الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أوديب والعراق

غازي صابر

2015 / 6 / 28
مواضيع وابحاث سياسية



الكثير منا قرأ رائعة سوفكليس أوديب وكيف عاقب نفسه عندما عرف وبطريق الصدفة المشؤمه إنه قتل أباه وضاجع إمه فيما بعد وأصبح ملكاً على أرض طيبه وسط فرح أهلها . ويوم حلت اللعنه وإفتقرت وتكدرت طيبه وأصابها الدمار وعرف لعنة فعلته قرر سمل عينيه وترك أرض طيبه التي أحبها معتبراً نفسه هو الجاني وهو فاعل الشؤم لطيبه ولشعبها .
في عراقنا أسقط الأمريكان نظاماً دكتاتورياً مستبداً وسلموا السلطه لأحزاب وكتل طائفية وعرقيه فحل الخراب والدمار والفساد والإقتتال الدائم بين هذه التشكيلة الجانيه بحق العراق وشعبه .
يتندرون ساسة العراق بالحكم دائماً إنهم من أحزاب دينيه وتسندهم مرجعياتهم في كل خطوة فهل يدركون حجم لعنتهم ولو بعد فوات الأوان ؟ وهل توخزهم ضمائرهم الدينية والوطنيه ويحرروا أنفسهم امام الله الذي يخافونه حسب دعواهم ويسملوا عيونهم كما فعل أوديب ويبتعدون عن السلطه ويتركون العراق للذين لايؤمنون بالطائفية ولا العرقيه والتي هي داء العراق وكارثته المدمره ؟
جمعوا الدين والطائفه والقوميه بالسياسه بينما هي علم وفن لقيادة الشعب بكل أطيافه وأعراقه فكان التناحر والتقاتل على المناصب وعلى نهب المال العام بعيداً عن هموم الشعب وخراب الوطن وعن الأخطار الخارجيه والتي باتت تنهش بخيرات العراق ومقدراته .
أوديب سمل عينيه خوفاً وخشوعاً من الألهة المقدسه والتي كان يؤمن بها وساسة العراق الذين يدعون إيمانهم بالله ويخافون نبيه وحتى اولياؤه فهل لهم الجرأه على فعل اوديب ؟
الحكم عند الإغريق أخلاق وقيم ومفاهيم إلاهيه مقدسه وعند الخلل بتطبيقها يعزل المقصر نفسه عن الحكم ، بينما الحكم والتسلط عند عرب الصحراء رزق من الله لايمكن التفريط به او التنازل عنه مهما تكدرت أحوال البلاد والعباد ومهما حلت عليهم الكوارث وشاعت الفوضى والحروب حيث القتل وسفك الدماء والتشريد .
الخليفة عثمان بن عفان إتهمه من ثار عليه بعدم العدل والإحسان ولا الحكم بشرع الله وطالبوه بالتنازل فرفض قائلاً: لا أنزع ثوب البسني الله إياه حتى هجم عليه الثوار وأشبعوه طعناً بالسكاكين فكانت الفتنه وكانت اللعنه والتي لم تنطفئ نيرانها لحد اليوم .
هذا الموقف المتعصب والصحراوي هو الذي يؤدي الى العنف والإقتتال والدمار الشامل فالحاكم عندنا يدعي إنه منصور من الله وحكمه هو الصح والشعب أمام تدهور أحواله وخرابه يطالبه بالتنحي عن الحكم لكنه يرفض ويعتقل معارضيه ويختلق لهم شتى الذرائع ويستمر في ظلمه حتى تحين اللحظة التي ينتقم فيها الشعب منه وبأشد الإنتقام .
ورغم مرورالأزمنه وتغير وتطور الحياة الا أن الحاكم العربي وزعيم الحزب السياسي والديني الطائفي لا زال يؤمن برزق الله في الحكم ولن يتنازل عن كرسي الحكم وزعامة الحزب الا بأنقلاب دموي او بخراب الحزب وشرذمته وقد تحولت هذه التنظيمات الى مافيات تهيمن على رقاب المجتمع .
لو فعل الخليفه عثمان والطاغية صدام ما فعله أوديب فهل كانت الدولة الإسلامية والعربيه تعيش الفتنه لأكثر من الف سنه ويواجه العراق والمنطقه اليوم تداعيات أحداث الماضي البغيض والبعيد ؟
الإغريق الذين عبدوا الألهه كانوا يبحثون بالعقل عن خالق للكون و بعد تطور عقولهم فصلوا الدين عن السياسه وأسسوا دولة المواطن والقوانين والنظم التي تحقق العدالة والإحسان للجميع بعيداً عن الدين والطوائف وهم بهذا أكرموا الدين وأبعدوا عنه الزيف والتملق وأطلقوا لشعبهم الحريات الفكريه والإنسانيه فتقدموا ، بينما بقينا نحن نأكل ما ينتجون ونشتري الأسلحه منهم لنحارب بعضنا ولندمر أرواحنا وبلداننا وكل منا يدعي إنه جندي الله الصحيح والوحيد وغيره كافر لابد من قتله وبأبشع صورة إرضاءً للرب الواحد الأوحد . .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقترح الهدنة.. إسرائيل تمهل حماس حتى مساء الأربعاء للرد


.. إسرائيل تهدد بمحاربة حزب الله في كل لبنان




.. جون كيربي: ننتظر رد حماس على مقترح الاتفاق وينبغي أن يكون نع


.. هدنة غزة وصفقة تبادل.. تعثر قد ينذر بانفجار| #غرفة_الأخبار




.. إيران والمنطقة.. الاختيار بين الاندماج أو العزلة| #غرفة_الأخ