الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ذكرى ليلة العيد

سعاد التهامي

2015 / 7 / 17
الادب والفن


غربة قاتلة تلك التي كان يعيشها بعيدًا عن بلده، يومها قرر أن يعود ليروي ظمأ الحنين، دفئ تملك قلبه بالإعلان عن قيام رحلته المتجهه إلى حيث ترقد ذكرياته طفولته ألعابه، طاولة اعتاد الجميع الالتفاف حولها لتعلن عن اكتمال القمر ليلة تمامه، وضحكات كانت تشق طريقها بين الأحزان فتبددها، وأم بنكهة الوطن تبعث في نفسه سلام من يوم ولد وملئ المكان بكاء ويوم كسرته الأيام فرممت ببسمتها كسر أيامه، ويوم هزمه حلمه بحكمتها روت بالأصرار رتابة لحظاته، لحظات وتهبط الطائره وتهبط معها نبضات قلبه الحائرة؛ سيعود إلى طقوسه التي اعتادها يأخذ من والده العيديه والتي بمثابة ثروة يبددها ليشتري بها سعادته، سيصلي وسيعانق الأرض فرحًا ويخبرها عن شوقه وحنينه لها، سيلتهم حلوى العيد كما كانت عادته، سينتظر الشمس العائده بعد غياب وسينسج من نورها أحلامه، سيعود إلى زهرة الياسمين التي عشقها فما عاد قلبه يبصر سواها، قلبه يصرخ فرحًا بأنه "عائد".

عاد لكنه وجد على باب مدينته لافته كتب على صدرها "انتباه" وكلمات كالسهام سكنت اللافته، إيها العائد: أولًا تغير اسم بلدك لنعلن أنها "كربستان"، الأطفال في بلدتنا اشتعل رأسهم مشيبًا من هول ما رأوا، والشباب في بلدتنا هم عمـــار القبور وساكنيها، وأمهات اتشحن بالسواد الأعظم حزنًا وألمًا، وآباء يروون بأنهم على غير المعهود صار الأب الوارث والآبن الموروث" صدمة لجمت لسانه وأسكنت حركته، اتهم عيناه بالكذب وأنها صورت له سراب لمدينة الأشباح، هو يعلم جيدًا أن بلده في مثل هذه الأيام تتزين لاستقبال العيد، الألوان المبهجة ثمتها المميزة، الأطفال في ذلك الوقت من السنة يزدادون بهجه، وتحمل عيونهم الفرحه، نعم هذا ما عهده، إذن فعينية كاذبه، وليدحض كذبها قرر التجول في المدينة، استقل عربه لحظة سيرها كانت تلقي خلفها أعمدة النور المتهالكه، الحارات المدمره أخبرته بأن عينيه لم تكن تكذب، رائحة الموت تفوح في المكان، ونزيف الذكريات يؤلمه، الحل هو أن يذهب إلى داره، و يرتمى في حضن أمه التي لطالما وجد فيه ضالته، وأن يحتمي بأسرته من هول ما رأى"، ذهب حارته لم يعد المكان كما كان، داره ركمًا، رجف قلبه، ودارت رأسه كدورة الأرض حول نفسها، على الأرض صورة عائلية كانت يومًا ما تنبض بالحياة وصارت اليوم على ذمة الذكرى، فاضت عينيه بدموع ظنها في يوم من الأيام عصيه، بحث عن الأهل عن صديق العمر، أخبره أحد الماره أن عائلته قد نزحت وأن صديق عمره أصابته رصاصه ضاله كصاحبها استقرت قلبه واغتالت حلمه وصادرت أمله ورفضت أن تمنحه الحياه، مات سنده ومعينه على قسوة الحياه، لن يتقاسما بعد الأحلام ولن يتقاسما الأفراح والأحزان، خاطب صديقه الغائب عن الحياة الحاضر في قلبه قائلًا: من سيحمل معي عبأ أيامي ومرارتها، من سيذيب عني ثلوجًا خلفتها الغربة في قلبي، قالها وذهب يبحث عن عائلته في وجوه الماره لعله يجد فيهم الدفئ والأمان الذي فقده لحظة وطأة قدمه المدينه، وجدهم في مخيم ليسوا كما عهدهم، بينهم من هو مفقود ووجوه كساها الحزن، قابلته أمه بابتسامة كسرها الزمن، احتضنته فاحتوته فذاب بين يديها أخذ يبكي كالأطفال، ربط أبيه على كتفه أراد أن يشعره أمان هو يفتقده، قائلًا: يا بني قد يشوش الرصاص على سيمفونية السلام في بلادنا، وقد يربك العازفين بالخير وقد يؤثر عليهم، رد عليه قائلًا: يا أبي الخوف أن نعتاد أصوات الرصاص وتعتادنا فتصبح جزء منا، حزم بقايا ذكرياته، ورحل، "ذهابًا مشكوك في أمر عودته"، رحل وهو يقول "عيد بأي حال جئت يا عيد".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1


.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا




.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية


.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال




.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي