الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النازحون 9

ابراهيم الحريري

2015 / 7 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


النازحون... ( 9 )
" رياضيات " عليا !
سيبدو هذا العنوان غريبا و سيتساءل البعض : ما هي علاقة الرياضيات , و العليا منها خصوصا , بالنازحين ؟ و هو سؤال مشروع , او حسبته كذلك حتى تبينت لي , ب " حسبة " بسيطة , العلاقة الجدلية ( مع الآعتذار من الديالكتيك ! ) بين الطرفين.
ابدأ بسؤال بسيط : كم يكلف اعداد طاولة كرة منضدة ( بنغ بونغ ) ؟ بشبكتها و مضربيها الخشبيين و بضعة كرات بلاستيكية ؟ لست خبيرا بالمحاسبة و لا بالنجارة , رغم اني مارستهما بعض الوقت . من ضمن ما مارست من مهن عديدة , فلم انجح في اي واحدة منهما .
لكن لفترض , "جدلا " ( مرة اخرى ! ) ان كل ذلك يكلف مائة الف دينار .
ننتقل الآن الى " حسبة " اخرى : كم يكلف اعداد ملعب لكرة الطائرة ؟ تسوية الأرض , و هو ما يمكن ان يقوم به الشباب من النازحين , مجانا , او باجور رمزية , + شبكة + بضع كرات مناسبة لهذا الغرض . سنجد انها لن تكلف اكثر من 500 الف دينار , في ابعد احتمال .
ننتقل الى "حسبة " اكثر كلفة , اكثر تعقيدا : كم يكلف اعداد ملعب لكرة القدم بكل تجهيزاته البسيطة ( ليس ضروريا ان يكون بالمقاييس الأولمبية ) ؟ نفترض , جدلا , ( آه من " الجدل " مرة اخرى ) انه سيكلف المليون دينار عداً و نقداً تقريباً ( بين الأحباب يسقط الحساب ... يا يسقط ! ) هذا اذا اسقطنا من الحساب " نشمية " و مروءة تجار الألعاب الرياضية , و ما يمكن ان ينبرع به الأهالي او النوادي الرياضية و اخيرا ..وزارة الشباب و الرياضة , هذا استفاقت من الكثير من " اللغط " الذي يحيط ببعض " نشاطاتها " الذي نأمل ان يكون عاريا ( بالمُلُك ! مع ان الملك لله وحده) ! عن الصحّة.
و لا يمكن استبعاد ضرورة تزويد المخيمات بملاعب للأطفال مما يتوفر في الحدائق العامة و يمكن توفيره بارخص تكلفة و تتبرع به الدول و المنظات الدولية عن طيب خاطر .
لنفترض اننا نشرنا العشرات من هذه الملاعب المقترحة من حضرة جنابي بين مخيمات النازحين فكم ستكلف , جميعا ؟
بالأحرى كم ستوفر ؟
يبدو هذا السؤال غريبا ... انا ايضا حسبته كذلك حتى استعنت ب ..." الجدل " ( آه كبرى ! ) الذي يشرح كيف يمكن ان يتحول النقيض الى نقيضه ! اما كيف يتوحدان في مرتبة عليا فلذلك حديث آخر قد نعود اليه اذا سمح "اجتهادي " و صبركم ...
لكن هذا يتطلب " حسبة اخرى ( مع مراعاة التشكيل ! ) مختلفة تماما .
كم شابا و يافعا موجود في كل مخيم ؟ في كل مخيمات و اماكن النزوح الأخرى ؟
يتطلب هذا اجراء احصاء , و لو تقريبي , لكن لا يمكن الأستغناء عنه .
كم شابا و يافعا يمكن ان يتعرض للأنحراف بمختلف اشكاله (المخدرات , تعاطيا و تداولا , و ربما تجارة فيما بعد ) عصابات سرقة الخ... من اشكال الأنحراف , و قد يجمح الخيال الى ما هو ابعد و اسوأ , اي توقع أنضمام منهم الى عصابات داعش ! ما دامت توفر المال و" االلحم الحلال " ( السبايا ) دنيا و آخرة ...و العديد من الدراسات لا تستبعد ان يتماهى الضحايا , خصوصا من المراهقين , مع الجلاد لما يمثله و يمنحه الجلاد من شعور بالقدرة الفائقة بينما يتآكل خصومه العجز و التخبط .

