الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دولة التسيب

عذري مازغ

2015 / 7 / 1
حقوق الانسان



يبدو عمليا اننا نعيش اختناقا في المغرب، سلسلة حوادث خطيرة تحدث امامنا ونحن غافلون عنها، أو على الأقل هكذا يبدو الأمر، شعب يهتم بخرافات فارغة ولا يهتم بأمور فيها الدولة ذهبت في منحنيات غريبة، أحداث غريبة تعبر بكل تأكيد على غياب الدولة ومؤسساتها، وحينا تبدو مؤسساتها متورطة بشكل كبير دون ان يثير الامر فين أدنى حركة ؟ هل نحن نعيد تجربة العراق بكل سلبياتها فيما حصل باحتلال الموصل والفلوجة ومناطق شاسعة منه؟؟ لكن المشكلة أن الأمر في العراق قد تكون له مبرراته الطائفية فبأي مبرر لا إربكما تكذبان؟
لنأخذ الأمور بتأني مطلوب، لن نتكلم عن داعش في المغرب، سنتكلم فقط عن أحداث تقع كما لو كنا في زمن الغزوات القديمة، مع فارق بسيط، كانت بعض المدن البعيدة عن السلطة المركزية، ولغياب دولة مدنية بالمفهوم الحالي، كان الأهالي، أو القبائل يتوفرون على نظام عرفي يؤطر احكامهم بخصوص جرائم معينة: في سبعينات المغرب حتى حدود التسعينات، يعاقب اللص إذا ضبط من طرف السكان في أي سوق أسبوعي إلى أن ظهرت بعض ملامح الدولة المؤسساتية، يطلق اللص حين يقدم إلى الشرطة من منطلق غياب إجراء قانوني، غياب وجود مشتكي وكذا انعدام وجود قرينة للسرقة .. يبدو الأمر منطقيا، وكان أيضا يوضحه رجال السلطة ببلاغة تامة..
في فبراير 2013 اجبرت الشرطة بمنطقة ميدلت على نقل عامل ميكانيكي إلى مخفرها، لتقدمه قداس لنائب وكيل ملك ليمارس عليه ساديته، بزق على وجهه وأجبره على تقبيل حذائه.. جميل جدا أن هيئات المجتمع حينها سعرت ووقفت ونددت وما إلى ذلك، لكن مع كل ذلك المسألة هي أخطر بكثير من كرامة مواطن وحيد، إنها كرامة جهاز العدل برمته، كيف سمح بوجود مخلوقات كهذه؟؟؟
في مارس من نفس السنة، اعلن وزير العدل والحريات الرميد على توقيف نائب الوكيل، مع جملة صغيرة من تدبير الملهاة: “اتخاذ إجراءات تأديبة" والحقيقة هو فتح دعوة قضائية على وكيل تعسف على مواطن، اطراف الدعوة فيها ، الشاب المهان مدعما بمحامي من طرف الدولة باعتبار التعسف مورس من رجال تابعين لأجهزتها، كمشتكي والظنين وكيل الأحدية، مع رجال الشرطة الذين استعملهم نائب الوكيل، أو استعمال السلطة القضائية بإحالة نائب الوكيل إلى القضاء بتهمة التعسف السلطوي ومخالفة أخلاقيات المهنة، هذه أمور لها متخصصوها، لكن فقط كان على الأقل يجب أن يتوفر شق مراقبة الأمر من طرف الرأي العام.. بعدها تناقلت وسائل الإعلام وجود وكلاء الإحسان تضغط في اتجاه أن يتنازل الشاب عن الامر .. لكن الغريب هو الطمس حول رجال الأمن الذين تصرفوا في اعتقال الشاب، خصوصا ان الامر كان شفهيا وزبونيا من طرف نائب الوكيل، ولا يليق بهم التصرف بدون سند ملموس، فتصريح وزير العدل نفسه كان يهدف إلى تقليص حجم القضية..
