الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرفيق المؤمن الكادح

مصعب وليد

2015 / 6 / 28
كتابات ساخرة


متى أصبحت إسلامياً فرُفضت؟

تكرر السؤال كفرض الصلاة وكسنة مؤكدة، لماذا لست بإسلامي كأباك؛ وكان عليَّ أن أبرر رغبتي، التي رُفضت من جهات عدة، بأن أكون إسلامياً. فقُلت أنني كنت أرغب بذلك، إلا أن ذوقي الموسيقي لا يميل الى أغاني المقاومة، فرفضني ثُلةٌ من الإسلاميين. كنت أرغب بأن أكون إسلامياً، يا أنتم، كأبي، لكنني أواظب على مجاراة "الموضة"، وألبس من "الجينز" ما هو ممزق بالتحديد... وهذا شكلٌ لا يليق بإسلامي، كما يقول البعض. أطلقت اللحية فإعتبرها "أهل اليمين"، على حد تعبيرهم، "لحية صايع"، فأهملتها حتى يقبلني اليسار. وددت أن أكون إسلامياً، يا سادة، فحفظت أجزاءاً من القرآن عن ظهر قلب... وواظبت على الصلوات في البيت يومياً فإفتقدني روّاد المسجد، فشكّوا بأمري كلما إرتدت المساجد للصلاة. هكذا أنتم، كلما حاولت أن أكون إسلامياً؛ رفضتني عقولكم المتحجرة!

متى أصبحتُ رفيقاً فرُفضت؟

أصبحتُ رفيقاً، عندما ناداني صديقي برفيقه فأسأتُ فهم سبابته. كان يقصد شخصاً بجانبي، وأدركت ذلك مؤخراً؛ فعشت اللحظة. واظبت على إستخدام يدي اليُسرى في الأكل، وعبور الشارع بقدمي اليُسرى، والبدء بمطالعة الكتب ممسكاً الكتاب بيدي اليُسرى؛ أركل الكرة في الملعب بقدمي اليُسرى... أهملت ذقني، لأسباب منزلية، يا رفاق، فظهرت وكأنني أقدم برهاني لكم كي أدخل اليسار بكل أعضائي اليسارية. وكنت أشعر بالحرج حين يخلو فمي من رائحة النيكوتين والقهوة المُظلمة؛ وعندما صادفتموني بفنجان قهوة سادة وسيجارة ثقيلة، كنت أحاول ان أكون طبيعياً في محيطي، وأن أشابه في ذلك رفاقاً تورطت في النقاشات العدمية معهم. كنت احاول أن أظهر إخلاصي لليسار، لكنكم رفضتموني يا رِفاق؛ فلم أكن مُلحداً لفهمي السطحي بالتوجه اليساري، ولم أعاقر الطعام في شهر الصيام، ولم أشتم الرب إن إستفزني الإمام.

متى أصبحت كادحاً فقبلني الشعب!

لرُبما أصبحت كذلك عندما نفذت المياه من بيتنا، بسبب إهتراء عقول من في البلدية وعدم تفانيهم في إيصال طريق معبدة الى بيتنا... فأهملت الذقن لسبب مشابه. ومن المحتمل أن نفاذ معجون الحلاقة، كان سبباً جوهرياً كذلك؛ تأخر الراتب، يا سادة، وطلب مني أبي الإسلامي، الذي أخلص في عمله لأهل اليمين، أن أصل عاصمتهم الإقتصادية لتفقد الصراف الآلي فلم أجد ورقة نقدية واحدة. ليس بسببٍ كافٍ؛ أعلم ذلك، لكنني رُفضت في كل مقابلة عملٍ أتقدم لها. كنت كلما تقدمت بطلب وظيفة في مكتب متواضع تنقلب عليّ ملامح وجه الموظفة التي نسيت نصف صدرها خارج مكانهما المحدد؛ وترمقني بنظرة غريبة وطالبتني بأن أحلق لحيتي حتى لا يغضب مني "البيروقراطيين". لكنني إستمتعت حقاً بقبول الكادحين بي، حين إزدادت جلساتهم معي، وحينما إعتبروني واحداً منهم لإنتفاء صفات "البرجوازية" في وجهي.

وها أنا أرمق نفسي أمام المرآة، أتوخى الحذر بشدة في وصف شكلي الذي جمع بين الصفات الثلاث؛ لست أبالي إن إعتقدتم بأنني من هذا أو ذاك أو ذاك... هذا أنا أمامكم يا أهل اليسار، فأنا لست إسلامياً. وها أنا ذا يا أهل اليمين، فانا لست يسارياً. أنا "الرفيق المؤمن الكادح"؛ أنا لستُ منكم، وأنتم لستم منّي... انا البديع؛ اللانظير له.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط


.. فيلم تسجيلي عن مجمع هاير مصر للصناعات الإلكترونية




.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس


.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل




.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة