الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فمتى نبدأ أيها السوري؟

خالد قنوت

2015 / 7 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


الولايات المتحدة كدولة عظمى و فاعلة اساسية في منطقة الشرق الأوسط لا ترمي النرد ولا تتوسل ربها قبل أن ترسم سياساتها حول العالم ضماناً لمصالحها القومية و الاقتصادية و مصالح حلفائها و على رأسهم اسرائيل. الولايات المتحدة كدولة مؤسسات لا تصل إلى حدود إسقاط دولة أو تحويلها إلى دولة فاشلة إلا في حالة دولة مستعدة و مؤهلة موضوعياً و ذاتياً لهذا التحول حيث كان النموذج الأكثر استعداداً هو العراق لسقوطه كدولة اساسية في المنطقة بعد حكم استبدادي دموي لحزب البعث بقيادة صدام حسين و تشظيه عملياً لثلاثة اجزاء متنافرة و متقاتلة بعد تدخل امريكي عسكري مباشر فكان النموذج الأمثل للإدارات الامريكية المتعاقبة في السيطرة على العراق و مقدراته الهائلة و مستقبله لعقود طويلة.
في الحالة السورية ظهرت خشية الولايات المتحدة الامريكية من انهيار النظام الأسدي يوم لوحت فقط بالضربة التأديبية اثر مجزرة الكيماوي بالغوطة, كخشية حقيقية, خشية دولة عظمى لها حساباتها الدقيقة في التعامل مع الازمات الدولية و ذلك للأسباب التالية:
1- امريكا هي الدولة الأكثر معرفة بنظام الأسد, بعد بريطانيا, و بطبيعته و مراكز القوى فيه و تملك حقيقة أن النظام هو الأكثر تعاوناً مع اجهزتها الاستخباراتية كنظام خدماتي مصلحي يتعاون من الجميع و يساوم الجميع من أجل مصالحه كنظام عائلي همه البقاء على رأس السلطة في سورية بأي ثمن.
2- الادارة الامريكية تأخذ في حساباتها أن انهيار الدولة السورية ككيان, قد يخل بتوازن القوى الاقليمية مما يفقدها صمامات امان سياسياتها في الشرق الاوسط, حيث تنظر بعين القلق إلى حالة الانصهار التام الذي اقامه حافظ الأسد بين سلطته الامنية البوليسية و بين مؤسسات الدولة السورية على مدى عقود من حكمه, بحيث أن انهياراً في السلطة يعني انهياراً في مؤسسات الدولة و انفراط عقد سورية.
3- الولايات المتحدة و الدول الغربية لديها تصورات و دراسات معمقة عن الطبيعة الديموغرافية لسكان سورية و المنطقة ككل و عن الأزمات التاريخية التراكمية في نفوس و ضمائر السوريين, أزمات دينية و طائفية و مذهبية و اثنية رغم حالة القبول المتبادلة بين مجتمعات هذه المنطقة دون حالة مصارحة و مصالحة حقيقية, بمعنى أن هذه المنطقة جاهزة في حالات عنفية و فوضوية أن تستعيد إرثها الدموي الاقصائي لفرض حالة اكثرية لا سياسية في اضيق حالاتها.
4- التجارب العسكرية للولايات المتحدة في المنطقة و اقتناعها بنتائج حروبها في افغانستان و العراق كنماذج يمكن تعميمها على باقي دول المنطقة كدول محاصصات طائفية لامركزية تحكمها حكومات هشة مرتهنة, تصل للسلطة نتيجة توافقيات دولية و اقليمية و تكون فيها الميليشيات المجتمعية أقوى في الجيوش الوطنية الضعيفة و المرتهنة أصلاً, قد يكون هدفاً استراتيجياُ لامريكا.
5- بالنسبة للتنظيمات المتطرفة التي خرجت للعلن في سورية و العراق و رغم تعقيد الاسباب و التدخلات التي انتجت أو ساهمت في ظهورها إلا أن التنظيمات المتطرفة القاعدية و غير القاعدية هي مصلحة و حجة دولية لتدخل الدول سياسياً و عسكرياً و استخبارتياً في سورية الآن و مستقبلاً طالما أن هذه التنظيمات تؤدي اردوارها بدقة و تفان, بالقضاء على تسونامي الثورات و مطالب الحرية و الديمقراطية و في تفريغ الأرض من سكانها و تغييرها ديموغرافياً لتصبح جزراً طائفية و مذهبية و قومية يربط بينها الكراهية والتعصب و الدم.
قد تجد الولايات المتحدة أن سورية اصبحت جاهزة أو على نار الجهوزية للاسقاط كدولة و يأتي في هذا السياق التصريح الفظ لرئيس جهاز الاستخبارات الامريكي السابق مايكل هايدن, بأنه لم يعد هناك دول اسمها العراق و سورية في المنطقة إلا أن حسابات الادارة الامريكية قد لا تنطبق مع حسابات بيدرها في سورية لأنه و بكل بساطة أن سورية ثارت بمعظمها ضد نظامها الاستبدادي و الهمجي و كل قيم و اهداف الثورة في الحرية و التحرر و الكرامة و العدالة لم تذهب ادراج رياح العنف و التطرف و الدماء و الرايات السوداء و البيضاء و الصفراء.
إن بقاء ثنائية النظام الأسدي و تنظيمات القاعدة بمختلف فصائلها, تبقى مصلحة أمريكية حتى تنكسر الثورة أو حتى يرضى السوريون بدولة محاصصات بديلة فاشلة مستنسخة عن دولة العراق و يبقى على السوريين من كل الانتماءات, ثوار و معادين للثورة, فرصة وحيدة لإسقاط هذه الثنائية بالتمسك بهدف دولة للجميع, دولة المواطنة و لكن بشرط لازم هو إسقاط الأسد و محاكمة كل رموز الارهاب التي مارسها النظام الأسدي منذ عهد الطاغية حافظ الأسد للانتقال للشرط الكافي بإسقاط كل تنظيمات التطرف.
نعم, كل سوري معني و مسؤول أمام ضميره و أمام وطنه المنهك و أمام مستقبله و مستقبل اطفاله كي يطيح بأحلام و غايات حقيقية بمسح اسم سورية من خارطة العالم.
فمتى نبدأ؟؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العراق: السجن 15 عاما للمثليين والمتحولين جنسيا بموجب قانون


.. هدنة غزة تسابق اجتياح رفح.. هل تنهي مفاوضات تل أبيب ما عجزت




.. رئيس إقليم كردستان يصل بغداد لبحث ملفات عدة شائكة مع الحكومة


.. ما أبرز المشكلات التي يعاني منها المواطنون في شمال قطاع غزة؟




.. كيف تحولت الضربات في البحر الأحمر لأزمة وضغط على التجارة بال