الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قَوادوا الدّين

سيومي خليل

2015 / 7 / 6
كتابات ساخرة


قَوادوا الدّين
الكاتب :سيومي خليل
---------------------------
دَائِمَا مَا كَان يَقصفُنَا بَعض المُتفيقهين ،والذين ظَنُّوا طِيلة حَياتهم أنهم يمْسكون الأخلاق بيد من نُور ،حين كُنَا تَلاميذا وطَلبة ،بِقَذائف أخلاقية ،كَانت تبدو لنا حينَها بِروعة شمس الصَّباح ،كُنا نُحني الرأس مُتَأطِئينه ، ونحن نَسمعُ أحدهم يَصف أخلاق اليَساريين بالفساد ، ونساء العلمَانيين بالمومسات الأَنيقَات ، اللائي لا غَضاضة عندهن في استقبال أي أَحد على أسرتهن الدافئة ،وكُنَّا نفغر أفواهنا حِين نَسمع أن هؤلاء الشَّياطين لا يَحترمون آباءَهم ،ولا ذمة لهم يَخَافون عليها.

كَان القصف مُكَثفا لدرجة أن أي شَخص سَيقول لنا عكس ما قُصفنَا به سَنراه أحد هؤلاء الشياطين ، وسنَتَخيله يقوم بأَسْوأ الأَفعال التي يمكن لشخص مَريض أَن يقوم بها ، أسْوَأَها على الإطلاق ، فالذين قَصفونا بكثافة ،كانوا يَقُولون لنا ،أَنَّ هؤلاء الشياطين يجيزون أكل الأَجنة ، وزنَا المحارم ،وليس لهم مُشكل في اغتصَاب القَاصرات ،وأَنَّ الشيء المُّشترك بينهم هو الشذوذ والإنحراف ، وأَنَّهم ينامون وهم محتضِنين قنينة خَمر رخيصة .

كَبرنا ،ورأينا أن القَصف الذي كان موجه لنا ،ليسَ إلاَّ لعبة مَقيتة لغسْل الدماغ ،وتَجفيف منابع التَّفكير ،وإعداد جيل من النعاج والذئاب مستَعد لمسح الحياة عن أوجه الناس الذين يَعيشُون بين ظهرانيهم .

كبرنَا واكتشفنَا أنَّ من قَصفونا كانوا يطبقون قَوانين القِوادة الدينية مَعنَا ، وفَهمنا أنَّ هذه القوانين تصير بجرة فتوى حلالٌ مُباح ، وأمر يدخل الجنة .

هَا أنتم ترون أحد قوانين القوادة الدينية ، فَحامي الدين ، عفوا ، قَواد الدِّين ، يُزوج أحمَد منصور مؤذن الجزيرة بمغربية من حزب العدالة والتَّنمية زواجا عرفيا .

حَامي الذين يعرف أن الزواج العرفي غير قَانوني في المغرب ،بالإضافة إلى أنه حَرام في المذهب المَالكي ،ورغم ذلك قام حامي الدِّين بهذه المهمة القذرة ، وأكَيد فإن الأَخوين الطيبين ألبسَا الزَّواج لباس دينيا شرعيا .

فَهمنا بعد مُّدة أن القوادة لها أسماء.
فَهمنا بعد مدة أن القوادة لاَ يُمَارسها العلماني أبدا ،ولا يُمارسها يساري أحب واحدة فقط ،وكَان يُعانقها كلما مرا بشارع عَام، ليقول لَها أَنت لي وأنا لك .
فَهمنا أَنَّ القوادة لا تدخل في فكر حداثي مهما كانت جُرأته ،وأن مَا قَصفونا به سَابقا هُو في الحقيقة حرية فَردية ، فهمنا أن القوادة ليست أَن نُطالب بحرية الملبس ، وحرية المعتقَد ، وليست أن نناقش ونجادل ،ونأتي بما هو جديد .

القوادة فهمنَاها جيدا حين كنَّا نَرى فَتيات قاصرات يرغمن على الزَّواج على سنة الله ورسوله ،ويُربطن بشيوخ كبار في السن ، لأن هُناك من قَال من مهربي الفتاوى يجواز جواز تسع سنوات .

فهمنا القوادة الدينية بشكل كَبير حين كُنَّا نَقرأ فَتوى عن زواج المسيار ، وعن المفاخَضة ،وعن زَواج فراندي ، وعن زواج المتعة ، وهَذه كلها فتاوى أرسلها رجال دين يَقُولون أنَّ مفاتيج الجنة في أياديهم .

فهمنا قوانين القوادة الدينية حين كُنا نقرأ لبعض الموتورين عن السَّبي ، ومَا ملكت الأيمان ، وحين كنا نسمع إصرارهم على أنَّ هذَا الأَمر صالح لكل زمان ومكان ،وأَنه لا بد من سبي كل الكافرات ، وتحويلهن جواري عندنا .

فهمنا القوادةحين كنَّا نرى رجل دين يدعي الورع ، طاهر ، بلحية كثة ،يتلصص على مؤخرة إمرأة ،وبعدما تغيب عن ناظريه،يبدأ بتكفير المُّجتمع لأن الفساد عَمّ البلاد والعباد .

الأخلاق هي كونية عقلية ،وليست دينية ، يَكفي أنْ تَقوموا بعملية مُقَارنة بين الأَخلاق الكَونية التي تصلح للجميع وبين أَخلاَق الأَديان المُّتَضَاربة والمختلفة بعضها بعضا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع


.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو




.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05


.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر




.. جريمة صادمة في مصر.. أب وأم يدفنان ابنهما بعد تعذيبه بالضرب