الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاعلام و الاٍرهاب

محمد كمال

2015 / 6 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


الاعلام و الاٍرهاب
إختلط التوجس من الاٍرهاب بتنفس الهواء ، مثل الهواء الذي نستنشقه في كل لحظة على مدى الحياة الباقية ، كذلك الاٍرهاب أصبح مادة لاسماعنا في كل لحظة من حاضر أيامنا؛ و الاعلام هو الوسط و الوسيط الذي يطرق ابواب سمعنا ليل نهار عن جند الاٍرهاب و صولات الاٍرهاب من قتل و تدمير و زلزلة لعروش الحكم و تفكيك لكيانات الدول و تفريغ المجتمعات من ابنائها؛ و جند الاٍرهاب يتفننون و يبتكرون أساليب متطورة في أنماط الترهيب و التفكيك و التدمير ، بينما الاعلام الرسمي و الشعبي يغذي المجتمعات و الناس بما يفعله و ينجزه جند الاٍرهاب ، و كأن هذا الاعلام هو الوسط لنشر الدعوة الإرهابية ، و لا غرابة في ذلك عندما نسمع من الاعلام ذاته عن الذين يدخلون في صفوف جند الاٍرهاب و انتصارات مدافع الارهاب ؛ فهذه المؤسسة الإرهابية آخذة في التوسع جنداً و حضانةً ، بينما الاعلام يصرخ انيناً من الاٍرهاب و يستصرخ الشعوب و الدول لفعل شيئ مجدٍ و مؤثر لكبح جماح هذا الاٍرهاب إن لم يكن بالإمكان قطع الهواء عن نَفَسِهِ ؛ هذا هو حال الاعلام مع صولات الاٍرهاب ؛ الاٍرهاب يتوسع في صولاته و الاعلام يستمر في تغذيته لبنية الاٍرهاب ، كان ذلك بعلمه او بجهل منه ، لا ندري .
لقد أوضحنا في مقالات سابقة بأن الاٍرهاب وسيلة و ليس هدفاً و أن العقول التي تخطط و تدبر ، و الايادي التي تنفذ ، تهدف الى تحقيق مشروع كبير ، و لا يمكن لهذا المشروع أن يتحقق إلّا بالأساليب التي يراها المخططون المتمصلحون ؛ و هذا المشروع و منذ ما يزيد على الثلاث سنوات و هو آخذ في التوسع على الارض و الاستزادة من الجند و الحواضن ؛ هذه حقائق تؤكدها صولات الكر و الفر على رقع متعددة من أراضي دولٍ ذات سيادة ، و هذا الكر و الفر آخذ في التمدد الى رقع كانت بالأمس آمنة مطمئة .
إن النهج الإعلامي السائد و الذي يصرخ ليل نهار مندداً بالارهاب ، فانه بهذا النهج اليتيم ، الذي يفتقر الى استراتيجية وطنية شاملة ، مدروسة فاعلة متكاملة ، إنما يطعم الاٍرهاب (المشروع الكبير) بنشر دعوته و دفع النشئ من الشباب للتوجه الى صفوف جند المشروع الكبير ، و إغراء أصحاب المال و الجاه بفتح خزائن الدعم و المال له ، و دفع المجتمعات لتكون حواضن للمشروع ؛ هذا المشروع الذي لا يفرق بين (سينٍ) و (شين) ، بين مذهب و مذهب ، بين دين و دين ، بين بدوٍ و حضر ، بين دولة و دولة ، فالكل مستهدف الى أن يتحقق مخطط المشروع الكبير و هو يجدّف في قارب يسبح على نهر من الدماء و المعاناة و دمار المؤسسات ، و عندها يكون لكل حادث حديث ، إن بقى للمنطق و للحق حديث .
