الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحرية

أميمة الغالي

2015 / 6 / 30
حقوق الانسان


ی-;-عتبر مفھوم الحری-;-ة من اكثر المفردات اللغوی-;-ة جمالی-;-ة ووجدانی-;-ة، لذا استحقت اتخاذھا شعارا للحركات
الثوری-;-ة و قوى التحرر و الأحزاب السی-;-اسی-;-ة و العدی-;-د من الدول و منظمات حقوق الإنسان في العالم، بوصفھا قی-;-مة
إنسانی-;-ة سامی-;-ة تنطوي على مزی-;-ج من العناصر الأخلاقی-;-ة والاجتماعی-;-ة والوجدانی-;-ة والجمالی-;-ة. غی-;-ر أنھا من بی-;-ن أكثر
المصطلحات اللغوی-;-ة والفلسفی-;-ة إشكالی-;-ة؛ فقد تعددت التعاری-;-ف الفلسفی-;-ة التي أعطی-;-ت لھا، إلى حد لا نكاد نقع فی-;-ھ على
تعری-;-ف جامع مانع لھا. بی-;-د أن فھمھا و تحدی-;-د ماھی-;-تھا لی-;-س بالأمر المستحی-;-ل إذا أمكنا لنا النفاد إلى العالم الذي توظف
فی-;-ھ، ألا و ھو عالم الإنسان، باعتبارھا حاجة إنسانی-;-ة أصی-;-لة و جزءا مكونا لشخصی-;-ة كل إنسان، إن لم نقل أنھا كل
شخصی-;-تھ. و كمحاولة منا للدخول إلى عالمھا و الوقوف على ماھی-;-تھا، نقول أن الحری-;-ة تعني عند البعض غی-;-اب القی-;-ود
و القدرة على فعل ما لا ی-;-نبغي فعلھ، و قد تعني مجرد الوعي بما ی-;-تحكم فی-;-نا من ضرورات و حتمی-;-ات و أخدھا بعی-;-ن
الاعتبار حی-;-ن القی-;-ام بسلوك معی-;-ن، كما قد تعني التحرر و الوعي بما ی-;-تحكم فی-;-نا و السعي إلى التحرر منھ؛ ذلك أن
سی-;-ادة ھذا المفھوم في معناه الأول و الثاني، ھو الذي ی-;-فسر الاعتقاد في تمی-;-ز الظاھرة الإنسانی-;-ة كی-;-فی-;-ا(نوعی-;-ا) عن
باقي الظواھر الطبی-;-عی-;-ة. و ھو ما ی-;-فسر في نفس الوقت، رفض الانتقال بدراستھا من المجال الفلسفي إلى المجال
العلمي بفعل تفردھا و خصوبتھا و عدم قابلی-;-تھا للتجری-;-ب علی-;-ھا. و ھي تبعا لذلك لا تخضع لقانون محدد أو حتمی-;-ة
مضبوطة.
و قبل أن نغوص في ثنای-;-ا ھذا المفھوم، لا بأس أن نعرج على الفلسفة الی-;-ونانی-;-ة - سی-;-ما و نحن نعالج
مفھوم الحری-;-ة من الناحی-;-ة الفلسفی-;-ة- ثم نلقي الضوء، بعد ذلك، وبعجالة، على نفس المفھوم كما قاربھ الفلاسفة
المسلمون.
لقد تناول فلاسفة الی-;-ونان مفھوم الحری-;-ة بمعان مختلفة؛ فالسفسطائی-;-ون كانوا ی-;-عتبرون أن الإنسان الحر، ھو
الذي ی-;-سلك وفقا للطبی-;-عة، أما غی-;-ر الحر فھو من ی-;-خضع للقانون. أما سقراط - الذي فضل الموت على التنازل عن
أفكاره و حری-;-تھ، والذي قادتھ أفكاره و إی-;-مانھ بحری-;-ة التعبی-;-ر إلى محاكمتھ المشھورة كما نعلم – فقد اعتبر أن الحری-;-ة
تعني "فعل الأفضل" و ھذا ی-;-فترض البحث، وبلا كلل، عن الأحسن، فاتخذت الحری-;-ة معنى التصمی-;-م الأخلاقي وفقا
لمعای-;-ی-;-ر الخی-;-ر. و أما عند أفلاطون فتعني "وجود الخی-;-ر" و الخی-;-ر ھو الفضی-;-لة، والخی-;-ر محض وی-;-راد لذاتھ، و الحر
ھو الذي ی-;-توجھ فعلھ نحو الخی-;-ر. و مع ظھور أرسطو سی-;-بدأ المعنى الأدق للحری-;-ة في الظھور، إذ ی-;-ربطھا بالاختی-;-ار:
" إن الاختی-;-ار لی-;-س عن المعرفة وحدھا بل أی-;-ضا عن الإرادة ...و الاختی-;-ار ھو اجتماع العقل مع الإرادة معا".
