الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اليونان المتمردة تغيّر ميزان الجيوستراتيجيا العالمية

جورج حداد

2015 / 7 / 10
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


استمرت المفاوضات بين الحكومة الوطنية اليونانية وبين "ترويكا" الدائنين الدوليين اكثر من خمسة اشهر حول طريقة تسديد المديونية اليونانية التي تبلغ مئات مليارات اليوروات.
الترويكا تدعو اليونان للانتحار
وقد تمخضت المفاوضات أخيرا عن "برنامج انقاذي" تقدمت به "الترويكا" (صندوق النقد الدولي، والاتحاد الأوروبي، والبنك المركزي الأوروبي) ويشمل تقديم قرض جديد بمئات مليارات اليوروات، يدفع على أقساط الى اليونان، لتمكينها من ايفاء أقساط الديون القديمة، ومن ثم جدولة الدين من جديد، ولآماد ابعد. وقد وافقت الحكومة الوطنية اليونانية على هذا الشق من "برنامج الإنقاذ" للترويكا.
ولكن مقابل هذا "البرنامج الانقاذي" طرحت "الترويكا" شرطا الزاميا هو ان تلتزم الحكومة اليونانية بالموافقة على تطبيق ما سمي "إصلاحات مالية" تنص على:
أولا ـ التوصل الى تخفيض كتلة الأجور المتوجبة على الدولة، عن طريق اغلاق المزيد من مؤسسات القطاع العام، وخاصة قطاع المواصلات السياحية بين الجزر، والتوجه نحو خصخصة هذا القطاع. وتخفيض الأجور والمعاشات التقاعدية.
ثانيا ـ رفع معدلات ضريبة القيمة المضافة (او ما يسمى في لبنان "ضريبة السنيورة" الـTVA) على المواد الغذائية من 8% الى 28% بالمتوسط.
وثالثا ـ تخفيض ميزانية الدفاع الى النصف.
الحكومة اليونانية ترفض وتفضح اهداف الترويكا
وقد رفضت الحكومة الوطنية اليونانية (وهي حكومة ائتلافية يسارية راديكالية ـ قومية ـ اورثوذكسية)، رفضت رفضا قاطعا هذه الشروط المسماة "إصلاحات مالية" لاجل إعادة جدولة المديونية، واعتبرتها:
أولا ـ غير صالحة بتاتا من الوجهة المالية ـ الاقتصادية، لانها ستؤدي، خاصة، الى زيادة نسبة البطالة التي تبلغ الان 25% عموما و60% بين الشبان، وتؤدي، عامة، الى المزيد من اضعاف القدرة الشرائية للسكان، وبالتالي اضعاف حوافز الإنتاج والتوظيف والقدرة التنافسية على التصدير، أي زيادة تعميق الازمة اكثر مما هي الان، وزيادة ارتباط اليونان بالحاجة الى المساعدات والقروض الخارجية، وجعلها اكثر تبعية اقتصاديا وسياسيا للدائنين الخارجيين.
وثانيا ـ هي دعوة مكشوفة لاذلال الامة اليونانية العريقة وتجويع الشعب اليوناني والتخلي عن سيادته الوطنية واضعاف قدراته الدفاعية، وجعل اليونان وقبرص لقمة سائغة تبتلعها تركيا الناتوية ساعة تشاء وبدون أي رادع.
اردوغان يدعو لاجتياح اليونان
ومعلوم انه خلال حملة الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي فاز فيها رجب طيب اردوغان برئاسة الجمهورية التركية، دعا الأخير "رعاياه" الى "ضرورة ان نستعيد أراضي اجدادنا!!!"، أي أراضي الإمبراطورية العثمانية. وفي مثل هذا "الجو العثماني ـ الداعشي" الذي اطلقه السلطان اردوغان، نشرت الصحافة التركية خريطة لما سمي "تركيا الكبرى". وضمت تلك الخريطة جزءا من أراضي شمالي سوريا والعراق، وجميع الأراضي اليونانية، وقبرص. ومع ان اليونان وقبرص هما عضوان في الاتحاد الأوروبي، واليونان عضو في حلف الناتو، فإنه لا أوساط الاتحاد ولا الحلف ولا حتى أوساط الأمم المتحدة أبدت أي بادرة اعتراض على النوايا العدوانية المبيتة ضد اليونان وقبرص التي كشف عنها اردوغان وطاقمه السياسي والعسكري و"الجهادي!!!" والإعلامي. واخذا بالاعتبار الدور التركي المفضوح في حشد وتسليح وتدريب واطلاق "الجيش الإسلامي!!! العالمي" من الأراضي التركية لمهاجمة سوريا والعراق، فإن حزبي الائتلاف الحاكم في اليونان: حزب سيريزا اليساري الراديكالي، وحزب "اليونانيين المستقلين" الأورثوذكسي صار من حقهما ان ينظرا بعين الشك والريبة الى برنامج "الإصلاحات المالية" التقشفية لترويكا الدائنين الدوليين، ويعتبرا ان هذه الاقتراحات تتجاوز النطاق المالي البحت، وتهدف عمليا الى افقار وتجويع الشعب اليوناني واضعاف قدراته العسكرية، وزرع القلاقل الاجتماعية والاتنية والدينية داخل اليونان، تمهيدا للتدخل التركي (كما حدث في قبرص سنة 1974) بحجة حماية الأقلية الألبانية و"المسلمين!!!" في اليونان. وحينذاك يتدخل الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو والأمم المتحدة لـ"قوننة" العدوان التركي وتثبيته.
الكتلة الغربية تواصل سياستها لابادة الشعوب المسيحية الشرقية
ويعرف كل من يعرف، و"لا يعرف" ولا يعترف كل من "لا يريد ان يعرف!" ان أوروبا الغربية والصهيونية العالمية هما اللتان دفعتا، خلال الحرب العالمية الأولى وما بعدها، عملاءها من جماعة "تركيا الفتاة" لابادة والتخلص من المسيحيين الشرقيين (الأرمن والاشوريين والسريان واللبنانيين واليونانيين) الذين كانوا يتعاطفون مع الشعب الروسي ثم مع الثورة الروسية في 1917.وعلى هذا النسق ذاته، فإن الكتلة الغربية مستعدة الان لفعل أي شيء للقضاء على وجود الشعب اليوناني وتسليم الأرض اليونانية لـ"تركيا الكبرى"، فقط وفقط لقطع الطريق على احتمال قيام حكم يساري دمقراطي شعبي حقيقي في اليونان، يهدد بنقل "عدواه" الى كل أوروبا (وأميركا؟!!!)، والذي هو في الوقت نفسه حكم "مسيحي شرقي" حقيقي (لا بالمعنى الديني ـ الطائفي ـ السياسي، بل بالمعنى الحضاري ـ التاريخي) يهدد بفضح جميع المخازي والجرائم التاريخية بحق الإنسانية، من قبل اليهودية العالمية والمسيحية الغربية، منذ تحويل الشعب القبطي (المصري!!!) الحر الى شعب عبيد لفرعون على يد تاجر الحنطة الاحتكاري يوسف التوراتي وعشيرته العبرانية المتوحشة، الى غزو فلسطين على يد الجزار يشوع بن نون التوراتي، الى صلب السيد المسيح، الى قتل وابادة ملايين المسيحيين الأوائل، الى تثبيت نظام العبودية الروماني والتمييز بين البشر على أساس العرق واللون والطبقة، وهو ما كرسته روما واضفت عليه طابعا "مسيحيا مزيفا" (مسيحيا غربيا)، الى جعل التجارة بالبشر (تجارة الارقاء، ولا سيما "الاماء"، أي النساء السبايا المسيحيات الشرقيات: الروسيات والسلافيات والاغريقيات والارمنيات والحبشيات) وهي اكبر "تجارة عالمية" كانت سائدة في القرون الوسطى المبكرة، وكان يشارك فيها المغول والتتار والشركس والعثمانيون والصليبيون الشماليون، ويديرها اليهود العبرانيون والخزر من بحر قزوين، الى البحر الأسود، الى البحر الأحمر، الى البحر الأبيض المتوسط الى الاندلس؛ الى الحروب الصليبية؛ الى تسليم القسطنطينية للعثمانيين؛ الى "اكتشاف" وغزو اميركا وتنظيم اليهود والبروتستانت التوراتيين الملتحقين بهم لابادة 112 مليون هندي احمر في اميركا الشمالية والاستيلاء على أراضيهم باسم "الوعد الإلهي"؛ الى احتلال اميركا الجنوبية بالسيف والمدفع والسوط و وتخيير سكانها الأصليين بين الموت او البقاء على قيد الحياة بشرط تقبل "الكثلكة مع العبودية"؛ الى غزو واستعباد افريقيا واسيا باسم "الحضارة" و"التمدن المسيحي!!!"، وصيد وتصدير 100 مليون افريقي للعمل عبيدا في اميركا (مات تسعة اعشارهم في الطريق، وكانت جثثهم تلقى في البحر كالنفايات، بدون اية طقوس دينية واي احترام للكائن البشري)؛ وكل ذلك كان يجري باسم "المسيحية!!!" و"التبشير!!!" و"التنصير!!!". الى ـ أخيرا لا آخر ـ تواطؤ الفاتيكان والكنيسة والبنوك الاميركية لظهور الفاشية والنازية في أوروبا واشعال الحرب العالمية الثانية وابادة عشرات ملايين السوفيات واليونانيين والصربيين واليهود وغيرهم باسم "محاربة الشيوعية".
الفاتيكان عليه ان يعترف بتشويه المسيحية والاخطاء والجرائم التاريخية
والكتلة الغربية برمتها تعلم انه اذا قدر لليونان المستقلة ان تقف بقوة على قدميها، فإن الكنيسة المسيحية اليونانية، التي هي من اعرق واهم الكنائس المسيحية في العالم، ستضم صوتها الى صوت الكنيسة الروسية، وستطالب ـ كما طالبت البطريركية الروسية في وقت سابق ـ بأن يعترف الفاتيكان بأخطائه التاريخية، وان تعترف جميع الدول الغربية الكبرى بجرائمها التاريخية ضد الإنسانية، وتدفع التعويضات العادلة للشعوب المظلومة، بما فيها الشعب اليوناني العريق، قبل مطالبة اليونان بالديون التي لا تمثل سوى جزء يسير مما يحق لليونان على الفاتيكان والصليبيين، وتركيا والعثمانيين، والنازية والفاشية الألمانية والإيطالية واليهودية العالمية والامبريالية الأميركية.
حكومة تسيبراس ترفض والترويكا تنذر
ولكن الحكومة اليونانية، برئاسة الزعيم الوطني والثوري أليكسيس تسيبراس، رفضت رفضا قاطعا القبول بتطبيق وصفة "الإصلاحات المالية" للترويكا، فأصدرت الترويكا إنذارا للحكومة اليونانية بالقبول بـ"الإصلاحات"، والا ستبدأ الترويكا باتخاذ إجراءات مضادة لليونان، منها اعلان الإفلاس، والفصل من الاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو وغيرها، وحددت مدة نهاية الإنذار في 5 تموز الجاري.
ولتبرير سياستها الامبريالية المعادية لليونان، ادعت ابواق الترويكا كالعادة انها تدافع عن "الدمقراطية" و"حقوق الشعب اليوناني"، وان حكومة تسيبراس هي حكومة الأقلية اليونانية ولا تمثل الشعب اليوناني تمثيلا حقيقيا، بل تمثل جزءا فقط من الشعب اليوناني، وتعمل ضد ارادته ومصلحته ككل.
اليونان ترد على التخرصات "الدمقرطية" المزيفة
وردا على التخرصات "الدمقراطية" للبروباغندا الغربية ولجميع القادة الغربيين جلادي الشعوب، من أوباما الى ميركيل الى اولاند وبقية الكومبارس والكاراكوزات في الناتو والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، اجتمعت الحكومة اليونانية في ليل 29 حزيران الماضي، وقررت اجراء استفتاء شعبي يوناني عام حول الموافقة او عدم الموافقة على "الشروط الانقاذية!!!" الغربية. واعلن الزعيم تسيبراس انه اذا وافقت اغلبية الناخبين على تلك الشروط، فإن حزبه يستقيل من الحكم فورا وينتقل الى صفوف المعارضة. ودعا تسيبراس المواطنين الى التصويت بـ"لا لخيانة استقلال اليونان". وفي اليوم الثاني عقد البرلمان اليوناني اجتماعا حضرته جميع الأحزاب المؤيدة والمعارضة لحزب سيريزا، وأقر البرلمان اجراء الاستفتاء في 5 تموز (يوم نهاية مهلة الإنذار الغربي). وصيغت أسئلة الاستفتاء بطريقة قانونية "حيادية" تتضمن الشروط الغربية بدون أي تعليق او ايحاء او ابتسار. وكانت كما يلي: "هل تؤيد تخفيض الأجور والمعاشات؟ هل تؤيد زيادة الـ (TVA) على المواد الغذائية من 8 الى 28%؟ هل تؤيد تخفيض ميزانية الدفاع؟" على ان يكون الجواب واحدا على الأسئلة الثلاثة معا: نعم او لا.
ونشرت أسئلة الاستفتاء في وسائل الاعلام، واطلع عليها الدائنون الخارجيون انفسهم، وكل جوقة الاعلام الغربي المأجور. ولم يصدر عن أي من الأطراف المتربصة باليونان وحكومتها الوطنية أي اعتراض على صحة وقانونية أسئلة الاستفتاء.
وفي يوم 5 تموز، وبحضور مراقبين من جميع انحاء العالم، وخصوصا من قبل عصابة مصاصي دماء الشعوب، الغربية، الترويكا وغيرها، وشهود الزور التابعين للأمم المتحدة، جرى الاستفتاء بكل هدوء وبدون أي حادث امني او تسجيل أي مخالفة، ودامت العملية التصويتية من الساعة 7 صباحا حتى الساعة 7 مساء. ولتسهيل عملية المشاركة للمواطنين المحتاجين قررت الحكومة مجانية النقل في وسائط النقل العامة في يوم الاستفتاء.
وفي المساء تلقت "الترويكا" والاتحاد الأوروبي والناتو وأميركا وتركيا الصفعة "الدمقراطية" الكبرى من الشعب اليوناني، اذ أعلنت النتائج كما يلي:
ـ شارك في التصويت 65% من الناخبين المسجلين.
ـ صوت 61% بـ لا للشروط الغربية
ـ وصوت 39% بـ نعم .
وافادات الكثير من استطلاعات الرأي التي أجرتها مؤسسات بحثية محايدة، ان نسبة كبرى من الذين صوتوا بـ نعم ، لم يفعلوا ذلك لانهم يؤيدون الشروط الغربية المجحفة، بل لانهم يخافون من المستقبل المجهول اذا تم تنفيذ التهديدات بفصل اليونان من الاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو.
وقد رد الزعيم تسيبراس على هذه التخوفات المشروعة لهؤلاء المواطنين، بـ"اننا نصر على البقاء ضمن الوحدة الأوروبية، ولكن ضمن شروط كرامة وسيادة واستقلال وسلامة أراضي اليونان".
كل اليونان مع الزعيم الوطني تسيبراس
وفي اليوم التالي اجتمع البرلمان اليوناني من جديد، وصادق على نتائج الاستفتاء. وفي الوقت ذاته اصدر البرلمان قرارا جديدا، مثـّـل الصفعة الثانية غير المتوقعة للترويكا والاتحاد الأوروبي والناتو وأميركا، وهي انه في المفاوضات القادمة، فإن تسيبراس وحكومته لا يمثلان فقط الحزبين المشاركين في الحكومة الائتلافية، بل يمثلان كل اليونان، بشخص كل الأحزاب المشاركة في البرلمان، الموالية والمحايدة والمعارضة.
والان يذهب تسيبراس الى دورة المباحثات الجديدة مع الترويكا ومعه تفويضان: تفويض رفض غالبية الناخبين اليونانيين للشروط الاذلالية الغربية. وتفويض كل الأحزاب اليونانية له، بما فيها الأحزاب اليمينية الموالية للغرب.
المجرم يخشى النظر في وجه الضحية
