الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التدليس.. والمادة الخام للخرفنة

هاني عفيفي

2015 / 7 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


اللحظات الفارقة أو التي أعتيد علي تسميتها تبعًا للتراث العربي أوقات الفتن هي تلك اللحظة التي يظهر فيها نتاج تلك العملية الانتاجية في التبلور بشكلها النهائي للعالم فالخرفنة هي عملية لتبادل المنفعة بين طرفين تتحول لتفاعل كيميائي اجتماعي بدخول طرف ثالث في هذه المعادلة يختلف تمامًا مع الأول أو الطرف الأصيل في عملية الحراك فينتج التفاعل النهائي كراهية للخروف واحتقار له من قبل الطرف الجديد.
في الحقيقة تبدأ دائمًا عملية صناعة الخروف بالجذب وذلك يحدث قبل أوقات التردد في الحسم وبخاصة في أوقات الجزر أو أوقات ما قبل الثورة كما أن عملية الجذب تلك تحدث أيضًا في ظل الهياج الثوري ولكن بنسب أعلي حينها يكون هناك طرف في المجتمع أو في اللعبة السياسية يقف معلنًا عن نفسه بديلا بقوة أمام سلطة نظام يدور في رحي السقوط أو هناك محاولات لاسقاطه و في حينها غالبًا ما تكون كل أصوات المعارضة أصواتًا منطقية و ذلك تبعًا لتغير أهواء الجماهير فينجذب كل طيف من أطياف الجماهير لمن يشبهه من المعارضين الموجودين علي الساحة
مع بدء الجماهير في ترديد الخطاب السياسي و الاجتماعي تكون فصائل المعارضة قد بدأت في كسب الأرض التي ستناور بها النظام الذي تعارضه قد يستمر الوضع مع أغلب هذه الجماهير علي الولاء الضمني المستتر خوفًا من قبضة السلطة إلي أن تأتي لحظة فارقة كلحظة الثورة و التي يحدث فيها انفجار جماهيري وانفجار في الأفكار والتنظيرات في حالة من التفاعل الطردي بين التحليلات والجماهير مما يكسب قوي المعارضة التي كانت تعمل بشراسة لعرض بدائل للنظام الذي سقط توًا –سواء هذا البديل جماهيري أو بديل منها نفسها- قوة جماهيرية دافعة لها لاستمرار اجتثاث النظام الذي يتعرض للسقوط مما يؤدي لاختلاط كل المؤيدين وفتح النقاش السياسي علي أوسع النطاقات في كل مكان –وكأن هذه الجماهير ترتوي من السياسة التي حرمت منها- مما يؤدي لعرض كل وجهات النظر في القضايا المتاحة علي الساحة فينتج عنه كسب أرض جديدة لأكثر الفصائل اتساقًا مع نفسية الجماهير أو أكثرها تنظيمًا فتكون المحصلة النهائية تمدد هائل في فئة المتعاطفين قد تكون تلك أحد أهم المراحل لصناعة الخروف ولكنها مرحلة وسطية تحكمها ضبابية المشهد السياسي الذي يسعي للاستقرار سواء علي بر الثورة أو الاصلاح أو حتي علي بر الثورة المضادة .
ومع زيادة وتنوع المتخاصمين علي السلطة و وجود أكثر من حالة شد في اتجاهات مختلفة –تتميز هذه الفترة بتقارب كبير بين الحلول المطروحة حتي أن الحدود الفاصلة بين كل طرف والآخر تكاد تكون تلاشت بسبب امتلاء المنطقة الخالية بين كل تيار والتيار المجاور له بتيارات وسيطة- تنتج لحظة التردد من الجميع بلا استثناء أو لحظة الفتنة وهي ظرف سياسي يكون الصراع فيه علي أشده بين جبابرة اللعبة السياسية أو بين الفاشيات وبعضها البعض علي أدق تعبير بين مرشحين لأن يكونا فاشيين وهنا بالضبط يظهر علي الساحة السياسية لاعب آخر هو متواجد دائمًا إلا أنه يتبلور بقوة ويصبح تيار جامع يستهوي كل الناس من أقصي اليمين لأقصي اليسار بلا استثناء إلا وهو