الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أوكرانيا.. وما تكشفه من أسرار اللعبة الدولية

السيد شبل

2015 / 7 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


لم يعد خافيًا على أحد الدور الذي تلعبه دوائر الاستخبارات الغربية في أوكرانيا، بداية من استخدامها كورقة للضغط على الدب الروسي وتركيعه، ومرورًا بإثبات القدرة الفعلية على تغيير الأمور وإعادة إنتاج الثورات الملونة بما يتناسب مع الهوى الأمريكي، وانتهاءًا بالسعي لإنتاج نموذج فريد وجديد يمكن اعتماد آلياته ومآلاته، فيما بعد لإنتاج نماذج خبيثة متشابهة تؤتي ثمارها في كل مرة بما يتوافق مع المساعي الغربية للسيطرة والهيمنة.

فمنذ الأحداث الأوكرانية التي انطلقت برعاية مخابراتية غربية مع نهايات 2013، وانتهت بالإطاحة بالرئيس الأوكراني "فيكتور يانكوفيتش"، وهناك نشاط واضح و محموم لقوى متطرفة يعمل بعضها بشكل معلن تحت شعارات النازية الجديدة، وترتب على هذه الأنشطة جرائم عديدة ضد المدنيين في شرق أوكرانيا وجنوبها، ناهيك عن التنكيل الواضح والبين بمعارضي السلطة الجديدة التي تدير البلاد منذ مايو 2014، ولكن الدعم الأوروبي والأمريكي الذي يتلقاه حكام أوكرانيا اليوم، يقوم بدوره المطلوب في صرف أعين الجماعات والمنظمات الحقوقية عنهم وعن جرائمهم.

وبحسب ما تم نشره ضمن أعمال بحثية تناولت الشأن الأوكراني مؤخرًا، فإن البيت الأبيض أراد من خلال التدخل لـ “قلب النظام” في أوكرانيا، إسقاط الجسر الذي من الممكن أن يربط روسيا وأوروبا، بمعنى آخر فقد أرادت حصار الروس داخل حدودهم ومنعهم من التوسع غربًا، وكذلك إيجاد منطقة خطرة وملتهبة ومتوترة لا تسمح للزعماء الأوروبيين بالعبور منها في حال أرادوا توسيع العلاقات مع موسكو، وبهذا تضمن الولايات المتحدة استمرار دوران القارة العجوز في فلكها، ما يدعم ذلك هو حالة الهلع التي أصابت مديري السياسة الأمريكية، بعد أن توسعت العلاقات بين ألمانيا وموسكو، وتحديدًا منذ حديث فلاديمير بوتين في مؤتمر الأمن في ميونيخ في 2007، حينها وعت برلين أن مصلحتها ليست مع واشنطن، ولكن مع موسكو. وبتدمير الدولة الأوكرانية وتفكيكها وإشاعة حالة من الفوضى في أركانها، تكون أمريكا قد قضت على أحد أهم جسور الاتصال بين روسيا والأوروبيين.

المتطرفون من كل جانب في قبضة الشيطان

أما جديد أوكرانيا اليوم، فهو تحولها إلى بوتقة صهر بين النازيين الجدد وبين متطرفين "إسلاميين"، وهو أمر تم رصد بشائره منذ 2007، فبحسب ما يشير "المفكر الفرنسي تييري ميسان" قام الطرفان في ترنوبل (غرب أوكرانيا)، بدعم من وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، بتأسيس جبهة لمحاربة روسيا، وضمت منظمات من ليتوانيا وبولندا وأوكرانيا، بما في ذلك متطرفين "إسلاميين" من داغستان والشيشان وغيرها، وكان من أبرز قادتها دميترو ياروش، والذي أصبح الآن (بعد سقوط يانكوفيتش) مستشارا للقائد العام للجيش الأوكراني. و"ياروش" لمن لا يعرفه، هو زعيم حركة "القطاع اليميني" المتطرفة في أوكرانيا، وكان واحدًا من أبرز وجوه المحتجين الذين لجأوا للعنف الممنهج بهدف الإطاحة بـ"يانكوفيتش" في أوائل العام الماضي، والسيطرة على المباني الحكومية وقتل أفراد الشرطة الذين سعوا لفرض الأمن، وصادر بحقه من روسيا مذكرة توقيف دولية؛ فوق ذلك فقد وجه "ياروش" دعوات لقائد الانفصاليين الشيشان "دوكو عمروف" بهدف تقديم الدعم المسلح للقوى الاوكرانية المعادية لروسيا، و"عمروف" هو واحد من التابعين فكريًا للقاعدة، ومصنف كأحد أخطر الارهابيين عالميًا.

كل هذه الخيوط التي يتم الربط بينها في ضفيرة واحدة، تتم بأيادي المخابرات الأمريكية، بأسلوب ليس بجديد عليها، حيث تسعى من خلاله لتحقيق مصالحها، ولو كان على حساب العالم بأسره، وما تأسيس القاعدة ورعايتها ومدها بالأسلحة في أواخر القرن الماضي، ببعيد!.

