الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في تونس متاجرة بصحّة الكادحين

حزب الكادحين الوطني الديمقراطي

2015 / 7 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


------------------------------------------------
تطالعنا يوميّا أخبار عن حجز كميّـات متفاوتة من المواد الاستهلاكيّة الفاسدة من لحوم حمراء ودواجن وخضر وغلال وفواكه ومشروبات وغيرها... شملت أغلب المناطق ففي 26-01-2015 مثلا تمّ حجز حوالي 10 أطنان من اللحوم غير صالحة للاستهلاك بمنطقة الشقارنية من معتمدية النفيضة منها حوالي 300 رأس بقر مع قوائمها كانت مخزنة بغرفة تبريد ، كما تمّ بتاريخ 30-01-2015 حجز كمية من لحوم الأبقار الفاسدة بمعصرة زيتون بالقلعة الكبرى، وفي مدنين حجزت المصالح المختصة أطنانا من اللحوم البيضاء (دواجن) غير صالحة للاستهلاك.

ولعلّ الأمر لم يقف عند عمليات التخزين بل تعداها للترويج والبيع إذ تمّ حجز حوالي 650 كلغ من اللحوم الفاسدة بمجزرة وسط مدينة أريانة معروضة للبيع رغم تعفنها وانبعاث الروائح الكريهة منها . وتفيد الإحصائيّات أنّه تمّ خلال الثلاثية الأولى من سنة 2015 حجز حوالي 9 أطنان من اللحوم الحمراء غير قابلة للاستهلاك وأكثر من 7 أطنان لحوم بيضاء. إضافة لذلك تم حجز حوالي 1700 كغ من لحم الحمير وكمية من حشاياه بجهة منوبة ربما كانت معدّة لصنع المرقاز، كما تمّ التفطن إلى وجود حوالي 3000 من جلود الحمير بجهة الوطن القبلي إضافة لما أوردته جريدة آخر خبر في عددها الصادر بتاريخ 14-04-2015 من أنّ جهة تونس الكبرى فقط تستهلك حوالي 6000 حمار في السنة.

غير أنّ عمليات ترويج هذه اللحوم الفاسدة لم تشمل فقط محلات الجزارين بل شملت أيضا المطاعم حتى الفاخرة منها وكذلك المساحات التجارية الكبرى (كميات معدّة لصنع السوسيسون). كما انخرطت العديد من الشركات في الغشّ وتسويق بضائعها الفاسدة إذ تمّ حجز كميات هامّة من المرطبات المنتهية الصلوحيّة لدى شركة مختصة في الميدان والتي تولّت إعادة تعليب المرطبات من جديد وإدراج تاريخ غير حقيقي لصنعها وآجال انتهاء صلوحيتها لغرض عرضها للبيع . كما طالت أعمال الغشّ وترويج المنتجات الفاسدة والمتعفّنة أغلب المواد الغذائيّة الأساسيّة بما في ذلك المعلبات كالعصير والياغورت والكايك والزقوقو والمكسرات والطماطم والتوابل والبهارات وخاصة المواد المصنوعة بطريقة يدويّة وتقليديّة في بعض المحلاّت المختصّة ففي 21-04-2015 تمكّنت فرق المراقبة الإقتصاديّة للتجارة بمنوبة من حجز 1500 كلغ من مصبرات مواد فلاحيّة محوّلة بإحدى الوحدات المختصّة في صنــع وتعليب المصبرات الغذائيّة (ثوم، قارص، زيتون وكبار) غير صالحة للاستهلاك تمّ تخزينها في 10 براميل لا تتوفر فيها الشروط الصحيّة المطلوبة. أمّا بجهة النفيضة فقد عمد أحد تجار الجملة وبعض الباعة بالتفصيل إلى ترويج كمية من المواد الغذائيّة منتهية الصلوحيّة بعد تدليس تواريخها إذ يعمد البائع إلى شطب التاريخ الحقيقي ( التاريخ المنتهي ) ويتولى كتابة تاريخ آخر شملت مواد حسّاسة مثل الحلوى الملونة بجميع أنواعها، كما تمّ العثور بأحد المطاعم بجهة صفاقس على حوالي 1275 كلغ من المواد الغذائيّة الغير صالحة للاستهلاك، إضافة لتعمّد صاحب أحد المصانع بإقليم تونس الكبرى تغيير تاريخ انتهاء صلوحيّة 6732 كلغ من معجون الهريسة المضاعفة من أوت 2014 إلى أكتوبر2017 ، بينما تمّ في الكرم اكتشاف 30 ألف قطعة من مواد التجميل المحليّة والمستوردة منتهية الصلوحيّة في مصنع لمواد التجميل بالمنطقة الصناعية خير الدين. كما تمّ الكشف بإحدى الشركات المختصة في تعليب الطماطم والهريسة بجهة الوطن القبلي عن 400 طن من معجون الطماطم الفاسدة منها 350.000 علبة تمت إعادة رسكلتها إضافة إلى 70 طن من الطماطم ذات الكلغ الواحد التي لا تحمل لا تاريخ الصنع ولا آجال الصلوحية .