جذير بالذكر أن المشكلة ليست في فتح تحقيق والتبرع لوسائل الإعلام بما يروق الرأي العام، فتعسف السلطة يتخذ أشكالا متعددة ويمس أغلب أجهزة الدولة، بشكل يضعنا امام تساؤل كبير: هل توجد دولة في المغرب، بشكل من الأشكال ينفي هذا الفراغ القائم على مستوى تحقيق ادنى مستوى لكرامة المواطن؟..
في نفس السياق، قائد الملحقة التاسعة بطنجة، في 21 فبراير، يقوم رفقة أعوانه بجلد مواطن سائق طاكسي، لسبب لا علاقة له بأية قضية وامام أبنائه ويعتقله لمدة معينة دون أي اعتبار لصحته..
معلوم أن هذا القائد نفسه، ويسمى عبد المنعم عكى معروف بممارسته فنون القتال التي يجيدها على المواطنين بطريقة غريبة.. لهذا القائد تاريخ عريض في التزوير والتسلط بحيث تعود أول الوقائع عندما كان مسؤولا عن المقاطعة الحضرية الخامسة بسلا في قضية أراضي "بن الصغير" الذين تعرضوا لانتزاع أراضيهم وفق شهادة مزورة من القائد عبد المنعم بن عقى تقول بان الأرض خالية وعارية من أية عمارة، سلمها القائد نفسه للطرف المستفيد باسم والدته وهو محامي ذي نفوذ في هيأة الرباط، في الوقت الذي وثائق إدارية أخرى تفيذ عكس شهادة القائد بوجود اعمال الصرف الصحي، فواتير الماء والكهربا وبوجود حي كامل بكل مهابته وجلاله الكبير..(المصدر هبابريس)
في حادثة أخرى تتعلق بنفس القائد، قدم سكان "عين أقنا" عريضة موقعة من طرف الساكنة بتاريخ 13 ماي 2015 مباشرة إلى الملك محمد السادس يشتكون من الشطط في استعمال السلطة واتهموه باضرام النار في ممتلكاتهم وهدم أكواخهم البلاستيكية، وعدم تمكينهم من التسجيل في اللوائح الإنتخابية وتسجيل مواليدهم في دفاتر الحالة المدنية. (المصدر أنوال بريس)
في حادثة أخرى تعرض ثلاث عاملات بالدائرة التاسعة التي يديرها، في الشرف مغوغة ، تعرضن للتعنيف الجسدي واللفظي من طرف أعوانه بتاريخ 9 شتنبر 2014 ، اضطررن معها لرفع شكاية قضائية ضدهم إلا أن نفس القائد مارس ضغوطات قوية لإجبارهن للتنازل (نفس المصدر)
بتاريخ29 يونيو 2015 تعرض سعيد الزياني إلى وليمة من الضرب والرفس من طرف القائد نفسه بعد اختطافه من قرب منزله وإقحامه بالقوة في سيارة خاصة كان بها أعوانه ومن ثم اتمام الوليمة في موقع الدائرة التاسعة، كان ذلك على اثر تدخل الزياني لصد إهانات كان يوجهها نفس القائد لباعة متجولين حاثا أياه بعدم إهانة كرامتهما في الشهر المبارك رمضا..
قائد بهذه المواصفات، يجلد المواطنين بدون حق، له مسار تاريخي من الزور والمس بكرامة المواطنين، عليه حملات تظلم من سكان بمختلف المناطق التي أشرف عليها، ولم تؤدبه الدولة المغربية التي بسلوكه هذا يشوه حتى تلك الصورة التي تحاول تمييعها للرأي العام.. إن مثل هذا التهور لا يفسر سوى أمرا بسيطا هو غياب الدولة الحقيقي، فهي تنخرها كائنات لها باعها الطويل في الفساد ولا تثير حولها أي تدخل..