يتطلب الأمر اجراء احصاء آخر , يعتمد حسابات و جداول الأحتمالات , و هي متوفرة لدى الهيئات و المنظمات المختصة
, الدولية , و في الدول الأكثر تقدما .
سؤال آخر , لعله الأخير و الأخطر : كم ستكلف المجتمع معالجة هذه الأنحرافات المتوقعة على الصعد الأمنية , الصحية ,( المعالجة و اعادة التأهيل ) الأقتصادية ( حرمان المجتمع من طاقات كان يمكن ان تساهم في إثرائه و تقدمه ) فضلا عن الأجتماعية ؟
و يمكن الأستطراد الى ما لا نهاية ...
اذا طرحنا تكاليف الأهتمام بالرياضة في المخيمات من تكاليف مكافحة الأنحراف ,الآن و لاحقا , فايّة كفة سترجح ؟
لا يتطلب الأمر ان يكون المرء ضليعا بالرياضيات و حسبات الكلفة ليخرج بالنتيجة الصحيحة , يحتاج ان يكون على قدر من االشعور بالمسؤولية ازاء مأساة النازحين و النتائج الوخيمة التي يمكن ان تنجم عنها , ألآن و لاحقا .
هنا "تتجادل " الرياضة بحسابات الكلفة , و هي تعتمد في جانب منها على الرياضيات العليا , لتتوحد على مستوى اعلى , مختلف : اعني العودة بأقل قدر ممكن من الخسائر ,
**********
اهتمت هذه الحلقات بمشكلة / مأساة النازحين من جوانب مختلفة , لا يمكن الزعم انها شاملة . و يتطلب الأمر , من الهيئات و المنظمات الأكثر خبرة ووعيا و شعورا بالمسؤولية ,عقد ندوة اختصاصية , تضم متخصصين بعلوم الأجتماع , و النفس , علم نفس الأطفال و المراهقين خصوصا , الأقتصاد , التربية الخ... من الأختصاصات الضرورية , لدراسة مشاكل النزوح , و العواقب الناجمة عنها , الآن و لاحقا و خصوصا لاحقا , لن تنفع الخطب النارية و لا المقالات المتفجرة بالعواطف المجانية , لن تنفع حتى المساعدات الآنسانية , على اهميتها . فالنازحون مراجل مشتعلة , و هذا من حقهم , بحكم الهول الذي تعرضوا له و ما يزالون يعانون منه , و يتفاقم , بسبب الأهمال و عدم الشعور بالمسؤولية , او بسبب عدم ادراك الخطورة البالغة التي تشكلها مشكلة / ماساة النازحين عليهم , و على العراق بعامة ,ألآن و لا حقا , ومرة اخرى , خصوصا لا حقا .
و ما لم تتخذ التدابير , و توضع الخطط للتعامل مع هذه المشكلة / المأساة , فأِن مراجل السخط و الغضب التي تتصاعد يوما بعد يوم , ستبلغ ,لا محالة , درجة الغليان ... ثم الأَنفجار
حينها لن ينفع الندم .....!
ابراهيم الحريري
كندا – هاملتون
8 / 7 / 2015








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو بين إرضاء حلفائه في الحكومة وقبول -صفقة الهدنة-؟| ال


.. فورين أفارز: لهذه الأسباب، على إسرائيل إعلان وقف إطلاق النار




.. حزب الله يرفض المبادرة الفرنسية و-فصل المسارات- بين غزة ولبن


.. السعودية.. المدينة المنورة تشهد أمطارا غير مسبوقة




.. وزير الخارجية الفرنسي في القاهرة، مقاربة مشتركة حول غزة