الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فنّ الشارع بين الدعاية والتحريض

عدنان حسين أحمد

2015 / 7 / 6
الادب والفن


كثيرة هي الفنون التي يستقطبها الشارع بوصفه مكاناً حيوياً يكتظ بالحركة ليل نهار ويضجُّ بالمتلقين الذين يتطلعون إلى كل ما يصادفهم في هذه الشوارع التي تتخلل جسد المدينة وتلتّف على الميادين والساحات العامة، وتشقُّ الحدائق والمتنزهات طولاً وعرضا. من هنا تنبع أهمية الشارع كبؤرة مكانية مُستقبِلة للفنون التي يمكن أن يحتويها هذا الحيّز بأرضيته وأرصفته وأبنيته العمارية وفضائه المفتوح الذي يستطيع أن يضمّ جملة من هذه الفنون، وليس كلها. فمن بين فنون الشارع الرئيسة يلاحظ المُتلقي أعمالاً فنية عديدة تمتد من الغرافيتي والملصقات، مروراً بالبوسترات وفن الإنترفينشن، وانتهاءً بالمنحوتات والفنون التركيبية التي تحتل الأمكنة الحيوية في قلب المدينة وساحاتها العامة الأخرى.
سنركز في هذا المقال على فن الغرافيتي الـ "Graffiti" وبعض الفنون المقاربة له كفن "الإسْتِكر" وفن الـ "Intervention" وذلك لاشتراكهما في مساحة محددة من الدعاية والتحريض وتنوير ذهنية المتلقين.
يغطّي الغرافيتي مساحة كبيرة وواسعة جداً تبدأ من الحروف البسيطة المشحونة بالرموز والإشارات والدلالات وتنتهي باللوحات الكبيرة التي قد تبزّ أحجام الجداريات الضخمة. أما فنا الـ "Sticker" والـ "Intervention" فيتضمنان غالباً صورة أو رسالة ما موجهّة لعامة الناس وهي تهدف في جوهرها إلى الترويج لأجندة سياسية محددة. أما فن الأنترفينشن فيهدف إلى تغيير مواقف سياسية أو اقتصادية، كما أنه يحذِّر الناس من المواقف والحالات والموضوعات التي لم يعرفها المواطن من قبل، لذلك فإن هذا الفن يتدخل في صلب عملية تفكير المتلقي ويحاول حمايتها من الزلل أو ارتكاب الأخطاء التي لا تُحمد عقباها.
يذهب بعض المؤرخين ونقاد الفن التشكيلي إلى أن جذور الغرافيتي تمتد إلى الحضارات القديمة كالفرعونية والأغريقية والرومانية، وقد يكون هذا الأمر صحيحاً، لكن المهم بالنسبة لنا هو جوهر هذا الفن وقدرته التحريضية في الوقت الحاضر لأنه انتشر وتوسع بشكل لافت للنظر فيمكنك أن تراه في كل مكان تقريباً على عربات القطارات، وحافلات نقل الركّاب، وأسيجة الأبنية الكبيرة، وفي أنفاق قطارات المترو، وعلى جدران غالبية الأبنية التي يراها أكبر عدد ممكن من المُشاهدين. أما الغاية الرئيسة لرسوم الغرافيتي أو خربشاته في بعض الأحيان فهي الدعاية، وإيصال الرسائل السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية، كما تنطوي على نوع من التحريض، أو إعِمال الذهن في الأقل بغية تحريك النفوس الخاملة التي تستجيب لغالبية ما تقدمه السلطة أو مؤسساتها الحكومية للسواد الأعظم من الناس.
وعلى الرغم من إدراج الغرافيتي في "خانة" الفن الحديث، وهو بالفعل كذلك، إلا أنه يمكن أن يكون نوعاً من التخريب المتعمَّد للممتلكات العامة والخاصة، الأمر الذي يضع فنان الغرافيتي تحت طائلة القانون لأنه نفّذ هذه القطعة الفنية أو تلك من دون إذن مسبق من السلطات المحلية المعنية بهذا الأمر. فلا غرابة أن يتخفى معظم فناني الغرافيتي بأسماء مستعارة كي يظلوا مجهولين للناس ويمكن أن نشير في هذا الصدد إلى أبرزهم أمثال (ABOVE, VHILS, ROA, C215, TITI FREAK, BLU" وآخرين كثر فضّلوا الاختباء وراء هذه الأسماء والرموز المضللة. ومع ذلك فإن وسائل الإعلام لم تقف مكتوفة الأيدي، بل اندفعت بكل قوتها لمعرفة هذه الأسماء المستعارة، وفكِّ طلاسمها، وتبديد الغموض الشديد الذي يحيط بها لسنوات طويلة. وبغية توضيح الأبعاد الشكلية والمضمونية لفن الشارع عموماً وليس الغرافيتي لوحده سوف نورد بعض الامثلة لتعزيز صحة ما نذهب إليه. فالفنان الأميركي "ABOVE" وهو للمناسبة من مواليد كاليفورنيا عام 1981 رسم العديد من اللوحات التي تنطوي على ثيمات شديدة الحساسية منها لوحة "الصرّاف الآلي" التي تحيلنا مباشرة إلى محاولات روبن هود الذي "كان يسرق الأموال من الأغنياء ويوزِّعها على الفقراء" فثمة شخص في اللوحة يشهر مسدسه على مجموعة من الناس الواقفين أمام الصرّاف الآلي ويأخذ نقودهم ليعطيها إلى امرأة فقيرة تستجدي النقود من المارة. الفنان البريطاني بانكسي ظهرت رسوماته في مدينتي بريستول ولندن قبل أن ينتقل إلى الضفة الغربية حيث رسم أعماله على الجدار الحاجز في محاولة لدمغ هذا الجدار بالعنصرية. ومن أبرز لوحات بانكسي المثيرة للجدل هو رسمه للموناليزا وهي تحمل قنبلة في يدها. بعض فناني الشارع رسموا أسماك وحيوانات بحرية مثل "TITI FREAK" المولود في ساو باولو وهو ذو خلفية يابانية حيث انهمك لمدة ثلاثة أشهر كي يرسم سمكة الـ "KOI" الملونة. أما الفنان الأرجنتيني "HYURO" المقيم في فالنسيا الاسبانية فقد انقطع لرسم الأعمال التي تضج بالحركة مستعملاً اللونين الأسود والأبيض فقط. فيما آمن الفنان الفرنسي كريستيان غيمي برسم الوجوه المحلية حيثما يسافر وذلك لقناعته الشديدة بأن "الوجوه تعكس شخصية المدينة".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حياة كريمة.. مهمة تغيير ثقافة العمل الأهلى في مصر


.. شابة يمنية تتحدى الحرب واللجوء بالموسيقى




.. انتظروا مسابقة #فنى_مبتكر أكبر مسابقة في مصر لطلاب المدارس ا


.. الفيلم الأردني -إن شاء الله ولد-.. قصة حقيقية!| #الصباح




.. انتظروا الموسم الرابع لمسابقة -فنى مبتكر- أكبر مسابقة في مصر