الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صناعة الكهرباء في العراق .. أرقام وحقائق

فارس حميد أمانة

2015 / 7 / 12
الطب , والعلوم


الصيف الحارق في العراق لا زال مستعرا بدرجات حرارته فائقة الارتفاع والتي تتجاوز أحيانا 50 درجة مئوية ويتسائل الناس عموما عن الكهرباء والقطع المبرمج ومعاناة الصائمين والمصاريف الاضافية التي يتكبدها من يعاني لتعويض جزء من فترات الانقطاع ... الخ .. الذي لا يعرفه المختص بصناعة الكهرباء هو ضياع نسبة كبيرة لا يستهان بها من الانتاج ان قسرا حينا لطبيعة الانتاج التي تتطلب هكذا نسبة ضياعات أو هدرا ممكن السيطرة عليه لتقليصه حينا آخر ..

في يوم انجاز هذه الدراسة المتواضعة كانت الوحدات التوليدية التابعة لمنطقة الفرات الأوسط تنتج 2300 ميغا واط من أصل الطاقة التصميمية لتلك الوحدات والبالغة 6000 ميغا واط أي بنسبة انتاج مقدارها 38% فقط .. أين اختفت النسبة الأكبر المتبقية ؟
ان الوحدات التوليدية مشابهة لمحركات السيارات من ناحية الطاقة القصوى .. ولتقريب ذلك فان محرك سيارة السباق والقادر على تحقيق سرعة قصوى تتجاوز أحيانا سرعة مقدارها 350 كيلومتر بالساعة قادر على دفع السيارة للوصول الى السرعة القصوى لكن ليس لفترة طويلة بل لفترة زمنية قصيرة تطول أو تقصر تبعا لعوامل كثيرة لعل أهمها وأخطرها الزيادة المتسارعة في حرارة المحرك بسبب الاحتكاك ودرجة حرارة الجو ..

يمكن على نفس الأساس دفع الوحدات التوليدية للطاقة القصوى بل حتى تجاوزها أحيانا لكن هذا يبقى مرهونا بالفترة الزمنية التي تعمل بها الوحدات التوليدية بالانجاز الأقصى الذي يكون مرهونا بنفس العوامل منها درجة الحرارة الناتجة عن ذلك ومدى تناسبها مع درجة حرارة الجو حين الانجاز ومدى حداثة أو تقادم الأجزاء والمنظومات المختلفة للوحدات التوليدية .. سنأخذ هنا مثالين حقيقيين هما محطة المسيب البخارية ومحطة المسيب الغازية لتقريب تلك العوامل حول الضياعات في انتاج الطاقة الكهربائية .

محطة المسيب البخارية :

دخلت محطة المسيب البخارية الخدمة عام 1987 والتي كانت أكبر محطة كهرباء في العراق الى ما قبل انجاز محطة الزبيدية البخارية مؤخرا وتبلغ طاقتها الانتاجية القصوى 1220ميغا واط بواقع 320 ميغا واط لكل وحدة توليدية من الوحدات الأربع والتي كان من الممكن دفعها للحمل الأقصى بداية عمرها التشغيلي الا ان التقادم في المنظومات طيلة تلك السنوات أوصل تلك الوحدات الى طاقة قصوى لا تتجاوز في أفضل أحوال التأهيل حملا مقداره 220 ميغا واط للوحدة التوليدية الواحدة أي بنسبة تقريبية مقدارها 69% أي ان أول نسبة ضياعات من انتاج محطة المسيب البخارية ومقدارها 31% قد تم معرفتها .. ان تقليص هذه النسبة يستدعي تحديث أو تبديل أجزاء أكثر الا ان ذلك يكون بمبالغ مالية لا تتناسب مع نسبة التقليص المكتسبة بسبب التقادم .. والخلاصة في هذه الفقرة ان الرجوع بالوحدات التوليدية المنوه عنها الى طاقتها التصميمية سيكون شبه مستحيل .. وأذكر هنا ان الوفد العراقي المفاوض قبل عشر سنوات ( وكنت أحد أفراده ) مع وفد وكالة جايكا اليابانية لتنفيذ القرض الياباني قد فشل في فرض مقترحه تعطيل وحدتين توليديتين واستخدام قطعها ومنظوماتها كمواد احتياط للوحدتين الآخريتين وانشاء وحدتين جديدتين بدلا من تأهيل وحدتين قديمتين لا يمكن الرجوع بطاقتيهما التصميميتين كما كان سابقا عند بدء تشغيلهما .

