الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصومال وجدل الفيدرالية والمركزية 3

خالد حسن يوسف

2015 / 6 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


ورث المجتمع الصومالي الراهن جزء من تعقيدات الصراع السياسي الحالي على تكريس النظام الفيدرالي من مرحلة ما قبل الاستقلال في عام 1960 وما بعدها في ظل الدولة الوطنية, فالمراكز الحضرية التي تركزت فيها سلطة السيطرة الايطالية والبريطانية, أنتهت إلى أن أصبحت في تلك المرحلة كمديريات وفي مرحلة الدولة الوطنية كمديريات تابعة لمحافظات ثمانية أثنتان منها في شمال البلاد وستة في جنوبه.

وكانت تلك المديريات التي اقامتها ايطاليا وبريطانيا, البدايات الأولى والفعلية لوضع النظام المركزي والذي لم يراعي توازنات التنمية العامة في الصومال المحميات والمستعمرات ممثلين في الإقليميين اللذان أنتهى أمر إدارتهما انطلاقا من مدينتي مقديشو وهرجيسا وذلك بعد انتقال الإدارة إلى الأخيرة من مدينة بربرة مركز الإدارة البريطانية السابق في شمال الصومال.

الاحتلال أسس تقسيم الجغرافيا السياسية أنطلاقا من منظورين, ايطالي وقضى بتقسيم الجغرافيا السياسية استنادا إلى الطبيعة الجغرافية الاقتصادية, بينما استند التقسيم البريطاني إلى العامل السياسي أولا وأخيرا والذي تمثل في مراعاته لعدد من مراكز تواجده السياسي في مدن زيلع,بربرة,هرجيسا,برعو,لاس عانود وعيرجابو.وقد ورثتت الدولة الوطنية تلك الحصيلة من التقسيم الإداري, فكانت المركزية الشديدة في ظل تقسيم الدولة إلى ثمانية محافظات, تباينت مساحتها جغرافيا,سكانيا وقدرتها الاقتصادية, وهو ما دفع إلى إعادة رسم التقسيم الإداري لجغرافيا السياسية إلى 12 و 16 ثم إلى 18 محافظة, في ظل جمهورية الصومال الديمقراطية.

وبدوره فإن إعادة ذلك التقسيم كان عادتا ينطلق من عوامل سياسية,اقتصادية واجتماعية لم تكن بالضرورة تراعي حاجات الدولة الاستراتيجية بقدر ما كانت تخدم إلى حدا ما سياسات النظام في إعادة التوازنات السياسية والاجتماعية والتي كانت تحفظ إلى حدا كبير مصالح بعض النخب السياسية المتصارعة على الدولة الصومالية, وبذلك أنتهى تقسيم الجغرافيا السياسية إلى 13 محافظات في الجنوب,الوسط,والشمال الشرقي, في حين أصبحت مستعمرة بريطانيا في الشمال ب5 محافظات.

وخلال رحلة التقسيم التي انطلقت من واقع المحافظات الثمانية وصولا إلى المحافظات الثمانية عشرة وقعت البلاد في ظل صراعات سياسية واجتماعية مستمرة تمت إلى حدا كبير على خلفية التقسيم, وشكل الأمر عامل سياسي لتغذية الصراعات السياسية بين سكان البلاد من قبل الحكومة المركزية وبعض الحركات السياسية.

ومع اندلاع الحرب الأهلية في عام 1991 وإنهيار الدولة المركزية الصومالية أتجهت القوى السياسية المسلحة في البلاد نحو إعادة رسم الجغرافيا السياسية من منطلق فرض القوة السياسية, فكانت أن أعلنت الحركة الوطنية الصومالية(الاسحاقية) انفصال محافظات شمال البلاد تحث مسمى جمهورية أرض الصومال.

