الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اليونان ... والانتصار السياسي لحزب سيريزا في الاستفتاء الشعبي

زياد عبد الفتاح الاسدي

2015 / 7 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


عندما حقق حزب سيريزا الذي يُمثل تكتل اليسار الراديكالي في اليونان فوزه الكبير والمفاجئ في الانتخابات البرلمانية اليونانية المُبكرة في أواخر يناير 2015 والذي تبعه تكليف زعيم الحزب تسيبراس بتشكيل الحكومة اليونانية , أخطأ الكثيرون ولاسيما بعض ممثلي الاحزاب الشيوعية ألاوروبية ليس فقط في تقدير أهمية هذا الفوز التاريخي , ولكن شككوا أيضاَ بحقيقة المواقف الثورية لحزب سيريزا وزعيمه الشاب اليكسيس تسيبراس . وجاءت للاسف أولى الانتقادات السياسة لهذا الحزب وأفكاره عبر مقال كتبه عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي اليوناني إليسيوس فاغيناس تحت عنوان (حزب سيريزا "عجلة احتياط يسارية " للرأسمالية) . كما رفض الحزب الشيوعي اليوناني على أرضية هذا الانتقاد التنسيق مع حزب سيريزا لتشكيل أول حكومة تاريخية تُمثل بالكامل اليسار الماركسي في اليونان .
ولكن ماذا يعني تصويت الشعب اليوناني بلا في الاستفتاء الشعبي وهو الذي عانى خلال الخمس سنوات الماضية من سياسة التقشف القاسية والظالمة التي فرضها عليه الجبروت الرأسمالي للترويكا المالية الاوروبية والعالمية ممثلة في الاتحاد الاوروبي وبنك أوروبا المركزي وصندوق النقد الدولي ؟؟؟ ... هذا يعني بلا شك رفض اليونانيين للمنظومة المالية الاستغلالية في منطقة اليورو , ورفض تسديد الديون المتراكمة على اليونان والتي ساهمت في تراكمها ليس فقط الظروف الاقتصادية والانتاجية الغير متكافئة التي وضعتها المنظومة الرأسمالية في الاتحاد الاوروبي , بل ساهم فيها أيضاً تراكم الفوائد المرتفعة لهذه الديون والتي جعلت اليونانيين ولا سيما من الطبقة العاملة والمُنتجة يعانون من التقشف المُزري من أجل تسديد ديونهم التي تتراكم بلا توقف . وكل ماكان يُقدمه لهم الاتحاد الاوروبي فتات المساعدات المالية (التي تم حتى توقيفها مؤخراً ) من بعض البنوك الاوروبية في ألمانيا وفرنسا , والتي كانت تُستخدم في حقيقة الامر في التسديد الجزئي لهذه الديون المتراكمة وفق الجداول الزمنية الموضوعة بدلاً من الحصول على مساعدات مالية حقيقية تُساهم في إنعاش الاقتصاد اليوناني .... وهنا جاءت نتيجة الاستفتاء لتفتح الابواب على احتمالات عديدة ليست بالتأكيد لصالح المنظومة الرأسمالية الاوروبية التي تسببت في معاناتهم وفي المزيد من تخبط الاقتضاد اليوناني الذي شهد خلال السنوات الاخيرة تباطؤ في معدلات النمو وارتفاع معدلات التضخم والبطالة , إضافة الى هروب آلاف المصانع الصغيرة لدول الجوار الاوروبي بسبب زيادة الرسوم الضريبية , ولجوء العديد من الشركات اليونانية الكبرى الى أساليب التهرب الضريبي ..... كما جاءت نتيجة الاستفتاء لتدعم سياسة تسيبراس والشروط التفاوضية لحكومته مع مُمثلي الاتحاد الاوروبي . حيث من المتوقع أن يُطالب الجانب اليوناني بشطب قسم من الديون المُستحقة وتخفيض نسبة الفوائد المالية وتمديد مهل التسديد واستأناف برنامج المُساعدات على أرضية دعم الاقتصاد اليوناني وإعادة إنعاشه .... الخ
وفي حال عدم تجاوب الاتحاد الاوروبي والجهات المالية الدائنة مع هذه الشروط , سيكون الخيار الوحيد أمام تسيبراس إنسحاب اليونان من منطقة اليورو وربما من الاتحاد الاوروبي واللجوء الى طلب المساعدة من روسيا والصين , ولاسيما أن الرئيس بوتن أبدى استعداده لدعم اليونان بكافة الوسائل الممكنة .... ولكن مهما كانت احتمالات الاتفاق أو الانسحاب فإن المنظومة الاوروبية مقدمة بلا شك على نتائج ستكون عواقبها الاقتصادية والسياسية وخيمة على مستقبل منطقة اليورو والاتحاد الاوروبي , ولا سيما في حال لجوء دول أوروبية أخرى كإسبانيا والبرتغال وإيطاليا وقبرص لان تحذو حذو الحكومة اليونانية والتمرد على سداد ديونها المتراكمة وشروط عضويتها في منطقة اليورو .... وعلى جميع الاحوال يُمككنا القول أن اليسار الثوري في اليونان قد حقق إنجازاً غير مسبوق وانتصارا تاريخياً للشعب اليوناني ستكون له آثاراً كبيرة على التغيير الثوري في أوروبا وانتصارات أخرى لقوى اليسار الحقيقي في القارة الاوروبية , وكذلك على المزيد من الازمات الاقتصادية في منظومة الغرب والنظام الامبريالي العالمي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لا اتفاق بين زعماء دول الاتحاد الأوروبي على تقاسم المناصب ال


.. ما موقف الأحزاب الفرنسية ومقترحاتهم من الهجرة في حملاتهم الا




.. لتطبيع العلاقات.. اجتماع تركي سوري في قاعدة روسية| #الظهيرة


.. حارس بايدن الشخصي يتعرض للسرقة تحت تهديد السلاح




.. وول ستريت جورنال: لا وقت للعبث بينما يحرق حزب الله شمال إسرا