الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


زيارة عمرو موسى..قبلة حياة..او نزع اخير

احمد الساعدي

2005 / 10 / 9
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


التحرك المحموم الذي تشهده العواصم العربية حاليا تجاه الوضع في العراق يرسم في حركته الكثير من علامات الاستفهام لدى المواطن العراقي وقيادته السياسية الذين اعتادوا على سلبية المواقف العربية تجاه الاوضاع الغير مستقرة في بلدهم ..فلم الان بالذات بدأت جحافل الدبوماسية العربية بأستعراض مهاراتها للتوصل الى حلول تبشر بوضع حد لما يحصل بالعراق بعد ان تميزت ردود أفعال هذه العواصم وطوال السنتين والنصف المنصرمتين بالسكون الذي وصل الى صمت القبور على مايجري فيه من جرائم ارهابية وتطهيرات عرقية طالت المدنيين الابرياء وحرقت الحرث والنسل وبشكل لم يشهد له تأريخ المنطقة شبيها من قبل. بعد ان بح صوت المسؤولين العراقيين لطلب مساعدة الاشقاء دون جدوى.فلم الان بالذات بدأ الضمير العربي الرسمي ممثلا بعمرو موسى بالتحرك الى عمق ماساة العراقيين والتحضير للتوجه الى بغداد لعقد مؤتمر"مصالحة" عراقي -عراقي .يكون فيه موسى ودوله العربية من وراءه حكما للتوفيق بين الاطراف المتخاصمة ومصالحة بعضها مع الاخر في مهمة تفيض نبلا وشهامة..كون الغريب ان هذه الاطراف هي نفس الاطراف..وخصامها هو نفس الخصام..والذي يجري في العراق هو نفسه الذي يجري منذ سنتين واكثر...فما الجديد الذي استدعى تحرك هذا الضمير الذي يمشي على قدمين منطلقا من قاهرة المعز صوب بغداد الجريحة...ومالذي دعاه الى شحذ هممه هكذا بشكل مفاجئ.؟..هناك عدة احتمالات ممكن ان تجيب على هذا التساؤل تتلاشى بها علامات الاستفاهم الدائرة في مخيلة العراقيين الان..بعضها يتسم بحسن الظن بنوايا الوسطاء العرب وتحركاتهم ومتفائلا بها..والبعض الاخر من هذه الاحتمالات لايجد لحسن النية هذا من مكان وسط الكم الهائل من التجارب المريرة التي طبعت مرارتها ذاكرة العراقيين بختم الشك والريبة بمثل هكذا تحركات لاطراف عربية يشك الكثير من العراقيين بأخلاصها لقضاياهم..وتطابقها مع توجهاتهم الجديدة لتحقيق نظام ديمقراطي يخرج العراق من نفق الماساة التي لحقت ببلادهم طوال الاربعة عقود الماضية لذا فأن اصحاب هذه الرؤية غير متفائلين بالطروحات التي سيضعها موسى على طاولة حواراته المرتقبة او بجدواها..اصحاب احتمالات النوايا الحسنة ينطلقون في تفاؤلهم من مبدأ وجوب اشراك الاطراف العربية في المداولات بين العراقيين للوصول الى صيغة توافقية ترضيهم جميعا لما لهذه الاطراف من قدرة ضغط وكلمة مسموعة ممكن ان تمارسها على الجانب السني"العصي" في عملية المداولات وفي نفس الوقت فأن جامعة الدول العربية تعد بمثابة المرجعية السياسية لحل الازمات في البلدان العربية وضرورة تواجدها كراعي للعملية التفاوضيه المزمع عقدها كون العراق عضو مؤسس لهذه الجامعة واحد البلدان المنضوية تحت لواءها...اما المتشائمين من ادخال الجامعة كطرف في هذه العملية فيعزون نبرة التشاؤم الى تأريخ هذه الجامعة ومواقفها الغير مشرفة من العراق ووقوفها موقف المتفرج للمصائب التي حلت به..بل انهم يذهبون بعيدين بتشاؤمهم الى درجة اتخاذ الجامعة العربية عدوا ساعد اعداء العراق على تحطيم بلدهم وساهم في اطالة امد معاناته بجملة المواقف العدائية من الشعب التي اتخذتهاو كان اولها السكوت على جرائم صدام بحق العراقيين واساليب الابادة الجماعية التي مورست من قبله ضدهم متعذرة بعدم التدخل بشؤون العراق الداخلية..