الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسالة إلى غسان كنفاني في ذكرى استشهاده : لا تزال بمواقفك وبإبداعك راهناً

عليان عليان

2015 / 7 / 17
الادب والفن


رسالة إلى غسان كنفاني في ذكرى استشهاده : لا تزال بمواقفك وبإبداعك راهناً
بقلم : عليان عليان
غسان : ثلاثة وأربعون عاماً مضت على استشهادك ، وكأننا افتقدناك بالأمس القائد السياسي الفذ والأديب المبدع ، ونتألم بأثر رجعي لفراقك رغم المحطات العديدة التي مررنا بها منذ استشهادك ، وللفراغ الكبير الذي تركته في ساحتنا الأدبية والكفاحية والسياسية ، ولا نبالغ إذ نقول : أن مقعدك في "الهدف" بعد أكثر من أربعة عقود من الزمن لا يزال شاغراً ، وموقعك في المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين لا يزال شاغراً... وموقعك في بقايا حركة التحرر العربية لا يجد من يملأه ، لما تنفرد به من خصوصية... ولا نبالغ إذ نقول أيضاً أن حضورك ودورك يا ابن الستة والثلاثين ربيعاً ، في ساحة الأدب الوطني والقومي بواقعيته والعالمي بتقنيته لا يزال شاغراً .
غسان : ننبيك غسان أن (أحفاد رجال في الشمس) رفضوا الخلاص الفردي من الواقع السيئ ، ذلك الخلاص الذي قاد أبو قيس ومروان وأسعد للانقياد وراء قيادة ( أبو الخيزران ) المخصية ، وعاشوا عجز اختيار الطريق الصحيح والقيادة الصحيحة ، العجز عن دق جدران الخزان ، فكان الموت.. ذلك المصير السيئ في مكب نفايات الكويت... ننبيك غسان أن أحفاد رجال في الشمس الذين انتظموا في صفوف المقاومة ضد الاحتلال الصهيوني ، يخوضون الآن معركة مزدوجة ضد الاحتلال وضد من أصروا على أن يزنوا في الثورة عبر أوسلو وأخواتها.
نعلمك غسان أن قيادة أبي الخيزران المخصية التي تتربع منذ زمن على سدة الكيان الفلسطيني والنظام العربي الرسمي ، تم استبدالها في زمن الربيع العربي المزعوم بقيادات لا خصية لها ، كل همها إرضاء العم سام عبر التآمر الذي لا ينفك ضد سورية العروبة وأطراف المقاومة عموماً.
ننبيك غسان أن ( المجابهة طريق الخلاص) وعوامل التغيير الجنينية في (ما تبقى لكم) وقد تراكمت في حياتكم ، استمرت في التراكم بعد استشهادكم ، وبفعل نضالات شعبكم ولد " كيفاً" نوعياً ، عبر عن نفسه في انتفاضتي الحجارة والأقصى وفي الانتصارات المتتالية في مواجهة ثلاثة حروب عدوانية غاشمة على قطاع غزة... ولد كيفاً نوعياً يقذف بالحجارة والمولوتوف وبالسكين ، يطلب الموت لتوهب لشعبه الحياة ، وينطق صباح مساء بالحرية والتحرير.
وننبيك غسان بأن (أم سعد) عنوان تلك الطبقات التي لا تعرف الاستسلام ، رغم استشعارها الهزيمة وشربها الكأس المرة حتى الثمالة ، عاشت كل معارك الثورة حتى تسعينات القرن الماضي قبل الدخول في دهاليز الاستسلام ، وأن تلك " المشحرة" ظلت على عادتها قبل وفاتها وفية لقضية الثورة والثوار... وفي هذا المقام مقام ( أم سعد ) ننبيك غسان بأن العود اليابسة التي زرعتها تحولت إلى كروم ودوالي ، فمن رحم الهزيمة يولد التحدي ويزدهر النصر .
ونكتشف فيك غسان التحول النظري إلى العالمية والأممية قبل أن يلج الآخرون إلى مواقعها ، فقطعت المسافة إلى النظرية عبر محطات الأدب... (فحميد ) المشرد في ( كعك على الرصيف) ليسس ببعيد عن (غافروش ) المشرد في " بؤساء فيكتور هوجو " والمناضلة " أم سعد " ليست بغريبة عن ( الأم ) عند مكسيم غوركي.
وأنت في تحولك غير الآخرين ، لم يكن تحولاً ميكانيكياً ، بل عبر قراءة متأنية معمقة وتفاعل مستمر ومعاناة ، وبالتالي لم يكن صدفةً " نفس الوجود " في ( القبعة والنبي... والباب ) ، والأهم من ذلك أنك جسرت المسافة بينك وبين الاشتراكية العلمية دون أن تغادر موقعك الوطني والقومي ، وأذبت الجليد بينك وبين النظرية بأدق تفاصيلها عبر تجوالك المستمر في حدائق الأدب الأممي والسوفييتي.
وتحولك في السياسة والأدب ، ارتبط بتحولك طبقياً عبر النكبة وبفعلها عام 1948 حيث عشت المخيم ، وعملت مع شقيقك غازي في لصق أكياس الورق الكبيرة بالصمغ ، وفي المطعم والمطبعة ، ومدرساً ، وانتهى بك المطاف مثقفاً غايةً في الثورية ، ملتزماً بأصول النظرية وأخلاقياتها ، ومن هنا كان موقعك القيادي في الثورة الفلسطينية ، ولهذا السبب استوحيت جميع أبطال رواياتك من الواقع – الذي كان يصدمك بقوة – وليس من الخيال ، فكانوا من المخيم وليس من خارجه .
غسان كنفاني :
وتختصر الحنين إليك مقولة أبو فراس الحمداني ( وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر ).. ونختصر الزمن الماضي ومحطاته ، لتعود بنا الذاكرة إلى اليوم الذي نسفوك فيه كأنما نسفوا جبلاً – على حد تعبير الراحل الكبير محمود درويش -.. نختصر الزمن الماضي ومحطاته ، وكأن جثمانك الملفوف بالعلم الفلسطيني الذي عشقته لا يزال مسجى في باحة مقبرة الشهداء ، بعد أن اغتسلت بيروت الثكلى بحزنها ، وحملتك تحت صهد شمسها الملتهبة على أكتاف الرجال الرجال من رفاقك الذين أحبوك وساروا على دربك ، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر....
وسلوانا في ذكراك أنك كنت ولا تزال مدرسةً في الإبداع الأدبي ومدرسة في السياسة والكفاح ، نسترشد بها وبمنهجك الكلي .... سلام عليك .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غادة عبد الرازق: الساحة الفنية المصرية لم تعد بنفس قوة الماض


.. الفنان درويش صيرفي.. ضيف صباح العربية




.. -بحب الاستعراض من صغري-.. غادة عبد الرازق تتحدث عن تجربتها ف


.. أمسيات شعرية - الشاعرة سنية مدوري- مع السيد التوي والشاذلي ف




.. يسعدنى إقامة حفلاتى فى مصر.. كاظم الساهر يتحدث عن العاصمة ال