الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أتعهد بأن أحبك حتى الموت

طوني سماحة

2015 / 7 / 13
الادب والفن


شرّفني منذ أيام قليلة أن أكون حاضرا زواج ابنة خالي. كان الزواج تقليديا في مضمونه مع أن المراسيم لم تتم في الكنيسة لعدد توفر مكان في هذا الوقت من السنة. وصل الموكب الى المنتجع في البرية البعيدة وترجلنا من سياراتنا. كانت كروم العنب تحيط بنا من كل جانب وفي وسط المنتجع تم بناء مطعم يقدم الخمور من نتاج العنب التي يتم تصنيعها في المكان ذاته. كان المنتجع يطل على بحيرة مترامية الاطراف مما زاد سحر المكان أضعافا.

وصلنا قبل موعد اتمام المراسيم بثلاثة ارباع الساعة تقريبا. أخذ المدعوون بالتقاط الصور مع احبائهم. منهم من جلس على ضفاف البحيرة ومنهم من اخذ صورة قرب دوالي العنب او تحت الاشجار الباسقة. اغتنمت الفرصة والتقط صورة لي تجمعني بزوجتي وابنتي أمام القوس الذي يجمع العروسين في الذكرى الثانية والعشرين لزواجنا. كان الندل يجولون ويقدمون للمدعوين الشراب والمقبلات. حان موعد اتمام المراسيم. دعا القس الجميع للجلوس في اماكنهم.

علت الموسيقى الاحتفالية. تقدم الشهود اثنين اثنين، رجلا وامرأة، وأخذوا أماكنهم خمسة رجال على اليسار وخمس نساء على اليمين من المنصة. تقدم والدا العريس ثم والدة العروس وقد اقتادها ابنها. أخيرا، صدحت موسيقى الزواج الشهيرة المعروفة بال (Wedding March)، فوقف المدعوون فيما العروس تمسك بيد أبيها الذي اقتادها وسلمها لعريسها على المنصة، وعاد من ثم ليأخذ مكانه الى جانب زوجته في الصف الاول.

سار العرس بحسب البرنامج المرسوم له. سأل القس الجمع "من يعطي هذه الفتاة زوجة لهذا الرجل؟" أجاب والد العروس بالايجاب. تلى المدعوون ترنيمة الزواج التي اختارها العروسان. تكلم عم العروس عن معنى الزواج، ثم تلاه القس متمما الطقوس الى ان حان وقت تبادل العهود. حمل العريس الورقة التي عليه تلاوتها. نظر إليها. فتح فمه، لكنه لم يقل شيئا. ساد صمت عميق. عاد العريس محاولا تلاوة العهد فاختنق صوته مجددا. تسمرت العيون على العريس الذي قال أخير "أرجو المعذرة، لقد غلبتني مشاعري حيث ما عدت أقوى على الكلام." أخيرا نطق العريس بالعهود بصوت متهدج يعبر عن مشاعره وقامت العروس بعدها بترداد الكلام ذاته بصوت أكثر رباطة وجأشا "أنا سلمى، أتخذك أنت عادل زوجا لي... "
فيما كانت سلمى تتفوه بعهودها، أخذتني أفكاري الى مكان آخر يبعد آلاف الاميال عنا. بطل القصة هو باتريك بتريدس الذي يعمل مساعد مدير في مطعم سان جورج في مدينة نيويورك. قام هذا الرجل بنشر إعلان تحت اسم مزيف على موقع Humans of New York، كتب فيه عن شعوره بالإخفاق في عمله وما ينتج عنه من ضغط يتسبب به على زوجته. كان السيّد بتريدس يظن انه ينشر سرا عندما تعرفت الزوجة على صاحب السر ونشرت بدورها بعد ساعة تعليقا كتبت فيه تحت اسم آلي بتريدس " أنا هي الزوجة، ولا يمكنني أن أكون أكثر فخرا أو حبا لهذا الرجل من نيويورك. عشقي لك لا يمكن للسماوات ان تسعه، وأنا على استعداد، يا حبيبي، لمواجهة الصعاب معك مهما كانت الظروف/ I am the wife and I couldn’t be more proud´-or-more in love with this human of New York. I adore you to the moon and back my darling and I look forward to all the ups and downs the life brings us." حصل تعليق آلي على 115000 إعجاب و2800 تعليق في يوم واحد.

كلها لحظات قليلة مضت، عشت فيها فوق ناطحات سحاب نيويورك، عندما سمعت الناس يصفقون للعروسين بعدما أنهت سلمى عهودها قائلة "أتعهد أمام الله والناس، ابتداء من هذا اليوم وصاعدا، بأن أهتم بك وأرعاك، في الوفرة كما في الضيق، في الغنى كما في الفقر، في المرض كما في الصحة. أتعهد بأن أحبك وأعيش لأجلك حتى يفرقنا الموت. ولتكن هذه العهود عربون إخلاصي لك." ختم القس مراسيم الزواج قائلا "بناء على التفويض المعطى لي من الروح القدس ومن مقاطعة أونتاريو، أعلنكما زوجا وزوجة."

مبروك عليكما يا سلمى وعادل. لا شك لدي انكما صادقان في عهودكما، في زمن أصبحت فيه العهود حبرا على ورق. صلاتي لكما ان تعيشا حبكما على طريقة أجدادكما، حبا يربط الرجل بالمرأة في الضيق كما في الوفرة، في الصحة كما في المرض، حتى الموت. أصلي أن يكون حبكما ثابتا في زمن تكثر فيه المتغييرات وليس العكس حيث يكون الحب متغيرا بحسب مقاييس المرض والثروة والنزوة الجنسية.

وقبل أن ينفض العقد وينسحب العروسان، قرأ القس من سفر أفسس " يا سلمى، أحبي عادل واخضعي له. و أنت يا عادل، أحب سلمى كما أحب المسيح الكنيسة وأسلم نفسه لأجلها. على الرجال ان يحبوا نساءهم كأجسادهم. من يحب امرأته يحب نفسه. فإنه لم يبغض أحد جسده قط بل يقوته ويربيه... لأنه لهذا يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكون الاثنان جسدا واحدا."

هنأ الجميع العروسين. اتجه الجميع الى المطعم. كان الفرح سيد الموقف وفي اليوم التالي اتجه العروسان الى روما لتمضية شهر العسل. إنها الرحلة الاولى في رحلة العمر التي لا شك سوف تحمل معها الكثير من الافراح والاحزان، النجاح والخيبة، لكن الاساس يبقى ان يستمر العروسان ممسكين يدا بيد مهما طالت الرحلة ومهما تبدلت الظروف.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مهرجان كان السينمائي - عن الفيلم -ألماس خام- للمخرجة الفرنسي


.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية




.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي


.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب




.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?