بالاضافة الى اغماض العين عن معاناة العراقيين طيلة ثلاث عشر عاما من الحصار الذي فرض ضدهم والذي لم تتحرك الجامعة العربيه قيد انملة لكسر طوقه بل كانت تساهم عن طريق اعضاءها بتشديد هذا الطوق وضمان تطبيقه ..متعذرة بالقرارات الصادرة عن مجلس الامن الدولي..كما ان الجامعة العربية وأمينها الذي يبدو متحمسا لرفع المعاناة عن هذا الشعب هذه الايام هو نفسه من رفض مبادرة الشيخ زايد بن ال نهيان رئيس دولة الامارات العربية المتحده الراحل والتي اقترح بموجبها الطلب من صدام حسين بالتنحي عن السلطة بشكل سلمي لتجنيب المنطقة ويلات الحروب المدمرة وذلك قبل بدء عملية تحرير العراق بأيام قلائل..مما ساعد برفضه على تفاقم الامور ووصولها الى الحال التي هي عليه الان..يضاف الى ذلك النظرة المزدوجة التي تتخذها الجامعة العربية والتي تكيل بمكيالين حين اعترفت رسميا بأنقلاب عسكري في موريتانيا استولى على السلطة بالالة العسكرية وقبولها به كحكومة شرعية ممثلة للشعب الموريتاني ..بينما هي تتعامل بجفاء وعدم اكتراث وتباطؤ للاعتراف بحكومة شرعية منتخبة على اسس ديمقراطية وممثلة للعراقيين ..كل هذه الاسباب وغيرها دعا العراقيين المتشائمين من الجامعة العربية ومبادراتها الى عدم النظر الى ماسيخطوه الامين العام عمرو موسى بعين الارتياح او مباركته...كونه بأعتقادهم ينطلق هذه المرة من منطلقات تغلفها طائفية منحازة من جميع الجوانب وتحركها المخاوف من عراق ديمقراطي تسيطر فيه الاغلبية الشيعية على الحكم اكثر من حرصه على استقرار العراق وتقرير مساره بالشكل الذي يرغب به مواطنيه..وهذا ماستدعى من الدول العربية وامين جامعتها التحرك بهذا الشكل الذي نراه..فمخاوفهم من توافق عراقي -ايراني هو الذي شحن بطارية حماستهم الذي خبا منذ زمن طويل..وليس الحرص على انتشال العراق من حالة الفوضى التي يمر فيها الان..والتي مر بها طوال السنين الاربعين الماضية دون ان نرى عمرو موسى ..او مساعيه...ثم ان الذي يجري في العراق اليوم هو شأن عراقي داخلي كحال الذي كان يجري ايام حكم صدام فمالذي جعل الامين العام ودوله العربية يغيرون من مبادئهم ويطالبون التدخل الان..بينما رفضوا ذلك سابقا..انها شكوك لها اسسها المنطقية تلك التي ينظر بها المتشائم العراقي الى التدخل العربي الجديد وهم مستعدون للتعامل مع هذا التدخل جيدا وبالطريقة التي تحددها مصالح العراق وسنرى ما يطرحه الامين العام والذي سيبدو برأيي منعطفا مهما لتحديد نوع العلاقة التي ستربطنا بجامعته مستقبلا فهو من الممكن ان يبشر بفتح صفحة جديدة من العلاقات التي تقوم على اسس احترام ارادة الشعب العراقي وتكون بمثابة قبلة الحياة لهذه العلاقات وهذا ما يذهب اليه المتفائلون...كما وانه من الممكن ايضا ان يضع هذه العلاقات في النزع الاخير لها وهذا ما يراه المتشائمون لذا على الامين العام ان يتحمل مسؤولية الامانة التأريخية التي وضعت في اعناقه تجاه انتماء العراق فزيارته المرتقبة هي التي سوف تحدد اي الاتجاهات سيسلك العراق بعد ذلك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جامعة كولومبيا تلغي حفل التخرج الرئيسي جراء الاحتجاجات المؤي


.. بالمسيرات وصواريخ الكاتيوشا.. حزب الله يعلن تنفيذ هجمات على




.. أسقط جيش الاحتلال الإسرائيلي عدداً كبيراً من مسيّراته خلال ح


.. أردوغان: سعداء لأن حركة حماس وافقت على وقف إطلاق النار وعلى




.. مشاهد من زاوية أخرى تظهر اقتحام دبابات للجيش الإسرائيلي معبر