في أكادير هذه المرة، ولنتحول الآن إلى موضوع مخالف ظاهريا، لكنه في العمق يعبر على نفس غياب الدولة وحضور عقليات ميزاجية لا علاقة لها بالسلطة التي يمثلون، معروف أن فتاتين بلباس تنورة تعرضن للتحرش من طرف باعة آخرين، طبيعي جدا أن الفتاتين سيتوجهان إلى اقرب شرطة لإنقاذهما من التحرش والتعنيف الذين تعرضتا لهما، إلا ان الأمور هذه المرة تحولت عكسيا ضد الفتاتين، اعتقلتا ثم وجهت لهما النيابة العامة تهمة المس بالحياء العام مما أثار الرأي العام المدني والدخول في لعبة تدبير ملهاة أخرى بحيث سيتغاضى الطرف عن مسؤولية الدولة في الأمر والدخول في جدل ديني حقوقي بيزنطي: هناك قاعدة ثابتة في الأمر: هل رجال السلطة يقومون بواجبهم فعلا؟ وهل فعلا يعرفون المساطر القانونية التي بها يتأطرون؟ هذا هو المثير حقا، حتى لو افترضنا جدلا أن التنورة تثير الحياء العام، فهل عمليا للمواطنين الحق في ممارسة السلطة القضائية في الشارع؟ أي الضرب في حالة المثلي بفاس والتجريح اللفظي والتحرش الجنسي في حالة إنزكان، ثم هل نائب الوكيل الإنزكاني جذير في ذلك المنصب حيث يمارس ازدواجية المعايير في تطبيق القانون أم أن الأمر فيه واقع آخر يهيء المغرب للدخول إلى حلقة مظلمة من التاريخ.
في نفس المنطقة، اكادير نفسها، تتعرض فتاة للتحرش اليومي من طرف شخص شاذ بشكل مداوم، يهددها كل يوم وبالتصفية الجسدية، قدمت عشرات الشكايات للمحكمة وأكثر من 200 رسالة تهديد مكتوبة بخطه، مارس عليها الضرب أكثر من مرة ولم تقم المحكمة إلا بحكمين تافهين طيلة سنة تقريبا، في دعوتين إحداها حكم على الشاذ بشهرين مع وقف التنفيذ، واخرى بثلاث أشهر مع وقف التنفيذ مما حذا بالمجرم إلى التجرء وإرسالها للمستشفى المركزي في حادث اعتداء بالسلاح الأبيض، وطبعا لم تقم المحكمة التي تحاكم على الإخلاء بالحياء العام يرد فعل شبيه بفعل ردها حول التنورة..
دور الصحافة أيضا مغيب في هذا الجانب بشكل يمكن ان نحكم بالقول بأنها تحركها فقط الحركات العفوية للمجتمع، في المغرب الدولة الحداثية كما يقال، لا يعرف شيء عن المسؤولين في قضايا مثيرة وغياب الوضوح والشفافية في هذه الأمور مسيء حتى لدور الصحافة، فهي لا تمكن من وضع الشخصيات السلطوية في مجهر التاريخ بشكل يمكنها صنع الحدث في المغرب، تركز على حدث معين ولا تركز على صناعه وتاريخهم وخلفياتهم، بل باتت عندنا الشفافية هي فقط موضوع انتخابي هو الآخر يبعث على الإغماء حين يتجلى في لعبة التصريح بالممتلكات العينية، وتنسى أن الشفافية أيضا هي مسار وتاريخ أفراد بعينهم في ممارستهم للشأن العام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الصحافة غائبة ودور منظمات المجتمع المدني هزيل
ليندا كبرييل ( 2015 / 7 / 2 - 07:24 )
تيفوت إغوذان أستاذ عذري مازغ المحترم

