الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إنقلاب نداف

أوري أفنيري

2003 / 1 / 5
اخر الاخبار, المقالات والبيانات



28.12.02

  إنقلاب "نداف"

     سيحسم هذه الانتخابات – وربما قد حسمها فعلا – شخص مجهول اسمه الحركي "نداف".

     "نداف" يعرف نفسه بأنه "خبير" جهاز المخابرات العام، ويقول بانه يتقلد منصب " رئيس قسم الابحاث في موضوع عرب اسرائيل".

     لو كان "نداف" قائد كتيبة مدرعة وقام بانقلاب عسكري كما فعل، في حينه، الجنرالات في امريكا الجنوبية، لما كانت النتيجة مختلفة. هو لم يرسل دباباته الى الكنيست ولم يعتقل زعماء اليسار ولم يقذف بهم من المروحيات الى البحر. بالطبع لا. فأسياده اكثر انسانية. انهم يستخدمون الأوراق فقط.

      ورقة "نداف" هي تقرير تم تقديمه الى لجنة الانتخابات التابعة للكنيست، قدمه المستشار القضائي للحكومة. وقد أعلن الرجل في التقرير مستخدما هلالي الاقتباس – يظهر الهلالان في الإقرار ذاته – بان التجمع الوطني الديموقراطي يخطط لإبادة دولة اسرائيل وللانضمام الى أعداء اسرائيل ويحث المواطنين العرب على التمرد وغير ذلك.

     استنادا إلى هذه التوصية تعتزم لجنة الانتخابات شطب ترشيح قائمة الحزب الديموقراطي العربي وزعيمه عزمي بشارة، بالاضافة الى عدة زعماء عرب آخرين ومنعهم من المشاركة في الانتخابات.

     تتألف لجنة الانتخابات من ممثلي الاحزاب في الكنيست وفق معيار نسبي. وبذلك يشكل ممثلو الاحزاب اليمينية فيها، وبمن فيهم حزب شينوي، اغلبية ساحقة. كلهم متحدون في كراهيتهم للعرب، ولهم مصلحة مشتركة في طرد العرب من الكنيست. انهم يتصرفون بما تمليه عليهم تعليمات "الاجهزة الامنية"، كما رضخت الاغلبية في الكنيست لإملاءات هذه الأجهزة  دائما. كان يحدث هذا في الماضي خفية، اما في السنوات الاخيرة فيحدث علانية وعلى الملأ. يستطيع رؤساء "نداف" الاتكال عليه.

     عندما يتحدث ضابط كبير، تؤدي الكنيست التحية العسكرية، وفي اغلبية الحالات يفعل قضاة المحكمة العليا الأمر ذاته، فواحد منهم هو رئيس لجنة الانتخابات.

     ان تدخل الشاباك في الحملة الانتخابية هو اكثر من مجرد عقم جمالي. وهو اكثر بكثير من مجرد المس بالمواطنين العرب. انه يمس كل مواطن في اسرائيل، وفي طليعتهم المواطن اليهودي، فهذا انقلاب تغير جوهر الدولة.

     لفهم هذا الموضوع، علينا تحليل تركبية جمهور الناخبين في اسرائيل. انه مؤلف من خمس كتل كبيرة وهي:

1.      الوسط الشكنازي المتمكن اقتصاديا وتصوت اغلبيته الى جانب حزب العمل وميرتس.

2.      الوسط اليهودي الشرقي وتصوت اغلبيته الى جانب الليكود.

3.      الوسط المتدين والمتشدد (الأصولي) وتصوت أغلبيته الى جانب الحئبين المتديني (أغودات يسرائيل وشاس) والي جانب حزب المفدال.

4.      وسط القادمين الجدد من الاتحاد السوفييتي سابقا وتصوت أغلتيته الى جانب الحزبين الروسيين (بزعامة نتان شيرانسكي وافيغدور ليبرمان).

5.      الوسط العربي وتصوت اغلبيته الى جانب ثلاثة او اربعة احزاب عربية.

     تشكل الاوساط 2-3-4 المعسكر اليميني. الوسطان1 و5- يشكلان المعسكر اليساري. ان قوتي المعسكرين متوازنتان الواحدة تجاه الاخرى، وتحسم الانتخابات "الاصوات الحائرة"، وهي مجموعة من الجمهور غير محددة يسحبها التيار.

     (ستتعقد الامور في هذه الانتخابات بسبب الدعم الكبير المتوقع لحزب جديد نسبيا يدعى "شينوي". هذا الحزب مؤلف في أغلبيته من الشكناز المتمكنين، توحدهم كراهيتهم للمتدينين. ان موقف هذا الحزب لا يظهر واضحا للعيان فيما يتعلق بمواضيع السلام والحرب، الا ان زعيمه الذي لا معارضة على قيادته، هو رجل ذو توجه يميني محض. لقد أعلن مرارا وتكرارا بانه لن ينضم الى ائتلاف يضم الاحزاب العربية).

     إذا نظرنا الى الخريطة السياسية، تكفينا نظرة عابرة لنفهم بانه بدون اصوات العرب ليس هناك أي احتمال لقيام حكومة يسارية – لا الان ولا في المستقبل المنظور. والاكثر تعقيدا من هذا، هو انه بدون اصوات العرب لا يمكن بناء "الكتلة المانعة"  التي قامت بوظيفة هامة جدا في العقد الاخير. لمنع قيام حكومة يمينية، هناك حاجة الى "كتلة مانعة" من 60 مقعدا في الكنيست، هذا يعني انه بدون العرب لا يستطيع اليسار حتى فرض شروط لائتلاف يتزعمه اليمين. انه يستطيع الانضمام الى مثل هذا الائتلاف مرفوع اليدين كجندي وقع في الاسر.

    على هذه الخلفية، يمكننا إدراك المفهوم التام لثورة "نداف" من الشاباك. اذا تم شطب قائمة التجمع الوطني الديموقراطي بأكملها، أو شطب ترشيح عزمي بشارة وأعضاء كنيست عرب آخرين، سيقاطع المواطنون العرب - جميعهم أو اغلبيتهم – الانتخابات. سيختفي الوسط العربي الذي يشكل 20% من مواطني الدولة من االخريطة السياسية، وبدونه لا توجد لليسار اية امكانية للعودة الى السلطة في وقت من الاوقات، أو حتى ان تكون عاملا مؤثرا في "حكومة ائتلاف وطني".

     إذا لم تنهض الاحزاب اليسارية، وعلى رأسها حزب العمل من سباتها وتقاوم بضراوة هذه المؤامرة، فإنها تنفذ بذلك انحارا جماعيا.

     إن انقلابا كهذا ينفذه الشاباك، يعني ان اسرائيل تنسحب ممن مجموعة الدول الديموقراطية وتنضم الى العالم الثالث. لا يمس هذا بالمواطنين العرب فحسب، بل يمس كل مواطن يهودي.

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اختتام مناورات الأسد الإفريقي بسيناريو افتراضي استخدمت فيه م


.. بعد ضربات أمريكية على اليمن.. يمني يعبر عن دعمه لفلسطين




.. فرق الإنقاذ تنتشل جثمانين لمقاومين استشهدوا في جباليا


.. واشنطن: بلينكن دعا نظراءه في السعودية وتركيا والأردن للضغط ع




.. فرق الإسعاف تنتشل جثامين مقاتلين فوق سطح منزل بمخيم جباليا