وبدوره فإن اتجاه اللواء محمد فارح حسن(عيديد), في المؤتمر الصومالي الموحد(الهويي), مارس فرض خياراته السياسية على سكان محافظات شبيللي السفلى,باي,بكول,جوبا الوسطى وجوبا السفلى وغيرها, وبدورها فإن الحركة الصومالية الديمقراطية(ديجيل ومريفلي) حاولت اقامة جغرافياتها السياسية في محافظتي باي وبكول وأنتهى الأمر ببعثرة اللواء عيديد للمشروع.

وأتجهت قوى سياسية قبلية ممثلة بالجبهة الديمقراطية لإنقاذ الصومال قبائل (مجيرتين,ذشيشي,عبدي كومبي,عرب صالح وغيرهم),الحزب الصومالي المتحد(ذولباهنتي,ورسنجلي),الاتحاد الديمقراطي الوطني الصومالي(ليلكسي,أورتابلي), لتأسيس إدارة أرض البونت في عام 1998.

وفي عام 2006 تم تأسيس إدارة جال مذوج في جزء من محافظة مذوج, من قبل عشيرة سعد(قبيلة هبرجيدير) والتي تنازعت تقاسم محافظة مذوج في المنطقة الوسطى مع قبيلتي مجيرتين,ليلكسي ومريحان.

وفي عام 2012 أتجهت قبيلة الذولباهنتي لتأسيس إدارة خاتمو في الوسط الجنوبي لشمال الصومال(وهي حتى اللحظة لا تمثلك المشروعية السياسية الرسمية من الحكومة الصومالية),كما تأسست إدارة جوبا (قبائل صومالية متعددة) في عام 2013 والجنوب الغربي (قبائل صومالية متعددة) في 2014, وكلاى الإدارتين ترتكز على واقع التوازنات القبلية.

كما يجري تاسيس حاليا وضع اللمسات الأخيرة على تأسيس إدارة جلمذوج بقالب يضم جزء من محافظتي مذوج وجلمذوج والذي يضم عدد من القبائل منها(هبرجيدير,جبويي,أبجال,مرورسدي,مريحان,دير).وفي اتجاه آخر هناك جهود لإخراج إدارة محافظتي هيران وشبيللي الوسطى والتي تضم مجموعة من القبائل منها(جالعيل,داجوذي,حوادلي,جارير,أبجال,جوجون ذابي وغيرها).

وبالمحصلة فإن مجموعة هذه المشاريع السياسية ما فشل منها وما هو قائم أو يتم الإعداد له, يرتكز على فكرة العصبية القبلية العنصرية, وبمعزل عن حسابات اقتصادية وديموغرافية ومدى تناسق الجغرافيا السياسية, كما لا يتماشى مع أدبيات دستور التناقضات والمتوقع أن يتم إجراء ثتبيته في عام 2016, ومن المفارقات التي تستدعي التنذر أن يتم تأسيس إدارات على غرار جوبا والجنوب الغربي قبل أن يتم إعداد دساتيرهم!

كما أن ظروف ومعطيات تشكيل كل إدارة تختلف عن الآخرى من حيث مسلك المشروعية السياسية وواقع التراضي بين سكانها, ويتخللها حالات فرض القوة وصرف المال السياسي وتؤطى كل من مكتب الأمم المتحدة ومنظمة إيجاد الإقليمية في الصومال واللذان يمثلان من أبرز الأطراف الخارجية العاملة على تغذية الصراعات الصومالية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل وإيران.. من سيصمد أكثر أمام التوترات الداخلية والخار


.. بريطانيا: سوناك يبدأ حشد دعم الناخبين لانتخابات عامة في 4 يو




.. ماكرون يصل إلى كاليدونيا الجديدة في زيارة تهدف لإعادة الحوار


.. مقتل 12 شخصا على الأقل في جنين جراء عملية للجيش الإسرائيلي




.. مشروع إصلاح الإعلام العام في فرنسا.. نحو -بي بي سي فرنسية-؟