الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قاضٍ ومتهم

طوني سماحة

2015 / 7 / 6
الادب والفن


عندما وقف آرثر بوث المتهم بقاضايا سرقة ونصب متعددة أمام القاضي مندي غليزر في قاعة المحكمة في مدينة ميامي الاميريكية، لم يكن يدري حجم المفاجأة التي سوف يتعرض لها.

بعدما أنهت القاضي النظر بالقضية، نظرت الى المتهم وسألته " سيد بوث، لدي سؤال، هل كنت في صغرك من رواد مدرسة أتلنتس المتوسطة؟"

لمع بريق في عيني المتهم رافقه بسمة على شفتيه وهو يتعرف فجأة الى زميلة الدراسة القديمة الجالسة حاليا على مقعد القضاء، قبل ان يخفي رأسه في يديه من هول المفاجأة و العار الذي شعر به، وأخذ من ثم يردد بصوت عال ومتهدج"يا إلهي، يا إلهي."

نظرت القاضي الى المتهم الذي استمر في تغطية وجهه بيديه وترداد "يا إلهي، يا إلهي"، وأكملت بصوت رصين فيما كانت ابتسامة خافتة تبدو على شفتيها "كان السيد بوث من أفضل الطلبة في المدرسة وكنت ألعب الفوتبول معه. سيد بوث، كنت دائما أتساءل عما آلت اليه امورك. أنا آسفة لما أنت فيه الآن، لكني أتمنى ان تجتاز المحنة التي انت بصددها بسلام وتخرج فيما بعد لكي تستمر في حياة أفضل."

غريبة هي الحياة، لا بل غريب هو الانسان. طفلان يلعبان معا. ينموان وتأخذهما الحياة كل في طريقه. يختار واحدهما المخدرات والسرقة فيما يذهب الآخر في طريق الدراسة والاجتهاد. وتمضي السنوات. واحدهما يؤذي المجتمع والناس وثانيهما يخدم المجتمع ويعمل على الحفاظ على القانون. واحدهما يبني والآخر يهدم. واحدهما يصلّح والآخر يخرّب. واحدهما يبني عائلة ويستقر والآخر ينتقل من وكر المخدرات الى شعاب السرقة وربما الى إنجاب أطفال يعجز عن الاهتمام بهم وبالتالي يرميهم عالة على المجتمع.

غريبة هي الحرية، بل غريب هو الانسان. تعطيه الحرية جناحين. فمنهم من يختار ان يطير كيما يحلق عاليا ويرى العالم من فوق ومنهم من يقتص جناحيه كيما يحيا أبد العمر تحت الاقدام وفي أنفقة من ظلام.

غريبة هي العدالة، لا بل غريب هو الانسان. جميعنا نطلب العدالة للجاني والمجني عليه، لكننا جميعا في مكان ما نكسر القوانين ونغطي اعمالنا البشعة كي لا نظهر بمظر الجناة وكي لا تقتص منا العدالة.

وأخيرا، إن كان لا بد لعدالة على الارض، ماذا عن أولئك الذين رحلوا عن هذه الحياة دون ان تستطيع عدالة الارض ان تقتص منهم؟ هل ثمة عدالة في السماء تضع الامور في الموازين أم أنه وعلى قول المثل اللبناني "اللي ضرب ضرب واللي هرب هرب".

سيّد بوث،
لا حاجة لك ان تخفي رأسك بين يديك. فجميعنا مثلك وان اختلفنا في الدرجات. جميعنا كذبنا في مكان ما واختلسنا في مكان ما وآذينا غيرنا في مكان ما. يبقى ان الحياة لا تتوقف عند فشل ما. أنا أيضا شأن السيدة غليزر أتمنى أن يكون الماضي مجرد سقطة وأن تحيا ما تبقى من العمر مواطنا شريفا.











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية


.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي




.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب


.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?




.. قصة غريبة عن أغنية أنساك لأم كلثوم.. لحنها محمد فوزي ولا بلي