الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشيعة والسنة مذهبين فقهيين ام حزبين سياسيين ؟

احمد عبدول

2015 / 7 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


من نافلة القول اننا ومنذ زمن بعيد نعاني من ضبابية حول جملة من المفاهيم والمصطلحات التي وجدنا عليها اباءنا فهرعنا على اثارهم دون ادنى تمحيص ومراجعة او تدبر ,ولا شك ان تلك الضبابية انما تشمل مختلف المجالات الفكرية والثقافية والعقائدية , فنحن على سبيل المثال نتعامل مع مصطلحي الشيعة والسنة على انهما مصطلحين مذهبيين فقهيين ,علما ان مصطلح الشيعة انما اشتق من التشيع بمعناه الاولي والبسيط ,والذي مثله عدد من الصحابة الاوائل امثال ابي ذر الغفاري وابو الاسود الدؤلي وعمار بن ياسر والمقداد بن الاسود وسلمان الفارسي, ما يسمى بأصحاب التشيع الخمسة ,وهؤلاء جميعا كانوا معروفين بالتشيع والتقرب والموالاة لعلي بن ابي طالب , لما وجدوه فيه من خصيصة للأيمان وسابقة للإسلام اضافة ,لما توافر عليه علي بن ابي طالب , من صفات ومميزات شخصية ,ثم اخذت تلك المفردة (مفردة التشيع) بعد ذلك بالانشطار والتوسع حتى اصبحت ثيمة بارزة, وعلامة فارقة, تدل على كل من يتخد من علي وأبنائه أئمة وهداة ,وكل من يسلك موقفا مناهضا ضد انظمة الجور والعسف والاستغلال السياسي والاجتماعي .
اما مصطلح السنة والجماعة فهو الاخر, كان قد تبلور ابان حادثة الصلح الشهيرة التي ابرمت بين ممثل البيت الاموي (معاوية بن ابي سفيان ) وبين سليل البيت النبوي الامام (الحسن بن علي بن ابي طالب ) ذلك الصلح الذي تضمن اكثر من شرط من جانب الامام الحسن وكان مرغما عليه لتحقيق جملة من المصالح والتي كان ابرزها حقن دماء المسلمين من الطرفين , الا ان (معاوية ) قد نكث بفقرات ذلك الصلح , ليضعه تحت قدميه حسب تعبيره هو , بعد ان تخلص من الامام عن طريق السم .
مصطلح السنة والجماعة ارتبط بذلك الصلح السياسي بشكل مباشر ومنه اخذ تسميته حيث ردد المسلمون بعد الاتفاق عناوين تشير الى لم الشمل ووحدة الصف ,ومن هنا كان لفظ السنة والجماعة على اعتبار ان السنة تدعو الى وحدة الكلمة ,ورص الصفوف .ولو اننا اجتهدنا في البحث عن مفردتي السنة والشيعة في القاموس الفقهي والمذهبي, لما وجدنا لهما اثرا ,لكننا نجد مصاديق ذينك المفردتين داخل القاموس الحزبي والسياسي, الذي تبلور فيما بعد عبر عقود من الزمن الذي تخللتة جملة من الحوادث والمتغيرات ,التي اسهمت بشكل واخر في صياغة متبنيات هاذين الحزبين الاسلاميين العريقين ,والدليل على ذلك ان المذاهب لا تتقاتل فهي مجرد طرق ووسائل لفهم النص القراني ليس الا , المذاهب لا تتصدى للحكم ولا تسعى للسلطة وليس لها مشاريع وتوجهات توسعية ,نعم يوجد هنالك مذهب اهل البيت ذلك المذهب الذي تصدر قائمة المذاهب الاسلامية والذي كان له قصب السبق في التطرق الى سائر المسائل والعقائد الكلامية والفلسفية , وهو المذهب الذي ارسى دعائمه بشكل متكامل وتفصيلي الامام (جعفر بن محمد الصادق 83هـ149هجرية ) لظروف مؤاتية كانت كان قد عاصرت الصادق آنذاك .