أما عند الفلاسفة المسلمی-;-ن فقد ارتبط الحدی-;-ث عن الحری-;-ة بالحدی-;-ث عن القدر و "الجبر و الاختی-;-ار"، و فی-;-ما إذا
كان الإنسان مخی-;-را أو مسی-;-را. و غی-;-ر خاف، الحی-;-ز الذي أخده ھذا الموضوع من نقاش الفرق الكلامی-;-ة على اختلافھا (
المعتزلة، الأشاعرة، المرجئة ...)و التي تراوحت آراء روادھا، بی-;-ن قائل بان الإنسان مجبر على أفعالھ، و قائل بان
الإنسان لی-;-س مجبرا و بان لھ قوة و استطاعة، بھا ی-;-فعل ما اختار فعلھ، وغی-;-رھا من المواقف التي دونتھا لنا أقلام
الأولی-;-ن.
ھكذا نستطی-;-ع الجزم بان مفھوم الحری-;-ة طرح و لازال ی-;-طرح صعوبات جمة أمام الفلاسفة حی-;-ن محاولة تعری-;-فھ،
إلا أننا سنحاول فی-;-ما سی-;-أتي من محاور تقدی-;-م مواقف و إجابات البعض منھم عن الأسئلة التالی-;-ة:
- أن نكون أحرارا ھل معناه أن نفعل ما ی-;-حلو لنا؟ أم أن نتحرر من التبعی-;-ة لقوانی-;-ن الطبی-;-عة؟
أم أن نتصرف وفقا للعقل أو ضده؟ ھل معناه التحرر من قوانی-;-ن الدولة أم الخضوع لھا؟
- ھل للحری-;-ة علاقة بالأخلاق أم أنھا مستقلة عنھا معارضة لھا؟ ثم كی-;-ف تسمح القی-;-م الأخلاقی-;-ة بتحرر
الإنسان و ھي في ذاتھا تقنی-;-ن لتصرفاتھ؟
- ما علاقة الحری-;-ة بالإرادة؟ و ھل ی-;-سمح العی-;-ش داخل جماعة (دولة) بالقول بحری-;-ة الفرد؟
1. الحری-;-ة والحتمی-;-ة:
من البدی-;-ھي أن الحدی-;-ث عن الحری-;-ة لا ی-;-ستقی-;-م إلا بالحدی-;-ث عن نقی-;-ضھا، المتمثل في "الحتمی-;-ة"، عملا
بالقولة الشھی-;-رة" الأشی-;-اء تعرف بأضدادھا". لذلك سنحاول، بادئ ذي بدء، التعرف على ھذا النقی-;-ض قبل بی-;-ان
مواقف الفلاسفة بخصوص مفھوم الحری-;-ة.
لقد نشأ مفھوم الحتمی-;-ة كنقی-;-ض لمفاھی-;-م ومبادئ اعتقد أنھا ھي التي تحكم العالم، كالصدفة والعشوائی-;-ة
والفوضى وغی-;-اب النظام والاعتقاد في خضوع العالم إلى قوى غی-;-بی-;-ة لا سبی-;-ل إلى معرفتھا أو التحكم فی-;-ھا على الأقل(
ھو ما عبر عنھ بالجبری-;-ة). وی-;-قصد بالحتمی-;-ة الاعتقاد بأن الظواھر تخضع في نشوئھا وتطورھا وزوالھا، لعوامل
مادی-;-ة مضبوطة ی-;-مكن معرفتھا والتحكم
فی-;-ھا. وعلى أساس ھذا المبدأ نشأ العلم وأمكن بالتالي تفسی-;-ر عدد من الظواھر والتحكم فی-;-ھا وتوقع حدوثھا،
وھو ما دفع كلود برنار إلى القول بـ "أن العلم حتمي وذلك بالبداھة، ولولاھا لما أمكن أن ی-;-كون". فكان من الطبی-;-عي
أن ی-;-وجھ تصور من ھذا النوع، المحاولات الأولى لنقل الظاھرة الإنسانی-;-ة، من حقل التناول الفلسفي إلى حقل التناول
العلمي؛ فالفرد في مسار نموه وتطوره ی-;-خضع لحتمی-;-ات ی-;-مكن معرفتھا ومن تم التحكم فی-;-ھا، وھو الرأي الذي اتفق
علی-;-ھ مجموعة من الفلاسفة والعلماء رغم اختلافھم في جزئی-;-اتھ، من بی-;-نھم جون واطسون،مؤسس المدرسة
السلوكی-;-ة، الذي اعتقد أن بإمكانھ أن ی-;-صنع من الطفل الشخص الذي ی-;-ری-;-د. و سی-;-جموند فروی-;-د رائد التحلی-;-ل النفسي
الذي اعتبر أن الفرد ی-;-خضع لحتمی-;-ات سی-;-كولوجی-;-ة، تتمثل في الأثر الحاسم للطفولة في تكوی-;-ن الشخصی-;-ة وتحدی-;-د
استجاباتھا في كل المراحل اللاحقة.
وھي أمثلة فقط قد نضی-;-ف إلی-;-ھا الموقف السوسی-;-ولوجي ومواقف أخرى، أجمعت جمی-;-عھا على خضوع الفرد
لحتمی-;-ات تقوده – رغما عنھ – في الحی-;-اة وتوجھ سلوكھ وتتحكم في إرادتھ. من ھنا تأتي مشروعی-;-ة استحضار
المقاربة الفلسفی-;-ة الرافضة لكل محاولات إخضاع الإنسان لمناھج لا تتلاءم مع خصوصی-;-تھ،والداعی-;-ة إلى النظر إلی-;-ھ
في بعده الحي، المتغی-;-ر، والمتجدد باستمرار.
