الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في غزة : برجوازي البر , برجوازي البحر !!

حسن عطا الرضيع
باحث في الشأن الاقتصادي وكاتب محتوى نقدي ساخر

(Hasan Atta Al Radee)

2015 / 7 / 16
الادارة و الاقتصاد


في غزة : برجوازي البر , برجوازي البحر !!
بقلم / حسن عطا الرضيع
باحث اقتصادي _ غزة
قد يكون عنوان هذا المقال غير واضح كثيراً لعدم زجه بقضية ما , لكن هناك من يستخدم مصطلح البر والبحر للتفريق بين سياسة رئيسين أو حكومتين في فترتين زمنيتين مختلفتين , فمثلا عند التطرق لسياسات الفساد وسوء الإدارة وعدم جدوى السياسات الاقتصادية المنتهجة من قبل السلطة والحكومات الفلسطينية المتعاقبة , يمكن القول أن السياسات الاقتصادية للسلطة الفلسطينية في الفترة 1994-2006 ( سياسات البر) لا تختلف كثيراً عن سياسات حكومة حماس في الفترة 2007-2015 ( سياسات البحر), فالسياسات الاقتصادية القائمة على القطاع الخاص والسياسات الاقتصادية النيو ليبرالية واحدة في فلسفة تلك الحكومات, وعليه فإن برجوازية البر(حركة فتح) هي نفسها برجوازية البحر(حركة حماس) , واحتكارات البر هي نفسها احتكارات البحر, البطالة والفقر وتآكل القطاعات الإنتاجية وتفاقم المشكلات الاقتصادية وسيادة بذور المرض الهولندي وعمليات زواج المال والسلطة , وإباحة الزواج الكاثوليكي فيما بينها هي القاسم المشترك لسياسات البر والبحر, حاول هذا المقال تسليط الضوء على واقع الجهاز المصرفي في قطاع غزة, حيث أن أنشطة البر ( وهنا البنوك التقليدية غير الإسلامية) هي نفسها أنشطة البحر(البنوك الإسلامية), حيث هدفهم واحد وهو الوصول إلى أقصى ربح ممكن دون وجود أي اعتبار لأوضاع الشرائح الاجتماعية أو حتى المساهمة في علاج المشكلات الاقتصادية والاجتماعية في قطاع غزة, أنشطة البر والبحر لتلك البنوك لا زالت تتمحور حول استقبال الودائع وتقديم القروض للقطاعات الاستهلاكية وتقديم الكثير من الحوافز والهادفة لزيادة عدد عملاءها وزيادة الودائع التي تستخدمها في تمويل استثمارات لها بالخارج, وعند النظر بطبيعة القروض المقدمة في تلك البنوك فإنها تقدم للأنشطة الاستهلاكية كتمويل شراء شقة سكنية أو سيارة أ و أجهزة كهربائية , ولا يوجد برامج لتمويل قطاعات إنتاجية كالزراعة والصناعة التحويلية وغيرها وإن وجدت فأسعار الفائدة المرتفعة والتي لا تقل عن 9% ستكون مانعاً لذلك, في أغلب ميادين قطاع غزة الرئيسية لا تخلو يافطات لترويج برامج البنوك, منها افتح حساب ب 200 دولار أو ما يعادلها من العملات الأخرى وادخل السحب على عشرات الجوائز مروراً بالجائزة الكبرى شهرياً لبعض البنوك بحدود 50 ألف دينار , بنوك أخرى تقدم سيارة حديثة شهرياً, إضافة لعشرات الجوائز النقدية شهرياً, حجم تلك الجوائز في اقتصاد فقير ولا يمتلك أي مقومات للنهوض , حيث لا إنتاج يذكر وتراجع مستمر في نمو القطاعين الرئيسين الزراعة والصناعة , إضافة للانكماش الاقتصادي الذي بلغ في العام 2014 حوالي 15%, تلك الجوائز الكبيرة والحوافز المتنوعة والهادفة لحشد وتوظيف مدخرات الفلسطينيين بغزة تعني أن هناك مجالات واسعة للبنوك بالخارج وأرباح كبيرة, وما تقدمه من حوافز يعتبر فتات من تلك الأرباح ( حيث حقق الجهاز المصرفي الفلسطيني في الفترة من 1997-2013 حوالي 1023 مليون دولار), وبالمثل المصري" معلقة من صحن الكوشري", وخلال السنوات الأخيرة وتحديداً منذ العام 2008 تم إنشاء بنكين في قطاع غزة تعود ملكيتهم وإدارتهم لحركة حماس , كالبنك الوطني الإسلامي وبنك الإنتاج واللذان لا زالا يعملان خارج سلطة النقد الفلسطينية رغم التزامهم بالمعايير العامة لتلك السلطة, حاول البنك الوطني