الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التشكيل الشعري

صبري هاشم

2015 / 7 / 10
الادب والفن



إجاباتٌ مُختارة مِن بعضِ الحواراتِ المنشورةِ والتي لم تُنشربعد .
***

* 1 ـ
مِن خلالِ متابعتنا لشعرِكَ لفتَ انتباهنا تلك القصائد الطويلة التي تَعتمدُ نَفَساً سردياً ، فكم مِن الشحناتِ الشّعريةِ تحملُ تلك القصائد مِن وجهةِ نظركَ ؟

ــ إذا كانت القصيدةُ الطويلةُ أُكذوبةً حسب أدغار آلان بو لأنّ كتابتَها تتطلّبُ توتراً نفسياً عالياً وضغطاً عصبياً كبيراً ولمدةٍ طويلةٍ لا يقوى عليها أيُّ شاعرٍ مهما كان عظيماً ومهما كان موهوباً فإنَّ قصيدةً مِن هذا النوع يمكنُ أنْ تتحققَ مِن خلالِ كتابةِ مقاطعَ شعريةٍ تُكتبُ في فتراتٍ زمنيةٍ مُتفاوتةٍ لموضوعٍ واحدٍ يظلُّ يراودُ الشاعرَ ومِن ثُمَّ يجري تشكيلُها في جسدٍ واحدٍ تنتجُ مِنهُ قصيدةٌ شعريةٌ ، على شرطِ أنْ تكونَ تلكَ المَقاطعُ مِن شكلِ قصيدةِ " الحريةِ " المُجنّحةِ التي تقبلُ جميعَ الأشكالِ الشعريةِ الأخرى : العمود الشعري والتفعيلة والنثر وغير طاردةٍ للأوزانِ المُختلفة والقوافي إنْ هي جاءتْ بصورةٍ عفويةٍ وعليه ستكونُ عندئذٍ شكلاً شعرياً جديداً ـ رابعاً ـ يحملُ مِن الشِّعرِ الكثير .

** 2 ـ
تساءل بعض الحضور عن بناء القصيدة الفني لديك حيث استشعر البعض مقاطع موزونة مقفاة وأخرى تقترب من النثر .. أي أن هناك تعدداً في مستويات البناء في القصيدة الواحدة خاصة وأنك أشرت في إجابتك إلى هذا التعدد وإلى شكلٍ شعريٍّ محتمل .

ــ إذا اتفقنا على أنَّ الشعرَ روحٌ توجّبَ علينا أنْ نسكبَ هذه الروحَ أو معاناتها بأيِّ شكلٍ شعريٍّ .. كما يتوجبُ علينا أنْ نوصلَ لحظةَ الفرحِ و الحزنِ أو شدّةِ الحنين والألم بما يتناسبُ مع البرقةِ أو الومضةِ الشعريةِ الأولى وبصورةٍ مُكثّفةٍ وأكثر إدهاشاً فإذا اجتمعَ كلُّ هذا خلال لحظةٍ في نصٍّ ما ، نأت بنا الحالُ عن اختيارِ الشكلِ الشعريِّ ومضت القصيدة بانسيابية وبالتالي استبعدنا النّظم .. نحن فُطرنا على شكل القصيدةِ القديم " العمودي " ثم هوينا بهذا العمود على يد قصيدة التفعيلة ثم دخل الشكلُ الثالث " قصيدة النثر" وظلَّ يُنازعُ التفعيلةَ المكان وكتبنا منه ملايين القصائد فلماذا لا نقبلُ شكلاً يستوعبُ جميع هذه الأشكال ولا يكون طارداً لأيٍّ منها .. بمعنى أنْ تصبَّ جميع هذه الأشكال في قالبٍ شعريٍّ جديد بعفوية تامة وسنصطلحُ عليه ــ مثلا ــ " قصيدة الحرية " وهي قصيدةٌ مجنّحة وهائمة ، وعلينا أنْ نقبلَ دخولَ القافية وكذلك بعض الأوزانِ إنْ جاءت بشكلٍ طارئٍ وعرضيٍّ ولتلك اللحظة فقط ودون استدعاءٍ مِن قبلِ الشاعرِ على القصيدةِ الخاليةِ مِن النثريةِ وأعني " قصيدة الحرية " أو الشكل الجديد المتدفق شعريةً والرافض لأيِّ مفردةٍ لا تحمل شحنتها الشعرية وموسيقاها كالتي يستخدمُها في العادةِ كتّابُ قصيدةِ النثرِ من مثل إقحام مصطلحاتٍ كيميائية ورياضية وعسكرية وفيزيائية وأرقام وإشاراتٍ لا طاقةَ للشعرِ على استيعابِها وقبولها . الشعرُ هو ما يُسطّرُ على الورقِ مباشرةً أو يُقالُ شفاهاً دفعةً واحدةً .. هو ما يخرجُ مِن صدرِ الشاعرِ مباشرةً ، هو دفقاتُ دم القلب ، صراخُ الرّوح ، دون أنْ يخضعَ للتقطيعِ أو أنْ يوضعَ في ميزانٍ ما ومن ثم يخضعُ لتصنيفاتِ البحورِ أو للحذفِ والإضافاتِ الكثيرةِ التي لم تُبقِ مِن ملامحِ القصيدةِ الأولى شيئاً .. فالخلاف الدائم بين أنصار هذه القصيدة أو تلك يحصل على الشكل في الغالب وليس على كمية الشِّعر في القصيدة ، فالمُتعصبون للقصيدة العمودية مثلاً ، يقبلون قصيدةً منظومة خالية من الشعر ويرفضون قصيدةً مكتنزة شعراً خالية من النّظم . إنها وجهةُ نظر وليست تنظيراً فأنا لستُ بارعاً في هذا المضمار .. إنه رأي قابل للخطأ والصواب في خضم هذا الحوار السريع .