لن نجزم بأننا سنتناول كل المواقف الفلسفی-;-ة التي قاربت مفھوم الحری-;-ة في علاقتھا بالحتمی-;-ة، ولكن حسبنا أن
نبرز آراء البعض منھا، خصوصا الذی-;-ن ی-;-حسب لھم إسھامھم الواضح في تناول ھذا الموضوع أكثر من غی-;-رھم، الأمر
ی-;-تعلق بكل من ابن رشد ، سبی-;-نوزا، كانط و می-;-رلوبونتي.
ی-;-عتبر ما أتى بھ أبو الولی-;-د ابن رشد، في معرض حدی-;-ثھ عن مسألة الجبر والاختی-;-ار، بمثابة حل، ی-;-روم فظ
التشابك والاختلاف الذي كان السمة الطاغی-;-ة على نقاش الفرق الكلامی-;-ة، وی-;-بی-;-ن تھافت مواقفھا التي تبای-;-نت بی-;-ن
الجبری-;-ة التي لم تكن ترى في الإنسان سوى كائنا مجبرا على أفعالھ، والمعتزلة التي قالت بحری-;-تھ وشددت علی-;-ھا،
وفرقة الاشاعرة التي جمعت بی-;-ن الموقفی-;-ن فی-;-ما عرف بنظری-;-ة "الكسب". وتكمن جدة موقف ابن رشد في إقراره
بحری-;-ة الإنسان في إتی-;-ان أفعالھ، خی-;-رھا وشرھا وباقي الأضداد الأخرى، مع عدم نكرانھ للحتمی-;-ة التي تتجلى، في
اعتقاده، في خضوع الإنسان لقوانی-;-ن الطبی-;-عة وقوى الجسد المخلوقان من طرف االله.
أما باروخ سبی-;-نوزا فی-;-بدأ حدی-;-ثھ عن ھذا الموضوع، برفضھ التمی-;-ی-;-ز بی-;-ن الإرادة والعقل، معتبرا أن الإرادة ما ھي
إلا می-;-ل العقل إلى قبول ما ی-;-روقھ من المعاني، واستبعاد ما لا ی-;-روقھ؛ فما ی-;-سمى بالفعل الإرادي ھو فكرة تتبث نفسھا
أو تنفی-;-ھا، وما ی-;-سمى بالتوقف عن الحكم ھو حالة عدم إدراك الفكرة على نحو مطابق. وبما أن الأشی-;-اء، في اعتقاده
دائما، معی-;-نة بما في الطبی-;-عة الإلھی-;-ة من ضرورة الوجود والفعل، لم ی-;-كن في الطبی-;-عة ممكنات، ولم ی-;-كن في النفس
إرادة حرة، فالنفس معی-;-نة إلى فعل معی-;-ن بعلة، ھي بدورھا معی-;-نة بعلة وھكذا إلى غی-;-ر نھای-;-ة. إن سبی-;-نوزا، بھذا
المعنى، ی-;-عتبر الحری-;-ة، أو بالأحرى الشعور بالحری-;-ة مجرد خطأ ناشئ مما في غی-;-ر المطابقة من نقص وغموض؛
فالناس ی-;-عتقدون أنھم أحرار لأنھم ی-;-جھلون العلل التي تدفعھم إلى أفعالھم، كما ی-;-ظن الطفل الخائف انھ حر في أن
ی-;-ھرب، وی-;-ظن السكران انھ ی-;-صدر عن حری-;-ة تامة، فإذا ما تاب إلى رشده عرف خطأه. مضی-;-فا أنھ لو كان الحجر ی-;-فكر،
لاعتقد بدوره أنھ إنما ی-;-سقط إلى الأرض بإرادة حرة. وبذلك تكون الحری-;-ة الإنسانی-;-ة خاضعة لمنطق الأسباب
والمسببات الذي لی-;-س سوى منطق الحتمی-;-ة.
ی-;-نطلق ای-;-مانوی-;-ل كانط في معرض تناولھ لمفھوم الحری-;-ة، من فكرة تبدو لھ من المسلمات والبدی-;-ھی-;-ات، مفادھا أن
الحری-;-ة خاصی-;-ة الموجودات العاقلة بالإجمال؛ فھذه الموجودات لا تعمل إلا مع فكرة الحری-;-ة. غی-;-ر أن أي محاولة من
العقل لتفسی-;-ر إمكان الحری-;-ة تبوء بالفشل، على اعتبار أنھا معارضة لطبی-;-عة العقل من حی-;-ث أن علمنا محصور في
نطاق العالم المحسوس وأن الشعور الباطن لا ی-;-درك سوى ظواھر معی-;-نة بسوابقھا، وھذه المحاولة معارضة لطبی-;-عة
الحری-;-ة نفسھا من حی-;-ث أن تفسی-;-رھا ی-;-عني ردھا إلى شروط وھي علی-;-ة غی-;-ر مشروطة. كما ی-;-نص كانط على التعامل مع
الإنسان باعتباره غای-;-ة، لا باعتباره وسی-;-لة، ذلك لأن ما ی-;-عتبر غای-;-ة في ذاتھ ، ھو كل ما ی-;-ستمد قی-;-متھ من ذاتھ،
وی-;-ستمتع بالتالي بالاستقلال الذاتي الذي ی-;-عني استقلال الإرادة. ی-;-قتضي ھذا المبدأ بان ی-;-ختار كل فرد بحری-;-ة الأھداف
والغای-;-ات التي ی-;-ری-;-د تحقی-;-قھا بعی-;-دا عن قانون التسلسل السببي الذي ی-;-تحكم في الظواھر الطبی-;-عی-;-ة.
