الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دولة المواطنة و ضمانة الانتماء

خالد قنوت

2015 / 6 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


قياساً على قطعية العبودية في مقولة المفكر السوري الراحل إلياس مرقص ( في الديمقراطية: أن تعطي الحقوق كاملة لكل الناس في مجتمع و تحرم 1% منهم بنسبة 1% من هذه الحقوق, فإن الحقوق كلها مهددة و بسرعة و الكل يصبح عبيد) فإننا كسوريين و منذ عقود الاستبداد كنا نمارس حرفة العبودية بحق انفسنا و بحق اشقاؤنا في الوطن عندما نصمت عن سلب حقوق بعض منا و لو بنسبة 1% فكيف بسلبهم جنسيتهم السورية؟
جريمة المكتومين من السوريين الاكراد, جريمة وطنية موصوفة بحق سورية و بحق كل السوريين و يتحمل مسؤولية هذه الجريمة كل القيادات السياسية منذ صدور مرسوم الجنسية الصادر بالمرسوم التشريعي 67 في 31/11/1961 و الإحصاء السكاني الذي أجري عام 1962 الذي سبّب مشكلة مزمنة تعرف بأجانب الحسكة، حيث استثني عشرات الآلاف من الجنسية السورية, مروراً بالمرسوم التشريعي رقم 276 تاريخ 24/11/1969 إبان الحكم البعثي و في دستور 1973 الذي اصدره حافظ الأسد و تقع عليهم تهمة خيانة الامانة الوطنية و هذا حقيقي و منطقي و لكن ألم تكن هناك مسؤولية مباشرة على كل مواطن سوري منذ ذاك الزمان الأغبر و حتى ما قبل قيام الثورة السورية في 2011؟؟
لا شك أن للأنظمة الاستبدادية كل المصلحة في السيطرة و التحكم بتوازنات اثنية و دينية و طائفية و مذهبية لكل الفئات الاجتماعية التي تسيطر عليها رغم إدعاءاتها بأنها نظم ديمقراطية و علمانية و حامية للتنوع بينما في الحقيقة هي تحافظ على صمامات الصراعات بينها مستبقية لها كنوع من الحفاظ على كيانها كسلطة و لا تتوانى عن التدخل بكل قوتها الأمنية و العسكرية في الوقت المناسب لتطيح بكل ما يهدد ذاك الكيان بحجج الحفاظ على الوطن مستخدمةً أدواتها الرخيصة من إعلام و منظرين و أجهزة امنية لتبرير العنف و القهر الذي تمارسه.
لنقف كمواطنين سوريين و لو لمرة واحدة و بعد قيام ثورة وطنية شعبية لم تنطفئ نارها بعد, لنقف أمام مرآة انفسنا لنحاسبها على صمتنا أمام قهر السلطة البعثية ثم الأسدية لشعبنا الكردي منذ المراسيم العنصرية تجاههم و التي بالنتيجة أدت لصمتنا عن مجازر أحداث القامشلي في آذار 2004 كما سبقتها صمتنا عن مجازر الثمانينيات.
و أمام مرآة ذواتنا علينا أن نفكر بشكل عقلاني بما حدث و يحدث في المناطق التي يشكل المكون السوري الكردي نسبة اجتماعية وازنة و لنستذكر مظاهرات القامشلي و عفرين و الحسكة و ركن الدين و منطقة الأكراد بدمشق و كيف استدرك النظام انضمامهم للثورة السورية بأن أصدر المرسوم التشريعي رقم 49 القاضي بمنح المسجلين في سجلات أجانب الحسكة الجنسية العربية السورية و عمل على تشكيل ميليشيات كردية مسلحة بأسماء متعددة لتحقيق انفصال السوريين الاكراد عن الثورة السورية و التلويح بفكرة الكيان الكردي الذي يتمدد من شمال العراق باتجاه سورية تلاقت معه في منتصف الطريق النزعات العنصرية الشوفينية العربية للكثير من المعارضين السوريين و تكويناتهم السياسية لتتحول لفوبيا مع سيطرة الاسلام المتطرف على مناطق التنوع القومي العربي الكردي الآشوري التركماني في شمال و شمال شرق سورية.
