الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نهاية الوطنية القديمة

عبد العالي زغيلط

2015 / 7 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


نهاية الوطنية القديمة

على مدى أكثر من خمسين عاما من الزمن عاش النظام السياسي الذي أفرزته حرب التحرير كالوريث المتلاف،فقد استنفذ كل ميراث الثورة،مع ما في الاستغلال من بشاعة وقبح وتنكر للشهداء، و من حول هذا النظام تشكلت ــــــ مع تعاقب الأيام ــــــــــ فئات وجماعات وأحزاب،وعصب،وطفيليات منتفعة، تتغنى بالوطن والوطنية، وليس من هم المنتفعين أن يبقى الوطن أو ينهض أبناؤه،بل ربما من مصلحتهم أن يعود السيد القديم سافرا عن وجهه لا كما يعمل الآن من وراء ستار شفيف!
لا عجب أن نشأت الوطنية بمعنيَيْهَا العاطفي والمذهبي معا ــــــــ كما يقول معظم المؤرخين ــــــــ في أوساط الجزائريين المهاجرين، في عشرينات القرن الماضي، وتقلبت بين تيارات فكرية عديدة،وارتكبت من الأخطاء بقدر ما أيقظت من الضمائر، وكانت ثورة نوفمبر تتويجا لهذه الوطنية،ورأسمالها الذي به تفاخر.
غير أنه وبعد أن وضعت الحرب أوزارها واستقر الأمر لمن تَغَّلب،أصبحت الوطنية رصيدا رمزيا ـــــ والثورة عنوانها البارزـــــــ كما أصبحت مرجعا يناوش به النظام السياسي كلَّ من ينازعه الحكم أو ينتقد مسلكه،أو يشكك في شرعيته،بحيث بدا طيلة عقود كما يقول جلبير غرانغيوم «مفتقرا بشكل تراجيدي إلى مرجعيات رمزية،فالمرجع الذي لا يكف عن الإحالة إليه هو الكفاح وحرب التحرير»، مع أن هذا المرجع هو إرث مشترك بين أبناء الجزائر الذين محضوها الإخلاص،ولم يبخلوا عليها بالمهج.
لئن كانت الثورة في مبدئها وفي منتهاها شعبية فإن قدرها ــــــــ كقدر كل الثورات ـــــ أن صار إرثها الرمزي رصيدا يُضَخَّمُ لحساب فئات محدودة تَسِمُ نفسها بِشَارَاتِ الحُكم، وتَصِمُ غيرها بعقوق الوطن والكفرِ بتاريخه، بل صارت مثل كثير من الأحبار والرهبان في العصور الوسطى المسيحية تأكل أموال الشعب، وتنهب خيراته بالباطل، وتأخذها العزة بالإثم صدًّا لأية محاولة جادة للإصلاح أو لبعث وطنية حقيقية؟!
لقد استشهد من أبناء الجزائر على مدى عقود من الزمن الكثيرون لينجلي عنها ليل الاستدمار،بَيْدَ أن معالم استدمار جديد/ قديم ترتسم في الأفق الملبَّد، هذا إن لم يكن قد عاد فعلا، وما ذاك إلا لأن قيم الوطنية التي يتغنى بها أدعياؤها لا تعدو منصبا حقيرا يقهرون به الناس،وكرسيا وثيرا يُـــظْهِرون به هيبة لا يؤمن بها أحد،وأبَّهَة فارغة لا يلتفت إليها عَالَمُ اليوم القائم على قوة الأوطان وجدارة الإنسان،وفاعليته.
إن الإرث الرمزي أو الريع الرمزي للوطنية ـــــ والأمر سيان عند المنتفعين ـــــــ يبلى وينضب مثلما يقولون عن نضوب البترول والغاز،وإن التنقيب عن أسس جديدة تكون جامعا للجزائريين،وعاصما لهم من التفرق والتناحر أصبح أكثر من ضرورة،أما التغني بأمجاد الماضي،والضحك على شعب مُحْـــتَقر، ومكبوت،والاستئساد عليه بتأدية دور تافه يجود به اللص الأمريكي أو الفرنسي،فلن يدفع إلا إلى مزيد من تآكل ما تبقى من الوطنية واهترائها،حتى ولو رضي هذا اللص بالدور المنوط بنا كخزان لوقوده،وحراس لحدوده،لأن التنادي بوطنية كرة القدم أو الراية والنشيد، لن ينفع ساعة يجف الضرع، وينفض السامر،ولات حين مندم!
أ.عبد العالي زغيلط /جامعة جيجل
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هذا هو الوطن
دزيري بائس ( 2015 / 7 / 2 - 17:51 )

هـذا هـو الوطـن
( دافِـعْ عـن الوطـنِ الحبيبِ ) ..
عن الحروفِ أم المعانـي ؟
ومتـى ؟ وأيـنَ ؟
بِسـاعـةٍ بعـدَ الزمـانِ
وَموقِــعٍ خلـفَ المكـانِ ؟!
وَطـني ؟ حَبيـبي ؟
كِلْمتـانِ سَمِعْـتُ يومـاً عنهُمـا
لكنّني
لَـمْ أدرِ مـاذا تعنيـانِ !
وطَـني حبيبي
لستُ أذكُـرُ من هــواهُ سِـوى هـواني !
وطنـي حبيبـي كانَ لي منفـى
ومـا استكفـى
فألقانـي إلى منفـى
ومِـنْ منفـايَ ثانيـةً نفانـي !
**
(دافِـع عـنِ الوطَـنِ الحبيبِ )
عـنِ القريبِ أم الغريبِ ؟
عـنِ القريبِ ؟
إذنْ أُدافِــعُ مِـن مكانـي.
وطـني هُنـا.
وطـني : ( أنَـا )
ما بينَ خَفقٍ في الفـؤادِ
وَصفحـةٍ تحـتَ المِـدادِ
وكِلْمَـةٍ فوقَ اللّسـانِ
وطني أنَـا : حُريّـتي
ليسَ التّرابَ أو المبانـي.
أنَـا لا أدافِـعُ عن كيـانِ حجـارةٍ
لكـنْ أُدافِـعُ عـنْ كِيانـي !
احمد مطر

اخر الافلام

.. إسرائيل تهدد بحرب واسعة في لبنان وحزب الله يصر على مواصلة ال


.. المنطقة الآمنة لنازحي رفح | #غرفة_الأخبار




.. وثيقة تكشف تفاصيل مقتل الناشطة الإيرانية نيكا شكارامي عام 20


.. تقرير إسباني: سحب الدبابة -أبرامز- من المعارك بسبب مخاوف من




.. السعودية تسعى للتوصل لاتفاقيات شراكة أمنية مع الولايات المتح