أما إذا انتقلنا إلى نظری-;-ة موری-;-س می-;-رلوبونتي في الحری-;-ة، فسنجد أن صاحب" فی-;-نومی-;-نولوجی-;-ا الإدراك"، ی-;-شترك
مع غی-;-ره من فلاسفة الوجودی-;-ة في القول بان الحری-;-ة ھي صمی-;-م الوجود الإنساني، إلا انھ ی-;-ختلف عنھم في القول بان
مجرد حضور الذات أمام نفسھا ی-;-نطوي ھو نفسھ على الحری-;-ة، إذ أن الوعي لی-;-س سوى تلك المقدرة على الإفلات من
كل قی-;-د أو حد، بمجرد التفكی-;-ر في ھذا القی-;-د أو ھذا الحد. فالذات تمتلك القدرة على أن تعلو بالفكر على كل قی-;-ود خارجی-;-ة
قد تتصور نفسھا أسی-;-رة لھا. وتبعا لذلك فإن الوعي أو الشعور- فی-;-ما ی-;-قول – ھو بطبی-;-عتھ انفصال ومفارقة وحری-;-ة،
لأنھ ی-;-نطوي في صمی-;-مھ على حركة مستمرة تنفصل فی-;-ھا الذات عن الواقع، بفعل تلك الحری-;-ة، التي ھي في جوھرھا،
قدرة مباشرة على التحرر من شتى الحدود والقی-;-ود. إلا أن ما ی-;-نبغي الإشارة إلی-;-ھ في ھذا الإطار، ھو أن می-;-رلوبونتي
ی-;-رفض الحری-;-ة المطلقة، بل ی-;-عتبر أن الحری-;-ة التي تظل حرة بالضرورة، لا تفترق مطلقا عن الحتمی-;-ة نفسھا، مبررا
قولھ بأننا لو سلمنا بوجود مثل ھذه الحری-;-ة فسی-;-كون من العسی-;-ر علی-;-نا أن نفھم معنى الالتزام engagement [ما
نحققھ في الحاضر لابد من أن ی-;-ندرج في المستقبل محققا في الوقت نفسھ شی-;-ئا ی-;-ظل محفوظا، فإذا ما جاءت اللحظة
التالی-;-ة أفادت مما سبقھا من لحظات].
ی-;-نحو بنا عبد االله العروي منحى آخر في مقاربتھ لھذا المفھوم، فالحری-;-ة في اعتقاده غی-;-ر متعالی-;-ة عن الواقع، كما
اعتبرھا البعض، بل محای-;-ثة لھ، اتخذت قدی-;-ما طابعا بسی-;-طا ومختزلا بحكم القی-;-ود والضوابط التي عرفتھا الأشكال
التقلی-;-دی-;-ة للمجتمعات، والتي لم تكن تسمح سوى بھامش ضئی-;-ل من الحری-;-ة. أما في الآونة الراھنة فالحری-;-ة لم تعد
معطى جاھزا ی-;-ملكھ الفرد مسبقا، بل ھو عملی-;-ة تحری-;-ر مستمرة، تحتك بعملی-;-ات تحری-;-ری-;-ة أخرى تخوض معھا نفس
التجربة لكن بأشكال مختلفة بحكم فرادة الذات وخصوصی-;-اتھا.
