الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مفارقات الديمقراطية : حالة المغرب

تفروت لحسن

2015 / 7 / 12
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


الخطأ الذي يقع فيه المهتم بالسياسة هو تداوله للمفاهيم الشائعة وكأن لها دلالة موحدة. بل يسقط المهموم بالسياسة في متاهة تناول مصطلحات يجهل دلالتها الماصدقية. هذا حال العديد من محللي الشأن العمومي المغربي. هؤلاء الذين يتحدثون لغة دون فك معانيها ولا حتى التساؤل عن سياق إنتاجها وظروف ترويجها. ومن مثل المفاهيم التي توطنت في المجال التداولي السياسي بالمغرب نصادف لفظ " الديمقراطية " ولوازمها، ك" الانتقال الديمقراطي " أو التناوب الديمقراطي " أو " الانتخابات الديمقراطية " ... قد يصاب المتتبع لتجول هذه المفاهيم فوق التراب الوطني بنوع من الحيرة و التعجب. وبمجرد أن نتساءل مع أنفسنا عن الدلالة التقريبية لفكرة الديمقراطية نقف عند أجوبة مدرسية شحنت بها عقولنا في دروس التربية الوطنية ؛ فالمغربي المتعلم يفهم مدرسيا أن الديمقراطية هي " أن يحكم الشعب " أو " أن تدبر الأغلبية شؤون المرفق العام ". و هذه التعاريف هي أقصى ما قدمته المدرسة العمومية في دروس " التربية على المواطنة ".
حلافا للوصفات المدرسية الجاهزة حول الديمقراطية،وتجاوزا لخطاب الصالونات والمجالس الخاصة والمهرجانات، نشير إلى أن مقاربة المفهوم تلزم الناظر بالإقرار أن المفهوم له خصوصيات دلالية متباينة، فهو يختلف من مجال إلى آخر، من فضاء غيره، بل وأن دلالته تتباين حسب الأزمنة والظروف. وفي المغرب مثلا يمكن التصريح أن الديمقراطية في لباسها المغربي مرت بلحظتين وسمتا تاريخ السياسة بالمغرب. نعم، يمكن القول أن الديمقراطية في المغرب مرت بمرحلتين هما :
- مرحلة الديمقراطية البيروقراطية : وهي المرحلة التي امتدت من فترة ما بعد الاستقلال إلى سنوات التسعينات، وهي المرحلة التي تعرف بالتدخل السافر والمكشوف للإدارة والسلطة في رسم ونقش الخريطة السياسة المغربية، عن طريق تزوير الانتخابات، و وتعيين المرغوب فيهم بإضفاء الشرعية الديمقراطية عليهم. المهم أن المشاركة في اللعبة يتم بالمساومة مع القوة البيروقراطية والانصياع لأوامرها. وكل من يخالف تطعن نتيجته وتزور حصيلته. والرابح في هذه الديمقراطية هي ما كان يعرف ب" أحزاب الإدارة "
مرحلة الديمقراطية الميديوقراطية : وهي مرحلة شراء الذمم، شراء الأصوات، تدخل المال والعلاقات العائلية والقبلية في تغيير معالم السياسة المغربية، ولو ظاهريا على الأقل. تعم، إنها فترة التمويه السياسي والولائم والنفاق الاجتماعي واستغلال كل الوسائل، حتى غير المشروعة، للحصول على عتبة النجاح.
وفي كلتا الخالتين، يلاحظ أن هذه الديمقراطية هي مغربية ينفرد بها هذا الشعب دون غيره، لكنها ديمقراطية مريضة، وهي المسؤولة عن تخلف المجتمع المغربي. علينا أن تبحث عن أفق جديد، هذا الذي أسميه ب " الديمقراطية الديمقراطية ".
أما غاياتها فهو محاربة و درء الديمقراطية البيروقراطية والميديوقراطية ( الرديئة ) بالمغرب-;- وهما الصنفان المشار إليها في الحالتين السابقتين. وبالفعل، فكلما حلت انتخابات مغربية إلا وطلعت علينا لجانها بتقديم أرقام ونسب مئوية تبين الفيلم الانتخابي الديمقراطي. لكن المتفطن للعبة تحرقه أسئلة منها :
- هل العدد مؤشر على الديمقراطية ؟
- من يصوت ومن يترشح في وللانتخابات، ومن يقاطع ؟
- هل جحافل الرعاع دليل على سلامة اللعبة ؟
- هل الشعبوية تقوي ام تضعف المسلسل الديمقراطي ؟
- لماذا الديمقراطية عندنا ميديوقراطية ورديئة ؟
تتناسل الأسئلة، ويبقى العلاج هو الديمقراطية الفعلية التي هي العلاج الفعال لهذا المرض العضال. ويمكن تلخيص بعض وجوه هذه الديمقراطية التي تلائم المغاربة على الشكل التالي :
لا بد لكل مصوت من الحصول على الأهلية. وهذا الكلام لا يعني إقصاء أحد، لان هذا حق دستوري. لكن ما نعنيه هو جعل الأهلية متضمنة لنقط على 20، وبعد تكوين في السياسة العمومية، الذي ينبغي أن تقدمه الأحزاب الموكول لها دستوريا حق تأطير المواطنين. ويجب أن يجتاز المواطن الراغب في التصويت حوارا مع لجنة مستقلة تمنحه عدد النقط الذي يمكن أن يتضمنه رصيد بطاقته الانتخابية مع تحديد الفئة التي يمكنه ممارسة حقه معها. فمثلا المرشح (ش) حصل على100 صوت كعدد الأصوات المتضمنة للرصيد 5، فان مجموعه هو 500 صوت. أما المرشح ( ع) الذي حصل على 55 صوت من رصيد 10، فان رصيده هو 550 صوت. بهذه الطريقة نحارب شراء الأصوات ونحارب آثار الديمقراطية العددية.
نفس الشيء يمكن أن ينطبق غلى المترشح، فلا تكفي الشهادة المدرسية، بل لابد أن يحصل على كفاية الترشح بعد اجتياز مباراة مع لجن الانتخاب، طبعا بعد تكوين في تدبير الشان العام والشأن السياسي يتلقاه في حزبه، أو في الدروس الخصوصية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -تشاسيف يار-.. مدينة أوكرانية تدفع فاتورة سياسة الأرض المحرو


.. ناشط كويتي يوثق آثار تدمير الاحتلال الإسرائيلي مستشفى ناصر ب




.. مرسل الجزيرة: فشل المفاوضات بين إدارة معهد ماساتشوستس للتقني


.. الرئيس الكولومبي يعلن قطع بلاده العلاقات الدبلوماسية مع إسرا




.. فيديو: صور جوية تظهر مدى الدمار المرعب في تشاسيف يار بأوكران