ولحفظ ماء الوجه، صرحت انجيلا ميركيل "بأننا لن نقدم أموالا جديدة لليونان بدون برنامج إصلاحات مالية". وصرح الرئيس الفرنسي "الاشتراكي!!!" اولاند بأن فرنسا ستجري محادثات ثنائية مع الحكومة اليونانية. اما وزير الخارجية الألماني شتاينماير (الذي ربما تذكر ان الشعب اليوناني هزم جيش الاحتلال الفاشستي الإيطالي في الحرب العالمية الثانية، وقاتل ببسالة منقطعة النظير ضد جيش الاحتلال الألماني النازي، وقدم 1.700.000 شهيد. والان، من يؤكد ان اليونان الغاضبة ن تطلب كشف حساب تاريخي من تركيا وأوروبا وأميركا واليهودية العالمية. ومن يؤكد انه، مثلما "يحق" لجورجيا وأوكرانيا ودول البلطيق وغيرها الانضمام الى حلف الناتو ضد روسيا، فإنه لا يحق أيضا لليونان الخروج من حلف الناتو. وان اليونان الغاضبة يمكن ان تعقد اتفاقية دفاع مشترك مع روسيا، وبين ليلة وضحاها يمكن لمجموعة من الجزر اليونانية ان تصبح قواعد عسكرية بحرية ـ جوية ـ صاروخية ـ نووية، روسية، تطبق الخناق على تركيا والقوقاز والبحر الأسود والبلقان، من جهة، وعلى كامل المساحة الأوروبية، من جهة ثانية، وعلى حوض البحر الأبيض المتوسط، من جهة ثالثة) ـ نقول: ان شتاينماير صرح بكل دبلوماسية: "ان الاستفتاء اليوناني كان قانونيا وشفافا وصحيحا. والنتائج كانت واضحة تماما. ونحن علينا ان نحترم إرادة الشعب اليوناني في أي مباحثات قادمة".
موسكو تحضّر الجزرة والعصا لتركيا واوروبا
وعلينا ان نذكر هنا ان تسيبراس قام في شهر نيسان الماضي بزيارة عمل خاصة الى موسكو واجتمع مع الرئيس بوتين، الذي ابلغه ان روسيا لن تساعد اليونان بالاموال والقروض، بل بالتوظيفات الاستثمارية التي تحتاجها البلاد لتطوير انتاجها وصادراتها. وفي أواسط شهر حزيران، وخلال حضور تسيبراس للمنتدى الاقتصادي العالمي الذي عقد في بتروغراد، وقع الرئيس بوتين مع تسيبراس اتفاقا خاصا لتمديد خط الغاز الروسي ـ التركي (المسمى "السيل التركي") الى اليونان، التي ستصبح هي الموزع الرئيسي للغاز الروسي في أوروبا الشرقية والوسطى والجنوبية. وقد صمم الخط ان يعبر الأراضي التركية الى الحدود اليونانية مع تركيا. وفي اخر الجزء التركي من الخط يتم بناء "الترمينال" (المحطة الرئيسية الأخيرة) ومستودعاتها الضخمة ومضخاتها الخاصة. ومن هذا "الترمينال" يعبر الغاز الروسي المخصص للبلدان الأوروبية. ومن اليونان يتم التوزيع بكل متفرعاته. وفي هذه الحالة تحصل تركيا على مستحقاتها من رسوم الترانزيت الى كل بلدان أوروبا المعنية، وتحصل اليونان على كل مستحقاتها من رسوم الترانزيت والتوزيع ضمن ومن خلال أراضيها.
أوكرانيا ستلبس اسمها من جديد
ونظرا للعلاقات القومية والحضارية والروحية، الخاصة، بين روسيا وأوكرانيا، كانت روسيا تطمح لتطوير دور أوكرانيا كموزع رئيسي للغاز والنفط الروسيين الى أوروبا.
ولكن "بفضل" الانقلاب الاميركانو ـ فاشستي المعادي لروسيا والروس والناطقين باللغة الروسية، في كييف، فإن أوكرانيا فشلت في الاضطلاع بدور همزة وصل للتعاون القاري الروسي ـ الأوروبي. وهي على طريق الانهيار كدولة بسبب هذا الفشل. ولن يكون لها أي مستقبل الا العودة كما كانت في القرن التاسع عشر "أي: مقاطعة روسية اطرافية" (تماما كما يدل اسمها: أوكرانيا = طَرَفية).
الكرة في ملعب الأوروبيين والأتراك
فهل ستنجح اليونان الجديدة في ما فشلت فيه أوكرانيا، وتتحول الى همزة وصل للتعاون الروسي ـ الأوروبي، عبر التعاون اليوناني ـ التركي، باشراف وضمانة الدولة الروسية الكبرى والقوية، وشعبها المسيحي الشرقي العظيم، وقيادتها المخلصة لمبادئ التعاون الدولي الخلاق بين الشعوب؟
ان هذا يتوقف على قدرة الشعوب الأوروبية على التخلص من الوصاية الأميركية واسقاط الأوساط الاحتكارية ذات النزعات المتعجرفة الصليبية ـ النازية، وطبعا قدرة الشعب التركي على التخلص من الواهمين بعودة "قصور الحريم" وعودة "السلطنة العثمانية او الداعشية" او "الجمهورية التركية الكبرى الاتاتوركية".
ــــــــــــــــــــــــــــــ
*كاتب لبناني مستقل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ردا على صديقي اليوناني
محمد بن عبدالله عبد المذل عبد المهين ( 2015 / 7 / 11 - 00:39 )
على صديقي اليوناني القائل إن اليونانيون القدامي اخترعوا الديموقراطية وعلموها للعالم رددت قائلا:
(((بعد سماعي لخطب الكسيس تسبراس ومشاهدتي لأستاذ الاقتصاد البلطجي فاروفاكيس تأكدت أن الديماجوجية هي أيضا من انتاج هذا الشعب العريق !)))