2. الحری-;-ة والإرادة:
لقد سبق وأشرنا إلى أن الحری-;-ة حاجة فطری-;-ة لدى الإنسان، جوھرھا الاتساق والتوازن الذاتي للشخصی-;-ة
الإنسانی-;-ة؛ فالناس ولدوا من بطونھم أحرارا، لذا فھي لی-;-ست كسبا ی-;-حرزه المرء بجھده الخاص، وإن كان الحفاظ
علی-;-ھا ی-;-ستدعي بذل قصارى الجھد لمواجھة التھدی-;-دات المستمرة الھادفة للنی-;-ل منھا. وعلی-;-ھ فجمی-;-ع الناس
ی-;-دركون معنى الحری-;-ة، رغم تفاوت مقدار حی-;-ازتھم لھا. وكلما تعمق وعی-;-ھم بھا، ازدادوا نزوعا إلی-;-ھا، وذادوا
عنھا وضحوا في سبی-;-لھا. إن شعورنا بالحری-;-ة ی-;-بدأ منذ اللحظة التي نقدر فی-;-ھا على الاختی-;-ار بی-;-ن ما نری-;-د (
الإرادة) وما لا نری-;-د، فامتلاكنا القدرة على الاختی-;-ار بالقبول أو الرفض، ی-;-ؤكد امتلاكنا للحری-;-ة. لكن ھل ی-;-عني
امتلاكنا للإرادة، أننا أحرار في تقری-;-ر شؤون الحی-;-اة المختلفة؟ وھل الإرادة شرط للحری-;-ة؟ ثم إلى أي حد تصدق
مقولة سارتر"نحن مجبرون على الحری-;-ة" (رغما عن إرادتنا)؟
نبدأ الخوض في ھذا الموضوع، بإدراج تصور فلسفي إسلامي ی-;-مثلھ أبو بكر محمد ابن باجة، الذي لم ی-;-شكل
استثناءا للقاعدة، على اعتبار أن تناولھ لمشكل الحری-;-ة ی-;-ندرج، بدوره، في إطار مسألة الجبر والاختی-;-ار، التي كما
اشرنا سابقا، شكلت موضوع نقاش الفلاسفة المسلمی-;-ن بمختلف مشاربھم ومواقفھم. لقد می-;-ز ابن باجة في أفعال
الإنسان بی-;-ن، تلك التي ی-;-ختارھا عن إرادة (الإرادة الكائنة عن روی-;-ة)، وھو ی-;-سمی-;-ھا أفعالا إنسانی-;-ة، لأنھا خاضعة
للفكر، ی-;-حركھا ما ی-;-وجد في النفس من رأي أو اعتقاد، وی-;-سبقھا تدبی-;-ر وترتی-;-ب، وبی-;-ن الأفعال البھی-;-می-;-ة التي ی-;-تقدمھا في
النفس، الانفعال النفساني فقط، بمعنى أنھا مجرد ردود أفعال آلی-;-ة ، می-;-كانی-;-كی-;-ة، خالی-;-ة من كل تدبی-;-ر مسبق، وغی-;-ر
مؤسسة على تفكی-;-ر قبلي؛ فكسر إنسان لعود خدشھ لمجرد أنھ خدشھ، ی-;-عتبر فعلا بھی-;-می-;-ا. أما كسره لئلا ی-;-خدش غی-;-ره،
أو عن روی-;-ة توجب كسره، فذلك فعل إنساني.
بعی-;-دا عن موقف ابن باجة، ی-;-مكن أن نقول أن ج. ب. سارتر ھو فی-;-لسوف الحری-;-ة بامتی-;-از، وكی-;-ف لا وھو قد نصب
نفسھ منذ البدای-;-ة خصما لذودا لكل لون من ألوان الجبری-;-ة. لقد رفض ھذا الفی-;-لسوف في كل من كتابی-;-ھ " الوجود
والعدم" و" نقد العقل الجدلي" شتى المحاولات المبذولة في سبی-;-ل الھبوط بالإنسان إلى المستوى البی-;-ولوجي
الصرف. فالحری-;-ة ھي نسی-;-ج الوجود الإنساني، والشرط الأول للعقل ھو الحری-;-ة: "إن الإنسان حر، الإنسان حری-;-ة...
الإنسان محكوم علی-;-ھ أن ی-;-كون حرا، محكوم علی-;-ھ لأنھ لم ی-;-خلق نفسھ وھو مع ذلك حر لأنھ متى ألقي بھ في العالم،
فإنھ ی-;-كون مسؤولا عن كل ما ی-;-فعلھ". ھكذا ی-;-تحكم الإنسان –حسب سارتر- في ذاتھ وھوی-;-تھ وحی-;-اتھ، في ضوء ما
ی-;-ختاره لنفسھ بإرادتھ ووفقا لإمكاناتھ.
مع فی-;-لسوف ألمانی-;-ا الأشھر،إی-;-مانوی-;-ل كانط، سنتحدث عن اصطلاح، سلطان الإرادة، الذي ھو المبدأ الأسمى
للأخلاق،والذي ی-;-حافظ على كرامة الإنسان. فالإرادة ھي مصدر الأمر الأخلاقي المطلق والإنسان الموجود في العالم
العقلي، حی-;-ث أن إرادة الإنسان الموجود في العالم الحسي، تخضع لإرادة الإنسان الموجود في العالم العقلي، والذي
ھو في النھای-;-ة إنسان واحد. فصورة الحری-;-ة التي نستطی-;-ع أن نفكر فی-;-ھا دون أن نعرفھا، لی-;-ست فقط مما ی-;-تطلبھ
إحساسنا بالواجب، إذ تتمشى ھذه الصورة مع سی-;-طرة مبدأ السببی-;-ة على العالم الظاھري. فالإنسان من حی-;-ث ھو كائن
ظاھري في ذاتھ، فإنھ حر، فھو لا ی-;-ستطی-;-ع أن ی-;-عرف ماذا تكون حری-;-تھ تلك، بی-;-د أنھ ی-;-علم أنھ حر. إن إرادة حرة
وخاضعة ،في نفس الوقت، للقانون الأخلاقي ھي –في نظر كانط – شيء واحد.
إلا أن ما توصل إلی-;-ھ كانط، ی-;-زعم أرثور شوبنھاور أنھ ی-;-ستطی-;-ع تجاوزه والكشف عن الطبی-;-عة الحقی-;-قی-;-ة للشيء في
ذاتھ. فھو ی-;-عتقد عن طری-;-ق حدس مباشر أنھ اخترق ستار الظواھر ووجد الشيء في ذاتھ. وھذا الشيء في ذاتھ ھو
الإرادة؛ فالحقی-;-قة الواقعی-;-ة النھائی-;-ة ،ھي الإرادة، لان الذھن ما ھو إلا تجل للإرادة، التي تجعل نفسھا متفردة ومختلفة
فی-;-ك، وفي، وفي أشخاص آخری-;-ن منفصلی-;-ن، وفي أشی-;-اء عالمنا الظاھر وفقا لمبدأ العلة الكافی-;-ة. إن ھذه الإرادة حرة،
لأنھ لا شيء ی-;-مكن أن ی-;-حدھا أو ی-;-قی-;-دھا، ونحن في عالم الإرادة ی-;-طابق كل منا الآخر وی-;-طابق الطبی-;-عة بأسرھا.