و سجّلت الثلاثية الأولى من سنة 2015 حجز 76 طنا من المواد الغذائيّة المختلفة الفاسدة منها 6،2 من الأجبان إضافة لما تمّ حجزه خلال شهر أفريل 2015 من كميات كبيرة من المواد الغير صالحة للاستهلاك خاصة اللحوم الحمراء بجهة منوبة وكذلك المياه المعدنية التي تم التفطن لوجودها بمستودع معد للتخزين على ملك شركة تنشط في تجارة المواد الغذائيّة والتنظيف بالجملة وقد بلغت هذه الكمية أكثر من 100 ألف لتر .

لقد نتج عن تناول هذه المواد الغذائيّة الغير صالحة للاستهلاك ظهور العديد من الأمراض والتسممات التي طالت بالأساس الكادحين وخاصة أطفال المدارس إذ تمّ تسجيل العديد من الحالات في شهر أفريل 2015 من ذلك تسمم 92 تلميذا وتلميذة بإحدى المدارس الإبتدائيّة بولاية مدنين نتيجة لتناولهم لمجة بها ياغورت و05 تلاميذ بإحدى المدارس الإبتدائيّة في ولاية تطاوين بسبب تناولهم للفريكاسي أمّا في مدرسة الدغيمة بحاجب العيون من ولاية القيروان فقد كان سبب التسمم الذي أصاب ثمانية عشر تلميذا وتلميذة هو تناولهم للمجة من الكايك، بينما تسممت مجموعة أخرى من التلاميذ بإحدى مدارس ولاية القيروان نتيجة لتناولهم الياغورت .

يتضح من كل ذلك أنّ السماسرة قد استغلّوا حالة الفقر والخصاصة التي يعيشها الكادحون لترويج المواد الغذائيّة الفاسدة بأسعار زهيدة خاصة اللحوم التي أصبحت صعبة المنال بحكم ارتفاع أسعارها فأصبحت الفئات الفقيرة غير قادرة على شرائها ، إذ غالبا ما تلجأ لاقتناء المواد المنخفضة الثمن دون التفطن لفسادها ودون تقدير لانعكاساتها السلبية على الصحة وهو ما يجعل هذه الفئات معرضة للأمراض التي لا تظهر في العديد من الحالات إلاّ بعد مدّة من الزمن . ورغم أنّ فرق المراقبة سجلت 6400 مخالفة منذ بداية سنة 2015 أغلبها بسبب ترويج مواد غير صالحة للاستهلاك أهمّها اللحوم ومشتقاتها، فإنّ هذه الأرقام تبقى مفزعة إذا أخذنا بعين الاعتبار أنّ هناك الآلاف من التجاوزات وعمليات الغش تمّت دون التفطّن إليها لأنّ فرق المراقبة الحالية ونظرا لإمكانياتها البشريّة المحدودة ( حوالي 600 عون ) وكذلك وسائل عملها البدائية غير قادرة على التصدي الفعلي للسماسرة والمهربين والمحتكرين الأمر الذي بات يهدّد صحّة الكادحين الذين أصبحوا بحكم الارتفاع المهول للأسعار يحلمون بقطعة لحم أو جبن .

