الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تخبط السياسة التركية تجاه القضية الكوردية

عبدالله جاسم ريكاني

2015 / 7 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


لقد بدا واضحاً للعيان، ان الدولة التركية قد فشلت في صياغة استراتيجية ثابتة تجاه حل القضية الكوردية. كما ان هذه القضية باتت تربك سياسات الدولة التركية و خاصة عندما استطاع حزب ديموقراطية الشعوب (HDP)، الحصول على 13% من اصوات الشعب في الانتخابات النيابية العامة و اصبح ثالث اكبر حزب في اسطنبول، و من جانب اخر، استطاع كورد غرب كوردستان تحقيق المزيد من الشرعية الدولية من خلال الانتصارات التي حققوها على داعش. و هكذا حوصرت انقرة بين هذين الانتصارين في السياسة الكوردية.
و لمنع تأسيس كيان كوردي في غرب كوردستان، فكرت انقرة مدعومة بتأييد عدد من صانعي القرار في تركيا في القيام بتدخل عسكري في المنطقة. و لكن هل يبدو هذا التدخل منطقياً و عملياً؟ و هل باستطاعة تركيا قيادة هذا التدخل منفردةً؟ و هل سيتقبل المجتمع الدولي التدخل التركي الاحادي الجانب و الذي سيشكل خطراً كبيراً على الكانتونات الكوردية المعلنة في غرب كوردستان؟ و هل تمتلك تركيا القدرة المادية للقيام بذلك؟ و خاصة بعد ان اصبحت السياسة التركية تجاه سوريا منذ قيام ما يسمى بالثورة السورية ضد نظام الاسد، سلسلة من الاستراتيجيات الفاشلة، بل ان العديد من هذه السياسات الفاشلة قد احدثت ردات فعل عكسية و سلبية ضد المصالح التركية نفسها.
البعض من المراقبين يعتقدون ان تركيا هي السبب في قيام الوجود الكوردي القوي في غرب كوردستان: أولاً، لأن السياسات التركية التي ادت الى اضعاف الحكومة السورية، وفرت فرصة سانحة استغلت بحكمة و جدارة من قبل الكورد. لماذا لم تدرك انقرة حقيقة انها عندما تقوم بإضعاف دولة مركزية متنوعة الطوائف و الاعراق فإنها بالتالي ستؤدي الى خلق كيانات اثنية و قومية و طائفية متعددة كما حدث في كل من العراق و سوريا عندما دعمت انقرة كل التنظيمات و الفصائل المسلحة التي تمردت على نظام بشار الاسد و من ثم دخلت هذه الفصائل في حروب و تصفيات مستمرة مع بعضها البعض و بالتالي اصبحت الفرصة سانحة للكورد لتنظيم انفسهم و تحرير مناطقهم و تأسيس الكانتونات التي اثبتت جدارة في الانضباط و التنظيم و الحاق الهزائم المنكرة بإرهابيي داعش و اخواتها. يبدو ان الكورد سوف يشكرون انقرة على سياساتها الفاشلة هذه في المستقبل.
وثانياً، هو الفشل التركي في معالجة القضية الكوردية في داخل تركيا نفسها. منذ عامين و تركيا تتعامل مع مشكلة الكورد و كأنها قضية انتخابية فقط. و خلال هذين العامين استطاع الكورد الاستفادة من ما يسمى بمبادرة تحقيق السلام في تركيا بذكاء و حكمة حيث تمكن الكورد من اعادة تنظيم صفوفهم في شمال كوردستان بشكل جيد بل و تأسيس شبه دولة في شمال كوردستان و لا زالت انقرة لا تمتلك اية استراتيجية قصيرة او طويلة الامد للاستجابة للمطالب الكوردية العادلة.
و الان ماذا يجب على انقرة فعله بعد هذا التخبط الذي اصاب سياساتها من جراء سوء تعاملها مع القضية الكوردية؟ واقعياً و عملياً ليس لديها الكثير من الخيارات. اولاً: لان السياسيين الكورد الذين يملكون 80 مقعداً في البرلمان التركي يمثلون طيفاً واسعاً من الشعب التركي بأكمله و ليس الكورد فقط، و ثانياً: في الوقت الذي تواجه فيه تركيا مشاكل كثيرة في الداخل التركي نفسه، فان الكورد بالمقابل يملكون حرية الحركة في اكثر من دولتين في المنطقة.
و الاهم من هذا كله، هو بروز و نشوء جيل كوردي جديد يختلف عن الاجيال الكوردية القديمة التي اعتادت على الاضطهاد التركي. مؤخراً، قال السيد احمد ترك، السياسي الكوردي الشهير اكثر من مرة للاتراك: قد نكون الجيل الاخير الذي يمكنه مصافحتكم بالايدي. و هذا بحد ذاته، ملخص الحقيقة و الحالة السوسيولوجية بين الجيل الجديد من الشباب الكوردي. لانهم باتوا تدريجياً منفصلين و منعزلين نفسياً عن بقية الشعب التركي و هناك حاجز نفسي و حدود سايكولوجية تتشكل بين الكورد و الترك، و الغالبية العظمى من الجيل الكوردي الجديد لا يؤمن بفكرة الوحدة مع الترك.
العامل الاخير الذي يزيد من عمق المشكلة بين الكورد و الترك هو الوجود الكوردي في غرب تركيا و ليس شرقها فقط. HDP، الان يشكل الحزب الثالث في اسطنبول و الكورد لديهم الان تجمعات سكانية و دوائر انتخابية في العديد من مدن غرب تركيا الكبيرة مثل ازمير و بورصا. و لهذا السبب فانه حتى الحلول الفيدرالية للمشكلة الكوردية قد لا تفيد خاصة و انه هناك العديد من التوترات و المشاكل بين الكورد و جيرانهم الترك في هذه المدن. في السابق، كانت جغرافية المشاكل الكوردية تنحصر في جنوب شرق تركيا فقط و لكن الجغرافيا السياسية الكوردية تتغير حالياً بسرعة كبيرة حيث وصلت الى غرب كوردستان و المدن الكبيرة في غرب تركيا مثل اسطنبول و ازمير ايضاَ. هذه التغيرات و التحولات الدراماتيكية تتطلب حكمة و سياسة عقلانية من جانب انقرة بدلاً من اللجوء الى الحلول العسكرية التي اثبتت فشلها في حل مشكلات الشرق الاوسط.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فلسطينيون يرحبون بخطة السداسية العربية لإقامة الدولة الفلسطي


.. الخارجية الأميركية: الرياض مستعدة للتطبيع إذا وافقت إسرائيل




.. بعد توقف قلبه.. فريق طبي ينقذ حياة مصاب في العراق


.. الاتحاد الأوروبي.. مليار يورو لدعم لبنان | #غرفة_الأخبار




.. هل تقف أوروبا أمام حقبة جديدة في العلاقات مع الصين؟