2 - اليونان عادت الى الشرق
جورج حداد ( 2015 / 7 / 11 - 08:17 )
اخي الاستاذ محمد ربما كان تسبراس ديماغوجيا ارسطويا وفاروفاكيس بلطجيا اسكندراويا ـ ولكن بالتأكيد ان اليونان (او ما تبقى منها بعد سلبها اسيا الصغرى وتراقيا والقسطنطينية وغاليبولي) قد حسمت امرها مجددا لجهة الانتماء الى الشرق والوقوف ضد الغرب الغاصب المستعمر
لقد بدأت المعركة التاريخية المتواصلة الى الان بين الشرق والغرب بالحرب بين روما وقرطاجة. وقد انتصرت روما لانها كانت تدافع عن النظام العبودي الوحشي لانه -اكثر انتاجية-، وانهزمت قرطاجة لان -الحزب الشعبي-فيها بزعامة البرقيين كانت تدافع عن المشاعية البدائية اي مجتمع المنتجين الاحرار لانه كان النظام الاكثر انسانية ولكن -الاقل انتاجية-، وجاءت المسيحية كاستمرار للحرب على روما ولكن بصيغة اخلاقية ـ دينية ـ سلموية (على طريقة غاندي في زمننا)فالمسيح كان استمرارا لهنيبعل، ووقفت اغريقيا بين المعسكرين. ويوم اكتشف القيصر قسطنطين ان امه هيلانة صارت مسيحية ذهل، واتخذ قراره بقتل امه ولكن ليس جسديا بل روحيا، وقرر تبني المسيحية وجعلها دين الدولة الظالمة ذاتها التي يناضل ضدها المسيحيون الشرقيون. في مطلع الالفية الثانية اتخذت بيزنطية قرارها بالانشقاق التام


