الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اللغة والهوية في المجتمع الجزائري

مصطفى بحر محمد

2015 / 7 / 3
الادب والفن


اللغة والهوية في المجتمع الجزائري

إن لغة أي مجتمع على العموم، ومجتمعنا على الخصوص هي نتاج لسيرورة تراكمات فرضها التاريخ عبر مراحل مختلفة، إنطلاقا من الأصل الامازيغي لسكانه، مرورا بالتواجدات والاستعمارات المختلفة التي مرت به وكذا عوامل الهجرة وما شابه ذلك.
فاللغة تمتد إلى كل مجالات الحياة البشرية بدون استثناء، كل الناس تتفاهم أساسا عن طريق الأصوات الكلامية، وهكذا يعني أن اللغة جامعة، بمعنى أنها توجه وتصاحب كل نشاط إنساني يشترك فيه إثنان أو أكثر
هذا وإن المتتبع للمجتمع الجزائري يلمس أنه كيان ثقافي ولغوي ثري بلهجاته وتراكيبه اللغوية، ومن هنا وجب دراسة الظاهرة اللغوية من خلال أبعاد متعددة، أهمها البعد الإجتماعي السوسيولوجي عبر الفهم والوصف من أجل التفسير العلمي للسياق اللغوي داخل المجتمع الجزائري وما يرتبط به من متغيرات أهمها العنف والعمليات الأخرى المرتبطة بها.
تؤكد الدراسات السوسيولوجية أن لكل جماعة أو أمة مجموعة من الخصائص والمميزات الاجتماعية والنفسية والتاريخية المتماثلة التي تعبر عن كيان ينصهر فيه قوم منسجمون ومتشابهون بتأثير هذه الخصائص والمميزات التي تجمعهم ومن هذه الأشخاص يستمد الفرد احساسه بالهوية والانتماء، ويدرك بأنه ليس مجرد فرد نكرة، وانما يشترك مع عدد كبير من أفراد الجماعة في عدد من المعطيات والمكونات والأهداف، وينتمي إلى ثقافة مركبة من جملة من المعايير والرموز والصور.
وتؤكد الباحثة " نورة قنيفة " أن هناك أزمة هوية لغوية حقيقية نابعة من مبدأ رفض الآخر أو محاولة إلغائه، وعاكسة لثنائية فشلت كل السياسات في تحقيقها هي ثنائية: اللغة /الهوية الوطنية في المجتمع الجزائري لتتواصل اجتماعيا انطلاقا من رفض مبدأ الاختلاف الذي يبدو وأنه مبدأ لغوي وديمقراطي بامتياز.
فالاختلاف يؤدي حتما إلى صناعة ما يجعل الشيء المختلف مختلفا ومتميزا، أي ما يصنع هويته، وهذا ميل لا يمكن أن يغفل عنا خطر العزلة والإنطواء أو الرفض لكل ما يشكله الآخر وخاصة في زمن العولمة والاتصالات التي يشهدها عصرنا، لذا فإن الاختلاف يجب أن لا ينسينا ضرورة ربط الهوية بالطبيعة البشرية، لذا وجب تفكيكها إلى عناصرها المختلفة،
بحيث تصبح حصيلة لعبة الاختلافات والتشابهات لا نتيجة تشابه أصلي.
ويذهب آخرون إلى أن الهوية تعبير عن الوجود الإنساني لفريق من الناس في أرض معينة وهذا التعبير يحمل السمات التفضيلية لهذه الــ(هو) الفردية والجماعية في ائتلافها واختلافها ولكنها في النتيجة تصدر عن تراث واحد ينتمي إليها في شتى شؤون الدين واللغة والقيم والعادات والتقاليد والثقافة.
واللغة الأم هوية حاملها من جهة وهوية المجتمع الصغير والكبير الذي ينتسب إليه من جهة أخرى أهم مميزاته الثقافية المنبئة عن هويته من جهة ثالثة، ومفهوم الهوية وثيق الصلة دائما بأصل الشخص وجذوره، وتتكون هويته الشخصية والاجتماعية والثقافية من خلال الانتماء والارتباط بالاخرين عبر سيرورة دينامية مستمرة، وأدائها في ذلك مختلف العناصر الثقافية والحضرية، معارف ومعتقدات وأعراف وعادات يكتسبها الفرد من خلال التنشئة الاجتماعية التي تؤدي إلى دور الناقل في الوقت نفسه، فهي معين ثقافته وأداة تفكيره .

قائمة المراجع :
1- سليمة فيلاني ، الهوية الجزائرية " أزمات وتحديات " ، مجلة علوم الانسان والمجتمع ، بسكرة ،الجزائر، العدد 08، ديسمبر 2013
2- نورة قنيفة ، الإشكال الهوياتي اللغوي الجزائري ، مجلة العلوم الاجتماعية ، العدد 16، جامعة سطيف ،الجزائر، ديسمبر 2012.
3- وليد السراقبي ، الهوية اللغوية والعولمة الثقافية، جريدة الأسبوع الأدبي، إتحاد الكتاب العرب بدمشق، العدد1355.
4- ماريو باي، أسس علم اللغة ، تر: أحمد مختار عمر، ط 8 ، القاهرة ، عالم الكتب ، 1998.

مصطفى بحر محمد / باحث في علم الاجتماع / الجزائر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة أخيرة - صدقي صخر بدأ بالغناء قبل التمثيل.. يا ترى بيحب


.. كلمة أخيرة - صدقي صخر: أول مرة وقفت قدام كاميرا سنة 2002 مع




.. كلمة أخيرة - مسلسل ريفو كان نقلة كبيرة في حياة صدقي صخر.. ال


.. تفاعلكم | الفنان محمد عبده يكشف طبيعة مرضه ورحلته العلاجية




.. تفاعلكم | الحوثي يخطف ويعتقل فنانين شعبيين والتهمة: الغناء!