الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدائرة الجهنمية - مقال

اليسار الثوري في مصر

2015 / 7 / 2
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان




منذ مظاهرات 30 يونيو، فتحت أبواب الصراع على مصراعيه بين الدولة والجماعات الإسلامية، سواء الأشد تطرفاً مثل تنظيم ولاية سيناء، أو جماعة الإخوان المسلمين الأكثر مراوغة وانتهازية، ليتطور الصراع من صراع سياسي على السلطة، يستخدم فيه العنف بصورة محدودة وكأداة ضغط، إلى الاتجاه أكثر فأكثر إلى العنف المسلح من الطرفين، وبوجه خاص منذ فض اعتصام رابعة وما تبعه من اعتقالات ومحاكمات، وصدور أحكام إعدام يقابلها تفجيرات وكمائن ضد الجيش والشرطة في سيناء وغيرها، ومن ثم وفي غياب حل سياسي أو صفقه ما، احتكم الطرفان إلى السلاح، ومع تصاعد عنف وبطش الدولة في سيناء، وغيرها من الأماكن، وازدياد وتيرة المحاكمات، وجدت دائرة تعاطف شعبي نسبي مع الجماعات الإسلامية في بعض الأماكن، لتزداد تلك الجماعات قوة، ولتطور عملياتها النوعية، سواء باستهداف مديريات الأمن، أو القيام بمحاولة اغتيال رموز هامة في السلطة، والتي كان آخرها، اغتيال النائب العام، وتنطلق في إثرها مواجهات مسلحة عسكرية وغير مسبوقة بين متطرفي سيناء – تنظيم أنصار بيت المقدس سابقاً وولاية سيناء حالياً – وقوات الجيش، ويرافقها شن عدد من الهجمات فيما يشبه حمله عسكرية يقوم بها الإسلاميون في عدة مواقع، وتؤدى تلك التطورات إلى إطلاق يد الدولة في البطش أكثر فأكثر تحت ذريعة مواجهة الإرهاب، ومزيد من القمع وحصار الجماهير ومصادرة الحريات أمام جميع القوى السياسية، لتزداد دموية المشهد وعنف النظام.

في ظل تلك الدائرة الجهنمية من العنف والعنف المضاد ﻻ-;- يوجد مستفيد خارج طرفي الصراع، فبعنف الإسلاميين يزداد النظام شعبية، ويتقلد ملابس المحارب المغوار ضد الإرهاب، ويتحرك بكل ثقة لمواجهة أي تحرك جماهيري بكل عنف دون محاسب، وتعطى الشعبية لأي إجراءات قمعية قانونية ينتهجها النظام، كما يمنح الأحقية لإسكات جميع الأصوات المعارضة، ويكتسب جرأة أكثر في فرض إجراءات اقتصادية بنفس القدر من العنف في مواجهة الطبقات الفقيرة، وكذلك يكتسب النظام شرعية دولية أكثر فأكثر، في ظل انهيار المنطقة تحت وطأة الحروب الأهلية، وسيطرة الجماعات الإسلامية الإرهابية على مناطق واسعة من الشرق الأوسط، فيظهر النظام مرة أخرى وكيل عالمي لمكافحة الإرهاب وكضامن للاستقرار في المنطقة.

وفي المقابل، في كل مرة يتخذ النظام إجراءات أكثر تطرفاً وعنفاً، تتحرك قطاعات أخرى من الجماهير، التي تشعر باليأس من أي تغيير والمتأثرة بتراث وتلاوين المفاهيم الدينية الرجعية، والتي تفتقر إلى بديل ثوري مطروح، إلى أحضان العنف الديني، هكذا يتغذى كل من الطرفين على الآخر، وكليهما من بؤس وتخلف الجماهير.

في تلك المعركة الثنائية بين الدولة والجماعات الإسلامية الإرهابية، سيكون كل عمل شعبي مدان بالإرهاب، كل إضراب أو اعتصام سلمي سيتم قمعه باسم محاربة الإرهاب، ومع اتخاذ الدولة إجراءات اقتصادية أكثر عنفاً في مواجهة الطبقات الفقيرة، فإن أي رد فعل جماهيري قد يسحق قبل أن يبدأ، هكذا تقع الجماهير بين مطرقة إرهاب الدولة، وسندان إرهاب الإسلاميين.

وفي تلك الدائرة اللانهائية من العنف لابد أن نؤكد علي ما يلي: أن الدولة في منظورنا ليست كيان مستقل بحد ذاته، منفصل عن المجتمع وأنها معبر عن مصالح الطبقة التي تسيطر على الثروة، وأنها ليست إلا أداة في يد تلك الطبقة، وأن اغتيال فرد منها أو ألف لن ينهى ذلك الكيان الذي استغرق بنائه آلاف السنين، فلا يوجد داخل تلك الآلة ترس لا يمكن استبداله، وأن السبيل الوحيد للقضاء على ذلك النظام، وإقامة نظام أكثر عدالة هو بتحفيز مبادرة الجماهير، والنضال معها من أجل بناء منظمات سلطتها الخاصة، وليس بالعنف الفردي المنعزل عن الجماهير يمكن أن يتم إسقاط هذا النظام، وعلى العكس تمام إن ذلك النوع من العمليات يعيق أكثر وأكثر طريق الثورة الاجتماعية، ويعزل الجماهير أكثر عن الدخول في الصراع، ويعطى شرعية أكثر لذلك النظام.

إننا كماركسيين لسنا ضد العنف في كل الظروف، فالعنف الدفاعي الذي تمارسه الجماهير ضد أجهزة القمع في لحظات الانتفاضة هو أداة أساسية في يد الجماهير، ولكننا نقف ضد ذلك العنف الذي يخرج الجماهير من المعادلة، وضد عنف أطراف الرجعية الدينية والنظام العسكري، إن تلك النوعية من العمليات الإرهابية هي عائق كبير أمام تقدم الثورة، فهي تشرعن كل إجراء استثنائي وعنيف من الدولة، وتغرق نضالات الجماهير في قضايا طائفية وصراعات ثانوية دامية، وتحبط أي محاولة لبناء بديل ثوري شعبي خارج نطاق دائرة النار تلك بين الإسلاميين والدولة، ليصبح الواقع السياسي أكثر تعقيداً، ويصبح الثوريين أكثر انعزالاً، ولتزداد صعوبة تحقيق أي تقدم في وعي الجماهير، لتظل أسيرة مقعد المشاهد للصراع الدائر، بدلاً من أن تكون طرفاً فيه.

ضد الإرهاب الديني بجميع بصوره … ضد قمع وديكتاتورية النظام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أمام إسرائيل خياران.. إما رفح أو الرياض- | #مراسلو_سكاي


.. استمرار الاعتصامات في جامعات أميركية.. وبايدن ينتقد الاحتجاج




.. الغارديان: داعمو إسرائيل في الغرب من ساسة وصحفيين يسهمون بنش


.. البحرين تؤكد تصنيف -سرايا الأشتر- كيانا إرهابيا




.. 6 شهداء بينهم أطفال بغارة إسرائيلية على حي الزهور شمال مدينة