الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاحتفال الوطني بالعيد القومي في بلاد العالم الا فلسطين

ميشيل حنا الحاج

2015 / 7 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


تصادف أني قد تواجدت في الولايات المتحدة في الرابع من تموز ((4th of July وهو عيد الاستقلال الأميركي. وهذا أتاح لي مشاهدة مظاهر الاحتفال بالعيد القومي فيها حيث رأيت الأطفال يرتدون ملابس بألوان العلم الأميركي وهي الأحمر والأزرق والأبيض ، بينما رفعت بعض المنازل العلم الأميركي على واجهات منازلهم، في وقت أخذ فيه الأطقال يشعلون على شرفات منازلهم ، بعض الأ لعاب والمفرقعات النارية.

لكن الاحتفال الأكبر كان سيجري في العاصمة واشنطن، حيث شاءت الظروف أن أكون فيها في ذاك التاريخ. ويجري الاحتفال الرئيسي في ساحة تضم المسلة الشبيهة بالمسلة الفرعونية ، وهو موقع قريب من البنتاغون حيث تطلق الصواريخ من هناك، لكنها في هذه المرة ، ليست صواريخ موجهة الى بغداد بشكل خاص كما تعودنا في الماضي، بل هي تطلق نحو الفضاء لتنير السماء بألوان قوس قزح احتفالا وابتهاجا بالعيد القومي للأميركيين ، وهو عيد الاستقلال عن بريطانيا قبل حوالي قرنين من الزمان.

و يشارك الشعب الأميركي بكثافة في هذا الاحتفال، وخصوصا المقيمين منهم في العاصمة واشنطن أو في الولايات المحاذية .. بل والملتصقة بواشنطن كفيرجينيا وماريلاند ، فيزحفون أفواجا منذ ساعات كثيرة تسبق موعد اطلاق الصواريخ وهو التاسعة ليلا، نحو المناطق المحاذية او المطلة على موقع اطلاق تلك الصواريخ النارية، ليحجزوا لأنفسهم مواقع ملائمة لمشاهدة هذا الحفل البسيط، لكنه الرمزي لاحتفال الشعب الأميركي بعيده القومي، علما أنه لا قومية واحدة تجمعهم حقا، فمنهم من ذوي الأصول الأوروبية وخصوصا الاسبانية ، ومنهم من جاء من الصين والشرق الأقصى ، وكثيرون جاءوا من المكسيك ودول أميركا اللاتينية، اضافة الى العديدين القادمين من أفريقيا السوداء ، أضف اليهم من تبقى من الهنود الحمر بعد الهولوكوست الذي أصابهم . ومع ذلك فان هذا الخليط من الشعوب الذي بات يشكل الشعب الأميركي ، يحتفل سنويا فرحا بعيده القومي، كما تفعل أمم أخرى كالبريطانيين والفرنسيين وا لألمان ، وخصوصا الشعب الألماني المتشبث بحرارة بقوميته ودولته رغم مروره عبر قرن من الزمان بحربين عالميتين الحقتا الكثير من الضرر به.. وبشعوب العالم أيضا.

وبين شعوب الأمة العربية تجد أيضا من يعتز بفخر ببلده وبقوميته كما يفعل الأميركيون . فالمصري رغم كل معاناة مصر الاقتصادية بسبب عدم القدرة على تحديد النسل، ما زال يفخر بالقول: أنا مصري.. مصر أم الدنيا... تحيا مصر. وفي سوريا رغم مأساة حرب دامت خمس سنوات، لم يزل السوري، وسيظل، يعتز بسوريته. ومثله العراقي الذي رغم عملية الغزو الأميركية التي نجحت منذ تشكيل تنظيم الدولة الاسلامية في عام 2006 ، في توجيه دفة الحركة العراقية من مقاومة للاحتلال الى مقاومة سنية لما وصف بالهيمنة الشيعية، مما وضع البلد في دوامة تكاد توصف بالحرب الأهلية. وفي لبنان، رغم التنوع الواسع في عدد طوائف الشعب اللبناني ، ومرور البلد بحرب أهلية دامت قرابة الخمسة عشر عاما ، ظل اللبناني قادرا على الافتخار ببلده ومعتزا به وبلبنانيته وبأرزه الجميل. أما في الأردن، فرغم مروره بحرب أهلية كانت لحسن الحظ قصيرة ، ورغم كل مشاكله الاقتصادية ، فان الأردني يظل قادرا على رفع رأسه قائلا أنا أردني. ومثله الخليجي الذي يعلم جيدا أهمية الدور الذي لعبه المواطنون المثقفون والجامعيون القادمون من مصر وسوريا ولبنان بل ومن فلسطين خاصة، في تطوير خليجهم حديث الاستقلال منذ الستينات أيضا مما وضعهم بجدارة على خريطة العالم ، ومكنهم من رفع صوت مواطنيهم عاليا بالقول أنا خليجي...

