الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصة - الليلة بعد الألف ليلة وليلة

حيدر نواف المسعودي

2015 / 6 / 24
الادب والفن


قصة
الليلة بعد الألف ليلة وليلة
حيدر نواف المسعودي
(ورأى كيف أن أحد أولاد الملك روثغار قد قتل أخويه بين يديه، فاستنتج "أنه كان شيئاً طبيعياً أن يقوم أبناء أحد الملوك بخلع أحدهم للآخر لكسب العرش).
ـ من رحلة ابن فضلان ـ

يحكى أيها الملك السعيد ، ذو العقل الرشيد والرأي السديد ، انه في بلد نائي بعيد ، كان يحكمه ملك يسمى وحيد ،يشاع وفي الإعلام يذاع، انه طيب القلب منصف وعادل ، لافرق لديه مطلقا بين الأسياد والعبيد ، يحكم بالميزان ، ويقيم العدل ويعطي كل ذي حق حقه ، ويوزع الأموال والعطاء على الرعية بالتساوي ، ولست ادري يامولاي هل أن كل ما يقال صحيح ، وهل حقا أن الملك وحيد ، كان في العدل فريد ، فليس كل مايقال صحيح ، لانه يقال يا مولاي أن الحكم عقيم ؟
وفي آخر عمره المديد ، ادعى انه يريد أن يوصي بملكه العتيد الى احد أبنائه الثلاثة شديد ورشيد وسعيد ، فجمعهم وادعى أمامهم انه يوشك أن يرحل رحلته الأبدية ، وانه سائر الى عالم آخر جديد ، وانه تارك خلفه ملكا وشعبا يريد أن يطمئن عليهم لينام قرير العين .
فقال : اسمعوا يا أبنائي من أتاني منكم بسر الحكم الرشيد والرأي السديد والسلطان المديد ، فاني أورثه ملكي ومملكتي وكل ما املك المال والبلاد والعباد وأنا مطمئن أن الناس من بعدي سوف تنعم بعهد زاهر جديد .
سافر الثلاثة كل واحد منهم يأمل بان يأتي بما طلبه منه الملك ليحظى بالملك والسلطان والمال ، وقصد الثلاثة الحكيم فهمان المقيم في الجبل الشاهق البعيد ، وكان الطريق المؤدي الى ذلك الحكيم شاق وبعيد وملئ بالأخطار والوحوش ، ونادرا أن يعود سالما من سار فيه وبعد رحلة أيام وأيام وبعد عنا ومشقة وجهد جهيد ، وصل الأمراء الثلاثة الى دار الحكيم فهمان، فعلم بقدومهم وعرف ما جاء بهم وما يطلبون ، فطلب إليهم أن يدخلوا عليه واحدا فواحدا وكل واحد في يوم معين ، فدخل الكبير الأمير شديد وقال : أيها الحكيم فهمان أنا الأمير شديد ابن الملك وحيد ، أريد أن ارث حكم البلاد والعباد وان احكم مدى الحياة لاينافسني في السلطان أي إنسان ولا حتى بنون او إخوان ، فأكون الحاكم الأوحد الوحيد ويطيعني وهابني وينصاع لي بالرغم عنهم الأسياد والعبيد ، وأنا أظن أن هذا هو الحكم الرشيد والرأي السديد والسلطان المديد ، فماهو برأيك أيها الحكيم فهمان الذي يمكنني من الحكم كما أريد ؟
فأعطاه الحكيم فهمان سيفا كبيرا صقيلا من الحديد ، وقال له : اذهب فانك بهذا تحكم كما تريد .
وفي اليوم التالي دخل عليه الأوسط ، وقال له : أنا الأمير رشيد الابن الأوسط للملك وحيد ، وأنا أريد أن احكم شعبي بالحق والعدل والإنصاف وأساوي بين الأسياد والعبيد وان يعيش شعبي في رخاء وسلام آمنا سعيد ولايبات في مملكتي فقير او جائع او مهموم او حزين ولا مضطهد ولا مقهور ، وأريد أن يكون الجميع أمام القانون سواسية لافرق بين أمير او فقير ، وان انشر العلوم والثقافة والديمقراطية وكافة الحريات بين أبناء شعبي ، وان شاؤا فلينتخبوا غيري .
فما هو برأيك أيها الحكيم فهمان الذي يمكنني من الحكم كما أريد ؟
فأعطاه الحكيم فهمان ميزانا، وقال له: اذهب فانك بهذا تحكم كما تريد.
وفي اليوم الثالث دخل الأصغر على الحكيم فهمان وقال له : أنا الأمير سعيد ، الابن الأصغر للملك وحيد، وأنا أريد أن انعم بالملك والمال واللهو والعبث والملذات والنساء ، ولا أريد وجع راس بسبب الحكم ، فأريد للشعب أن يبقى منشغلا عني وعن أمور السياسة والحكم ، وان لايتدخل او يدري بما افعل او اكسب او اجني او افعل ، ولايعرفون بما في خزائني وما هي أملاكي ، فانا أريد لهم دوام الغيبوبة وفقدان الوعي والرأي ودوام السكر والخدر والإغراق باللهو والعبث ، كي يتسنى لي ولأولادي الحكم الأمن المستقر .
فما هو برأيك أيها الحكيم فهمان الذي يمكنني من الحكم كما أريد ؟
فأعطاه الحكيم فهمان، قنينة خمر وجارية من أحسن الجواري، وقال له: اذهب فانك بهذا تحكم كما تريد.
وبعد زمن عاد الثلاثة الى المملكة ودخل كل واحد منهم على الملك وعرض أمامه ما أعطاه إياه الحكيم فهمان من أداة لحكم المملكة والشعب ، اخبرهم أباهم أن يأخذ كل واحد منهم ما جاء به وليقضوا ليلتهم هذه ليرتاحوا وغدا صباحا سأقرر أيكم يصلح أن أورثه المملكة والحكم .