3 - اليونان تعود الى الشرق ـ 2
جورج حداد ( 2015 / 7 / 11 - 08:37 )
عن روما والعودة الى الشرق ، فاتخذت روما قرارها بتوجيه الحملات الصليبية الشرقية ضد فلسطين مهد المسيحية الشرقية وضد بيزنطية (الحملة الصليبية الرابعة) والحملات الصليبية الشمالية ضد روسيا الفقيرة التي كانت قد انضمت الى المسيحية الشرقية ايضا
وقد تحالف المغول والتتار والشركس والعثمانيون واليهود الخزر وطبعا العبرانيون مع الصليبيين ضد روسيا في الشمال الشرقي، وضد المسيحيي والمسلمين العرب واليونانيين. واستطاعت روسيا سحق الصليبيين الشماليين والمغول والتتار والشركس والخزر سحقا تاما، وكان ذلك هو المقدمة الواقعية لهزيمة الصليبيين في الشرق
الان ـ بعد سقوط الاقنعة والبراقع الايديولوجية المزيفة ، تعود المعركة التاريخية بين الغرب الاستعماري العبودي والشرق الطامح الى الحرية والكرامة الانسانية ، تعود المعركة للظهور بوجهها الحقيقي السافر
لقد كانت مسيحية القديسة هيلانة مسيحية الانسان ـ الانسان المعادي لروما، اما مسيحية قسطنطين فكانت مسيحية القيصر الطاغية -المترومن- المستبد
الان تعود اليونان -الناتوية- الى -مسيحية هيلانة- والوقوف ضد الغرب الذي يريد تسليم اليونان الى اردوغان وداعش والشيطان

اخر الافلام

.. ممر رملي قد يدهشك وجوده.. شاهد كيف عبَر إماراتي من جزيرة إلى


.. حزب الله يعلن استهداف موقع السماقة الإسرائيلي في تلال كفر شو




.. لماذا تضخ الشركات مليارات على الذكاء الاصطناعي؟! | #الصباح


.. حكومة نتنياهو تستعد لتطبيق فكرة حكم العشائر خاصة في شمال غزة




.. هل يمكن للأجداد تربية الأحفاد؟ | #الصباح