الإسلامي (رئيسه الدكتور علاء الرفاتي وزير الاقتصاد بحكومة حماس سابقا) الدخول بهذا النشاط واعتبر هذا البنك بأنه بنك حكومة حماس, حيث قام بعدة أنشطة كتسهيل معاملات موظفي حكومة حماس البالغين قرابة 44 ألف ( لا زال ملفهم عالقاً أمام مهام حكومة التوافق الوطني التي تم تشكيلها في ابريل 2014), إضافة لتنفيذه برامج نظام المرابحة , والذي مكن هؤلاء الموظفين من شراء الأجهزة الكهربائية والالكترونية ومواد البناء وغرف النوم والسيارات وغيرها بالتقسيط (البنك يأخذ مقدما عمولة المرابحة والبالغة 10%), تعرض هذا البنك للتدمير بشكل كلي في العدوان الإسرائيلي في نوفمبر 2012, تحاول تلك البنوك استخدام حملة لتشويه الاستهلاك وخلق أنماط جديدة تهدف من وراءها جمع أكبر ودائع ممكنة, وتستخدم أدوات مختلفة كاللعب على الوتر الحساس كالعبارة القائلة بأن البنك الوطني الإسلامي : استثمارك الإسلامي نحو الأفضل , وكأنك الاستثمار في قطاع غزة ينقسم إلى استثمار إسلامي وأخروي, وآخر استثمار مدني أو دنيوي , ولتوضيح ذلك فإنه يجب التفريق بين أنشطة البنوك وغيرها من المؤسسات غير المصرفية, فلكي نسمي مؤسسة ما بأنها بنكاً لا بد من توفر شرطين رئيسين وهما قبول الودائع وتقديم القروض, حيث إذا قامت مؤسسة ما باستقبال الودائع دون تقديم القروض تسمى شركة توظيف أموال أو مؤسسة مالية, إما إذا قدمت قروضاً وبدون استلامها لودائع تسمي مؤسسة مالية غير مصرفية أو مؤسسة إقراض وهذا النوع شهد رواجا كبيراً في قطاع غزة وقدمت قروضاً تضاهي إلى حد كبير البنوك ولكن أسعار الفائدة التي تحصل عليها مرتفعة نسبياً تصل أحياناً إلى 24% سنويا, وكون مجتمع غزة محافظ, فهناك من يرفض إيداع أمواله بالبنوك وهناك من يحبذ وضعها ببنك إسلامي للخروج من شبهة الربا (الفائدة), البنوك مهما اختلفت تسميتها فهي تستقبل ودائع وتستثمرها في شتى المجالات حيث لا يوجد منكرات أو محرمات في الاستثمار, إن وجدت أنشطة محرمة محلياً , تلجأ البنوك للاستثمار فيها بالخارج, بشكل أو بآخر, مجالات متعددة بدءاً باستغلال الفقراء عبر برامج القرض الحسن( نسبة الفائدة لا تقل عن 1%) , أو برامج وصيغ المرابحة الأكثر ضماناً للبنك والأقل أو المعدومة من المخاطر( لا تقل عن 10% , أي 10 أضعاف الفائدة في البنوك الأمريكية و4 أضعاف نسبة الزكاة المقدرة ب2.5 %), في حين أن قرابة 90% من معاملاتها المالية تعتمد على أنشطة المرابحة استناداً للنص القرآني "أحل الله البيع وحرم الربا", ورغم اختلاف فقهاء الإسلام في إباحية هذا النشاط المالي( كونه فقه معاملات إسلامية وليس نظاماً اقتصادي مستقل بذاته" , إلا أن العقل الرأسمالي هو المسيطر في أغلب الحالات , وتبقى آهات الفقراء والمسحوقين سلع سائغة لرأس المال سواء لبرجوازي البر أو برجوازي البحر, وتبقى تلك الأنشطة التي تمارسها البنوك جزءاً من منظومة رأسمالية , وتبقى الأخلاق والقيم الإنسانية ومفهوم العدالة الاجتماعية بعيدة عن فلسفة تلك البنوك , ويبقى الأهم هو إنسانية التعامل ومنع الاستغلال, حيث أنه إذا أردت أن تختبر شخصا لكي تقو ل عنه أنه متدين اجتماعي وجدير بالاحترام والثقة فقط حاول التعامل معه بالقضايا المالية والتي تعتبر نقطة الضعف لعدد كبير من الجمهور الرأسمالي وأهمها :
توزيع الميراث على الحلقة الأضعف وهنا المرأة,و تقاضي الفائدة (الربا) إن كان الشخص غنياً وأراد أن يودعها بالبنك, إن كان تاجراُ فما هي المشاريع التي يحبذها؛ وهنا لا مجال للخروج عن دائرة المضاربة في العقارات والتجارة والصرافة, إن كان يمتلك مصنعاً أو منشأة أو مزرعة كبيرة بها عمال "هنا أبشع صور الاستغلال كأن تكون أجرة العامل 2 شيكل في الساعة الواحدة رغم أن تلك الأجرة لا تزيد عن ربع الحد الأدنى للأجر في الأراضي الفلسطينية"
