الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


متاهات المعارضات والحرب السورية

جميل حنا

2015 / 6 / 25
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


منذ أربعة أعوام ونيف من الحرب على سوريا وشعبها يخوض كفاحاُ مريرًا ويقدم تضحيات جسيمة من أجل الحرية والكرامة, ومن أجل وطن يكون لجميع أبناءه بدون تمييز.كانت أسباب إندلاع الثورة واضحة بالنسبة لجزء كبيرمن أبناء الشعب السوري.ولذلك خرج مئات الآلاف بل الملايين في كافة أنحاء سوريا إلى الشوارع في مظاهرات سلمية كانت تطالب بالأصلاح ومن ثم لاحقا بإسقاط النظام .ومنذ البدأ أنتهجت سلطة الاستبداد العنف والقتل والتدميرالممنهج لأخماد ثورة الشعب السوري ومطالبه المحقة في الحرية والكرامة.ومنذ تلك اللحظة تمرالثورة في مراحل صعود وهبوط وسلكت طرق عديدة ومنها حمل السلاح للدفاع عن الجماهير,وطرأت تغيرات جذرية على بنية الفصائل المسلحة والجيش السوري الحر وقوى المعارضة. وفي مرحلة التقدم الذي أحرزته المعارضة والجيش السوري الحر دفع بالمجموعات الإرهابية الأكثر همجية وعنفا لسحق الثورة ومحاربة الجيش الحر والنشطاء السلميين الميدانيين في الحراك الثوري السوري.وعندما أصبحت التنظيمات الإرهابية النصرة وخاصة داعش لها أمتداد جغرافي على مساحات واسعة من الأرض السورية.كان لا بد أن يصطدم هذا التوسع بشكل ما مع سلطة الاستبداد ,كل واحد منهم يريد تعزيز وإثبات نفوذ سلطته وسيطرته على أكبر قدرمن البلد.لقد أنتقلت داعش من مرحلة الأداة في يد النظام إلى مرحلة بناء مشروع إقامة الدولة الأسلامية لأنها بالأصل كرست وجودها في الشمال والوسط وشرق سوريا بالتواطىء مع سلطة الآستبداد.وقد تراجعت فصائل الجيش السوري الحرأمام التحالف غير المعلن بين النظام وداعش والقصف المستمر بكافة أنواع الأسلحة وبالطائرات الحربية وأستخدام البراميل المتفجرة وحتى السلاح الكمياوي في المناطق التي كان يسيطر عليها الجيش الحر,حتى تتمكن المجموعات الإرهابية للدواعش من الدخول وأحتلال تلك المناطق.والشيء الأخر الذي أدى إلى تراجع الجيش السوري الحر وأنحسار سيطرته في أماكن محدودة وخاصة في الجنوب هوبسبب التقاعس الدولي ومن أدعوا بأنهم أصديقاء وأشقاء الشعب السوري, وعدم تقديم السلاح الفعال والمساعدات اللازمة بل منع من أن يصل السلاح الفعال إلى يد الجيش الحر,بينما أحدث الأسلحة تسلم إلى داعش.أن سيطرة المنظمات الإرهابية داعش والنصرة على أجزاء واسعة من سوريا أحدث تحول دراماتيكي على مسار الثورة والمجتمع السوري, وأظهرت الفظائع والأخطاء الجسيمة والسلبيات الحقيقية والنظرة العنصرية بين مختلف مكونات وشرائح المجتمع السوري التي أظهرت للسطح تلك المشاعر وثقافة الكراهية التي كانت تغذى بمختلف الوسائل في المجتمع على مدى أكثر من خمسة عقود من الزمن.ولكن هذه المشاعر كانت تخمد تحت سيطرة الحكم الديكتاتوري وسلطة الاستبداد وأجهزته القمعية المخابراتية, حتى إندلاع الثورة .وبعد أندلاع الثورة أستطاعت إستثمار هذه المشاعرالدينية والطائفية والعرقية والسياسية التي كرستها في المجتمع لصالحها في صراعها ضد ثورة الشعب السوري.أن ما حدث ويحدث للبلد من الكوارث والمأسي الفظيعة والدمار والقتل والتهجير يتحمل مسؤوليتها نظام الاستبداد الأسدي والقوات المحتلة الأيرانية وميليشياتها والمنظمات الإرهابية .ومع كل هذا كانت ثورة الشعب السوري حتمية تاريخية لا بد منها لإنهاء عقود من الحكم الديكتاتوري الفردي وإسقاط نظام الاستبداد والحزب الحاكم الواحد.