الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قيادة بلا سيطرة

بشير الوندي

2015 / 7 / 16
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني



مقدمة
=======
تدور رحى معارك العراقيين ضد اعتى قوة ارهابية في كوكبنا , الامر الذي يتطلب منا اقصى درجات المرونة والانسيابية في ادارة المعركة وقيادتها بحزم وبلا تقاطعات طولية او عرضية , وهو مانعبر عنه في الاصطلاحات العسكرية بالقيادة والسيطرة, فالقيادة والسيطرة هي القدرة في التأثير باعداد من البشر وتشكيلاتهم لتحقيق اهداف محددة .
ان من ابرز صور الفوضى وتشتيت المجهود العسكري في حربنا ضد الارهاب يتمثل بضعف وتشتت القيادة والسيطرة , الامر الذي تضيع معه جهود جبارة , وتفقد قوات هائلة من الجيش والشرطة وابطال الحشد , قيمة الاحتشاد التعبوي .
لكل ذلك سنسلط الضوء على ابرز مشكلات القيادة والسيطرة في قواتنا المسلحة بمختلف صنوفها.
=====
فوضى
=====
ان ماوصلت اليه تعددية مراكز القيادة والسيطرة في قواتنا الامنية , امر يدعو لدق ناقوس الخطر , فلا يوجد جيش في العالم لديه تعددية في قراراته العسكرية المصيرية وفي قيادة العمليات العسكرية .
فقد ابتكر المعنيون بناءاً مشوهاً لمراكز عصب القرارات العسكرية , اصبحت معه وزارتا الدفاع والداخلية وقياداتها الفرعية كقيادة القوة البرية وقيادة الشرطة الاتحادية وهيئه الحشد الشعبي, اصبحت كلها مركونة مهملة فيما يخص القرارات العسكرية المصيرية , واصبح جل عملها ان تكون تنسيقيه غير امرة , تعنى بالجوانب اللوجستية والادارية .
ولكي تكتمل الصورة تشويهاً , فقد اسس المعنيون مايسمى بقيادة العمليات المشتركة (اثر السقوط المدوي للموصل) والتي جمعت تحت امرتها كافة التشكيلات العسكرية والشرطوية , وقيادات العمليات في المحافظات , بطريقة فجة ازاحت الوزارات الامنية وحرمتها من اية سلطة عسكرية على قواتها , الامر الذي جعل تلك الوزارات تدير قواتها ادارياً فقط كمكاتب تأجير السيارات !!!.
ولكي يكون هنالك تفرد عراقي لايضاهيه ولايشابهه اي قرين في العالم , فقد جعلت القيادة للعمليات المشتركة بيد جهاز مكافحة الارهاب !!!, وبقيادة قائ الجهاز , وهو جهاز لم يثبت (ككيان وقيادة ) منذ اكثر من عقد من الزمان , نجاحه في مكافحة الارهاب , بل ان الارهاب قد نمى خلال اكثر من عقد من الزمان , وتحول الى محتل يحارب بالدروع ويمتلك الدبابات والارض والاموال الطائلة , فما الذي فعله جهاز مكافحة الارهاب , كي يقود هذه المرة كياناً اسمه العمليات المشتركة , وتوضع تحت امرته امكانات وزارات الدفاع والداخلية والحشد والامن الوطني والمخابرات , وبالمقابل تسلب كافة السلطات من اهم وزيرين في تلك الفترة العصيبة وهما وزيري الدفاع والداخلية .
فيما ان المتعارف عليه في كل جيوش العالم , ان كل هيئات الركن وهيئات العمليات والعمليات المشتركة , هي عبارة عن اركان مساعدة وتنسيقية وتسهيلية واستشارية لعمل القادة .
وفي دول العالم اعلى رتبة هو رئيس الاركان , وهو يدير هيئة الركن لكنه ليس آمرا او قائدا , ومهمته تهيئة التصورات والامكانات , ورفعها لوزير الدفاع , والاخير مع القائد العام هما من يقرران, اما نحن فقد سلبنا صلاحيات الوزراء وجعلنا مقدرات جيوشهم الجرارة بيد جهة تنسيقية (او هكذا لايجب ان تكون) يقودها رئيس جهاز مكافحة الارهاب!!!!.