أما فری-;-دی-;-ری-;-ك نی-;-تشھ، الذي تأثر كثی-;-را بأفكار شوبنھاور- خصوصا في بدای-;-اتھ الأولى- فقد رفض الأحكام
الأخلاقی-;-ة النابعة من التعالی-;-م المسی-;-حی-;-ة، معتبرا أنھا سی-;-ئة وأنھا أكدت، تأكی-;-دا زائفا على الحب والشفقة والتعاطف،
وأطاحت ،في المقابل، بالمثل والقی-;-م الی-;-ونانی-;-ة القدی-;-مة التي اعتبرھا أكثر صدقا وأكثر تناسبا مع الإنسان الأعلى. فھذه
الأخلاق – بالمعنى الأول – مفسدة تماما للإنسان الحدی-;-ث الذي ی-;-جب أن ی-;-كون "روحا حرة" وی-;-تبث وجوده وی-;-عتمد
على نفسھ وی-;-ستجی-;-ب لإرادتھ. لقد ظل نی-;-تشھ، بوجھ عام، ی-;-عتقد بان الحقی-;-قة القصوى للعالم ھي الإرادة، ومثلھ الأعلى
الأخلاقي والاجتماعي ھو " الرجل الأوربي" الجی-;-د، الموھوب بروح حرة، والذي ی-;-تحرى الحقی-;-قة بلا خوف، وی-;-كشف
عن الادعاءات الكاذبة والخرافات، ولذلك نجده قد أھدى كتابھ "إنساني مفرط في الإنسانی-;-ة" إلى ذكرى فولتی-;-ر الذي
رأى فی-;-ھ نموذج الروح الحرة التي لا تقی-;-دھا عادات، ولا تسلك إلا وفق إرادتھا الحرة. ی-;-قول صاحب " ھكذا تكلم
زاردشت" على لسان ھذا الأخی-;-ر: " حرا تسمي نفسك، أری-;-د أن أسمع ھاجسك المسی-;-طر، لا أن تقول لي بأنك قد
خلعت النی-;-ر عن كاھلك، وھل أنت ممن ی-;-ستحق أن ی-;-خلع النی-;-ر عن كاھلھ، لأنھم كثر أولائك الذی-;-ن فقدوا أي قی-;-مة لھم
عندما تحرروا من عبودی-;-تھم".
من جھة أخرى، عمل ألكسی-;-س دوطوكفی-;-ل على تتبع علاقة الحری-;-ة بالإرادة، في ظل مجتمع دی-;-مقراطي (
المجتمع الأمری-;-كي من خلال كتابھ: الدی-;-مقراطی-;-ة في أمری-;-كا)، فتوصل إلى استنتاج في شكل سؤال نبلوره على الشكل
التالي: ھل تعني المساواة في الحقوق السی-;-اسی-;-ة، الاقتصادی-;-ة، الاجتماعی-;-ة... تحرر الإنسان وحصولھ على حری-;-تھ
النابعة من إرادتھ؟
ی-;-عتبر دوطوكفی-;-ل أن المساواة تفضي إلى اتجاھی-;-ن اثنی-;-ن: إما الاستقلال المباشر للأفراد والذي قد تنجم عنھ حالات
من الفوضى، وإما أن ی-;-جد الأفراد أنفسھم –بعد مدة طوی-;-لة ورتی-;-بة لكنھا آمنة – ی-;-تجھون نحو العبودی-;-ة، والتي ھي
عبودی-;-ة لا تدرك بسھولة، ولكنھا تعاش.
وقبل أن نترك دوطوكفی-;-ل الذي ی-;-عد مونتسكی-;-و الثاني، لابأس أن نورد تعبی-;-را مجازی-;-ا لھ ی-;-شبھ فی-;-ھ الحری-;-ة بالھواء،
ی-;-قول: " ی-;-ظھر لي أن الحری-;-ة تشغل في عالم السی-;-اسة الموقع الذي ی-;-شغلھ الھواء في العالم" بمعنى أن الحری-;-ة ھي
ھواء نتنفسھ، وغی-;-ابھا نحس بھ مثلما نحس بالاختناق عند نقص الھواء.
3. الحری-;-ة والقانون:
لما كان الإنسان قد ولد ولھ الحق الكامل في الحری-;-ة والتمتع بلا قی-;-ود بجمی-;-ع حقوق ومزای-;-ا قانون الطبی-;-عة ،
في مساواة مع أي شخص آخر، فإن لھ بالطبی-;-عة الحق، لی-;-س في المحافظة على حری-;-تھ ھذه فحسب، بل أی-;-ضا في
أن ی-;-حاكم الآخری-;-ن، إن ھم قاموا بخرق ھذا القانون ومعاقبتھم بما ی-;-عتقد أن جری-;-متھم تستحقھ من عقاب. من ھنا
وُجد المجتمع السی-;-اسي، حی-;-ث تنازل كل فرد عن سلطتھ الطبی-;-عی-;-ة وسلمھا إلى المجتمع في جمی-;-ع الحالات التي لا
ی-;-نكر علی-;-ھ فی-;-ھا حق الالتجاء إلى القانون الذي ی-;-ضعھ المجتمع لحمای-;-تھ.
