الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التربية والسلوك... وعاءا الفهم وتقويم الإنسان وليس الحجاب

دروست عزت

2015 / 7 / 14
مواضيع وابحاث سياسية




التعري للتعري هو تخلف بالتأكيد ولا خلاف فيه .. والتعري الذي لا يسيء لأحدٍ ويكون بنظر الغير على إنه تعرٍ غير لائق ولأسبابٍ إختلقوها هم بإسم الدّين بحجة ضبط مجتمعاتهم المتخلفة إجتماعياً وفكرياً والتي تشوبها الشك والغيرة وعدم الثقة ببعضهم .. و تقودهم شهواتهم قبل عقولهم في عالمهم ولا شيء آخر غيرها .. ويتحججون بالشرع ويطبّلون ويزمّرون ليلاً ونهاراً بالحرام والحلال ..
ومن ثم يفرضون ويضعون الحجاب حاجزاً بين النفوس المريضة وبين ضحايا المكان والزمان متناسين الضمير وإحترام الآخر والفقر والحاجة وحالات التسّول والتسيّب والرّشاوى في المجتمع .. ويتمسكون بالحجاب حتى يرضون أنفسهم ويؤتمنون على ما بين أيديهم من أناثهم كمُمتلكاتٍ مسخرةٍ لهم وبحجج واهية غير منطقية وغير منضبطة فيهم والحديث حول إثارة الشهوات والمشاعر والشيطان ثالثهم .. وكل هذا فقط ليبرروا للحجاب وتقييد الأنثى وعزلها عن الآخرين بقوانينهم الذكورية و المرتكبة بحقها وهي ضعيفة مغبونة, والتي لاقت الويلات منذ القديم وحتى الآن في أكثر المجتمعات الإسلامية وفي العالم أجمع .
فالحجاب وشكله بحد ذاته ليس تخلفاً في نظر العارفين والمثقفين بل هو دلالة على ما أوتي به من أجله, والذي هو أمرٌ وضع لكبحٌ شهوة الرجال المتخلفين في المجتمع, ولمنعهم من إثارة الشهوة والرغبة .. وآخِذين الغريزة قبل العقل مبداً في الحجاب ,وكأن البشر قطعانٌ لا قيم لديهم ولا قوانين ولا حتى تربية .. ويبقى الشك وتبقى الريبة في كل حركة وعلاقة بين الذكر والأنثى في مجتمع الحجاب ..
وهنا يجب أن ننطلق من السبب الذي وضع الحجاب من أجله وليس شكله وطبيعة لبسه .. وقد تكون صاحبته ذكية ومثقفة وتدير أكبر مراكز ودول .. أما سببه هو بالتأكيد أمرٌ يعني التخلف عند شرح أسبابه التي وضع الحجاب من أجله .. فالتربية والسلوك هما وعاءا الوعي الأساسيان للإنسان وحجابا للعقل في الإلتزام وفهم الأمور والتي بهما يبتعد الشخص عن الفساد وعدم الإنضباط . لأن التربية الصحيحة هي البوصلة الحقيقية لعقل الإنسان وليست القوانين الرغبوية لدى القوي ليفرضها على الضعيف بالحجج والترهيب والترغيب ..
حقيقة الحجاب وغايته هو حجاب العقل وتقيده وعزله حتى لا يتحرك إلا في مساحة ضيّقة ومسير بكنترول شريعتهم, وليست الغاية منه هو حجاب الشكل والشعر بسبب الإغراء والإثارة, فلا ضرر من الحجاب عندما يرتبط بالرغبة من صاحبته في تغيير شكلها وهندامها حسب الوضع الذي فيه ونوعية العمل والمكان و يكون له أسبابه بإختيارٍ حرٍ وليس للأسباب التي يدّعونها هم ويختلقونها ..
