الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على هامش (جدار الصمت) القسم الثاني - رفعت زيتون

دينا سليم حنحن

2015 / 7 / 14
الادب والفن


على هامش الاصدار الجديد للروائية دينا سليم حنحن
بقلم: الناقد رفعت زيتون – رام الله
القسم الثاني
* اللغة في الرواية
غلبت على الرواية اللغة السردية العادية وتضمنت في حواراتها كذلك مزجا بين الفصحى والعامية وأحيانا مزجت بينها في ذات الجملة.
ولكن من اللافت للانتباه تلك اللغة عالية المستوى والأنيقة في اختيار الألفاظ لتكوين تراكيب كانت غاية في الروعة للوصول إلى صور شعرية جميلة ظهرت في العديد من الصفحات حتى ذهبت للاعتقاد أن كاتبتنا ليست فقط روائية ولكنها حتما تتقن كتابة القصيدة النثرية فلديها كل مقوماتها، حتى ولو لم يظهر في قائمة إصداراتها ما يشير إلى ذلك، ولكني لا أستبعد ذلك في يوم من الأيام، كذلك تضمنت الكثير من فلسفة الحياة، والشواهد على ذلك كثير أختار منها :
- صفحة 21 ( الشيطان يتلهى برجم أحجار اللعنة في المكان، روح ما تتأوه، صراخ مكبوت يلجم صهوة السماء، قاع الصمت يدوي في أزمنة ضائعة).
- صفحة 24 ( لقد تنصل منه الزمان وانحل الضوء عنه فغيّب وجوده).
- صفحة 30 ( بدأت أتغلغل داخل بهو الذكريات).
- صفحة 43 ( ألّا تأنّى جسدك بالتهام نفسه).
- صفحة 114 ( المال مثل الحاسة السادسة، وبدونه لا تعمل باقي الحواس).
- صفحة 137 كلها تصور الكاتبة فيها مشهدا بين السماء والأرض بين ما هو معقول وما هو لامعقول تصور فيه الأم اللحظة الأصعب.
- صفحة 145 ( لم تبتلع الريح ابتسامتك).
- في صفحة 161 ( أخشى من يوم يأتي ومن قرار خطير ربما أتخذه وهو أن أقرر أن أنشر كل ما أكتبه حالا، أو أن أمزق كل ما كتبته حال).
هنا تظهر فجأة تجربة أبي حيان التوحيدي أو ما أسميتها عقدة أبي حيان وهو فيلسوف الأدباء الذي أحرق كتبه في النهاية، وهذه حالة تنتاب الكثير من الكتاب في مواقف معينة تمر عليهم خلال حياتهم بعد سلسلة من الإحباطات التي قد يتعرضون لها.
- صفحة 163 ( لم أتمكن من الرؤية لأن السحب الثقيلة كانت قد غيبت نصف القمر الذي لاذ خلفها غاضبا حاقدا على السماء المكفهرة).
- صفحة 199 ( لقد انتفض هذا الثعبان المتعسف داخلي ... فأكلني).
- صفحة 201 ( جذبني الخوف وحطّ بي إلى شطآن الأرض ينتزعني من موجة خوف ليلقي بي في متاهة خوف آخر).
- صفحة 264 ( ساعة جهازي تؤشر إلى الخامسة صباحا، السماء المثقلة بالهموم تهمس في أذن شجرة السرو المطلة على نافذتي، الريح تتمتم كالعادة، سطح بيت جارتي يصغي السمع .... هذا اليوم الماطر يغيّب عن أذني زقزقة الطيور).
- صفحة 250 ( عين الروائي تعشق التفاصيل).
- صفحة 252 ( خائن هو الصمت ومسكين هو العنفوان عندما ينكسر).
* متن الرواية والمضامين الرئيسة :
تمثلت المضامين الأساسية في الرواية في ثلاث صور :
* الصورة الأولى: أنها رواية التحدي والإصرار على التغيير والوصول إلى الهدف، وقد تمثل ذلك عندما كان التمرد والتحدي رفيق دربها على طول الطريق، وفي أكثر من اتجاه:
- إصرار على المضي في مشروعها الأدبي والكاتبة.
- إصرارها على تحدي المرض وزرع ذلك في نفس ابنها فكان قويا بها.
- إصرار على رفض الواقع وطلب التغيير وترك الجَمل بما حمل كما قالت.
- إصرار على الرحيل عن الوطن عندما أيقنت أنه أصبح غربتها التي تعيشها كل يوم.
فالإصرار جعل منها امرأة حديدية رغم حالة الخوف التي لم تفارقها في مشوارها الطويل مع مرض ابنها.