إن كان وزيراً أو في منصب سياسي مهم ( هنا سيمارس سياسة الإقصاء وتعيين الأقارب واستغلال النفوذ وسيتزوج كاثوليكي بالمال, إن كان أكاديميا ( سيتبع أبشع سياسات التمييز بين الطلاب والطالبات , وسيادة اللا مصداقية شئ مؤكد لمن يخالفه الرأي ,إن كان صاحب مؤسسة خيرية فإن ما سيحصل عليه مقابل تقديم خدمات للفقراء ستكون أضعاف ما يأخذه جميع هؤلاء الفقراء( بعد عام أو اثنين سيكون لديه سيارات دفع رباعي, قصر, أراضي, حسابات بنكية بالدولار والدينار وطبعا الشيكل لا لأنه عملة الأعداء, سيقدم أدلة أن هناك من قدم له عطايا وهدايا على جهوده الكبيرة في محاولة رسم الابتسامة على وجوه الفقراء, وعليه يمكن القول أنه لولا الفقراء لما وُجد كروش لمن كان بالأمس بلا مال ولا كرش ولا عرش, وفي هذه الحالة تكون نتائج تقديم المساعدات وتحديداً النقدية منها , هو توزيع ورسم الابتسامات !هنا ( رسم ابتسامة على وجوه الفقراء , وفتح حسابات بنكية متنوعة ومتعددة العملات للقائمين عليها(
القضية الرئيسية الشائكة والمثيرة للتساؤلات والبحث هي سعر الفائدة, حيث أن الفائدة قد حرمت بالأديان كالمسيحية والإسلام, وفي اليهودية حُرم على اليهودي تقاضي الفائدة من اليهودي وأباحت له تقاضي الفائدة وبشكل مروع من الأغيار غير اليهود, واستخدام كافة الوسائل للاستغلال وجمع الثروات على حساب الآخرين, إنسانياً هي أبشع مراحل الاستغلال البشري , واقتصادياً هي السبب الرئيسي والتاريخي لأزمات الإنسانية, وعلاج تلك المشكلة ومنها الأزمات الأخيرة في العقد الماضي تتم عبر مجتمع بلا فائدة مجتمع بلا استغلال وإن كان مثالي في الوقت الراهن للتعقيدات الكبيرة في النظام الرأسمالي , مجتمع بقطاع عام مسيطر وبسياسات اقتصادية مركزية وإن وجدت الفائدة فهي للدولة,
السيد المسيح حرم الربا على أساس أن الزمن لله, وتقاضي فائدة على المال بعد مرور الزمن يعتبر خطيئة كبير ة, في حين اعتبر على بن أبي طالب بأن رأس المال هو الزمن !
شرائع حمواربي وكونفوشيوس وعلماء وفلاسفة اليونان( بسبب الأزمة المالية الأخيرة أطلق عليها أرض السفهاء ماليا واقتصاديا والقول للبلد وزر ألمانيا) قبل آلاف السنوات دعوا لمجتمع بلا فائدة وبلا استغلال !
لا خلاف أن البنوك بشتى أنواعها من تقليدية أو إسلامية رغم اعتراضي على التسمية جميعها تقع ضمن الجهاز المصرفي و تمارس أنشطة هدفها تحقيق أقصى الربح ممكن دون الاهتمام بقضايا المجتمع أو المساهمة بتقليل حدة وكبح جماح المشكلات الاقتصادية القائمة , في قطاع غزة تقتصر معاملات البنوك الإسلامية على صيغ المرابحة , والسبب في ذلك أنها مجالاً عديم المخاطر من جهة وارتفاع العائد من جهة أخرى وتنبع فلسفتها على أساس أن رأس المال جبان! وقد يتساءل البعض و لماذا لا تستثمر مثلا في أهم قطاعات الاقتصاد وهي الزراعة( من الناحية الوطنية أولوية) والصناعة في قطاع غزة , السبب هو حالة عدم الاستقرار الأمني !!
ولكن في حال سيادة الاستقرار الأمني والسياسي في قطاع غزة ومجي بن غوريون فسنجد أن روتشيلد فلسطين قد هب ودب من كل مكان و الكل سيتنافس بدءاً برجال الأعمال مرورا بكبار المستثمرين بالخارج وليس انتهاء بالبنوك الإسلامية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ملخص لأقتصاد غزة
زرقاء العراق ( 2015 / 7 / 17 - 08:31 )
لماذا لا نقولها بصراحة وبأختصار وبدون لف و دوران بأنه , كلما ضاقت الأمور واحتاجت حماس الأموال أفتعلت حرباً مع اسرائيل ليتم قصف غزة وتأتي النرويج وبقية الدول المانحة لتدر الأموال والمليارات على حماس
هذا هو ملخص أقتصاد غزة


