الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تيسير علوني وقناة الجزيرة والتضليل الإعلامي

سعد الله خليل

2005 / 10 / 9
الصحافة والاعلام


لماذا كل هذا اللغط الذي تقوم به قناة الجزيرة القطرية، وكل هذا التعتيم على حيثيات وأسباب الحكم الصادر عن القضاء الأسباني ضد تيسير علوني؟ هل تشعر القناة أنها متهمة من خلال الحكم على تيسير، وقبله مصورها المعتقل في غونتنامو، أم لذر الرماد في العيون؟
لماذا كل هذه الاستعراضات التي لا تنسجم مع بعضها، بل هي متناقضة، ففي الوقت الذي تدافع فيه قناة الجزيرة القطرية عن تيسير علوني، تطلق قطر سراح قتلة الرئيس الشيشاني سليم خان ياندرييف. مع أن القضية التي كان يعمل الرجلان لأجلها واحدة، وتوجهاتهما الفكرية والأيديولوجية واحدة. وكان الأولى بقطر- إن كانت حقا تدعم هذا الفكر الإسلاموي- أن تبقي القتلة في السجن، باعتبار أن القتل قد تم على أراضيها، والحكم عليهم قد صدر عن محاكمها وقضاتها، أو على الأقل وهذا أضعف الإيمان، أن تقايضهم بجثة الرئيس أصلان مسخادوف، التي لم تُسلم بعد إلى زوجته، خاصة وأن زوجة مسخادوف قد ناشدت الحكومة القطرية أن تفعل ذلك.
لماذا إذن كل هذا الضجيج الإعلامي، والكل يعلم أن مالكي قناة الجزيرة القطرية لا يوفرون جهدا لكسب ثقة الولايات المتحدة الأمريكية، ونيل رضاها، ويسعون لإقامة أوسع وأمتن العلاقات معها، وقد انعكس هذا السعي خيرا على إسرائيل، وأثمر عن إقامة علاقات تجارية وثقافية، وسياسية، ولقاءات علنية لوزيري الخارجية القطرية والإسرائيلية. كما أثمر أيضا عن بناء أكبر قاعدة عسكرية أمريكية على الأراضي القطرية، بمعنى أن الولايات المتحدة لو كانت تزعجها هذه القناة، وترغب في إغلاقها، أو تغيير سياساتها، لفعلت، وما كان لقطر أن ترفض لأمريكا رغبة كهذه، فكيف لو كان طلبا أو أمرا؟ هل تطيق دولة عربية، وعلى الأخص بترولية صغيرة المساحة، محدودة السكان والقدرات، مثل قطر أن تقول لأمريكا: لا؟
ماذا يمثل تيسير علوني لهذا الجمع؟ وما هو موقعه؟ كي تتنادى، وتستنفر كل منظمات الإسلام السياسي، وحركات حقوق الإنسان التابعة لهذه المنظمات، وتجند كل قواها وأتباعها للدفاع عن هذا الرجل.
الكل يعلم أن تيسير علوني (إخواني) هارب من سوريا بعد ملاحقة الإخوان المسلمين فيها، إثر العمليات الدموية الإرهابية التي روعت السوريين في الثمانينات، وحصدت أرواح الكثيرين منهم. والكل يعلم أن علوني كان شديد التعاطف مع حكومة طالبان في أفغانستان، ومدافعا شرسا عنها، وقد عبر عن ذلك بكل وضوح في مناظرة على شاشة (الجزيرة) جمعته مع حميدة نعنع، قبيل تعينه مراسلا لهذه القناة في أفغانستان. وهو المراسل الوحيد الذي سمح له بن لادن، وأمير المؤمنين الملا عمر، بدخول أفغانستان. كما أن الجميع قد رأى زوجته على شاشة (الجزيرة) وهي تدافع بعناد عن القوانين التي فرضتها طالبان على النساء هناك، وتدعي أن وضعهن لم يكن سيئا، فلا اضطهاد ولا قمع لهن، وأن تعليم المرأة مرهون بالموارد المالية لدولة طالبان، وأن بإمكان المرأة الأفغانية أن تذهب إلى طبيب ويكشف عليها، وقد فعلت هي نفسها ذلك!