على واقع الأرض الحالية, تعتبر القوات المسلحة الكردية هي أكثر القوات تنظيماً و عملاً تحت مظلة سياسية موحدة بالمجمل, بينما بقيت القوات المعارضة المسلحة التي تقاتل النظام في تلك المناطق, مشرزمة عفوية العمل و ليست لها مظلة سياسية ناهيك عن اجندات إقصائية من اسلام متطرف و اجندات عنصرية و طائفية غير وطنية و أخرى تحت قيادة اجنبية, بينما استفادت التنظيمات المسلحة الكردية من التعاطف الدولي لتاريخها و لحاجة التحالف الدولي لحلفاء على الأرض يجنبوهم فاتورة التدخل المباشر بقوات مشاة, حتى الوقت الحاليً.
بينما تتعامل التنظيمات العسكرية الكردية بعقلانية و باستراتيجية ذكية, رغم عدم وضوح الرؤية النهائية لها و دخول اجندات انفصالية على الخط, تبقى العنصرية و التطرف و الاقصاء خطاب معظم التنظيمات العسكرية المعارضة السورية المنفلتة هنا و هناك دون العمل على قيام جيش وطني بعقيدة وطنية خالصة و بقيادة عسكرية محترفة تقر بأجندة وطنية و تتعهد بالحفاظ على الوطن و على حيوات و ارزاق السوريين بغض النظر عن انتماءاتهم و بالنأي عن السياسة بعد تحقيق التحرير و اسقاط النظام الأسدي.
كيف للسوري الكردي أن يثق بمن يعده بالاقصاء مرة ثانية و بدولة تميز بين مواطنيها على اساس أنه ذكر, عربي , مسلم, سني كمواطن درجة أولى بعد عقود من قهر انظمة مارست ذاك التمييز بكل وقاحة و تجبر؟؟
و كيف للسوري العربي أو التركماني أن يثق بممارسات بعض التنظيمات الكردية المسلحة لعلميات تهجير و حرق للبيوت لتغير الطبيعة الديموغرافية لمناطق تنوع تاريخي بين الجميع؟؟ حسب ما يرد من أخبار.
لن يحمي السوريين سوى انفسهم و ليس لأي دولة اقليمية أو غربية (لا امريكا و لا روسيا و لا فرنسا و لا اسرائيل و لا تركيا و لا السعودية و لا الخليج و لا ايران و لا الأردن و لا العراق و لا حتى أوجلان أو بارزاني) مصلحة في استعادة السوريين روح و مبادئ الثورة الوطنية طالما أنها ترى فيها مصلحة في تدخلاتها و في تصفية حساباتها ضد بعضها.
كل الحروب العرقية و الدينية و الطائفية في تاريخ الشعوب بدأت بفقدان الثقة و بممارسات التمييز و الاقصاء و التصفية و التهجير و ستبقى تحت رماد الايام لتظهر ناراً تحرق الجميع و لو بعد عقود و عقود, بينما الضمانة الوحيدة للجميع افراداً و مجموعات هو الخطاب الوطني و الراية الوطنية و العمل الوطني لبناء اجندة يتفق عليها الجميع و تحقق مصالحهم و هي دولة المواطنة و الحريات و العدالة, حيث كل الرايات و كل الانتماءات و كل الثقافات مصانة و محمية بدساتير وطنية مدنية و لكن تحت راية وطن واحد و انتماء واحد هو الانتماء السوري.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تطبيق يتيح خدمة -أبناء بديلون- لكبار السن الوحيدين ! | كليك


.. تزايد الحديث عن النووي الإيراني بعد التصعيد الإسرائيلي-الإير




.. منظمة -فاو-: الحرب تهدد الموسم الزراعي في السودان و توسع رقع


.. أ ف ب: حماس ستسلم الإثنين في القاهرة ردها على مقترح الهدنة ا




.. متظاهرون مؤيدون لفلسطين يلاحقون ضيوف حفل عشاء مراسلي البيت ا