ولكن شعبا واحدا في العالم وخصوصا بين شعوب الدول العربية ، ظل شعبا مقهورا لا يعترف بوجوده جهارة الا حفنة من الدول أو الشعوب. فعبارة فلسطين لم تزل غير موضوعة على خريطة الكرة الأرضية وبالكاد يعترف بها أحد، وذلك نتيجة تشبث الاسرائليين القادمين من الخارج ، الى بلد ليست بلدهم ، بأراض احتلوها عنوة في ليلة غاب فيها قمر الحقيقة والعدالة والحضارة والانسانية، وحل محله ظلام دامس ظل مسيروه وقادته يتحدون العالم ، رافضين الاعتراف بحقوق هذا الشعب الذي اغتصبت أراضيه وامتهنت حقوقه وحريته ، ففرضوا بقوة السلاح والتهديد النووي ارادتهم حتى على المجتمع الدولي متحدين حتى رئيس أكبر دولة في العالم هي الولايات المتحدة.

وأكثر ما يؤلمني هذا الا نكار الصريح والوقح لوجود فلسطين والشعب الفلسطيني والمدن الفلسطينية، والذي تلمسه بوضوح لو حاولت وضع اسم فلسطين الى جانب الموقع الذي يسألك عن بلدك في صفحات الفيسبوك، فتذكر اسم فلسطين، الا أنهم يرفضون وضع هذا الاسم لكونه غير موجود على خريطتهم أو خريطة العالم. وعندما كررت ادارة الفيسبوك السؤال عن اسم البلد الذي ولدت فيه فقلت يافا، ردوا علي متسائلين: تقصد تل أبيب ، فقلت بل يافا وليس تل أبيب. فكان الرد لا.. لا يوجد يافا على القائمة. وعبثا حاولت أن أشرح لهم بأكثر من رد وتعليق بأنني خير من يعرف موطىء رأسه ، وبأنه مدينة يافا التي لن أنسى رائحة برتقالها ، وعبق ياسمينها ، وضجيج الموج في بحرها. الا أنهم كما يبدو كانوا يعلمون عن موطىء رأسي أكثر مما أعرف أنا عنه، مؤكدين على أنه تل أبيب أو لا شيء آخر.

ويبدو أنه ازاء ما واجهوه من احتجاجات ، ورفض الاعتراف بما يقررونه لك من موقع ولادة أو انتماء لبلدة ما، فقد حذفوا أخيرا هذا المطلب من المشارك في فيسبوك. الا أن اسم فلسطين ما زال غير موجود او معترف به في العديد من الدول ، وأبناء فلسطين ما زالوا غير قادرين على الاحتفال بعيدهم الوطني أسوة ببقية شعوب الأرض. كما أن الفلسطيني لم يزل غير قادر لأن يرفع رأسه ويقول بصوت جهوري وعلى مسمع من الملايين: أنا فلسطيني .. شاء من شاء وأبى من أبى.

ترى متى يرفع هذا الظلم عن هذا الشعب الذي عاني من الأحزان ما يكفيه .. متى يحتفل الفلسطيني بعيده القومي ، وتتاح له فرصة العودة الى لده الأصلية. متى تنتهي مأساة الشعب الفلسطيني.. متى؟؟؟؟


ميشيل حنا الحاج
عضو في جمعية الدراسات الاستراتيجية الفلسطينية (Think Tank).
عضو في مجموعة (لا للتدخل الأميركي والغربي) في البلاد العربية.
عضو مستشار في المركز الأوروبي العربي لمكافحة الارهاب
عضو في ديوان أصدقاء المغرب.
عضو في رابطة الصداقة والأخوة اللبنانية المغربية.
عضو في رابطة الأخوة المغربية التونسية.
عضو في رابطة الكتاب الأردنيين...(الصفحة الرسمية)
عضو في منتدى فلسطين للفكر والرأي الحر
عضو في شام بوك
عضو في مجموعات أخرى عديدة.











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرة في العاصمة الفرنسية باريس تطالب بوقف فوري لإطلاق النا


.. مظاهرات في أكثر من 20 مدينة بريطانية تطالب بوقف الحرب الإسرا




.. الاحتلال الإسرائيلي يقصف المدنيين شرقي وغربي مدينة رفح


.. كيف تناولت وسائل الإعلام الإسرائيلية عرض بايدن لمقترح وقف حر




.. تركيا تدرس سحب قواتها من سوريا