لم يكن تيسير علوني حياديا ولا صادقا في نقله لأخبار المعارك التي دارت ضد بن لادن وطالبان في أفغانستان. فإن قُصف معسكر للإرهابيين، قال علوني قصفت قرية ليس بها سوى الأطفال والشيوخ والنساء، وإن قُصف مخبأ لهم، قال أن مدرسة قد قصفت، وإن دمر مستودع أسلحة، قال مستشفى قد دُمر، ولم يقل الحقيقة عن سير المعارك، حتى بعد فراره من أفغانستان. ولا عن الأماكن التي كان الإرهابيون يستخدمونها دروعا، ويخبئون أسلحتهم فيها، كالمدارس والفنادق والمستشفيات والأحياء الفقيرة المكتظة بالسكان، تماما مثلما فعل صدام حسين من بعد. كما تكتم بشدة على السرقات والانتهاكات والاعتداءات التي مارسها الإرهابيون ضد السكان والمؤسسات العامة، قبيل فرارهم من كابول، ولم يقر بها إلا بعد أن اعتقلته إحدى القبائل أثناء هروبه، وأرغمته على كشف هذه الممارسات عبر تقرير أرسله على الهواء إلى قناة الجزيرة، ولم تُعد القناة إذاعته مرة ثانية بعد ذلك أبدا.
إن قوات الشمال الأفغانية كانت تعرف جيدا من هو تيسير علوني، وتعرف إن كان صحفيا حياديا، أم لا، وهو يعرف أنهم يعرفون حقيقة ذلك، ولهذا فر هاربا من كابول قبيل اجتياحها من قبل قوات الشمال.
لقد أدان القضاء الأسباني تيسير علوني بتهم عديدة تكتم عليها المدافعون عنه، واتبعوا أسلوب التشكيك والهتافات والخطابات إياها، وكأن المحاكمة قد تمت في بلد يعتبر الناس متهمين حتى يثبتوا براءتهم، ويعتبر حقوق الإنسان بدعة، ويعتبر الديمقراطية كفرا، والانتخابات مروقا، ومبايعة ولي الأمر وطاعته واجبا شرعيا، والإصلاح استعمارا، والمرأة عورة!
لقد أثبت القضاء الأسباني من خلال التسجيلات الهاتفية للاتصالات التي كان يجريها علوني أو أُجريت معه، أن علوني قد قدم دعما لوجستياً للإرهابيين، ونقل أموالا من أوروبا إلى قادة في تنظيم القاعدة بأفغانستان، وأنه كان على صلة بأبي مصعب السوري الملاحق دوليا، والذي كان مسؤولا عن أحد معسكرات القاعدة في أفغانستان، وإنه على صلة أيضا بأحمد بهائية ضابط الارتباط بين القاعدة وخلاياها النائمة في أوروبا، كما لا يخفى على أحد علاقته بعديله (زوج أخت زوجته) المدعو عبد الفتاح زمار، والذي يعتبر أهم مساعدي مأمون دركزلي المسؤول المالي ل بن لادن في ألمانيا. كما أن تيسير علوني أدين لصلته بعماد الدين بركات الملقب بأبي الدحداح الذي أدانته المحكمة وحكمت عليه في المحاكمة نفسها ب(27عاما) ولتعاونه مع أبو الدحداح في تمويل وتجنيد أشخاص وإرسالهم إلى معسكرات تدريب، وأدين أيضا لصلته ب (غالب كلح) المسؤول عن الشؤون المالية في خلية أسبانيا، وقد عرضت المحكمة الأسبانية التسجيلات الصوتية للمخابرات الهاتفية التي أجراها علوني مع هؤلاء الأشخاص، ومع أشخاص آخرين على قائمة الإرهاب.
لماذا تتكتم قناة الجزيرة، ومنظمات الإسلام السياسي، وحركات حقوق الإنسان الموالية، على هذه الحيثيات، وتغمز من قناة القضاء الأسباني؟ مع أن تيسير علوني نفسه، وعلى شاشة الجزيرة، وفي مناسبات عدة، ومرات عديدة، أشاد بنزاهة القضاء الأسباني، واحترام حقوق الإنسان هناك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو يرفض ضغوط عضو مجلس الحرب بيني غانتس لتقديم خطة واضحة


.. ولي العهد السعودي يستقبل مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سو




.. جامعة أمريكية تفرض رسائل اعتذار على الطلاب الحراك المؤيد لفل


.. سعيد زياد: الخلافات الداخلية في إسرائيل تعمقها ضربات المقاوم




.. مخيم تضامني مع غزة في حرم جامعة بون الألمانية