الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اضاءة على اضراب سواق السيارات عام 1962

فاضل عباس البدراوي

2015 / 6 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


من الضروري استذكار المحطات النضالية في السفر التاريخي للطبقة العاملة العراقية. حسنا فعل الرفيق ابراهيم الحريري عندما سلط الضوء، على صفحة من صفحات نضال كادحي شعبنا، والتي نشرت على شكل حلقات في جريدة، طريق الشعب، دوَن فيها اضراب سواق السيارات الذي حدث في ربيع عام 1962 وبعد مرور اكثر من نصف قرن على تلك الفعالية النضالية، وبغية اطلاع المناضلين العماليين في هذا الزمن الصعب على ذلك السفر النضالي الخالد لطبقتهم العاملة. عادت بي الذاكرة، لتدوين بعض من تلك الذكريات النضالية.
حدث الاضراب في ربيع عام 1962. بسبب زيادة اسعار وقود السيارات ولذلك سمي اضراب البنزين، وقد اثقلت تلك الزيادة كاهل الكادحين من سواق السيارات، مما حدى بنقابتهم، نقابة سواق السيارات ومساعديهم، بالتحرك باعلان الاضراب احتجاجا على تلك الزيادة، وقد كانت نقابة السواق من النقابات القليلة التي سلمت من التزوير الذي جرى بشكل فاضح للانتخابات العمالية، حيث تم تسليم بقية النقابات بالاخص في المشاريع الستراتيجية، الى البعثيين والرجعيين بمساعدة قوى الامن التي لم يطالها يد التطهير بعد ثورة 14 تموز المجيدة، بانتخابات مزورة رافقتها تدخل سافر من القوى السالفة الذكر.
في تلك الايام، كان الجو السياسي يشوبه التوتر، بسبب تصاعد النشاط التآمري لقوى الثورة المضادة، وعدم اتخاذ الزعيم عبد الكريم قاسم اية اجراءات للتصدي لذلك النشاط التآمري المحموم، حاول البعثيون والقوميون وبقية قوى الردة من استغلال الاضراب وتوجيهه على غير وجهته الصحيحة، ذلك بممارسة تصرفات صبيانية وغوغائية، عندما قاموا برمي سيارات مصلحة نقل الركاب في بعض مناطق بغداد بالحجارة وتحطيم زجاج نوافذها، وكان عذرهم اقبح من فعلهم، لكون تلك السيارات حمراء اللون!، لكن سرعان ما تحركت النقابة والشيوعيين في القطاع العمالي لتفويت الفرصة عليهم، وفضح مراميهم الحقيقية من وراء تلك التصرفات، ذلك عبر توزيع بيانات صادرة من الحزب، على نطاق واسع في بغداد، يعلن فيها تأييد الحزب الشيوعي بقوة للمطالب العادلة للسواق كما فضحت تلك البيانات الممارسات التآمرية التي تحاول تحريف مسار الاضراب عن اهدافه الحقيقية.
على ذكر تلك البيانات المطبوعة الصادرة من قيادة الحزب، اخبرني مسؤولي الحزبي آنذاك، الرفيق الشهيد البطل، ابراهيم محمد على المخموري، بأن هناك مسؤولا حزبيا يريد الالتقاء بي، وفعلا تم ذلك اللقاء وكان المسؤول الحزبي هو الرفيق الشهيد البطل صبيح سباهي، لقد سألني الرفيق صبيح عن امكانية طبع البيان الخاص باضراب السواق، في احدى المطابع الاهلية، لكوني كنت مسؤولا عن التنظيم العمالي لقطاع المطابع، فاخبرته نعم هناك امكانية، لان احد رفاق منظمتنا كان يملك مطبعة صغيرة، وقلت له سأفاتحه بهذا الموضوع، وفعلا اتصلت فورا بصاحب مطبعة الثقافة الرفيق الراحل عباس محمد خلف، وعرضت عليه الامر ووافق فورا، اخبرت الرفيق سباهي بأمكانية طبع البيان في المطبعة التي يملكها احد رفاقنا، وذهب بمعيتي الى تلك المطبعة، الصغيرة جدا والتي كانت تقع في بداية عقد النصارى من جهة شارع الرشيد، فسلم لنا البيان، وكان الوقت صباحا، واخبرني بأنه في تمام الساعة الخامسة عصرا، وبعد الانتهاء من طبع البيان سوف ينتظرني احد الرفاق في شارع الجمهورية، امام سوق الغزل، ومعه شارة معينة لاسلمه البيان.