ومنذ إندلاع الثورة في آواسط شهرآذار2011ولغاية اليوم حصلت تغيرات مأساوية كثيرة في الساحة الداخلية بين مختلف القوى الثورية المعارضة بكافة تياراتها العقائدية السياسية والدينية والمذهبية ,وبين كافة الفصائل المسلحة.وأنقسام دراماتيكي مؤلم بين مختلف مكونات الشعب السوري على الأصعدة الدينية والمذهبية والسياسية والأقتصادية.وأصبح كفاح الشعب السوري من أجل الحرية وبناء الدولة العصرية وبناء جسور الثقة بين مختلف مكونات الشعب السوري أكثر تعقيدا مما كان عليه في بداية الثورة,فعليه أن يحارب على جبهات عديدة كثيرة ويمكن أن نحددها في الأمور التالية: أولا إسقاط سلطة الاستبداد الطائفي الأجرامي في البلد.
ثانيا- محاربة الإرهابيين الوافدين من مختلف دول العالم وخاصة من الدول العربية والمنظمات الإرهابية والتطرف الديني.ثالثا – محاربة كافة المجموعات والفصائل الإرهابية الطائفية الغازية التابعة لملالي طهران وكذلك التدخل العسكري الأيراني .رابعا - محاربة ونبذ التعصب الديني والمذهبي الذي يلغي كيان الآخر,الذي لا يقبل إلا ذاته المقيته.خامسا- الصد للفكر القومي العنصري ,ومحاولات فرض مشاريع قومية شوفينية تقسيمية على أسس عرقية وجغرافية.سادسا- محاربة أمراء الحرب والأقتصاد والقضاء على نفوذهم ومصالحهم المدمرة للوطن والمعادية لطموحات الجماهير.سابعا- العمل على تحقيق استقلالية القرار الوطني السوري الذي يحرص على مصالح الوطن والشعب السوري بكافة مكوناته الدينية والعرقية بدون تمييز, والتخلص من الهيمنة الخارجية المعادية بل المدمرة للبلد.ثامنا-السعي لبناء أفضل العلاقات مع مختلف دول العالم على أسس المصالح المشتركة وأحترام سيادة القانون والمواثيق والمعاهدات الدولية.ولكن هل الأرضية الثقافية مترسخة في كيان المجتمع السوري لتحقيق الأهداف المذكورة أعلاه,بالرغم من الحالة الكارثية التي يمر بها المجتمع كما ذكرسابقا.
أن هذه الأهداف يمكن تحقيقها عندما تتوفر الإرادة السياسية المبنية على مصلحة الوطن ووضع هذه النقطة المفصلية فوق كل الأعتبارات الأخرى منها الدينية والمذهبية والقومية والأقتصادية.وأن رأب الصدع في كيان المجتمع والدولة لا يمكن أن يتحقق إلا بالقضاء على الأسباب الحقيقية التي أدت إلى إنطلاق الثورة.إلا وهي الحكم الديكتاتوري واستبداد سلطة الفرد أو الحزب الواحد,الفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية فعليا وعدم تشريع القوانين التي تخدم وتحمي من هم في السلطة, دور الجيش في الدولةحماية الوطن وليس السلطة,مهام الأجهزة الأمنية ,أهمية وجود قوانين وضوابط عمل صارمة تحد من طغيان هذه الأجهزة على أبناء الشعب, المحاسبة الصارمة وتطبيق القانون على الجميع بدون أستثناء مهما كان المركز الذي يشغله الفرد,التوزيع العادل للثروة الوطنية,حقوق القوميات.وهذه الأمور مجتمعة دفعت بالجماهيرللخروج إلى الشارع سلميا تطالب بالحرية والكرامة,مرحلة ما قبل عسكرة الثورة.إذا كانت هذه الأسباب وراء إندلاع الثورة, فإذا لا بد من خطوات فعلية عكس ما كان قائما في مختلف مجالات الحياة وخاصة على صعيد إدارة الدولة ومشاركة كافة أطياف المجتمع ومسألة الحريات العامة وحقوق الإنسان, وحل مسألة الإثنيات العرقية بشكل يحفظ وحدة التراب الوطني,نبذ الطائفية والعنصرية الدينية والقومية.