الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


افطارات جماعية همجية

سامي الاخرس

2015 / 7 / 9
القضية الفلسطينية


إن الصورة التي تُعرف عن الفلسطيني، والتي انطبعت بذهن البشرية جمعاء هي تلك الصورة لطفلٍ يُقارع جند الاحتلال بحجرٍ، واطار مشتعل، وكوفية تعتمر هامته، وأن يحتضن الأب طفلة حاميًا له من رصاصات القتل الهمجية، وامرأة تبلقي بجسدها فوق ذاك الشاب الذي لا تعرفه لتحميه من بطش هراوات واعتقال المحتل. إنها صورة شاكر حسونة الذي سحلته قوات العدو في الخليل وهو شهيدًا، وصورة الطفل محمد الدرة الذي استشهد بحضن والده، وصورة هدى غالية الطفلة التي تحولت رحلتها مع ذويها لشاطئ البحر لفاجعة تودع بها كل ما تملك من عائلة شهداء بفعل هز وجدان الكون، فدوت صرختها قاطعة مسافات الصمت في ضمير إنسانية صامته لينتفض العالم على المحتل.. هي تلك صورة الفلسطيني التي رُسخت في ذهن العالم، والتي أصبحت تجذب أنظار الكون وأحراره لشد الرحال صوب فلسطين مناضلين، ثائرين يريدوا أن يلتحقوا برموز الفخر الفلسطينية... الشعب الأعزل الذي تحدى بكفه مخرز الصهيونية... فكسرت كل قواعد التفوق الهمجية الصهيونية العسكرة، وكسرت قاعدة الجندي الذي لا يقهر، فبدأت الحركة الصهيونية وأذنابها وعملائها بكل أطيافهم ومسمياتهم واشكالهم العمل الدؤوب لكسر هذه الصورة وسكب اللون الأسود عليها... واشتغلت الماكنة الصهيونية تبحث عن صور أخرى لتقدمها للعالم، لتكسر إرادة الشعب الفلسطيني، وتطمس صورته الناصعة في ذهن العالم المنتفض على الصهيونية... فما كان منها سوى أن تحرك عملاؤها ومواخير المال باشكال وسمميات مختلفة لتعيد إنتاج ثقافة الثورة بثقافة المال، وثقافة الإذلال والأمعاء، وتحول صورة الآمال التي عقدت على الفلسطيني لصورة اشمئزاز تقتلع الأمل من صدر أمة عربية كبرى تنتظر النصر ....فتنوعت الإنتاجية المقززة لصور المال والإطعام، موائد إذلالية، وأعراس جماعية مهينة، وجميعات خيرية تتستر بالخير والوطنية، وبثوب فلسطيني يعيد استنساخ الاستعباد لشعب لا يُستعبد.لم تعد أحزابنا الثورية تجد عيبًا أو انحلالًا أخلاقيًا في اللهث خلف من يقدم لها مال لأجل المال... مال أكثر أهدافه إذلال شعب يعاني الويلات، استغلالًا لحالته، فمنهم من يقدم أفراح جماعية بئس الأفراح التي تستهدف كرامة شباب وشابات، ومنهم من ابتدع افطارات بئس الإفطارات التي تلقي بالطعام من سيارة تسير بشوارع غزة تلقي بالطعام للمارة بشكل حيواني مقزز. ومنهم من يقدم طرود للتصوير وإذلال الفقراء والمعوزين والمحتاجين.فنجحوا في استبدال صورة شعبنا من صورة شعب ثائر حر، إلى صورة متسول جائع يلهث خلف طرد غذائي، وجبة مغمسة بالسم وبالإذلال، والأدهى أن من يمارس هذه الممارسات منهم من يطرح نفسه مناضل ومخلص لشعبنا.لهث الوطنيين كما لهث المتدينيين خلف المال السياسي، ضاربين بعرض الحائط الوطن وقضيته وهم مدركين أن هؤلاء لهم غايات أخرى، بل أنهم ارتضوا أن يكونوا أدوات لأجندة تسعى جاهدة لحرف النضال الفلسطيني، وتشويه صورة المواطن والشعب المنتفض دومًا.هذه المسألة لم تتوقف عند هذا الحد في ظل عدم وجود حد لهذه الظواهر التي تنتشر يومًا تلو يوم، ويتكاثر المستفيدون منها وطنيًا ودينيًا، وباسماء شتى، فتحولوا لأبواق مستترة تهدم ثقافة كللت بالدم ومسيرة شهداء طويلة، مستهدفين كرامة شعب ونضال شعب، لم يستطع قهر شعبنا بكل الوسائل فجند له هؤلاء لينالوا من كرامته وحريته.إن المشهد المتناقل بالإفطار الجماعي اخير كما المشاهد التي سبقته من أفراح جماعية وموائد جماعية ... إلخ لهو تعبير عن هجمة وهمجية المال الموجه من اتجاهات هدفها كسر الفسطيني، وتشوه صورته، وناقوس خطر لا بد أن يتم التوقف أمامه بكل مسؤولية، ونزع الغطاء عن وجهه الحقيقي، وهذا لن يتأتى إلَّا بفعلٍ حيوي ممن لا زالوا قابضين على الوطن، وعلى فلسطين قضية وهوية. فلابد من إعادة البوصلة لمسارها، وترميم ما كسره المال الموجه من طمس للحقائق.د. سامي الأخرس








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خيم اعتصامات الطلبة تتوسع في بريطانيا | #نيوز_بلس


.. أعداد كبيرة تتظاهر في ساحة الجمهورية بباريس تضامنا مع فلسطين




.. حركة حماس: لن نقبل وجود أي قوات للاحتلال في معبر رفح


.. كيف عززت الحروب الحالية أهمية الدفاعات الباليستية؟




.. مفاوضات للهدنة بغزة مع تحشد عسكري إسرائيلي برفح