الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سوريا باتجاه المجهول

سليمان يوسف يوسف

2005 / 10 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


كتب السياسي المعارض (ميشيل كيلو) قبل اسابيع مقالاً بعنوان (( الى أين تذهب سوريا))، عارضاً فيه رؤيته أو قراءته لتطورات الحالة السياسية السورية الراهنة وقد حدد سيناريوهين:سيناريو (الاصلاح السياسي) الذي يحقق المصالحة الوطنية وتطبيع الحياة السياسية في البلاد،ينبثق عن(حوار وطني)بين السلطة والمعارضة.وسيناريو (أمني سلطوي) يقوم على رفض (الإصلاح السياسي الحقيقي)من قبل السلطة والمحافظة على جوهر ما هو قائم وضبط الوضع الداخلي من خلال تشديد (القبضة الأمنية)،وقد أبدى تخوفه من هذا السيناريو (الأمني)، لأنه قد يجر البلاد الى حرب أهلية.حقيقة أن ما أبداه الأستاذ (ميشيل كيلو) من مخاوف وقلق على مصير البلاد، يشغل الكثير من الأوساط السياسية والثقافية السورية في هذه الأيام، وأعتقد بأن غالبية (الشعب السوري) يشاركه مشاعر الخوف والقلق هذه.وهي،من دون شك، مخاوف مشروعة ومبررة في أخطر مرحلة تمر بها سوريا والمنطقة، حيث في شرقها(العراق) يحتضر تحت الاحتلال وعلى أيدي أبناءه وقد دخلوا في حرب أهلية مدمرة.وفي غربها (لبنان) المهدد بتجدد الحرب الأهلية بين طوائفه نتيجة تأزم أوضاعه الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، بسبب ضعف (سلطة الدولة) لصالح (سلطة الطوائف)و بفعل التدخلات الإقليمية والدولية بشؤونه الداخلية.وقد تفاقمت الأزمة اللبنانية باغتيال رئيس وزراءه الأسبق (رفيق الحريري) في الرابع عشر من شباط الماضي،وهي واحدة من سلسلة اغتيالات شهدها لبنان، طالت شخصيات سياسية وإعلامية لبنانية بارزة،آخرها محاولة اغتيال (مي شدياق)في 25 أيلول الماضي بتفجير سيارتها.يستهدف هذا المسلسل الإرهابي الى خلط الأوراق على الساحة اللبنانية ونشر الفوضى والبلبلة في الشارع اللبناني. وقد سببت عملية (اغتيال الحريري)، التي أضحت (قضية دولية) بامتياز، أزمة ومواجهة سياسية حامية بين سوريا والمجتمع الدولي، الذي حمل( النظام السوري الى جانب (النظام اللبناني) مسئولية هذه الجريمة، باعتبارها حصلت في مرحلة اتسمت بهيمنة أمنية ووصاية سورية شبه كاملة على لبنان، وكان الحريري من أشد المعارضين لتمديد ولاية الرئيس (إميل لحود)ومن المؤيدين للقرار 1559 الذي بموجبه خرجت القوات السورية من لبنان بعد ثلاثة عقود من دخولها اليه.
ومع تقدم مسار التحقيق الذي تقوم به اللجنة الدولية المكلفة بالقضية واقتراب موعد تقديم ميليس تقريره الى المنظمة الدولية ترجح العديد من المصادر المقربة من عملية التحقيق أن تحمل النتائج اتهامات لمسؤولين سوريين بالتورط في اغتيال الحريري، خاصة وأن قادة الأجهزة الأمنية اللبنانية الأربعة المشتبه بهم والمعتقلين كانوا على علاقة جيدة مع قادة الأجهزة الأمنية السورية العاملة في لبنان، وإذا ما صحت هذه التوقعات ستقع سوريا تحت (ضغوط دولية) متزايدة في المرحلة المقبلة.جدير بالذكر أنه لم يصدر حتى تاريخه عن لجنة التحقيق أي تهمة بحق من تم التحقق معهم في سوريا.وكانت سوريا قد نفت مراراً علاقتها باغتيال الحريري، وعبرت على لسان رئيسها (بشار الأسد) في حديث لمجلة ديرشبيغل الألمانية، عن مخاوفها من إمكانية تسييس التحقيق لأهداف وغايات محددة.