مذهب اهل البيت الذي يقوم على التمسك بالكتاب والعترة كما هو معروف اما المذاهب التي تعتمد الكتاب والسنة فهي المذاهب الاربعة كالمذهب المالكي( 93هجرية ـ179هجرية )والمذهب الحنفي (80هجرية ـ150 هجرية) والمذهب الشافعي (150هجرية ـ204هجرية ) والمذهب الحنبلي (164هجرية ـ ) اضافة الى مذاهب اسلامية متفرقة اخرى .
ليس من طبيعة المذاهب ان تتقاتل بل من طبيعتها ان تختلف ,فاذا تقاتلت فاعلم انها خرجت من خانة الدين الى عالم السياسة المتقلب واندرجت تحت مظلة المصالح الفئوية والشخصية والحزبية الضيقة .
الشيعة حزب اسلامي سياسي اتخذ من معارضة حكومات الجور موقفا على امتداد تاريخه الطويل, وله في ذلك سجل حافل في التصدي والصمود والتضحية. السنة حزب اسلامي سياسي اتخذ من السلطة دثارا له ومن الحاكم دريئة يدرء بها عن نفسه كل ما يهدد مصالحه وامتيازاته .لكن هذا لا يعني اننا نعتب على طرف دون اخر فقد اشترك الطرفان في مسؤولية ما وقع ويقع بينمها حتى كتابة تلك السطور ,هذه هي الحقيقة شئنا ام ابينا لكنها بالطبع حقيقة مرة لا يستسيغها الا من حكم عقله دون هواه.
المذاهب حالها حال سائر الاديان والحضارات والثقافات والنظريات العلمية والمعرفية ,لا تتقاتل كما اراد لها الكاتبين العالميين الشهيرين (فوكاياما ) وصموئيل هنتغون في كتابيهما صراع الحضارات ونهاية التاريخ بل انها تتكامل وتتعاضد لخلق حالة من الانسجام في جانب وحالة من الاختلاف المبرر في جانب اخر.
التشيع والتسنن ليسا مذهبين فقهيين ,بقدر ما هما حزبين سياسيين ,تبلورا على مرور العقود, وتعاقب الازمان, لينتهيا الى ايديولوجيا كأي ايديولوجيا اخرى ,ولعل ابرز وادل دليل على ان حقيقة التشيع والتسنن في صيغتيهما النهائية يدلان على انهم تكتل سياسي معين , انهما لا يشهدان اي صراع مسلح الا بعد ان تكون هنالك تحولات سياسية واجتماعية كبرى ,كما هو الحال بالنسبة للعراق بعد ان شهد ذلك التحول السياسي الذي مكن الشيعة من الحكم المباشر بعد ان غيب دورهم في الحكم والإدارة لأكثر من قرن .
المذاهب تولد من رحم فهم النصوص والاحاديث ليتسنى لها بعد ذلك تنظيم جملة من الاحكام والمرتكزات على ضوء تلك النصوص والاحاديث ,التشيع والتسنن لم ينبثقا من هكذا رحم بل انبثقا من رحم جملة من الحوادث والمحن السياسية التاريخية .اخيرا يمكن القول ان الشيعة والسنة انما يمثلان حزبين سياسيين ينتميان الى مرجعيات فقهية ومذهبية في حدود معينة ,لكن ان يكونا مذهبين عقائدين, فذلك امر لا سبيل الى اثباته بحال من الاحوال .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل توسع عمليات هدم منازل الفلسطينيين غير المرخصة في الق


.. عقب انتحار طالبة في المغرب مخاوف من تحول الأمر إلى ظاهرة بين




.. #فائق_الشيخ_علي: #صدام_حسين مجرم وسفاح ولكنه أشرف منهم كلهم.


.. نتنياهو يتوعد بضرب -الأعداء- وتحقيق النصر الشامل.. ويحشد على




.. في ظل دعوات دولية لإصلاح السلطة الفلسطينية.. أوروبا تربط مسا