*** 3 ـ
وجدنا لديك قصائدَ ـ وهي كثيرة ـ ببناءٍ غير مألوفٍ في كتابة الشِّعر ، مثل حصر المقاطع بين أقواس صغيرة مُزدوجة يسبقها ويليها التنقيط .. إلى ماذا تشير بهذا ؟

ــ تلكَ قصائدُ تُؤَسَسُ على شكلٍ شعريٍّ يقبلُ في قالبٍ واحدٍ جميعَ الأشكالِ الشعريةِ الأخرى ولا يكونُ طارداً لأيٍّ منها .. يقبلُ في لحظةِ الكتابةِ عموداً وتفعيلةً ونثراً على شرطِ أنْ يكونَ للمفردةِ المُموسقةِ التي تحملُ شحنتَها الشّعريةَ مَعها ، مثلما تَفْرضُ حضورَها الطّاغي وسلطانَها الشعريَّ المُتسيّدَ .. قصائدُ كهذهِ تنزعُ نحو الحريةِ المُطلقةِ التي تُتيحُ للقارئ التّنقّلَ بين مقطوعاتٍ شعريةٍ متضامنةٍ مع بعضِها والتي تُشكِّلُ جسدَ القصيدةِ ضِمْنَ وحدةٍ شعريةٍ مَتينةٍ .. كما تُتيحُ لهُ الإطلاعَ ـ في أكثر القصائد ـ على خُلاصةِ المَعْنى المُقتبسةِ مِن جوهرِ النّصِّ والمَحْصورةِ بين قَوْسين صَغيرتَين مُزدَوجتين ونقاطٍ والتي تكفلُ له فتحَ أبوابٍ على التّأويلِ . والقصيدةُ بهذا المَعنى " مُجنّحةُ الخيالِ " ، تَمتلكُ قدرةً فائقةً على التّحليقِ في عالمِ بلا حدودٍ مِن أجلِ التقاطِ الصورةِ الشعريةِ الأبهى ، وحريةً أكبر في القولِ ولها طاقتها الشّعريّة المُدهشة .. قصيدةُ " الحريّةِ " المُجنّحة هذه تمنحُنا تَدفّقاً شعرياً مُذهلاً وترفضُ في نفسِ الوقتِ المُفردةَ الخاملةَ التي لا تَحملُ شحنتَها الشعريةَ معها.
***








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد


.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش




.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??