كلفت احد رفاق المنظمة وهو الرفيق الراحل محمود الجبوري، وكان يعمل طباعا بنفس المطبعة، ان يقوم بتنضيد وطبع البيان، وباشرنا فعلا بعملية الطبع، ونتناوب انا وهو على الطبع، وكان العمل يجري ببطئ لكون ماكنة الطبع، نصف اوتوماتيك، وقبل موعد التسليم بنصف ساعة اكملنا طبع ما يقارب الخمسة الاف نسخة، وعبئتها في كيس كبير، واستأجرت حمالا قام بحمله، امام انظار اصحاب المحال، وهم ليسوا على علم بمحتويات الكيس، وعندما وصلنا الى المكان وجدت الرفيق المكلف بالاستلام واقفا ينتظرنا مع سيارته، وكان ذلك الرفيق هو ابراهيم الحريري بعينه، وكنت اعرفه طبعا، لانه كان يشرف على بعض الاجتماعات الخاصة بمنظمتنا، وهو الذي رشحني لعضوية لجنة المشاريع الصغرى، عام 1961 بعد اطلاق سراحي من معتقل جسر ديالى، في احدى زياراته للمنظمة مع الراحلة زكية شاكر التي كانت عضو لجنة منطقة بغداد آنذاك، كما ان الرفيق الحريري كان يعرفني قبل ذلك بسنين، عندما التقينا بمعتقل التحقيقات الجنائية في حزيران من عام 1955 وكان قد جلب من سجن بعقوبة لغرض تسفيره الى بدرة بعد انتهاء محكوميته لقضاء فترة المراقبة، ولهذه قصة اخرى سبق وان كتبت تفاصيلها في الكتاب الذي اصدرته عام 2011، دونت فيه سيرتي السياسية.
بعد تسليمي الامانة للرفيق ابراهيم، رجعت منتشيا الى المطبعة وجلسنا برهة من الزمن، واذا بمفرزة من الامن العامة تداهمنا، وكانت ما تزال بقايا الاوراق التالفة من البيان ملقاة على الارض، لكن المفرزة اكتفت باعتقال الرفيق عباس صاحب المطبعة، كما لم يقوموا بتفتيش المطبعة ولم يتعرضوا لي، اعتقد انهم ضنوا بأنني زبون، وقد زاد اعتقادهم، عندما سلمني الرفيق عباس مفاتيح المطبعة وقال لي ارجو ان تذهب الى بيتنا الكائن في المكان الفلاني وتعطيهم المفاتيح واخبرهم ان هناك ربما اشتباه في امر اعتقالي، وفعلا اغلقت المطبعة ولم اذهب الى بيته، واتصلت بالرفيق مسؤولي الحزبي وطلبت منه تدبير اتصال بالمسؤول الذي التقى بي ولم اذكر له اسم الرفيق صبيح سباهي لانه طلب مني بعدم اخبار اي من الرفاق بهذه المهمة التي يجب ان تبقى محصورا بيننا وفعلا التقيت بالرفيق سباهي وشرحت له الامر، طلب مني الاختباء لعدة ايام حتى ينجلى الامر، لكن موقف الرفيق عباس كان مشرفا، يبدو ان شكوكا كانت تحوم حوله دون اية اثباتات، واطلق سراحه بعد أيام من اعتقاله.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نادين الراسي.. تتحدث عن الخيانة الجسدية التي تعرضت لها????


.. السودان.. إعلان لوقف الحرب | #الظهيرة




.. فيديو متداول لحارسي الرئيس الروسي والرئيس الصيني يتبادلان ال


.. القسام: قنصنا جنديا إسرائيليا في محور -نتساريم- جنوب حي تل ا




.. شاهد| آخر الصور الملتقطة للرئيس الإيراني والوفد الوزاري في أ