وكانت صحيفة "النيويورك تايمز" قد نشرت تحقيقًا، تعرضت فيه لمسألة تواجد فرق مقاتلة "مسلمة" من الشيشان في مناطق بشرقي أوكرانيا على القرب من المناطق التي رفضت الانقلاب وتتلقى دعمًا من موسكو، بغرض تقديم المساندة الحربية للأوكرانيين المعارضين لروسيا، وأغلبهم يمينيون متطرفون ونازين جدد؛ وتحدثت الصحيفة مع أحد قادة تلك الفرق، والذي بدوره أكد أنه موجود على الأراضي الأوكرانية ليخوض حربًا - قد اعتاد عليها - ضد روسيا، وبحسب قراءة أولية لما أوردته الصحيفة عن رفض السلطات الأوكرانية تقديم أرقام حول عدد الشيشانيين الذين يحاربون على أراضيها، يتبين أن عددهم كبير ويحظون بقدر من الرعاية.

وحاولت الصحيفة تسويق الموضوع على أنه مقبول من جانب قطاع من الأوكرانيين، متجاهلة ثلاث مسائل، أولها، خطورة الفكر المتشدد المعادي للإنسانية بشكل عام الذي يحمله المتطرفون الشيشانيون، واستحالة أن يكون هذا الفكر خادمًا محتملًا لأي قضية إنسانية أو وطنية؛ وثانيها، أن القطاع الأوكراني المرحب بهذا الدعم لا يمثل بأي حال أغلبية أو أكثرية بين الشعب وأن معظمه متورط في التبعية الفكرية للنازيين أو الفاشيين الجديد؛ وثالثها، أن المسألة برمتها قد تم طبخها في أروقة السي أي إيه، والتي نجحت في التنسيق بين طرفين يبدوان للوهلة الأولى متناقضين (رغم أن للأمر مدخل تاريخي)، وأنها نجحت في التسويق هذه المسألة إعلاميًا على أنها حرب من أجل الحرية وغيرها من الشعارات البراقة التي يمر تحتها، كما المعتاد، أشد المخططات الغربية بشاعة وشناعة.

سوريا وأوكرانيا

ما يجري على المسرح الأوكراني من أحداث، يمكن أن يكشف لنا من وجه، جزءًا مما يجري على الأراضي السورية، ويسمح لنا بترجيح احتمالية تواجد "نازيين جدد" يخوضون المعارك إلى جانب حلفائهم المتطرفين، ضد النظام السوري، وبهدف تقويض أركان الدولة السورية وتدميرها، وكان الباحث إيهاب شوقي، قد أشار إلى هذه المسألة في مقال نشر في منتصف 2014، حمل عنوان "النازية العربية"، استهله بالتنبيه إلى واقعة نقل أسلحة نارية أوكرانية إلى الميليشيات المسلحة في سوريا، بهدف استخدامها في حربها مع النظام.

وبحسب ما يؤكده مراقبون منصفون للأحداث في كل من سوريا وأوكرانيا، فإن المخابرات التركية بإشراف أمريكي قد لعبت دورًا خطيرًا بداية من 2011 وتصاعد مع أواخر 2013 وانطلاق الشرارة الأولى للأحداث في أوكرانيا، حيث كانت بمثابة الجسر والمنسق الذي ينقل المقاتلين "الجهاديين" من سوريا إلى أوكرانيا والعكس، بحسب ما تتطلبه ساحات القتال في كلًا من البلدين.

ختامًا إن ما يجري على الساحة الدولية والإقليمية من أحداث يتطلب من كل ذي لب الانتباه، لأن المخطط الغربي الرامي لنشر الفوضى وتقويض الدول لا يستثني أحدًا، وهو يرى خصومه كلهم مربوطين في خيط واحد ويدير ضدهم ذات المعركة ويستخدم فيها نفس العملاء والخدام.. فهل آن لمن يطلبون النجاة من هذا المخطط الاتحاد ورؤية المعركة على أنها وجودية وأنها حرب كاملة وليست هجمات متفرقة تندلع دون رابط بينها، أم سيتركون مصيرهم للقطار الغربي العولمي ليدهسهم عندما يحين أوانهم ؟!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حيوان راكون يقتحم ملعب كرة قدم أثناء مباراة قبل أن يتم الإمس


.. قتلى ومصابون وخسائر مادية في يوم حافل بالتصعيد بين إسرائيل و




.. عاجل | أولى شحنات المساعدات تتجه نحو شاطئ غزة عبر الرصيف الع


.. محاولة اغتيال ناشط ا?يطالي يدعم غزة




.. مراسل الجزيرة يرصد آخر التطورات الميدانية في قطاع غزة