إن حلقة الوصل و القناة الناقلة فكراً و دعوة هو الاعلام بمعناه الشامل و بمكوناته المتعددة و المختلفة ؛ فالمكون الإعلامي ليس حكراً على الدولة ، بل أن هناك شريك طبيعي مجتمعي يتمثل في ما تقوم به المؤسسات المدنية و الدينية و دور الأفراد في نشر المواد الإعلامية ذات الطابع الترويجي لافكار الاٍرهاب و التحريض ؛ الاعلام الرسمي يكاد أن يكون جزيئاً في مجمل البناء الإعلامي ، و أقل تأثيراً و فاعلية ، إضافة إلى أن هذا الاعلام الرسمي هو بذاته في حالة تلاطم و تناقض لا يمكنه أن يكون وسطاً و وسيطاً في معترك المواجهة مع دعوات الأسلوب الإرهابي الذي يعتمد الترهيب و التكفير في مسعاه الحثيث لتحقيق المشروع الكبير . وسطاً إعلامياً بسيطاً في مادته ، دون جهد مضنٍ و لا مالٍ ذات شأن هو الملصقات الصغيرة المنتشرة في كل المكاتب الحكومية و مكاتب المؤسسات غير الحكومية و على قوارع الطرق ، و إينما وليت وجهك رأيت ملصقاً يحمل رسالة بسيطة موجزة مغزى مفادها "التحريض و التكفير و شرذمة المجتمع و تشطيره" ، و هذه وسائط و وسائل منتشرة و مؤثرة كالنار في الهشيم دون حسيب و لا رقيب ؛ و هذه الملصقات هي طوبٌ من بنيان إعلامي مجتمعي مدني ديني على طول البلاد و عرضه ؛ حتى صياغة الكلمات و المقالات و الرسائل المبثوثة ، عبر الصحف و الاعلام الرسمي ، من الأفراد و من هذه المؤسسات غير الحكومية تستطعم منها نكهة التحريض و الدعوة الى شاكلة الاٍرهاب ؛ فأين جحافل الاعلام الرسمي لدول ذات سيادة أمام هذا الاعلام الموازي (غير الرسمي) لها و الأكثر فاعلية و تأثيراً ، بينما الاعلام الرسمي يُؤَذِّنُ في خرابة .
نحن إذاً امام مهمة إعلامية كبيرة ذات طابع وطني مصيري و مهمة استراتيجية هادفة فاعلة ، و مسئوليتها لا يمكن إلّا أن تكون معهودة ، في هذه المرحلة المصيرية الحرجة و الخطرة ، الى الدول أصحاب السيادة و النفوذ و القدرة إقتداراً فاعلاً . لا يمكن ترك حبل الاعلام على غارب الأحداث و المستجدات و أهواء القائمين (أفراداً مسئولين) على مفاصل الاعلام و رسالته و أهدافه . من الواضح حسّاً و فكراً واعياً أن ماكينة الاعلام تفتقر إلى إستراتيجية وطنية شاملة نابعة من نتاج دراسة واعية للواقع الموضوعي حتى يمكن لهذا الاعلام أن يتحسس مساره في معركته ضد الاٍرهاب (المشروع الكبير) ، و أن لا يكون هناك إعلام موازٍ ، غير الرسمي ، يصدح خارج السرب الذي خطته الاستراتيجية الإعلامية الوطنية الشاملة .
إن اعتماد استراتيجية إعلامية وطنية شاملة ، بموازاة الإجراآت الأمنية و السياسية الاخرى ، هو الدعم الفاعل و الفعّال في المعركة المصيرية ضد الاٍرهاب و منابع الدعم المادي و البشري و التبشيري لهذا الاٍرهاب الآخذ في الانتشار و التثبت على الارض .
هذه الاستراتيجية الإعلامية الوطنية الشاملة من الواجب أن لا يختلط فيها الحابل بالنابل ، بأن لا تكون تكميماً للأفواه الوطنية المخلصة التي تجتهد بالفكر و القلم من أجل وطن يحتضن الجميع من كل الأعراق و الأديان و المذاهب ، دون تفريق و لا تفضيل ، و أن عماد الوطنية هو أن الوطن للجميع ، لا ترهيب و لا إقصاء و لا تكفير ، بل عمل و بناء من أجل وطن آمن عزيز ، تحترمه كل الدول و الشعوب .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مستشرق إسرائيلي يرفع الكوفية: أنا فلسطيني والقدس لنا | #السؤ


.. رئيسة جامعة كولومبيا.. أكاديمية أميركية من أصول مصرية في عين




.. فخ أميركي جديد لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة؟ | #التاسعة


.. أين مقر حماس الجديد؟ الحركة ورحلة العواصم الثلاث.. القصة الك




.. مستشفى الأمل يعيد تشغيل قسم الطوارئ والولادة وأقسام العمليات