من جهته أكد القاضي(ديتليف ميليس) رئيس الجنة الدولية المكلفة بالتحقيق بالقضية بأنه لن يرضخ لأية ضغوط سياسية من أية جهة كانت، لتسييس التحقيق،وبأنه سيقدم تقريراً (قضائياً جنائياً) صرفاً. لكن، يرى الكثير من المراقبين، بأنه من غير المستبعد أبداً أن توظف الإدارة الأمريكية (نتائج التحقيق)، إذا ثبت تورط سوري ما في هذه الجريمة، ضد النظام السوري، لأسباب تتجاوز (قضية الحريري)، وتتعلق بموقف النظام السوري من جميع الملفات الساخنة في المنطقة وربما بـ(قانون محاسبة سوريا وتحرير لبنان) الذي أقره الكونكرس الأمريكي قبل سنتين، كذلك باستكمال تنفيذ باقي بنود القرار(1559) والمتعلقة بنزع سلاح ميليشيات حزب الله والفلسطينيين المتواجدين في لبنان، وهذا قضية شائكة ومعقدة، يتخوف الكثير منها، فهي قد تفجر حرباً أهلية جديدة في لبنان، إذ هدد زعيم الحزب(حسن نصرالله): ((بقطع اليد التي تمتد لسلاح المقاومة)).فمن المؤكد أن الاهتمام الدولي بـ(قضية الحريري) وبالوضع اللبناني عامة، لا ينفصل عما يجري في منطقة الشرق الأوسط من أحداث سياسية وتطورات أمنية وعسكرية،.ولم يعد سراً، بان المستقبل السياسي لمنطقة الشرق الأوسط، التي منها انطلق منفذوا العمليات الإرهابية في امريكا في الحادي عشر من ايلول 2001، بات على سلم أولويات الأجندة الأمريكية، وهي تسعى مع حلفائها الأوربيين لإعادة تشكيلها، بما يضمن مصالحهم الاستراتيجية في المنطقة، التي تحكمها أنظمة عسكرية شمولية واستبدادية، لم تعد تتماشى مع التوجهات الجديدة للسياسة الأمريكية والأوربية ومع التحولات الكبيرة التي عصفت بالمنطقة والعالم، بعد تفكك الاتحاد السوفيتي وانتهاء الحرب الباردة.من هذا المنظور ترى (الإدارة الأمريكية) ضرورة احداث تغييرات وإصلاحات سياسية وديمقراطية واقتصادية وثقافية، جوهرية في منطقة الشرق الأوسط، المنكوبة بكل أشكال الإرهاب،تضمن لها الأمن والاستقرار وتهيئها للاندماج في منظومة العلاقات الدولية الجديدة.
في ظل هذه المناخات والأوضاع الإقليمية والدولية، المتوترة الضاغطة على سوريا من كل حدب وصوب، ومع استمرار التهديدات الأمريكية بفرض مزيد من العزلة عليها وعدم استبعاد الخيار العسكري معها،يزداد قلق وتوجس السوريين مما هو آت، خاصة مع انغلاق النظام على ذاته والتقليل من شأن هذه التهديدات والمخاطر المحدقة بسوريا، والتهرب من الاستحقاقات الوطنية والدولية التي تفرضها المرحلة، والتعلق بصيغ ومقولات ايديولوجية جامدة ومهزومة، بدلاً من اللجوء الى الحوار مع الداخل وتحسين العلاقة مع الخارج.إذ أن الضغوط الخارجية المتزايدة على سوريا والمترافقة مع تشديد النظام (القبضة الأمنية) على كل نشاط ثقافي وحراك سياسي ديمقراطي معارض ومستقل ستندفع الأوضاع الداخلية الى مزيد من الاحتقانات والتوترات والتأزم وقد تدفع سوريا للانزلاق باتجاه المجهول، وهذا ما يخشاه الشعب السوري ويتوجس منه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغم تراجع شعبيته.. ماكرون يكثف حملاته الدعائية | #غرفة_الأخب


.. اتهامات متبادلة بين فتح وحماس بعد تأجيل محادثات بكين | #غرفة




.. أنقرة تحذر.. يجب وقف الحرب قبل أن تتوسع | #غرفة_الأخبار


.. هل تنجح جهود الوساطة الألمانية في خفض التصعيد بين حزب الله و




.. 3 شهداء إثر قصف إسرائيلي استهدف تجمعا لفلسطينيين شمالي مدينة