معايشة الواقع بكل مجرياته بما فيها درجة المجازفة والمخاطرة التي تعتريه , كالذي يدعي الدين وقلبه خالي من الإيمان , فالمهمة تكمن في قدرة الصحفي على تحفيز الإحساس الوطني حيث يلزم , والتوجه بشكل عام دون تفضيل العرض على الخبر , والشكل على المضمون, والدراما والإثارة على درجة الأهمية , وبالتالي الابتعاد عن التحقيق الصحفي الجدي الذي يبقي السمعة المميزة للإعلام الحر في ظرف يكون فيه المواطن أحوج ما يكون إلى متابعة المتغيرات الآنية في ساحة المواجهة ضد العدو .وفي هذا زادت الأهمية التي يكتسبها الإعلام الحربي بوصفه الجهة الرئيسة اللافتة لانتباه ألجمهور والمطلعة على حيثيات الإحداث ومجرياتها ومن ثم نقلها والتي غالبا ما تسهم في تغيير جذري في طريقة تفسير الناس وتفاعلهم مع الحدث , وهذا ما نلمسه في هذه الأيام بنقل وقائع انتصارات جيشنا وقواتنا الأمنية وفصائل المقاومة والحشد الشعبي المجاهدة ضد عصابات داعش الإرهابية .
إن الإحداث لا يمكن فهمها من خلال معرفة من هي , أو معرفة صفاتها , وإنما يمكن معرفتها من الدور الهيكلي الذي تلعبه القصة , ومن هذا النموذج يمكن تطبيقه على آي عملية سرد أو قص من اجل اكتشاف كيف يقوم الصحفيون بوظيفتهم في سرد التقارير الإخبارية والقصص , لكي يتوصل المتابع أو المتلقي إلى استنتاجات بشأن ما تم كشفه وتحقيقه , فلا يكفي أن نكتب ما يريد القارئ أن يعرفه, وما يجب علينا أن نقول له عن الحدث , بل يجب علينا أن نتقدم للقارئ بكل الأدلة التي نعثر عليها سواء كانت دامغة , أو غير دامغة .
إن أكثر الأمثلة جاذبية على حرفة السرد لدى المراسل الحربي هي تلك التي تمثل فيها البراءة المشكلة القصوى , إذ بيد أن السرد في هذه القضايا ليس من وجهة نظر الوسيلة الإعلامية , وإنما من وجهة نظر الواقع المشاهد, فالصورة الصحفية هي التي نجد فيها الحدث , أو القصة التي نقرأها , وكذلك فإنها تكمل لنا الرؤية وكأننا شاهديها بالعيان لكون الصورة هي لغة عالمية يفهمها الجميع .
وفي هذا الصدد يرى كل من ( فرانك دينتون ) و (كارتر هاروارد ) في كتابهما إعادة اختراع الصحيفة ( انه على الصحفيين أن يتقبلوا فكرة أن الصحافة لم تعد أخبار , أو أوراق فقط , ولكن عليهم أن يتقبلوا التحول إلى صور على الشاشة) .
فالتغطية المباشرة للإحداث تفرز لنا أوجه القوة ومواطن الضعف والقصور في الأداء , والوقوف على الظروف التي يعمل في إطارها الصحفي , ومدى تأثيرها على ممارساته , وسياسة الوسيلة وأساليب تغطية الإحداث المعتمدة في التحرير, والضغوط المهنية والاعتبارات الزمنية التي تشكل نوع من القلق والتوتر الناجم من ملاحقة الإحداث والمنافسة في الحصول على الإخبار ومتابعتها .
لذلك ومما تقدم يتطلب منح العاملين في الإعلام الحربي ( والمراسلين منهم على وجه الخصوص) , الحرية لتقديم وجمع الإخبار دون خوف, كحرية اتخاذ القرار في إذاعة الإحداث والآراء على الهواء, في مقابل بيئة مملوءة بالتعتيم والتشويه المتحيز المقصود من القنوات الفضائية العربية والعالمية.
إذن لابد من السعي إلى إيجاد نتاج إعلامي عراقي محلي ذي نوعية جيده , ولكي ينجح هذا المسعى , لابد أن نبدأ بتقوية المقومات الأساسية للإنتاج الإعلامي الحربي , كتدعيم المناهج والبرامج في المؤسسات الأكاديمية ومراكز التدريب الإعلامية, حيث ثبت في بعض القنوات الفضائية المحلية الوطنية قدرا عاليا من المهنية في نقل الإحداث أولا بأول في مشهد متكامل من الإعلام الفضائي الخارجي , بما يؤمن تغطية أحداث المعارك وتعميمها محليا وعربيا وعالميا , ممثلة بمراسليها الإبطال المرافقين لمعارك الشرف والدفاع عن الوطن التي تخوضها قواتنا البطلة من الجيش , والحشد الشعبي , وفصائل المقاومة, وأبناء العشائر, في إعادة تشكيل خريطة العمل الاتصالي والإعلامي في العراق بتوصيل ونقل الملاحم البطولية بكل تفاصيلها وملابساتها من مصادر وقوعها جنبا إلى جنب مع المقاتلين على الرغم من خطورة الموقف وتداعياته المتشابكة , ولا يفوتنا أن نشير إلى الخطوة الايجابية التي اتخذتها نقابة الصحفيين العراقيين في تكريم المراسلين الحربيين وعلى شكل وجبات , وهذا ينم عن الاهتمام العالي الذي توليه النقابة بالجهود التي يبذلها العاملين في مجال الإعلام بشكل عام , والمراسلين الحربيين منهم بشكل خاص وفي أحلك الظروف .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هدنة غزة تسابق اجتياح رفح.. ماذا حمل المقترح المصري؟ | #مراس


.. جنود أميركيون وسفينة بريطانية لبناء رصيف المساعدات في غزة




.. زيلينسكي يجدد دعوته للغرب لتزويد كييف بأنظمة دفاع جوي | #مرا


.. إسرائيليون غاضبون يغلقون بالنيران الطريق الرئيسي السريع في ت




.. المظاهرات المنددة بحرب غزة تمتد لأكثر من 40 جامعة أميركية |