الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أزمة المثقف

هيثم بن محمد شطورو

2015 / 7 / 9
الادب والفن


إن أزمة الثـقـافـة في الوطن العـربي لا يمكن النظر إليها إلا من خلال كونها أزمة مثـقـفين، يبدو أنهم قد اختاروا لأنفسهم الابتعاد عن قضايا شعـوبهم و عن المسائل التي تهم مجتمعاتهم. تبدو الحياة الثـقـافية كمنطاد يتجـول في السماء لمجرد الفرجة. فعزوف القارئ العربي عن انتاجات مثـقـفيه هو انفصال الإنـتاج عن مشاغله. يمكن الاستدلال على قول كهذا باستعمال المنطق المعكوس.
هناك أسماء كان لها انـتـشار و صدى كبير في الساحة الثـقافية العربية. نذكر مثلا الشاعر "محمود درويش" الذي كان بالكلمة الفاعلة و المنـفعلة بجزئيات قـضية وطنه قد تمكن من أن ينشر أريج كلماته من المحيط إلى الخليج.
نجد كذلك الشاعر "نزار قباني" الذي عبر عن تطلع الشباب العربي إلى تكسير أقـانيم ثـقـافة الكبت، حيث ادخل النهود في صميم العملية الإبداعية، و حيث أصبح الوطن يبدأ من الفراش و حريته تبدأ من الثورة على المرأة الوليمة إلى المرأة الكائن الرائع الجميل، و من حيث تضاريس الجسد الأنـثوي هي تضاريس الحياة و أنما تـتـقـد الأنوثة تـزهـو الحياة، فغـدا الحب قـضية القـضايا.
نورد كذلك اسم الروائي الكبير "نجيب محفوظ" المتحصل على جائزة نوبل للآداب. انه الأديب الذي التحم بطبيعة حياة أحياء القاهرة فتوجه إلى أولئك الناس البسطاء ينسج من خلالهم أحداث و عوالم رواياته. و أصبحت شخصية السيد في الثلاثية شخصية عربية مشتركة من خلالها تم التعرف إلى حياة النفاق و الازدواجية بين المحافظة الظاهرة و الفسوق المتخفي. كما عبرت كلمة " طز" لبطل رواية القاهرة الجديدة عن الشخصية الانتهازية الزاحفة في الإدارة و المتخلية عن القيم و الرجولة، و قد عبر بذلك عن الجرثومة التي انبنت عليها الإدارة العربية مما يجعـلنا لا نـندهـش من حجم الفساد الكبير فيها. إنها إدارة الولاء و ليس الكفاءة و حتى إن وجدت الكفاءة فهي تموت بفعل المناخ المتعفن أو تـظهر كاستـثـناء يحـفـظ و لا يقاس عليه إن كتب لها الاستمرار..
هذه الأسماء و غيرها التي التحمت بالشعب، و عبر كل منها عن وجه من وجوه قـلقه و أفكاره و حياته و تطلعاته حقـقت لنفسها الرواج.. الكلمة الصادقة و العقل الباحث عن فك شفرات الواقع و المهموم بحق بالبحث عن كـشف العاهات و الأمراض، و بالتالي البحث عن حلول واقعية. الالتحام الحقيقي الفاعل و المنفعل.
إن أزمة المثــقــف العربي اليوم تكمن في عدم اختيار موقع له داخل الجغرافيا العربية. يدرك الجميع ان الإنسان لا يمكنه أن يكون طائرا. الحرية تدخل ضمن نسيـج عملية الإبداع نفسها. على المبدع أن يحدد له موقعا محددا و بالتالي قـلقـا معينا يكون هو في ذاته سر العملية الإبداعية عنده التي هي قضيته الأصلية التي يكرر التعبير عنها بإيضاح أكثر كلما تـقدم في إبداعه، ذاك أن المرء لا يمكنه أن يقول جل ما يريد قـوله..
من هنا يكون للمبدع لونه الخاص. هذا اللون الذي يجب عـليه أن يعمل على إيضاحه دوما و على إيصال إشعاعاته إلى أكثر ما يمكن من البشر. فالإنسان لا يعيش حياته إلا بالرمز و فـقر الرموز هو افـتـقار إلى الإبداع الأصيل المشع. و هنا فالإبداع لا يكون إبداعا إن لم يكن أصيلا أي نابعا من الذات و حقيـقيا بالنسبة لمنتجه و ليس تـقـليدا أو محاكاة أو إتـباع. بذلك فـقط يلتـقي في عمقه بالذوق الجمالي العام. عند هذا المستوى يكون المثـقـف مبدعا حقيقيا...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصدر مطلع لإكسترا نيوز: محمد جبران وزيرا للعمل وأحمد هنو وزي


.. حمزة نمرة: أعشق الموسيقى الأمازيغية ومتشوق للمشاركة بمهرجان




.. بعد حفل راغب علامة، الرئيس التونسي ينتقد مستوى المهرجانات ال


.. الفنانة ميريام فارس تدخل عالم اللعبة الالكترونية الاشهر PUBG




.. أقلية تتحدث اللغة المجرية على الأراضي الأوكرانية.. جذور الخل