فالحجاب عند مجتمعاتنا هو رمز التّخلّف الفكري والأخلاقي بالتأكيد, ويضرّ بالوضع الإقتصادي والإجتماعي والثقافي بين الناس حسب المكان والأقوام ومستوى فهمهم للمجتمع وعلاقاته وقوانينه .. كوننا أخذنا الدّين عادة وليس فكراً مقنعاً مادمنا ورثناه عن أهلنا ومن سبقوهم, ونرى جُلهم من يتمسكون به هم تجار الفساد والفتن والمال والشهوات .. وهنا لا نقصد الكل .
ونستطيع أن نقول بأنّ التعرّي الذي يضرّ بالمجتمع بتصرفاته , والحجاب الذي يضرّ بالعقل والفكر والتّعامل مع الآخر هما واحد ولا فرق بين أضرارهما ..
ولكن هنا علينا أن نقول بأنّه يجب أن تُحلّ المشاكل و أن تتغير المفاهيم حسب تقدم المجتمع بالفكر والوعي .. ولا يحق لأحدٍ أن يهين أو يلغي الآخر بسبب معتقداته مادام الشكل لا يضر بأحدٍ سواء أ كان تعرياً أم حجاباً مادامت هي حرية الأختيار .. فكل منهما يرمزا لواقعٍ وتربيةٍ معينةٍ وإلتزامات لفكرٍ ما بحسب تطور تلك المجتمعات ..
فالحجاب هو رمز يهدف للفكر الدّيني في الشرق الأوسط والدول الأخرى التي تتواجد فيها المسلمين , والفكر الديني هو من يجعل الناس تأخذ المواقف منه ومن الحجاب لتشدده ولعدم فهمه للواقع وتغيراته ومستوى الوعي وينطلق من شريعةٍ ترفض الفكر الأخر وتتشبذ بفكره وكأنه مطلق .
وفرضُ الحجاب عن طريق الفكر الديني دون أن يقتنع الناس به منطلقين من نظرة أحادية الجانب دون أي أعتبار لفكر الآخرين بحجة الكتاب والأحاديث التي يؤلوونها حسب إمكانياتهم العقلية ومنافعهم الشخصية ومساحة سيطرتهم .. في حين تراهم يتمسكنون في مكان ما .. وإن تمكّنوا يصبحون طغاةً في مكانٍ آخر .. وهذا لا يجوز مادام هو في خدمة الله بحسب ما يزعمون ..
فمنذ ظهور الدين والحجاب مفروض على من يعتنق الدين لضبط المجتمع .. ولكن المجتمعات التي فيها الحجاب هي أكثر من تتعرض للفساد ولإنحلال الأخلاق والسلوك .. وهذا ليس إتهاماً وليست إهانة لأحدٍ , بل علينا أن نقرّ بالحقيقة ونناقشها لضبط المجتمع من خلال التفسير المنطقي للحجاب والتعري ويكون بنيانهما على أساس الأخلاق والسلوك ..
وهذا الموقف ليس برد فعلٍ شخصي .. بل هو لإبداء الرأي والنقاش حول ما نناقشه نحن بشكل يليق بالقلم وأصحابه ..
ويجب أن يعالج هذا الأمر .. لأن الحجاب مسألة يجب أن نناقشه بيننا حتى يأخذ حجمه الحقيقي بدون إضرارٍ بالفكر والعلاقة بين الإنسان والإنسان ( انثى وذكر ) في المجتمع, وأن لا يكون السبب في تجميد نصف مجتمعنا بحجة الحرام والحلال .. في حين أولاد الحرام يحللون لأنفسهم حرام الآخرين بالحلال, ويحرّمون ما يحلّ للاخرين بالحرام .. ومعاً نحو الحقيقة
دروست عزت / بوخوم / ألمانية
13/7/2015








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا قال النائب الفرنسي الذي رفع العلم الفلسطيني في الجمعية


.. لا التحذيرات ولا القرارات ولا الاحتجاجات قادرة على وقف الهجو




.. تحديات وأمواج عاتية وأضرار.. شاهد ما حل بالرصيف العائم في غز


.. لجنة التاريخ والذاكرة الجزائرية الفرنسية تعقد اجتماعها الخام




.. إياد الفرا: الاعتبارات السياسية حاضرة في اجتياح رفح