الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إعمال المشاكل الصغيرة أولى من إهمالها (2-2)

إمانويل ماريو

2015 / 7 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


[email protected]
توقفت في جزء السابق في الحديث عن ما يحدث في ولاية البحيرات، وما ساعد على جعل الأوضاع تنفجر من وقت لآخر في رأيي هو إنتشار السلاح على نطاق واسع في أيدي المواطنين هُنالك وهو ما يتقارب مع أحداث قرية "كورجيك" بأختلاف الدوافع والمسببات، حيث إستُخدم المدنيين السلاح في المواجهات العادية فيما بينهم وفي هذه الحالة ما كان يفترض على الحكومة أن تفعله هو معرفة مصدر تسليح هؤلاء والذي لا يُخفى وأن تعمل على حل المُشكلة من جذورها لتضمن بذلك عدم تكرارها مرة أخرى بأي شكل كان.
ولكن تكوين لجنة تقصي الحقائق الذي درجت حكومتنا على فعلها ليس فيها أي بادرة خير وهو ما أثبتتها التجارب في النزاعات كل النزاعات السابقة دون فرز، وليس ما أقوله أنا، فاللجنة التي كُونت لتقصي الحقائق حول أحداث كورجيك مثلاً ماذا فعلت؟، وأي توصيات قدمتها حيال حل الأزمة التي نشبت هنالك من قبل؟ وهل تم تقديم المتورطين إلى العدالة؟ كلها أسئلة الإجابة عليها تُحدد نجاح تلك اللجان التي كونت لذلك الغرض من عدمها، ولست هُنا بصدد الحكم على نجاح تلك اللجان أو فشلها، فالشارع أعلم بهذه اللجان، ولكن السئ في الأمر أن تعتمد الحكومة وتراهن على عامل الزمن لنسيان الأحداث وإندثارها عن الأذهان، ولا تُبذِل جهود إضافية في سبيل تهدئة الأجواء وتصفية النفوس.
فالحقيقة تكمن في أن السِلاح لم يكن يوماً حلاً لمشكلة ما بقدر ما أنها أداة تُستخدم للتوصل إلى طاولة التفاوض، وفيها يتفق الجميع على تجاوز ما جعلت المُشكلة تتفاقم وتصل إلى حد إستخدام السلاح لإجبار الحكومة على سماع أصوات المعاناة.
وأحداث "ياي"، "لورنجوا"، "معسكر أوينيبول"، "مندري"، "مريدي"، "كورجيك" كلها تتشابه في أنها تُركت للزمان ليُنسي الناس فظاعتها، وهو في رأيي رهان خسرتها الحكومة في مناسبتان أو قل مشكلتان وهو مُشكلة "بيبور" الأول ومُشكلة تمرد ولاية أعالي النيل قبل إصدار العفو الرئاسي السابق للتمرد الأخير، وهذا ما يجعل من تلك المناطق قُنبلة موقوتة، إذا أضفناها إلى التمرد الحالي الدائر في البلاد.
وسكوت الحكومة و رهانها على أن تلك الأحداث تنتهي مع مرور الزمان تحت (بنج) تكوين لجنة تقصي الحقائق، فيها إلتهاب للمشكلة من الداخل ينخر في جسد الوطن الملكوم والذي غالباً ما ستنفجر وتكون كبيرة في مُقبل الأيام وهو ما إتضحت من قبل في التعامل مع أحداث (مُندري) و (ولاية البحيرات) ولا أعتقد أن سكون تلك المنطقتين الأن دليل على قدرة القوات النظامية في بسط سيطرتها ونجاح الحكومة في حل تلك المُشكلات، بقدر ما هي فرصة لزيادة الضغائن والإحتقان في تلك المناطق من الداخل.
وعليه فإن التعاطي مع الإنفلاتات التي تراها الحكومة صغيرة ولا ترعى لها كامل الإنتباه سيعود بالمزيد من من الإضطراب والقتل والدمار وهو ما حدثت في أحداث مندري بالذات، لأن كُل التقارير الإخبارية قبل إنفجار الوضع هناك، كانت تُشير إلى أن هُنالك إضراب ومشاكل بين الرعاة والمزارعين مما ينبئ بالمزيد من التصعيد، ولكن لم تسمع الحكومة حينها وتتحرك حتى عقب أن قُتِل ضابط الأمن بسوق "مندري" الشهير، مما إشعلت فتيل الأزمة في وقت سابق وراح ضحيتها مواطنين.
فالمشكلات الصغيرة لا بد أن تتعامل معها الحكومة بمزيد من الإنتباه وأن يترك القادة الرعونة في التعامل مع الأحداث الصغيرة فالنار من مستصغر الشرر، وإعمال المشاكل الصغيرة أولى من إهمالها لانه حينما تنفجر الأوضاع فالأمر حينها يكون خارج السيطرة فالأفضل التحرك أول باول من أجل وضع حد لأي فوضى وإنفلات أمني مهما كانت صغيرة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الولايات المتحدة تعزز قواتها البحرية لمواجهة الأخطار المحدقة


.. قوات الاحتلال تدمر منشآت مدنية في عين أيوب قرب راس كركر غرب




.. جون كيربي: نعمل حاليا على مراجعة رد حماس على الصفقة ونناقشه


.. اعتصام لطلبة جامعة كامبريدج في بريطانيا للمطالبة بإنهاء تعام




.. بدء التوغل البري الإسرائيلي في رفح