الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هلال عيدنا والاسلام السياسي

مهند نجم البدري
(Mohanad Albadri)

2015 / 7 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


تشهد بلادنا مظاهر شتى تفاقمت بعد سنوات الاحتلال بعضها وصل بنا الى غاية المأساة ويريد أن يغرق البلاد في بركة من الدماء وبعضها الآخر موغل في الغرابة وأحيانا في السخف... وبين هذا وذاك نجد ما يمكن أن نسميه بقوس قزح

الاسلام السياسي في كل تمظهراته وشطحاته وتناقضاته... ما عاشه العراقيون ويعيشوه في كل مسااء29 رمضان مهزلة قلّ نظيرها: لجان في كل مكان لرؤية هلال العيد... ثم تتهاطل المكالمات على مكاتب الاوقاف السنية والشيعية التي تختلف حسب مراجعها السياسية والينية، فيقال لنا بأن الهلال لم يتم رصده كامل ارض الوطن فقد تم رؤيته هنا واختفى هناك.. ولكن عملا بـ «الوحدة» الوطنية نجتمع احيانا ونتفرقفي كثيرا منها ورغم أنف الرؤية...

وقبل كل هذا نجد من يفسر لنا على مختلف وسائل الاعلام الفرق بين «الشهر القمري العلمي» و «الشهر القمري الشرعي» فالأول يقوم على حصول الاقتران والثاني على امكانية رؤية الهلال بالعين عملا بالحديث المنسوب الى الرسول «صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته» والذي أضحى قاعدة فقهية يشترك فيها الاسلام الرسمي مع الاسلام السياسي...

لا يخفى على أحد أن «معركة» اعتماد الرؤية بدل الحساب كانت من أولى تمظهرات الاسلام السياسي في بلادنا منذ أوائل سنوات الاحتلال .. فالحساب كان دليلا على العلمانية والليبرالية بل وكفرها و«الرؤية» هي رمز العودة الى أحكام الشريعة والتي بموجبها بدأ ادخال التفرقة داخل النسيج الاجتماعي والديني بضرب مبدإ وحدة الأعياد والمواسم الدينية...
و«الرؤية» هنا كانت قد تعتمد على الرؤية في المملكة السعودية وأحيانا على ايران اوغيرهما من الدول الاسلامية...

الاسلام السياسي والرؤية
مسألة رؤية الهلال تبين لوحدها تهافت الاسلام السياسي وجزء هام أيضا من المنظومة الفكرية للاسلام الرسمي...
اعتماد رؤية الهلال لاحتساب الأشهر القمرية يقوم على قاعدة فكرية أصولية مفادها أن النصوص المؤسسة للاسلام (القرآن والسنة النبوية) لا تؤول ولا تفسر بما يخالف منطوقها الظاهر، إلا عند الضرورة القصوى، وهي تُطبّق كما هي دون زيادة أو نقصان... اذ الهدف الأسمى للاسلام السياسي انما هو استعادة الملحمة النبوية والاقتداء بما كان يسميه سيد قطب الجيل القرآني الفريد أي جيل الصحابة الذي لم يتكون - حسب زعمه - الا على الهدي القرآني دون أي رافد آخر... وبالتالي كانت الآية الكريمة «فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ (صورة البقرة - الآية 185)... تفهم على حرفيتها الأصلية ويكون اعتماد الحساب الفلكي بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار!!

ولكن تهافت هذه المنظومة الفكرية التي تدّعي القدرة على حكم العالم اليوم يكمن في تناقضها الأصلي وهو استحالة احياء الظروف المادية وأيضا المعنوية لفترة الرسالة المحمدية...
فلو عملنا بمبدإ الرؤية بالعين لكان يتوجب استتباعها بأن الاخبار عنها يكون عبر امكانية ايصالها بالاقدام أو بالبعير على مسافات لا يمكن أن تتجاوز، في كل الحالات، بعض عشرات الكيلومترات...

لِم التأويل الحرفي للرؤية باعتبارها الرؤية بالعين ثم اعتماد كل التكنولوجيا والمعارف الحديثة لدعمها بداية بالمناظير الفلكية وثانيا بالاخبار عنها بوسائل الاتصال العصرية من هاتف واذاعة وتلفزات؟! لِم التطبيق الحرفي للنص في جانب والتأويل «العصري» في ظروف التطبيق؟!

لِم لا تعمد هذه المنظومة الفكرية في هذه الجزئية الى فهم «الرؤية» بصفة أشمل: أي امكان حصول رؤية الهلال بما يتوفر للانسان من معارف... والجواب واضح هنا لأن التأويل الرمزي يفقد الاسلام السياسي والمنظومة الدينية التقليدية سلطة قول الحق ويسندها للعلماء... أي يفقد هذه المنظمومة التحكم في عقول وقلوب الناس باسم المقدس السرمدي... ولذا كنا ومانزال نرى هذه المهازل البهلوانية والاسقاطات الغريبة حتى لا يقر هؤلاء أن مجال المعرفة اليوم - بما في ذلك المسائل الدينية - قد تحوّل من الفقهاء، وأشباههم الى أهل العلم والاختصاص... وأن وهم حكم النّاس بما كان سائدا في القرن السابع إنّما هو طوبا مدمّرة لأنّ نهايتها لايمكن إلّا أن تكون  دموية...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تسعى لمنطقة عازلة في جنوب لبنان


.. مسؤولون عسكريون إسرائيليون: العمليات في غزة محبطة وقدرة حماس




.. ما أبعاد قرارات المجلس الأمني الإسرائيلي المصغر الخاصة بالضف


.. صحيفة إسرائيلية: نتنياهو فقد السيطرة ما يدفعه إلى الجنون وسق




.. ما أبرز العوامل التي تؤثر على نتائج الإنتخابات الرئاسية الإي