2 - اقتصاد غزة يعتاش على المنح والإغاثة
حسن عطا الرضيع ( 2015 / 7 / 17 - 09:08 )
بداية اتشكرك زرقاء العراق على رقي التعليق, اتفق معك انه لا يوجد اقتصاد بغزة
هو اقتصاد يعتمد بالاساس على المنح والمساعدات الاغاثية أكثر من ثلثي سكانه يعتمد على المساعدات الاغاثية وفعليا لا يوجد انتاج محلي والقطاع الزراعي والصناعي يتراجع وكثير من , الانشطة لا تذكر , بعد الحرب الأخيرة في يوليو 2014 وبعد عاما من توقفها غزة بلا اعمار رغم انعقاد مؤتمر المانحين في 12 اكتوبر 2014


3 - شكرا لموضوعيتك
سيلوس العراقي ( 2015 / 7 / 17 - 10:55 )
السيد حسن الرضيع
مرحبا
وشكرا لمقالك وطرحك الموضوعي
قلما نقرأ مقالات تتطرق لمثل هذه الشؤون بموضوعية وبخاصة الكتاب الفلسطينيين في هذا الموقع الذين يحشرون بين كلمة وأخرى ومهما كان موضوع مقالهم عبارات مثل العدو الصهيونية والعدو الاسرائيلي والمقاومة ، حتى لو كان موضوعهم عن الحمصبطحيني
شكرا لموضوعيتك
لكن نود ان نعلم شيئا حول الاستثمارات أو المساهمات (إن كانت موجودة فعليًا) التي تقوم بها المؤسسات المالية والبنوك البحرية مثلما أحببت تسميتها في توظيف استثمارات أو جزء (نسبة) من أرباحها السنوية في مجال التربية والتعليم العالي والمدارس الأخرى في غزة لتقليل الاعتماد على أموال الواهبين الغربيين في هذا المجال
مع تقبل تحياتي


4 - شكراً لرقي التعليق
حسن عطا الرضيع ( 2015 / 7 / 18 - 15:38 )
السيد سيلوس العراقي
تحية طيبة واحترام
بالنسبة لموضوع اعتماد الفلسطينيين على أموال الواهبين أو المانحين فهذا يعتبر أمر واقع , لم تستطيع السلطة الفلسطينية ولو ليوم واحد الاعتماد على الذات حتى أن قنوات صرف تلك المنح يثير العديد من التساؤلات وتحديدا عندما تكون مهمة تلك الأموال تمويل العجز المالي للحكومات الفلسطينية وتمويل عجز الموازنة والتي باتت عاجزة سنويا وبشكل مطرد ومتنامي عند النظر ايضا بطبيعة تلك الموازنات نلاحظ التركيز على الرواتب والنفقات الجارية في حين أن موازنة التنمية الاقتصادية لا تذكر بمعنى أننا وبعد 20 عام من انشاء السلطة الفلسطينية لا زلنا نحصل على السمك من المانحين ولم نتعلم فنون وأدوات الصيد, أما بالنسبة للبنوك فلا زالت تقدم القروض وتمول أنشطة غير منتجة, هناك ودائع بتلك البنوك تفوق الناتج المحلي تقترب من 10 مليار دولار وأكثر من 65% منها يتم هروبه للخارج تحت أعين سلطة النقد الفلسطينية, هناك انشطة مجتمعية تقوم بها البنوك وتكون معفاة من الضريبة كبرامج منح للطلبة بالجامعة دعم انشطة رياضية ومعهد الامل للايتام واحيانا بناء وشق طريق هنا أو هناك, بالمجمل مساهمتها محدودة .

اخر الافلام

.. برنامج الإصلاح الاقتصادي في تركيا يواجه مشاكل وغضب


.. صباح العربية | ورق عنب مطلي بالذهب يثير جدلاً واسعاً في الكو




.. أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 07 مايو 2024


.. مصادر العربية: احتراق أكبر بئر لإنتاج النفط في حقل زرقة شرقي




.. نشرة الرابعة | -النقد الدولي-: هجمات الحوثيين تسببت في انخفا