===================
ستون مركزاً للقيادة والسيطرة!!!!
====================
ان اي استعراض لتعداد مراكز القرار (القيادة والسيطرة) في العراق , يصيب الباحثين بالذهول ,فنحن القوات الوحيدة في العالم التي تتداخل فيها لاعمليات لقرابة ال60 مركز قيادة وسيطرة .
ففي كردستان لدينا اربعة مراكز قيادة وسيطرة , اثنان منها هما بيشمركة الاتحاد الوطني وبيشمركة الديموقراطي الكردستاني , اضف اليهما قوات حزب العمال الكردستاني بقيادتها وسيطرتها , اضافة الى القوات الايزيدية التي تشكلت مؤخرا.
اما في عموم العراق فلدينا مراكز قيادة وسيطرة لجهاز المخابرات,و الامن الوطني , وجهاز مكافحة الارهاب , وفصائل الحشد الشعبي (التي لكل منها قيادته وخططه وسيطرته )والبالغ عددها من 48 الى 55 تشكيل, عدا عن قيادة العمليات المشتركة التي تقود المعركة .
والغريب في الامر ان الدفاع والداخلية مهملتان في مهمات القيادة والسيطرة , كما لايخفى ان هيئة الحشد هي جهة تنسيقية ولوجستية فقط .
والسؤال هنا , اذاما طلب احدهم اسناد مدفعي ,فمن يطلب من من؟؟؟ , وكيف يتم الاسناد والتنسيق , ولو ان قوة حشد قررت ترك موقعها ,او اختيار موقع جديد ,او قاطع جديد ,او انسحاب كيف يتم التنسيق ومع من ؟؟؟
ان توصيف الجبهة من زاوية القيادة والسيطرة هو توصيف عبثي , فتجد لواءاً عسكرياً تابعاً ادارياً لفرقة , ولكنه في القيادة والسيطرة تابع للعمليات المشتركة , فالفرقة لاتشارك في التخطيط , كما ان اية قوة حشد لها ارتباطين , فقيادتها للسيطرة والقيادة , وهيئة الحشد للرواتب , والامر ذاته على التشكيلات الشرطوية , فاية قوة من الداخلية لها ارتباطان , احدهما اداري بالوزارة ,والاخر قيادة وسيطرة .
==================
بين التعددية والتفرد الدكتاتوري
=================
ان تأرجح قواتنا مابين التعددية في القيادة والسيطرة , وبين ابتلاع العمليات المشتركة لادوار الوزارات الامنية هو تأرجح بين الفوضى العارمة والدكتاتورية العسكرية الصارمة .
فحتى وقت سقوط الموصل كانت الامرة المباشرة لمكتب القائد العام وكان هو الامر الناهي , بحيث ان مكتب القائد العام كان يتجاهل حتى رئاسة الاركان وحتى السلطات الدستورية لمجالس المحافظات , فكانت تعين قادة الشرطة في المحافظات , وكان القائد العام يستطيع ان ينقل اي جندي في ابعد سيطرة عسكرية في البصرة .
بعد احداث الموصل تشكلت العمليات المشتركة , وهي تقود المعركة ضد داعش, والغريب ان رئيس العمليات المشتركة هو رئيس جهاز مكافحة الارهاب, بينما المفروض ان يقودها رئيس الوزراء , ويسلمها بدوره للقادة العسكريين للنيابة عنه.
وزاد الطين بلّة حين ربطت قيادة العمليات في كل المحافظات بالعمليات المشتركة , واصبح الوزراء بلا حول ولاقوة, رغم ان تشكيل قيادات العمليات قد اثبت فشله منذ عقد من الزمان , ولم يصلح كبديل عن هرمية الفيلق –الفرقة-اللواء , ناهيك عن فوضى ضيفيات الوحدات.
فصارت قيادات عمليات بغداد وسامراء وغيرها, تخاطب العمليات المشتركة رغم ان صفتها استشارية(او هكذا يجب ان تكون) , ولاتعنى بمخاطبة قيادتها الوزارية التي لاسيطرة لها عليها.
ومن هنالا يتضح لنا مدى خطورة الفوضى الطولية والعرضية في تسلسل القيادة العسكرية لدينا ,ففي التسلسل العرضي لدينا انعدام تنسيق في الجبهة ,وفي التسلسل الطولي لدينا شلل لقيادات فاعلة كثيرة.
=====
خلاصة
=====
ان التعددية والتعارض والتصادم في الارتباط القيادي مدمر للقوات المسلحة, فمشكلتنا تكمن في تعدد مصادر القرار الاستشاري , وعدم وضوح مصادر القرار القيادي , وانتزاع القياده من اصحابها في التسلسل الاداري والعسكري كالوزراء
وكان يفترض بقيادة العمليات الحقيقية ان تشتمل على عمليات الداخلية والدفاع والصنوف والاجهزة الامنية والبيشمركة والحشد وتكون بمثابة هيئة ركن يقودها القائد العام , وهو بدوره يقسم مهام التفويض, كأن يجعل وزير الدفاع على الانبار , ووزير الداخلية على الموصل , وقائد الحشد على ديالى وهكذا ,اما هيئة الركن والقيادة المشتركة فليست بديلا لكنها منسق .
ان حذف الادوار القيادية في التسلسل العسكري يدمر القدرات , لان فقدان القيادة والسيطرة وتعدد المرجعيات القيادية هو داء مدمر وعنوان بارز للفوضى.تحية لابطالنا بكل صنوفهم في جبهات القتال , والله الموفق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وسط إقبال مكثف.. فرنسا تجري انتخابات تشريعية -مختلفة-، لماذا


.. بعد أدائه غير المقنع.. بايدن يجتمع مع عائلته لمناقشة مستقبل




.. المعارضة الكردية الإيرانية تصف الانتخابات في إيران بـ-عملية


.. قراءة عسكرية.. القسام تبث مشاهد جديدة من تجهيز عبوات -العمل




.. -مش احنا الي نرفع الراية البيضاء -.. فلسطيني من غزة