لقد استغلّ جلّ السماسرة والمحتكرين قلّة ذات اليد للجماهير الشعبيّة لترويج سلعهم الفاسدة غايتهم الوحيدة تحقيق الربح السريع خاصّة أنّ القوانين المعمول بها حاليّا غير زجريّة باعتبارها لا تتجاوز غلق المحلّ لمدّة معيّنة في أقصى الحالات أو خطيّة ماليّة لا تؤثّر على الوضع المالي لهؤلاء المجرمين الذين يتاجرون بصحة الكادحين لأن الأموال الطائلة التي راكموها من أعمالهم القذرة قادرة على خلاص كل الخطايا التي يتمّ تسليطها عليهم .

إنّ الأمر لم يقف عند المواد الغذائيّة فقط، بل تعدّاها إلى مواد أخرى خاصّة مواد التجميل التي تعرض على قارعة الطريق وبأثمان بخسة وكذلك مواد التنظيف والشامبوان وغيرها كثير حيث تمّ التفطن خلال هذه الأيام إلى مصنع سرّي بساقية الزيت من ولاية صفاقس مختص في صنع مواد التجميل والتنظيف (خاصة الشامبوان والجال) وتمّ العثور بداخله على كميات كبيرة من السلع الفاسدة التي تشكّل خطورة على مستعملي هذه المواد بسبب ما تحتويه من تركيبات كيمياوية والتي وجدت فيها الجماهير الكادحة ضالتها دون تقدير منها لخطورتها على صحتها فكانت سببا مباشرا في ظهور العديد من الأمراض الجلدية المستعصية والالتهابات تسببت في العديد من الحالات في ظهور بعض التشوهات على مستوى الوجه خاصة الفتيات وكذلك لتلف الشعر لدى الجنسين، كما تسببت أيضا الأحذية في ظهور أمراض طالت الأرجل .

إنّ الحلول ممكنة متى توفرت إرادة سياسية وطنية و ديمقراطية وشعبية للتصدّي لهذا الإجرام الذي يمارسه يوميا السماسرة وذلك بالزيادة في أعداد أعوان المراقبة مع تطوير وتعصير وسائل عملهم وتوفير الحماية اللازمة لهم و تنقيح النصوص القانونية ذات الصلة لتصبح زجريّة من شأنها أن تقضي بالسجن وسحب رخص مزاولة النشاط التجاري والحرمان من ممارسة التجارة من خلال تجريم الغش وترويج السلع الفاسدة بكل أنواعها خاصة المتصلة بصحة البشر. على أن هذه الإجراءات يجب أن تتزامن مع التدخل المستمرّ لتعديل الأسعار حتّى تكون متماشية مع المقدرة الشرائيّة للكادحين الذين يتعيّن أيضا السعي لتحسين وضعهم الاجتماعي والاقتصادي بما يمكنهم من القدرة على اختيار المواد الغذائية الصحية والقابلة للاستهلاك .

و طالما أنّ السلطة الحاليّة عاجزة عن إيجاد الحلول الجذريّة للحدّ من هذه الجرائم أو ما عبر عنها البعض بالإرهاب الغذائي لأن العديد من بارونات التهريب والاحتكار يسيطرون على قراراتها ولا يمرّرون سوى القوانين والتدابير التي تخدم مصالحهم الطبقية يتوجب على الكادحين مواصلة النضال لافتكاك حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية و الصحية.

طريق الثورة : جوان /جويلية 2015








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران :ماذا بعد مقتل الرئيس ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. إيران تعيد ترتيب أوراقها بعد مصرع رئيسها | #التاسعة




.. إسرائيل تستقبل سوليفان بقصف مكثف لغزة وتصر على اجتياح رفح


.. تداعيات مقتل رئيسي على الداخل الإيراني |#غرفة_الأخبار




.. مدير مكتب الجزيرة يروي تفاصيل مراسم تشييع الرئيس الإيراني وم