الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطبع أم التطبع ؟

صبيحة شبر

2005 / 10 / 11
الصحافة والاعلام


في لغتنا العربية ، أمثال عديدة ، بعضها تتخذ جانب المظلومين الطيبين من الناس ، فتحاول ان تغرس في أنفسهم ، شموع النضال ، لتغيير واقعهم المظلم ، وحياتهم البائسة ، والبعض الآخر من الأمثال تحاول ان تبذر بذور الفشل والانهزام في النفس الإنسانية ، وتجعل المرء متشائما من امكانية التغيير ، ومحاولة أن يبدد الظلام المنتشر ، فيبقى نتيجة ذلك في مكانه ، لا يبذل جهدا من اجل ان يبدد الظلم المسيطر ، والجهل المنتشر ، لأنه يظن انه لا أمل موجود في التغيير ، وان ما هو كائن ، سيبقى دائما دون أن يتغير ، ولكن الحقيقة تذكر انه لاشيء يمكن ان يستمر أبدا ، فالظلم المهيمن على الناس لابد ان يزول اذا ما ناضلوا من اجل القضاء عليه او التخفيف منه ، وان المرض يمكن ان يعالج اذا ما وجدنا الطبيب الماهر القادر على تشخيص المرض ، ووصف العلاج المناسب له ، في كل داء يوجد الدواء الذي يقضي على ذلك المرض ،وعلى اسباب انتشاره ، الا بعض الأمراض القليلة التي لم يجد الطب لها دواء حتى الآن
المثل الذي أنا بصدده يقول ( الطبع أم التطبع ؟ ) وهو مطروح على شكل استفهام إنكاري ، بمعنى هل يتساوى من كانت الصفة طبعا فيه مع من يحاول أن يتظاهر ان تلك الصفة موجودة فيه ، ان اغلب الصفات التي يتصف بها الانسان يمكن ان يجعلها قوية فيه بكثرة التدريب والمتابعة ، صحيح ان صفات الإنسان ، تتدخل فيها عوامل عديدة مثل الوراثة ، والثقافة ، والاستعداد النفسي ، والأصدقاء ، والميل إلى المتابعة والمواصلة ، وبذل الجهد ،لنأخذ مثلا صفة الهدوء وضبط النفس ، هل هاتين الصفتين من الطبع ام من التطبع ؟ يمكن للإنسان أن يتحلى بهاتين الصفتين أولا ثم يفقدهما بمرور الوقت لانه لم يعود نفسه على الهدوء عند الاختلاف مع الناس ، او ضبط نفسه حين يتعرف على وجهات نظر الاخرين التي تبدو بعيدة تماما عن وجهة نظره ،
في بلد عريق عرف بتاريخه المجيد ، مثل بلاد الرافدين ، لم يعرف الناس حكما يهمه ان يعرف مارأيهم فيه ، فهم لم يعرفوا الديمقراطية طيلة عهودهم الماضية ، ولقد عاشوا استبدادا غريبا لاهوادة فيه ، لم تعرفه الأمم الأخرى طيلة العقود الماضية ، فهل تعني ذكر هذه الحقيقة ان العراقيين قد جبلوا على سياسة الإذلال وان سياسة الديمقراطية لن تنجح لديهم ، لانهم مهما حاولوا ان يتطبعوا بحكم الشعب ، فإنهم حتما يفشلون لأنه ليس صفة متأصلة فيهم وإنما جاءت إليهم ، وان الطبع الموجود بهم من أنهم امة لا تطيع الا من استعمل القوة معها قول مردود ، لا أساس له من الصحة ، فان عوامل الديمقراطية ان تحققت في بلاد حازت على غنى وتنوع في الثروات والامكانات الهائلة والكبيرة لابد ان تنجح فيها الديمقراطية ان توفرت العوامل المهيئة لها مثل التعليم والثقافة واحترام ألذات ، والنظرة المعاصرة للأمور ، وتقدير التنوع الثر في الكفاءات ، فيمكن ان لاتكون الصفة في الانسان ، منذ البداية ، ثم يحاول ان يزرعها في نفسه ، بإصراره المتواصل ، فكم من جاهل ، في بيئة جاهلة ، استطاع ان يعلم نفسه ويثقفها ، فيصبح بعد سنوات طويلة من العمل الدائب والدراسة المستمرة مثقفا ثقافة واسعة ومتطورة ، وكم من متفوق في مجال معين ، فلم يواصل تهذيب ذلك التفوق ، فضاع تفوقه في معترك الحياة
فلا يهمنا ان تكون الصفة الموجودة في الإنسان طبعا فيه أم تطبعا ، مادام صادقا في اكتساب تلك الصفة ، حريصا على المحافظة عليها ورعايتها








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تعبئة رياضية وسياسية في مباراة تركيا | الأخبار


.. لماذا سيواجه الرئيس الإيراني صعوبة في إخراج بلاده من العزلة




.. فرنسا.. موعد مع الجولة الثانية للانتخابات التشريعية | #غرفة_


.. استشهاد عدد من عناصر الشرطة الفلسطينية أثناء تأمين منازل الم




.. نشرة إيجاز - وزارة الصحة بغزة: مجزرة في مخيم النصيرات