الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النزعة الثأرية في السياسة-

محمد سيد رصاص

2005 / 10 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


يلاحظ في البلدان التي تفتقد إلى التماسك المجتمعي بين مكوناتها,مثل العراق والسودان وأفغانستان,طغيانٌ للنزعة الثأرية على ساحة العمل السياسي بين القوى القائمة,وفقدان للتواصل بينها عند نقطة وسط :رأينا ذلك في العراق:علاقة البعث والشيوعيين منذ عام1959 وحتى تواصلهما المؤقت (في جبهة1973-1978)لم يكن أكثر من نتيجة للضغوط السوفياتية على الشيوعيين العراقيين والتي كانت تتعلق بحسابات موسكو في المنطقة,ثم في علاقة(حزب الدعوة)و(المجلس الأعلى)مع البعثيين-أفغانستان:علاقة(تحالف الشمال)مع (الحزب الاسلامي-حكمتيار)و(الطالبان)-السودان:علاقة الشيوعيين والاسلاميين بين عامي 1971-1999,ثم في فقدان التواصل بين حزبي الترابي وصادق المهدي(19989-1999),وحتى إذاحصل تلاق بين قوى سياسية فإن ذلك كان يتم على أساس تمثيلها لجماعات كما حصل في(مشاكوس)و(نيفاشا) بين السلطة وجون غارانغ,يكون الحكم بينها إما(الكونفيدرالية)أو (حق تقرير المصير) ,عبر مرحلة انتقالية يتم فيها توزيع الحصص والمناصب (والمناطق) وفقاً لآلية تفترض لااندماجية هذه الجماعات في البلد المعني,وهو مايحصل الآن أيضاً في بغداد وكابول.

قادت هذه النزعة الثأرية,في البلدان الثلاثة المذكورة,إلى نزعة التحاقية بالخارج ,سواء كان اقليمياً اودولياً,للإستقواء به على الداخل المضاد من أجل تعديل التوازنات الداخلية(السودان),أوللإطاحة به عبرتشكيل ستارة محلية للخارج الغازي من أجل انشاء مشهد سياسي جديد كلياً (كابول2001+بغدداد2003).

لايلاحظ هذا,في الحالات الثلاثة الآنفة,على القوى السياسية ذات البعد الايديولوجي فقط وهي التي تحاول الامتداد
(أوتمتد)إلى إطار وطني متجاوز لحدود الجماعات المحلية(مراهنات شيوعيي السودان والعراق على الخارج الأميركي في التسعينيات,فيما كل الشيوعيين ,المتمسكين بماركسيتهم,خارج البلدين المذكورين كانوا في خندق مضاد لواشنطن+استعانة الشيوعيين الأفغان بموسكو ضد الاسلاميين,فيما الأخيرين مدوا أيديهم إلى الخارج الاقليمي(باكستان)حتى قبل غزو موسكو لكابول في أواخر عام1979)وإنما يلمس ذلك ايضاً وبالذات عند الحركات والأحزاب ذات الطابع الفئوي(أقلية قومية /الطاجيك والأوزبك في أفغانستان+أكراد العراق/-أقلية عرقية أوقبلية /الزنوج السودانيين في الجنوب عبر قبيلتي الدينكا والنوير+الأفارقة في دارفور الذين لم يمنع تحدرحركتيهما الرئيسيتين من فصيلين ايديولوجيين, الشيوعيون(حركة تحرير السودان) والاسلاميون(حركة العدل والمساواة),من أن تمَدا أيديهما وتراهنا على الخارج/-أقلية طائفية أوأكثرية طائفية محلية تتصرف كأقلية بحكم الواقع الاقليمي....إلخ).

أدت (النزعة الثأرية),هناك,إلى "غضبة مضرية" لاتلوي على شيء,قادت عملياً-في بلدان تفتقد الاندماج المحتعي والجسور الواصلة-إلى نسج تحالفات ,مع قوى دولية واقليمية,دمرَت المشهد الداخلي برمته ووضعت البلد بيد الأجنبي(افغانستان+العراق),اوإلى رهنه للأجنبي الذي أصبح قادراً,عبر الملفات الداخلية المشتعلة,على وضع البلد والحكم القائم أمام مسارات اجبارية يحدِدها هو(السودان).

يلاحظ ,في الفترات الاخيرة, امتداد (النزعة الثأرية) إلى بلدان متماسكة اجتماعياً,عند معارضة تفتقد الفعالية والبعد المجتمعي الداخلي,كما يلمس في سياسات (مجاهدي خلق)في ايران,وأيضا في مصر وسوريا حيث بدأت تطُل برأسها ظواهر مماثلة في المعارضة با لبلد ين العربيين المذكورين .

ربما تعبر مجريات هذه التطورات السياسية عن أكبر عملية"إعادة تشكيل" للشرق الأوسط يجريها الغرب على المنطقة منذ تلك العملية التي قام بها في عام 1918,وإذا كانت هذه المجريات تتضمن تلاقيات محلية مع غزو خارجي فإنها أيضاً تعبر عن شكل من التفكك في البنى الداخلية للبلدان المعنية وعن فشل مشاريع بناء "الدولة الوطنية"فيها:لانلاحظ ,في مجرى تشكل المشهد الحديث للغرب الأوروبي,بروز اتجاه التحاقي بالأجنبي,ممزوج مع نزعة ثأرية,سوى في حالات نادرة,مثل الأرستقراطية الفرنسية المهزومة امام ثورة1789حتى عودة آل بوربون للحكم في 1815, فيما كان المجرى العام للتاريخ الغربي يترَكز في قواسم عامة مشتركة تظل جامعة للقوى الداخلية في كل بلد ,ولاجمة لها عن القفز فوق تخوم وخطوط حمراء حتى في ذروة النزاعات الداخلية,سواء كانت سلمية أوعنيفة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة ايريك سيوتي عضو اليمين الفائز بمقعد البرلمان عن نيس|#عا


.. قراءة عسكرية.. محور نتساريم بين دعم عمليات الاحتلال و تحوله




.. تفعيل المادة 25 قد يعزل بايدن.. وترمب لا يفضل استخدامها ضد خ


.. حملة بايدن تتعرض لضغوطات بعد استقالة مذيعة لاعتمادها أسئلة م




.. البيت الأبيض: المستوطنات الإسرائيلية تقوض عملية السلام والاس