ھكذا، وبعد أن كان الأفراد ی-;-حكمون على أفعالھم وسلوكاتھم حكما شخصی-;-ا، أصبح المجتمع ھو الحكم الذي ی-;-حكم
على أساس قواعد قائمة- قانون- تطبق على جمی-;-ع الأطراف، فصرنا نتحدث منذئذ عن الحری-;-ة في إطار المسؤولی-;-ة،
أو عن الحری-;-ة المقننة، أي الخاضعة لترسانة من القوانی-;-ن التي تبی-;-ن الحدود التي لا ی-;-نبغي تجاوزھا والمسالك التي
ی-;-مكن للفرد أن ی-;-سلك وفقھا، لذلك ی-;-حق لنا أن نتساءل:
- ھل بإمكاننا الجمع بی-;-ن الحری-;-ة، بما ھي إرادة واختی-;-ار، والقانون، بما ھو إلزام؟
- كی-;-ف نستسی-;-غ أن ی-;-فقد الإنسان راضی-;-ا حری-;-تھ المطلقة، وی-;-قبل الخضوع لحكم القانون؟
- ثم ألا ی-;-مكن أن ی-;-عثر الإنسان داخل الحری-;-ة المقننة، على ما ھو أفضل لھ من العی-;-ش داخل
الحری-;-ة المطلقة؟
لا ی-;-عول صاحب " اللوفی-;-اتان" ، توماس ھوبس، كثی-;-را على القانون، فھو ی-;-عتقد أن كی-;-نونة الحری-;-ة في الإنسان
ھي الدافع أساسي لإعمال حری-;-تھ ولی-;-س القانون، مضی-;-فا أنھ إذا لم ی-;-كن الإنسان حرا بحق وحقی-;-قة، فلی-;-س ھناك موضع
للإدعاء بأن ھذا الإنسان ی-;-كون حرا فقط عندما ی-;-كون تحت نظام قانوني معی-;-ن... إذ تبقى الحری-;-ة عند ھوبس نصا
ی-;-متلك معنى واسعا، ولكنھ مشروط بعدم وجود موانع لإحراز ما ی-;-رغب فی-;-ھ الإنسان، فالإرادة أو الرغبة لوحدھا لا
تكفي لإطلاق معنى الحری-;-ة. وھوبس كغی-;-ره من رواد الفكر السی-;-اسي الغربي، ی-;-ؤمن بأن حری-;-ة الإنسان تنتھي عند
حری-;-ة الآخری-;-ن، فقد رفض الحری-;-ة الزائدة غی-;-ر المقی-;-دة، إذ أكد بأن الحری-;-ة لی-;-ست الحری-;-ة الحقی-;-قی-;-ة لأنھا خارجة عن
السی-;-طرة، بالأحرى سی-;-كون الإنسان مستعبدا من خلال سی-;-ادة حالة من الخوف المطرد المستمر. إن المصالح
الشخصی-;-ة الخاصة وحتى الحی-;-اة نفسھا ستكون عرضة للرعب والذعر، من قبل الآخری-;-ن أثناء إعمالھم لحری-;-اتھم.
فالحری-;-ة المطلقة تقود إلى فقدان مطلق للحری-;-ة الحقی-;-قی-;-ة.
غی-;-ر بعی-;-د عما توصل إلی-;-ھ ھوبس، ی-;-عرف مونتسكی-;-و الحری-;-ة بقولھ: " أن ی-;-قدر المرء على أن ی-;-عمل ما ی-;-نبغي علی-;-ھ
أن ی-;-ری-;-د، وألا ی-;-كره على عمل ما لا ی-;-نبغي أن ی-;-ری-;-د". ھي الحق في أن ی-;-عمل المرء ما تجی-;-زه القوانی-;-ن العادلة، فإذا كان
للمواطن أن ی-;-عمل ما ی-;-نھى عنھ، كان لغی-;-ره نفس ھذا الحق، فتتلاشى الحری-;-ة. ی-;-ربط مونتسكی-;-و إذن الحری-;-ة بالقانون،
وھو ربط نابع من خلفی-;-تھ القانونی-;-ة، بحكم أنھ مؤلف كتاب " روح القوانی-;-ن" الذي كان لھ تأثی-;-ر غی-;-ر قلی-;-ل في تطور
دستور فرنسا، وقد اشتھر عنھ قولھ، أن المملكة التي توجدھا الحرب، تحتاج إلى حرب لتحافظ على كی-;-انھا. فالحری-;-ة
بھذا المعنى ستظل محافظة على تعری-;-فھا القدی-;-م المتمثل في أن ی-;-فعل الإنسان ما ی-;-شاء وأن ی-;-ستجی-;-ب لنداءاتھ الداخلی-;-ة
الحرة، مع تذكی-;-ره بدون انقطاع بألا ی-;-خرج فعلھ ھذا عن الإطار القانوني للدولة. ان موقف مونتسكی-;-و ھذا سی-;-لاقي
دعما ومساندة من طرف بنی-;-امی-;-ن كونستانت الذي ی-;-عتبر بأن الحری-;-ة ھي الاستمتاع الھادئ بالاستقلال الفردي، فالكل
ی-;-حلم بحری-;-ة ھادئة بعی-;-دة عن المصاعب والمشاق، لكن المصاعب ھي جزء من الحی-;-اة وتكوی-;-نھا، لأننا لا نعرف قی-;-مة
الحری-;-ة إذا لم نضعھا فوق المحك، وكونستانت وضع بالفعل حری-;-تھ في المحك، حی-;-نما نفاه نابلی-;-ون بونابرت أحد عشر
عاما، جراء معارضتھ لتصرفاتھ. فھو رغم إشادتھ بوجود قانون ی-;-نظم العلاقات بی-;-ن الأفراد داخل المجتمع، رفض أن
ی-;-صبح ھذا القانون نفسھ أداة في ی-;-د واحدة، تتصرف فی-;-ھ وفق می-;-ولاتھا ونزواتھا الخاصة دونما اكتراث بمطالب وآراء
أفراد الشعب أو من ی-;-نوب عنھم.