* الصورة الثانية: تمثلت في أنها رواية الأمومة والتضحية والعطاء بلا حدود ومهما كلف ذلك من مال ووقت وربما الوصول للتضحية بالحياة.
فهي بذلك كانت امرأة تظهر الصلابة ولكنها من الداخل أوهن من بيت العنكبوت بسبب تلك الأمومة اللعينة كما أسمتها، تلك التي :
- جعلتها تعمل داخل البيت وخارج البيت لتحمي نفسها وأبناءها وتؤمن لهم العيش الرغيد وتحقق لهم الرفاهية.
- جعلتها تكون وفية لابنها حيا حين لازمته كل سنوات العلاج في البيت والعيادات والمشافي، والتي أوفت بوعدها له ميتا حين كتبت روايتها عنه كما وعدته.
- جعلتها ترفض أن تذهب مع الممرضات لغرفة الوقاية عندما أطلقت صفارات الإنذار في حرب الخليج، وليس هذا فحسب بل ألقت بنفسها على جسد ابنها الملقى على السرير خشية أن يصيبه مكره.
- جعلتها لا تنام ليلا خشية أن تُفاجأ بصاروخ في بيتها في تلك الحرب فتفقد بناتها وابنها.
- وجعلت من روحها خمسة أجزاء كما قالت لتعطي كل واحدة من بناتها الأربع وابنها خمسا منها.
- وهي تلك الأمومة التي جعلتها تزيل المرايا من غرفة ابنها لكي لا يرى نفسه وهو يذبل أمام المرض اللعين.
- وهي التي أصيبت بالهستيريا عندما غادرها دون علمها.
- وهي الأمومة التي جعلتها تنسى أن تنظر في وجهها في المرآة مدة.
- وهي التي كانت تموء في غرفتها من العذاب تماما كما قطة الجارة خلف سور بيتها دون أن يسمعها أن يسمعها أحد.
- وهي التي كبر ابنها وأصبح شابا عجوزا يتعكز عليها بدلا أن تتعكز هي عليه كباقي الأبناء امتثالا لسنة هذا الكون.
* الصورة الثالثة: تتمثل في أنها رواية الاغتراب في أشكال متعددة:
- غربة الوطن والأهل، حيث المجتمع الذكوري وزوج متسلط ومتعال.
- غربة المرض الذي لازم ابنها وعاشته على مدى كل تلك السنوات.حيث اعتزل الناس وهي اعتزلتهم معه، وعندما كان يشتد به المرض كان يعتزلها بعد توجيه الإهانات لها.
- غربة المنفى حيث تركت الوطن لتستقر في بلاد بعيدة بكل ما قد يكون من مخاطر ومخاوف اقتصادية وغيرها.
هذا المثلث الذي أطبق أضلاعه عليها من كل الجهات، تحولت زواياه إلى فوهات بركان تفجرت كلها رواية تسرد فيها سيرتها الذاتية وتكون بها بارّة بابنها الذي وعدته بكتابة قصة حياته ومرضه.
............
يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قصيدة الشاعر عمر غصاب راشد بعنوان - يا قومي غزة لن تركع - بص


.. هل الأدب الشعبي اليمني مهدد بسبب الحرب؟




.. الشباب الإيراني يطالب بمعالجة القضايا الاقتصادية والثقافية و


.. كاظم الساهر يفتتح حفله الغنائي بالقاهرة الجديدة بأغنية عيد ا




.. حفل خطوبة هايا كتكت بنت الفنانة أمل رزق علي أدم العربي في ف