الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أحبكِ، وهذا كلُّ شيءٍ

ناصر ثابت

2015 / 7 / 7
الادب والفن




القصيدةُ التي لا ندوِّنُها، تضيعُ
وتختفي في غياهبِ الذات.
والاندهاشُ الذي لا نسجِّلُه في النصوصِ، يتبددُ
ويتناثرُ في زوايا الفراغِ الكوني
والحبُّ الذي نحسُّ به ولا نمنحُه للآخرين، يذبلُ
ويذوبُ في لجةِ بحر الحياة
والكلام الذي لا نقولُه يموتُ فينا
ويتفتتُ إلى عناصرِه الآولى
لذلك أحبُّكِ
حتى أستيقظَ على القصيدةِ كل يومٍ
وحتى أمارسَ الاندهاشَ صباحَ مساء
وحتى يترعرعَ الحبُّ في أعماقي
ويزهر الكلامُ.

مررتُ قربَكِ، فوجدتُكِ نائمة
أحببتُكِ وأنتِ نائمة. كنتِ بريئة جداً.
مستلقيةً بطفولةٍ، تضعين يدَكِ اليمنى فوقَ رأسكِ
ويدَكِ اليسرى على صدركِ
وفي وجهكِ هالةُ تأملٍ لذيذة
كنتِ كما يعرفُ القلبُ عنكِ، توجهينَ أنظارَكِ الحالمةَ إلى خارج النافذة
ومن هناكَ جاءَ الصباحُ، وطرقَ على الزجاجِ، وانتظرَ الإذنَ لكي يدخلَ
ويتوسَّعَ في المكان، ويرشَّ رذاذَ النورِ على الأشياء
في الزاوية باقة الورد الجوري الأحمر التي أهديتُكِ إياها البارحةَ، قبل العودةِ إلى المنزلِ
حيثُ وقفتُ قربَكِ وأنتِ تجلسينَ في المقعدِ الجانبي من السيارة
وقلتُ لك أحبُّكِ
وترددتِ في حسمِ أمرِكِ، مثل أول مرةٍ قلتُها لكِ، مثلَ عذراءَ لفَّها وشاحُ الغزلَ

قلتُ لكِ أحبُّكِ، حتى ينعمَ العصفور الدوريُّ بشيءٍ من الفرح
وحتى يتوقفَ الوجودُ عن التردي
أحبُّكِ بعددِ العُقدِ الموجودة في أغصان البلوطة الضخمة التي تحرسُنا، وتحافظُ على لمسة الجمالِ في المنظر الطبيعي الذي أمامنا
أحبُّكِ مع كل تغريدةٍ من تغريدات الهزار الذي يقفُ على أعالي السنديان
في هذه الطبيعة ذاتِ الخلفية الخضراء المطرزة بالأصفرِ والأحمرِ والبني.

كلُّ شيءٍ فيها يُعبِّرُ عنا وعن حبنا الأبدي، ويحكيهِ حكاية فاخرةً للتاريخ،
الجنادلُ والصخور والعليق والأوز والعناكب والقصبُ والخبيزةُ وأشجارُ البتولا.
يكبرُ فينا الشوقُ، ونبني قلبينا من جديد، ونرممُ جدرانَهما التي كتَبَ عليها الزمنُ قصته.

أحبُّكِ، نعم. ولا أشكُّ في ذلك
الحبُّ رسالتي إلى العالم
هو ما سأورثِّه للآخرين، وما سأودعُه في خزائن الخلود، هو ما سأعبرُ به الغشاءَ العظيمَ، وهو الذي سيحلُّ في الكائنات من بعدي.
حبي لك يتمادى، ويمسُّ الألوهةَ قليلاً، ويمارسُ تصوفاً من نوعٍ خاصٍّ
لذلك أدوِّنُ ما أحسُّ بهِ
وأحتفي بكلِّ شيءٍ، حتى بالرملِ والرذاذ
أشاركُ الكونَ تفاصيلَه الرحبةَ
وأدخلُ المدينةَ مع شياطينِ الجمال والهوى.

سأحبُّك حتى يحلمَ بنا السنديانُ، وشجرُ الحورِ والصنوبر
حتى تحلمَ بنا الهندباءُ التي نراها في تفاصيل المدى الممتدِّ إلى ركبة الجبل البعيد،
أحبُّكِ، وسأظلُّ أحبكِ وهذا كلُّ شيءٍ.
هذا ما أردتُ قوله. فحسب.

27-6-2015








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد


.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش




.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??