هناك نسبة ضياع آخرى مهمة وواضحة وهي حاجة كل وحدة توليدية الى ما يقرب من 22 ميغا واط لكي تعمل ( وهذه الكمية تختلف من محطة الى آخرى حسب الحجم والتصميم ) وهذه الحاجة تتمثل بالدرجة الأولى بمضخات دفع المرجل الضخمة BFP ومضخات الوقود COP وعدد كبير من المراوح والمضخات الآخرى مع أجهزة تبريد خاصة بالوحدات التوليدية ويضاف الى ذلك القدرة المصروفة على انارة الطواريء وتغذية شاحنات البطاريات المختلفة الأنواع والاستخدامات ولا ننسى القدرة المصروفة على الاستهلاك البشري مثل الانارة العادية ( وهي غير انارة الطواريء التي تعمل عند الانطفاء ) وغلايات الشاي والثلاجات وأجهزة التكييف ... الخ . ان هذا الاستهلاك يمثل أكثر من 7% من طاقة الوحدة التوليدية الواحدة وللأسف لا يمكن التحكم الا بتقليص نسبة ضئيلة جدا من ذلك متمثلة بترشيد استهلاك العاملين في المحطات للطاقة المهدورة كما ان تهالك بعض الأجزاء المهمة وتراجع انجازها المفترض يحتم أحيانا ارتفاع النسبة وكمثال على ذلك فان الوحدة التوليدية في محطة المسيب في بداية عمرها ( أي جديدة ) تحتاج الى ادخال مضختي تغذية مرجل بالعمل لكن الوضع الحالي يحتم أحيانا ادخال ثلاث مضخات تغذية مما يجعل نسبة الضياع ترتفع أكثر من 7% .

هناك نسبة ضياع آخرى الا انها قليلة جدا تتمثل في خسائر نحاسية وتيارات دوامة وخسائر هسترة بسبب مرور الطاقة المنتجة من الوحدات التوليدية الى محولات القدرة ثم عبر خطوط النقل بجهودها الكهربائية المختلفة ولا تزيد هذه النسبة عن 0.25% من كمية الطاقة المارة بهذه المفاصل .. فعلى سبيل المثال ان أنتجت الوحدة التوليدية 320ميغا واط فان الخسارة ستكون هنا أقل بقليل من 1ميغا واط أما في حال نزول حمل الوحدة التوليدية الى 220ميغا واط فستكون الخسارة بحدود 0.5ميغا واط للوحدة الواحدة .

يتبين من العرض السابق ان أكثر من 38%من الطاقة التصميمية لمحطة المسيب الحرارية مفقودة بسبب التقادم والخسائر والضياعات التي لا بد منها وهذه قيمة كبيرة تقارب 460ميغا واط .

محطة المسيب الغازية :

بنيت محطة المسيب الغازية قبل أكثر من عشر سنوت بطاقة تصميمية مقدارها 500 ميغا واط بواقع 50 ميغا واط لكل وحدة من الوحدات التوليدية العشر . لا يمكن عمليا الوصول الى طاقة الانجاز الأقصى لكل وحدة وهي 50ميغا واط الا بظروف درجات حرارة متدنية جدا ( ما دون التجمد ) ولفترات زمنية قصيرة جدا لا تتجاوز دقائق معدودة حيث ان ارتفاع درجات الحرارة بسبب الاحتكاك سيجبر المشغل على النزول بالحمل الى ما يتراوح بين 38-40 ميغا واط صيفا وبحدود 40-43 ميغا واط شتاءا في أحسن ظروف تشغيل منظومات التبريد Chillers ونظافة مرشحات الهواء وهي قطع استهلاكية ... الخ .. وهذا يعني عمل الوحدات التوليدية بمديات تتراوح بين 76% الى 86% وبهذا تكون نسبة الضياع من الطاقة التصميمية تتراوح بين 14%الى 24% اعتمادا على اختلاف درجات الحرارة بين فصلي الشتاء والصيف .

ان كل وحدة توليدية تحتاج الى طاقة كهربائية تستهلك للمضخات ومنظومات التبريد والأجهزة المساعدة والاستهلاك البشري كما مر علينا في فقرة محطة المسيب البخارية وتقدر هنا بحدود 3 ميغا واط لكل وحدة توليدية وهي نسبة قيمتها 7.8% من أدنى انتاج صيفي أو 7% من أعلى انتاج شتوي .. وباضافة خسائر الشبكة المنوه عنها سابقا ستكون الضياعات ما بين 21% في الشتاء الى 32% في الصيف ..

عوامل آخرى :

ان هناك أسبابا أخرى لانخفاض الانتاج يتمثل في ايقاف اضطراري لبعض الوحدات بسبب الأعطال الطارئة أو الايقاف الاضطراري لوحدات أخرى بسبب شحة الوقود المجهز أو بسبب انخفاض ضغط الغاز المجهز لبعض الوحدات الغازية من قبل وزارة النفط ( على سبيل المثال محطة النجف الغازية ) بسبب الصيانة أو التسربات أو لأسباب كثيرة والذي يؤدي أحيانا الى انزال حمل الوحدة التوليدية الى حدود انتاج تتناسب مع كمية الضغط .. وفي حال استمرار الضغط بالنزول الى حدوده الدنيا الممفترضة يتم اطفاء الوحدة قسريا ولا ننسى الروتين المطبق في تجهيز المحطات بالمواد الاحتياط .

ويبقى الحديث في موضوع صناعة الكهرباء في العراق حديثا ذا شجون .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. محمد عبده يعلن إصابته بمرض السرطان وتلقيه العلاج في باريس


.. معرض ابوظبي للكتاب يناقش مستقبل صناعة النشر في ظل تقنيات الذ




.. في تسجيل صوتى محمد عبده يعلن إصابته بالسرطان


.. ابتداءً من 6 مايو | أثر الطائر الطنان | ناشونال جيوغرافيك أب




.. هكذا نحمي أطفالنا من مخاطر مواقع التواصل الاجتماعي