ذهب كل واحد من الثلاثة الى جناحه وهو قلق ينتظر بفارغ الصبر قدوم اليوم التالي لمعرفة من سيصبح الملك ، وفي الليل وجد الثلاثة صعوبة في النوم وبقي كل واحد منهم في جناحه سهران .
وقام وزير الملك بزيارة الابن الأكبر ، وقال له: أراك قلقا مؤرقا يا مولاي فما الذي يشغل بالك ، فقال : شديد انه الملك أيها الوزير : فأجابه الوزير : اسمعني أيها الأمير : اذهب وتخلص من أخويك الآخرين وبذلك لن يتبقى غيرك أمام الملك ليجعله ملكا وريثا من بعده وأنا سوف أكون الى جانبك ، تعجب شديد وقال : حقا ما تقول ياوزير ؟! اقتلهما فأكون أنا الملك ؟ قال الوزير: نعم وأنت قد جئت بالسيف الذي سيمكنك من الحكم فاقتلهما به واحكم من بعدهما بالحديد والنار.
ثم خرج الوزير ، وذهب الى رشيد ، وقال له : ما الذي يؤرقك ياسيدي الأمير ، قال رشيد : لاشيء أيها الوزير ، ولكنني أفكر في الغد وفي مسؤولية الحكم والعباد لو اختارني أبي ملكا من بعده : ضحك الوزير بصوت عال وقال : أي ملك سيدي الأمير وأخواك الآخران يأتمران الآن لقتلك والتخلص منك خشية أن يصبح الملك لك ، قال رشيد : مستحيل ما تقول ، على أية حال سوف اذهب لهما واخبرهما إنني متنازل عن الملك لأي واحد يختاره أبانا الملك .
ثم ذهب الوزير الى الابن الأصغر سعيد ودخل عليه : وقال أراك غير سعيد كما هي عادتك أيها الأمير فما الذي يحرمك السعادة واللهو ، فقال سعيد : أفكر في الغد وما ستؤول إليه الأمور والملك ، فقال الوزير: لا أخفيك يا مولاي يبدو أن من الملك بعيد وعن تحقيق أمانيك في السلطان والمال والرفاه واللهو والسعادة تبدو وكأنها في مهب الريح لان الملك يفكر في توريث الملك لأحد أخويك لأنك الأصغر وكثير اللهو والتبذير والإغراق في الخمر والملذات ، إلا إن لم يتبق غيرك وريثا للملك .
أثارت كلمات الوزير قلق الثلاثة وزادت من مخاوفهم من بعضهم البعض فدبؤا يفكرون في كيفية التخلص كل واحد من الآخر ما عدا رشيد .
فقال شديد في نفسه : سأهجم على الاخران واقتلهما بسيفي هذا وأتخلص منهما ليخلو لي الملك .
إما رشيد: فقال سأجمع الآخران وأعلن أنني متنازل عن حقي في وراثة الملك.
إما سعيد فقال: ساعد سهرة وخمرا وطعاما وجواري وادعوا شديد ورشيد وأدس لهما الخمر في الشراب والطعام وأتخلص منهما.
وفي وقت متأخر من الليل دعا سعيد أخويه شديد ورشيد للحضور الى جناحه وهيا أطعمة وفواكه وخمرا وكل ما لذ وطاب وأجمل جواريه ، واخبر أخويه انه مؤرق لايستطيع النوم ويريد أن يسهرا معه ليتسامروا جميعا ، حضر شديد ورشيد وجلسوا يتسامرون ، وقال سعيد لرشيد ، اعلم انك لا تحتسي الخمر ولا تعاشر الجواري ، اشرب من هذه العصائر و كل من هذه الفواكه ، ولما أوشك الفجر أن يطلع الفجر سكر كل من شديد وسعيد ورشيد بدا يشعر بالنعاس وبعدها بدا كل من شديد ورشيد يحس بالآم حادة في بطنهما وكان سكاكين تقطع أوصالهما فقال شديد ما هذا ياسعيد هل تشعر بما اشعر به من الم ، قال رشيد : نعم انه الم قاتل ، ضحك : سعيد وقال : انه السم ، استل شديد سيفه الذي خبأه تحت ثيابه وطعن سعيد عدة طعنات حتى قتله ، ومات ، إما شديد ورشيد فقتلهما السم .
وفي الصباح .
ذهب الوزير الى الملك واخبره بالأمر قائلا : سيدي الملك لقد وجدنا أبنائك الثلاثة مقتولين ، قال الملك : جيد إذن لقد نجحت الخطة أيها الوزير ، انك أسوا من الشيطان نفسه وسوست لهم حتى قتل بعضهم بعض ، لقد كنت أتمنى أن أتخلص منهم وهم في سفرهم الى الحكيم فهمان في تلك الطرق النائية الموحشة ، ولكنهم عادوا ، فكان لابد من خطة لأتخلص منهم ، فانا الملك وحيد لا أريد شريكا ولا منافسا لي في الحكم ، أعلنوا موت أبنائي الثلاثة في كل المملكة ، وأعلنوا الحداد وأعلنوا أن الملك وحيد باق الى الأبد ومدى الحياة ملكا !!!
ولما أشرق الصباح ولاح ، عندها الديك صاح ، فسكتت شهرزاد عن الكلام المباح .

آذار /2012








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع


.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو




.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05


.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر




.. جريمة صادمة في مصر.. أب وأم يدفنان ابنهما بعد تعذيبه بالضرب