المعارضةالسورية بطيفها الواسع التي تعمل على إسقاط النظام تطرح حلول وتقدم أقتراحات بشأن إيقاف الحرب والمرحلة الإنتقالية التي ترتكز على بنود بيان جنيف الصادر في 30حزيران 2012 المقدم من قبل أمريكا وروسيا, كما تعمل المعارضة على تطبيق بيان جنيف فعليا. ولكن هاتان الدولتان لم تبذل مساع جدية لتطبيق هذه المبادىء التي أقترحتها على أطراف النزاع ,سلطة الاستبداد وقوى المعارضة .وبالرغم من عقد أجتماع جنيف واللقاءات على مدى أيام لتطبيق هذه المبادىء إلا أن تعنت النظام والتمسك بالحل العسكري لإنهاء ثورة الشعب السوري أدى إلى فشل هذه المباحثات. ولم تمارس الدول المعنية بهذا الملف أي أمريكا وروسيا أي ضغوط على النظام للقبول بالمبادىء ألتي أقترحوها والتي من أجالها عقد مؤتمر جنيف.ومنذ فشل مفاوضات جنيف تحاول المعارضات السورية الاتفاق على خطة موحدة من أجل الحل السياسي في سوريا.وقد عقد مؤتمر القاهرة آحدث مؤتمرات المعارضة بين 8-9 حزيران وبالطبع كما هو الحال مع بقية المؤتمرات لم تشارك كافة قوى المعارضة في هذا المؤتمر. ولكن لو دققنا النظر في كافة الوثائق الصادرة عن مؤتمرات المعارضة بدأ من المجلس الوطني السوري والائتلاف وبعض الوثائق الجزئية من اللقاء التشاوري لمجموعة عمل قرطبة يرى المرء فيها طروحات إيجابية على المستوى النظري.بالرغم من التفاوت بينها من حيث الصياغة أو التطرق بوضوح وبشفافية تامة لبعض الأمور والضبابية والتعابير الفضفاضة في بعض الأمور.ولست بصدد المقارنة بين هذا وذاك,والذي أريد قوله الجميع متفقون على مبادىء بيان جنيف. فإذا لماذا لم تتحد فصائل المعارضة التي ابدت أستعدادها وموافقتها على بيان جنيف من أجل الحل الديمقراطي السياسي والمرحلة الأنتقالية.ويبدوا أن عدم أمتلاك القرار السياسي المستقل لدى الغالبية الساحقة من قوى المعارضة ,وعدم وضع مصلحة الوطن والشعب فوق كل الأعتبارات,والخضوع لأجندات القوى المحلية والأقليمية والعالمية التي لها المصلحة في استمرار الحرب السورية,ما زالت مسيطرة على عقلية الجزء الأكبر من المعارضة.ولذا كل المبادىء الايجابية والأفكار المنطقية حول سوريا المستقبل التي تطرح من قبل المعارضة تبقى حبرا على ورق ما لم يقترن القول والكتابة بالفعل على أرض الواقع وذلك من أجل الأسراع في وقف الحرب المدمرة.وماذا تفعل كافة المعارضات أمام خطر فظيع يهدد كيان الوطن وتقسيمه إلى أجزاء,وضياع وطن بكامله.أن أفشال المخططات الخارجية والقوى الظلامية الإرهابية وسلطة الاستبداد لا يمكن القضاء عليه إلا بتوحيد الجهود والعمل حسب الرؤية السياسية المتفق عليها من أجل الحل وإنهاء الحرب, وكما ذكر هذا الأجماع قائم بين مختلف قوى المعارضة بالموافقة على بيان جنيف.ولكن في الواقع العملي أن ثقافة التمييز وسياسة التهميش والأقصاء من قبل شرائح واسعة من المعارضة سيؤدي إلى كارثة ,تؤدي إلى تدمير الوطن وسيتحقق المشروع التقسيمي للوطن وفق أجندات المشروع الغربي الأمريكي الصهيوني,وسيحصل كل من تعاون معهم على جزء من سوريا.وسيتم القضاء الكلي أو شبه الكلي على السريان الآشوريين في الجزيرة السورية,ويتقلص الوجود المسيحي في أجزاء سوريا إلى نسبة قليلة جدا,بعدما كانوا يشكلون ثلث السكان قبل ستة عقود.
2015-06-25








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تصريح الأمين العام عقب المجلس الوطني الثاني لحزب النهج الديم


.. رسالة بيرني ساندرز لمعارضي هاريس بسبب موقفها حول غزة




.. نقاش فلسفي حول فيلم المعطي The Giver - نور شبيطة.


.. ندوة تحت عنوان: اليسار ومهام المرحلة




.. كلمة الأمين العام لحزب النهج الديمقراطي العمالي الرفيق جمال