التدليس مع ظهور التدليس بين من كانوا سببا في تجمع الجماهير حول فصيل المعارضة الذي يمثله فهناك في كل فصيل معارض بعض الأشخاص ذوي الكاريزما الجماهيرية اللذين أصبحوا نجوما للحراك الجماهيري ويكون هؤلاء الأشخاص دائمًا المسئولون عن تمدد الفصيل وازدياد قوته هؤلاء الأشخاص يتحولون مع الوقت إلي أزمة وذلك بسبب عدم تخليهم عن موقعهم حتي في لحظات هم لا يملكون معطيات التعامل العلني والجماهيري معها –الأزمة في الأصل هي أزمة الفصائل السياسية التي لا تمتلك الكوادر القادرين علي القراءة الصحيحة- و هي لحظة كما ذكرت سابقا بها تداخل كبير بين الصور و التصورات والتحليلات مما يجعل الجماهير تتأرجح بين الكثير من التيارات في آن واحد حيث أن الفرد العادي لايمكنه التمييز بين كل خطاب والآخر والسلطة أيضًا تعمل علي تشويه الجميع بنفس الطريقة مما يؤدي بالحالة العامة إلي لحظة من الجمود المفتعل، يساهم في هذا الجمود اتجاه هؤلاء الأشخاص الي التدليس وذلك من أجل الحفاظ علي قوة وجماهيرية الفصيل الذي يمثله ولكن هناك سبب أقوي هو أن يحافظ علي نفسه علي أن يكون محور من محاور التغيير وبوقًا للحقيقة كما يتوهم أو كما يحلو له أن يخدع من حوله .
يحدث التدليس الذي انتشر بصورة متساوية بين جميع التيارات والفصائل موجة عكسية بين الجماهير وهذه الموجة من ردود الفعل تتوقف علي القدرات الشخصية لكل شخص ومدي اتساقه مع ذاته فهناك من يجد أنه لافرق بين من أحب وآمن بوجهة نظرهم وبين من انتقد وكره فالمحصلة النهائية أكاذيب وتزيف وعي وحقائق يمارسها الطرفان بنفس القدروهؤلاء ينقسمون إلي قسمين الأول هو من آمن بطريق التغيير واعتنق المابداءة بشدة ولن يستطع التنازل عن طريقته التي اقتنع بنجاعتها في التغيير مما يجعلهم يطرحون هذه التيارات أرضا من حساباتهم بسبب تمسكها بهؤلاء المدلسين و الجزء الثاني يحبط ويترك الحياة مكتفيا بما قد ساهم به في الحياة العامة ،أما القسم الأهم والذي بتواجده يصنع ميوعة أكثر مما يملأ الحياة هم اللذين قرروا التمسك بمواقعهم خلف المدلسين وهذا القسم هو من نطلق عليه (الخرفان ) واللذين لايظهرون إلا بظهور التدليس من النخب التي تقود الحراك فالخروف يأخذ التدليس كمادة خام مع بعض البغبغة التي يتعلمها فيتحول الي خروف لا يعي إلا أن يحافظ علي أشخاص معينين في صدارة كل مشهد.
مع قليل من البحث نعرف أن ظهور الخروف ليس قاصرًا علي فصيل معين أو فئة بذاتها ولكن الخروف هو شيء متأصل في السياسة فالخروف هو وقود التناقضات السياسية بين الفصائل وبعضها فهو شخص لكل العصور لا يعرف سوي التبرير والبغبغة برطان لايعرف مداه إلا أنه ناتج وليس سبب هو مفعول به وليس فاعل في الحياة علي الساحة ويسهل اغتياله معنويًا بقتل المدلسين اللذين هم مصدر ما ينتج الخروف من ثغاء يملأ به الكون ...اقتلوا السبب تجدوا انفسكم اغتلم النتيجة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن: ما يحدث في غزة ليس إبادة جماعية #سوشال_سكاي


.. بايدن: إسرائيل قدمت مقترحا من 3 مراحل للتوصل لوقف إطلاق النا




.. سعيد زياد: لولا صمود المقاومة لما خرج بايدن ليعلن المقترح ال


.. آثار دمار وحرق الجيش الإسرائيلي مسجد الصحابة في رفح




.. استطلاع داخلي في الجيش الإسرائيلي يظهر رفض نصف ضباطه العودة