المشكلة يا أستاذ ليست في التنورة التي تثير الحياء العام
المشكلة في العقلية، في الثقافة، فالمرأة زانية مجرمة مسؤولة عن كل انحراف أخلاقي وتستحق الازدراء والرجم، أو يتولّى أهلها القيام بواجب ردّ الاعتبار والشرف

أتيتنا بأمثلة محزنة
لكن.. هل تظن أن هذا يحدث فقط في المغرب؟
اذهب إلى أي بلد عربي وسترى رجل الشرطة الذي يفترَض أنه حافظ القانون، أول من يبهدل القانون ويسيء إليه
لا أنسى حتى اليوم كيف أخرج رجل المخابرات سائق التاكسي من سيارته ونزل به ضربا وصفعا وركلا .. لماذا؟
لأنه سبق سيارة الشرطة، كان عليه أن يقف على طرف الطريق ويعطي الطريق للأسياد

المآسي الإنسانية التي تجري على يد حافظي القانون مبكية حقا
لا بد مع عصر الانفتاح أن تتعاون الصحافة مع منظمات المجتمع المدني مع المواطنين لدرء هذه المفاسد
وشكرا لتسليط الضوء ولجهودك

تفضل احترامي


2 - الدول العربية الاسلامية متخلفة جدا
مكارم ابراهيم ( 2015 / 7 / 3 - 08:58 )
الرفيق العزيز عذري
تحية طيبة ان الحياة في الدول العربية ماساة حقيقة لاتكفي الكلمات ان تعبر عن غضبنا من تراثهم وثقافتهم وسلووكياتهم السادية المنحرفة
لكن احمد ربي انني اعيش في دولة تحترم المراة حتى عندما تنزع كل ملابسها في الصيف لتاخذ حمام شمسي في الحدائق العامة كما اليوم في الدنمارك حيث ترتفع درجة الحرارة الى 27 درجة مئوية النساء في الشارع يمشين بالشورتات القصيرة جدا المشققة ولايمكن لاي انسان كان ان يقترب منهن بالكلام او اللمس الحمد لله انني اعيش في هكذا مجتمع يحترم لباس المراة وحتى المحجبات
يحترم لباسهن ايضا هذا المجتمع لاابدله باي وطن عربي اسلامي متخلف


3 - تيفاوين إغوذان الأستاذة ليندا
عذري مازغ ( 2015 / 7 / 3 - 10:16 )
تحية تقدير واحترام
كبت الشيء يدفع للإفتنان به، تداول نشطاء الفايسبوك في المغرب هذا الأسبوع واقعة مضحكة: كومة مغطاة بغطاء توحي شكل بجسد امراة قائمة المؤخرة، يمر كائن غريزي اسمه داعش لينهى عن المنكر، منتقدا النص الرائع لذلك الغطاء (النص بالبلاغة المغربية يعني مؤخرة المرأة) ينتفض صاحب الدكان ليستفسر عن الأمر، ثم ينزع الغطاء المفتتن فإذا هي كومة بتيخ ، يعني كان المجسد كومة بتيخ وليس امراة قائمة المؤخرة...
بالفعل ليس الأمر في المغرب وحده، بل في كل الدول الإسلامية، لكن هناك نقص فادح لدور الصحافة ودور المثقف ودور رجل القانون، وغياب متابعة المشاكل التي يعانيها المجتمع، أثرت هذا الموضوع لأن مثلا موضوع وكيل الأحدية لا يعرف حتى الآن كيف عالجت لجنة التقصي أمره..
بحثت في النيت حول كيف تم الأمر فلم أجد شيئا.
أما بخصوص القائد فهو حتى الآن لا زال برغم هذا الكم من المعطيات لم يتخم بعد شهية القائمين على فاكهة الوقت
شكرا على مرورك القيم


4 - الرفيقة العزيزة مكارم
عذري مازغ ( 2015 / 7 / 3 - 10:28 )
الف تحية وسلام
أدام الله بقاءكم في ذلك البلد السلمي بعيدا عن التقزز في بلداننا المناهضة لحياة مواطنيها
المقارنة عندهم بالحياة في بلاد الكفر هو أيضا عندهم كفر.. تقليد أعمي.. باختصار سلسلة من المضحكات.
الإيمان عندهم هو التوحد في البرقع الأسود وحمل المتفجرات وكره كل ماهو جميل والإكتفاء بقتل غريزة الحياة، وهذا هو مضمون مسلكياتهم، بدأو يفتقدون فرض وصاياهم على مجتمعات أدهشتهم برغبتها في أن تكون ناعمة وجميلة ولها حقوق فردية، فلجأوا إلى تكوين لجن الأمر بالمعروف ليملأو الشواطيء بسوادهم:
في المغرب ، أخيرا نشروا بأحد الشواطيء رموزا داعشية مكتوب فيها ممنوع البكيني في الشواطيء ليبقى لهم ملأها بكائنات غربانية كبعض الشواطي بالمشرق الوهابي
دمتم بصحة جيد
تحياتي

اخر الافلام

.. الجامعة العربية تدرس خطوات عزل مشاركة إسرائيل فى الأمم المتح


.. الجامعة العربية تدرس خطوات عزل مشاركة إسرائيل في الأمم المتح




.. لحظة اعتقال القوات الإسرائيلية شاباً فلسطينياً من محله التجا


.. مع نشره أجندة معادية لأوروبا والمهاجرين في بريطانيا.. من هو




.. فرنسا.. صعود أقصى اليمين بالجولة الأولى من الانتخابات يثير ق