الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحن لا نزرع الموز

محسن لفته الجنابي
كاتب عراقي مستقل

(Mohsen Aljanaby)

2015 / 7 / 17
كتابات ساخرة


قرر أبو زيدان وأبو صالح أن يغادرا السلف في رحلة الى مدينة الحلة أستغرقت ليلة و نهارا" كاملين قضوها" سيرا" على الدواب كما عادة الناس في ذلك الزمان شائت الصدف أن يسيرا بمحاذاة سكة قطار وحين مرّ قربهم أحد قطارات الأنكليز أستدرّا عطف أحد الجنود ممن كانوا في القطار فرمى لهم (عثك) موز تعاطفا"مع حالهم البائس الذي طغى عليه الإنهاك الواضح للعيان ، مضى القطار وتقدم الأثنان - أبو زيدان وأبو صالح - نحو عنقود الموز ، تحسسوه بحذر ، ومسدوه بتأني فلم يعرفوا المغزى من رميه لهم بالذات ، تصوراه نبات سام أو مكيدة من قبل بنو ناجي أرادوا بها قتلهم الأثنان ، لأنهم ببساطة لم يسبق لهما رؤية الموز فالعالم آنذاك كان عبارة عن إقطاعيات منقطعات (الأمر ليس بغريب إذا ماعرفنا بأن الموز دخل العراق في السبعينات أما الكيوي والفراوله فقد دخلا في التسعينات) ، حتى الدابتان منعاها من أكله خشية الهلاك ، فأنسحبا وتوجها للحلة حيث دخلا للسوق الكبير وبينما كانا يتجولان شاهدا نفس النبات الذي رماه لهما الجندي الأنكليزي معلقا" في واجهة أحد المحلات ، فتقدما من صاحبه وسألاه :
- عمي هذا شنو اللي حاطّه گدّام المحل
- هذا موز يجيبوه الأنكليز من الهند والصومال
- وشنو هذا الموز ينوكل لو ينطبخ لو يصير دواء
- عمي هذا مو أكلكم روحوا منّاه
ألحّا الأثنان بالسؤال حتى عرفا أن الموز فاكهة نادرة لذيذة مفيدة جدا" للإنسان ، فقررا على الفور العودة الى نفس المكان الذي تركا فيه عنقود الموز ، ولكن للأسف وبعد جهد جهيد لم يجداه ، ربما أكلته الهوام ، والنتيجة أنهما خسرا الموز وربما ماتا ولم يذوقاه فتلك الحكاية حصلت في الثلاثينات !
كانت الناس مصابة بهاجس الريبة من كل ماله علاقة بالإحتلال والغرباء ولهم في ذلك حزمة أعذار لو أردنا البحث فيها لوجدنا لها مجموعة تفسيرات تجتمع في كونها ذات أصول (سيسيو بولتيكية) أجتمعت عليها الناس آنذاك دون تمحيص أو إدراك وتسربت ألينا اليوم فصارت أشبه بحكم مسبق يتبع ثقافة بدائية لاتزيد الناس إلا مزيدا" من العزلة والإنغلاق خصوصا" في زمننا المعاصر الذي تحول الى تراجع وإستنزاف ، لن نتمكن من الخلاص منه إلا بأزالة الأسباب تلك التي أسسها نفس الإحتلال والأخير للأسف يبقى وحده القادر على تقويم الحال .
لم أكن أقول ماقلت لولا ما شهدت من تخبط عام يسير بالجميع نحو مصير مليء بالأهوال فلحد اللحظة لم أجد من يشخّص العلل ويعالج الأسباب رغم توفر الكثير من الموارد و المعطيات التي يمكن أن تضفي على المشهد مسحة أمل تنقلنا نحو الإستقرار ، فما يحصل اليوم يشبه حكاية الموز بل ربما يطابق أكثر مضمون المثل العراقي الذي يقول ( المايعرف البخور يحترج صرمه) ولاحياء في الأمثال والعاقل يفهم أما المغفل فليس له حق العزاء عساكم سالمين أحبتي الأعزاء .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - نحن شعب يأكل الموز
سيلوس العراقي ( 2015 / 7 / 17 - 16:24 )
قصة طريفة
لكن قصة الموز وشخصيتي القصة يعودان للثلاثينات كما جاء في المقال
الله يرحم والديك ، الا تقول لنا كيف يرد في محل آخر في المقال بأن الموز قد دخل الى العراق في السبعينات ؟
هل يعتبر هذا التلاعب في السنوات جزءا موظفا في المقال الساخر أم انها غلطة شاطر ؟
تقبل تحياتي
وكل عام وكل عيد وانت بخير سيد محسن


2 - الموز وشتان مابين بين الدخولين
محسن لفته الجنابي ( 2015 / 7 / 17 - 20:29 )
عيدك سعيد أخي سيلوس العراقي
هنا لم أرد الأستغراق بالتفاصيل قدر الحرص على إيصال الفكرة لكن تساؤلك حق يستوجب التوضيح لإزالة النقص في النص أو الإلتباس والغموض فدخول الموز مع البريطانيين كان لأجلهم فقط دون العراقيين ومن معسكراتهم فيالحلو والحامية والهندية يتسرب القليل على يد العاملين المدنيين العراقيين وبسبب ندرته كانوا يأتون به لأكبر سوق قريب ، كان دخوله الأول وقتي أرتبط بتموين الجيش الأنكليزي وأنتهى بالجلاء أما الدخول الطبيعي للبلاد عن طريق التجار فكان في السبعينات بدايتها بحسب الوقائع التي أعرفها .. لست شاطرا والأمر بكل الأحوال لايصل للوقوع ! فالصدق في معاجلة الفكرة أهم من كل شيء أشكرك.. محبتي إليك


3 - شكرا
سيلوس العراقي ( 2015 / 7 / 17 - 21:27 )
شكرا لردك وللمعلومة الواضحة في جوابك
مع تقديري

اخر الافلام

.. لحظة إغماء بنت ونيس فى عزاء والدتها.. الفنانة ريم أحمد تسقط


.. بالدموع .. بنت ونيس الفنانة ريم أحمد تستقبل عزاء والدتها وأش




.. انهيار ريم أحمد بالدموع في عزاء والدتها بحضور عدد من الفنان


.. فيلم -شهر زي العسل- متهم بالإساءة للعادات والتقاليد في الكوي




.. فرحة للأطفال.. مبادرة شاب فلسطيني لعمل سينما في رفح