أما المفكر المغربي الكبی-;-ر عبد االله العروي، فلن ی-;-تناول مفھوم الحری-;-ة بشكل نظري صرف، بل سی-;-حاول البحث
عن تجلی-;-ات وتمظھرات ھذا المفھوم داخل المجتمع وداخل الحی-;-اة السی-;-اسی-;-ة، ممی-;-زا بی-;-ن الأشكال التقلی-;-دی-;-ة التي كانت
تسمح بنوع محدود من التحرر بفعل الحواجز التي كانت تجابھ بھا الفرد أی-;-نما حل وارتحل، والتي ھي من نوع عائلي
أو طائفي أو قانوني أو شرعي، وإذا حاول تخطي أي من ھذه الحواجز، واجھ صراعا قلما ی-;-خرج منھ سالما مع
ممثلي كل نوع من أنواع الحواجز المذكورة. أما الأشكال الحدی-;-ثة للفعل الحر فھي تتخذ طابع عملی-;-ة تحری-;-ر مستمرة
تدخل في صراعات متعددة مع كل الھی-;-ئات التي تمثل القانون، ی-;-نتج عنھ تقلص أو تمدد لحری-;-ة الفرد. فالحری-;-ة حسب
العروي مرتبطة أشد ما ی-;-كون الارتباط بمستوى تقدم الطبقة أو المجتمع الذي ی-;-نتمي إلی-;-ھ الفرد. من جھة أخرى ی-;-عتبر
صاحب " مفھوم العقل" أن الحدی-;-ث عن الحری-;-ة لا ی-;-ستقی-;-م خارج إطار الدولة التي تنصب نفسھا كضامن لحری-;-ات
أفرادھا، وھي نقطة ی-;-لتقي فی-;-ھا مع ھی-;-غل الذي اعتبر الدولة أداة لعقلنة المجتمع وإحدى أبرز تجلی-;-ات تحقق العقل في
التاری-;-خ.
وفي ارتباط بالممارسة السی-;-اسی-;-ة، التي ی-;-تجسد فی-;-ھا مفھوم الحری-;-ة بشكل أوضح، تحاول حنا أردنت تأسی-;-س
الحری-;-ة، في إطار قانوني ی-;-نظم العلاقات بی-;-ن الحاكم والمحكومی-;-ن وتجنب الخوض في ھذا المفھوم باعتباره مسألة
باطنی-;-ة. ذلك أن اعتبار الحری-;-ة حقا ی-;-شترك فی-;-ھ جمی-;-ع الناس، ی-;-فترض توفر نظام سی-;-اسي وقوانی-;-ن ی-;-نظمان ھذه الحری-;-ة،
وی-;-حددان مجال تعای-;-ش الحری-;-ات. أما الحدی-;-ث عن حری-;-ة داخلی-;-ة، فھو حدی-;-ث ملتبس وغی-;-ر واضح. إن الحری-;-ة، حسب
أرندت، مجالھا الحقی-;-قي والوحی-;-د ھو المجال السی-;-اسي، لما ی-;-وفره من إمكانات الفعل والكلام، والحری-;-ة بطبعھا لا
تمارس بشكل فعلي وملموس، إلا عندما ی-;-حتك الفرد بالآخری-;-ن، إن على مستوى التنقل أو التعبی-;-ر أو غی-;-رھا، فتلك ھي
إذن الحری-;-ة الحقی-;-قی-;-ة والفعلی-;-ة في اعتقاد صاحبة " وضع الإنسان المعاصر".









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمة المياه تهدد حياة اللاجئين السوريين في لبنان


.. حملة لمساعدة اللاجئين السودانيين في بنغازي




.. جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في ليبيا: هل -تخاذلت- الجن


.. كل يوم - أحمد الطاهري : موقف جوتيريش منذ بداية الأزمة يصنف ك




.. فشل حماية الأطفال على الإنترنت.. ميتا تخضع لتحقيقات أوروبية