الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن العقوبات البدنية

ناصر اليونس

2015 / 7 / 12
دراسات وابحاث قانونية



إن العقوبة هي الجزاء الذي يطال الفرد لقاء مخالفته نص قانون يحرم عليه الإتيان او الامتناع عن فعل معين بناء علي حكم قضائي مبرم .
لا اريد الدخول في تاريخ العقوبات وتطورها عبر التاريخ وعلاقة الأديان بها والآلية التشريعية التي تبنتها الأديان لأن ذلك خارج إطار موضوعي .
ما يجب فهمه عن العقوبة في إنها جزاء للمجرم قام بجريمة ما يعاقب عليها وذلك لإصلاح هذا الشخص باعتباره معتدي على حقوق غيره من البشر او اعتدى على حدود الله كما في جرائم شرب الخمر والزنا وما إلى ذلك في الإسلام , وللعقوبة طابع ردعي للغير لردعهم عن ارتكاب الجرائم او مخالفة القانون .
وما يجب فهمه عن العقوبة إنها ليست للتشفي من المجرم وإيلامه وتعذيبه وهذا يدعى تمثيل وهو منهي عنه بكل الشرائع وحتى الشريعة الإسلامية وليس فقط التمثيل بالبشر بل بالحيوانات أيضا , وقد وردت احاديث عن النبي تؤكد ذلك .
وحتى أقسى العقوبات التي جاءت في حد الحرابة يمكن العفو فيها وتخير أهل القتيل بالعفو عن الجاني وأورد المالكيون بأنه لا يقتص المرتد إن استتاب .
إذا العقوبة بحد ذاتها هي لتطهير الجاني وتبرئته من ذنبه الذي اقترفه ليكون بعده نقيا تائبا والقصة التي وردت عن المرأة الزانية التي سلمت نفسها للنبي ليرجمها فأمرها أن تضع حملها ثم عادت فأمرها ان تتم رضاعة ابنها وثم عادت له مرة ثالثة لكي ينفذ الحكم بها , هذه القصة تؤكد دلالة العقوبة وهي توبة الجاني لا التنكيل به .
وما دام بالإمكان اصلاح المحكوم كي يعود إلي المجتمع مرة أخرى بعقوبات مشابهة لا تخالف جوهر عدالة الشريعة فلا مانع من ذلك وخاصة في قضايا السرقة التي عقوبتها قطع اليد في الإسلام او الحبس في القوانين الوضعية وهي إصلاح المحكوم كي لا يعود مرة أخرى الى مخالفته , ومثل ذلك حد الحرابة نفسه المعاقب عيه في القوانين الوضعية ويصل الى الإعدام في اغلب القوانين والحرابة لمن لا يعرفها هي القتل بدواعي السرقة .
هؤلاء الجاهلين بالتشريعات وأهدافها وغاياتها لن يتقبلوا فكرة أن قبل 1400 عام لم يكن هنالك إمكانية لبناء سجون وإصلاحيات تستوعب أعداد المجرمين ولسنين طويلة أن الإمكانيات والموارد باتت متوفرة لتطبيق جوهر النص لا بل تحقيق غايته بطريقة أكثر كفاءة وهي إصلاح المجرم عبر حجز حريته وإعادة تأهيله مرة جديدة ليعود للمجتمع مرة اخرى بمؤهلات جديدة كحرفة وعلم وتأهيل نفسي جديد لا قطع يده ورميه منبوذ من قبل المجتمع .
والأنظمة التي حكمت الدول العربية و الإسلامية حديثا كانت وبالا على القضاء وإدارة السجون حيث كانت تتعامل مع السجناء بأساليب وحشية بقصد الإذلال والانتقام وخاصة تجاه السجناء السياسيين من المعارضين وغيرهم , فبقيت العصبة القبلية بحسب توصيف ابن خلدون هي الشريعة السائدة في الحكم , ولم تتجذر فكرة المجتمع المدني المبني علي المساواة والعدالة بين جميع افراده , بل تم افساد مقصود بالمنظومة حقوقية كاملة من مشرعين وقضاء وإدارة سجون .
عندما ندين الجرائم البدنية التي لم تعد مقبولة لا أخلاقا ولا قيما فاننا لا ندعوا للرزيلة ولا لهدم المجتمع وإطلاق مجرميه بل العكس تماما نهدف إلي حماية المجتمع وأفراده بما يخدم تطوره و قيمه ومعتقداته , وتنفيذا لروح النص وجوهر عدالته.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب جامعة كولومبيا.. سجل حافل بالنضال من أجل حقوق الإنسان


.. فلسطيني يصنع المنظفات يدويا لتلبية احتياجات سكان رفح والنازح




.. ??مراسلة الجزيرة: آلاف الإسرائيليين يتظاهرون أمام وزارة الدف


.. -لتضامنهم مع غزة-.. كتابة عبارات شكر لطلاب الجامعات الأميركي




.. برنامج الأغذية العالمي: الشاحنات التي تدخل غزة ليست كافية